انها الديموقراطيه في فلسطين ..
الانتخابات ليست هزيمة لفتح وانتصار لحماس ..
ان الديموقرطيه ليست قضيه فكريه او حضاريه او ثقافيه , انها وببساطه " اليه " تعكس رغبات الناس وافكارهم وثقافاتهم وامالهم واحلامهم , وهي لا تزال ومنذ ايامها الأولى في " اثينا " وحتى اليوم , " الاليه " الأفضل التي طورها الانسان في سعيه الذي لن يهدا وصولا الى ما يجب الوصول اليه , السلطه السياسيه الاكثر تعبيرا عن مجتمعها ومستقبله .
ان كل الغنى التاريخي في التجارب الديموقراطيه على امتداد هذا الكوكب الصغير , ينسب خطأ اليها , وهو ليس الا , الغنى الانساني والفعل الخلاق للروح الجماعيه في بيئتها الاجتماعيه ووعيها الحضاري .
ان من اكثر الشعوب المعاصره غنى في الديموقراطيه هي " الهند " , بالرغم من كل التنوع العرقي واللغوي والديني , والفقر .
بينما الفقر الحقيقي للديموقراطيه , هو في التجربه الخاليه من أي عمق أنساني حضاري للشعب الامريكي , من حيث قانون الانتخاب العنصري الجغرافي , والمال الانتخابي , والتغطيه الاعلاميه , وبرامج المرشحين الخاليه من أي تقدمات انسانيه .
في حين تعبّر التجربة الديموقراطيه , في الكيان الاسرائيلي الزائل , عن الفكر اللا حضاري والمخزون اللا انساني , للأنسان اليهودي في اسرائيل , في بيئه غارقه في المقدس الديني الخالي من أي عمق خلاّق لشعب لا يستطيع او يقبل ان يشارك الانسان الاخر حتى في معرفة الهه الخاص به , لتبدو البرامج الانتخابي للاسرائيلي , " نقتلهم او نهجرهم او نطردهم او نبني حائطا بيننا " , في اكثر الصور تعبيرا عن الرغبه في العزله والانطواء وعدم المشاركه .
ولا يمكن النظر الى الديموقراطيه في لبنان , الا كتعبير عن سيطرة الاقطاع السياسي التاريخي على تجربة الشعب اللبناني , بحيث لا يمكن للانسان اللبناني مهما تقدم علميا وثقافيا وماليا , الا ان يعود الى دينه ومذهبه ومنطقته الجغرافيه الضيقه , لينتخب واحدا من الاسماء التي درج والده وجده على انتخابها قبل حوالي المئة عام , بحيث تعطل هذه الطبقه السياسيه الطائفيه أي فعل حضاري خلاق في تجربة الشعب اللبناني الغنيه في بقية نواحي الحضاره كلها .
فلسطين ..
ان الرجل او المرأه , في عمر 75 سنه مثلا , وهي تصوّت للمستقبل الديموقراطي , يجب النظر الى ادائها الحضاري , على انها غادرت وهي في عمر " سبعة عشر عاما " , يافا وحيفا وصفد و..... , بكامل وعيها , مدينتها وارضها ودارها وقبور اجدادها وذكرياتها كلها , مع من بقي على قيد الحياه من افراد اسرتها وعائلتها , الى الضفه والقطاع في احسن الحالات , في العام 1948 م .
ثم وقعت هذه الام الفلسطينيه , تحت الاحتلال في العام 1967 والذي لا يزال قائما في الضفه كلها حتى اليوم , وعندما جاء يوم الانتخاب صوتت من هذا الألم كله , لمن تريد .
متجاوزة كل اللامعقول في ما حدث في فلسطين , وكل الرحيل , وكل غربة الروح في الوطن , وكل الدم المسكوب من الزوج والابن والاخ والاب , على دروب الوطن الغالي على القلب .
ان الفعل الحضاري والغنى الانساني في هذه التجربة الراقيه في الديموقراطيه في فلسطين العربيه الى الأبد هو المستقبل بعينه .
التجربه والمستقبل ..
ان الفقر الحضاري في امريكا واسرائيل , والشكل الممسوخ للحضاره في اوروبا الواقعه تحت الاحتلال
الروحي للفقراء اعلاه , هو الدافع والمحرك لهذه الحرب القذره , " كحروبهم كلها " , على هذه التجربه الديموقراطيه الفتيه في فلسطين العربيه .
ان التهديد والحرب الاعلاميه وقطع المساعدات في كل نواحي الحياة , عن الشعب الفلسطيني , اكبر دليل على كل ما سبق .
قد تنجح حماس كليا او جزئيا , وقد تعود فتح الى السلطه قريبا , وقد ......
ولكن الزمن لا يعود ابدا الى الوراء , والقوة الكامنة الخلاقه في هذا الشعب الفلسطيني العظيم بكل المعايير
لم ولن تموت ..
انها حرب وجود , ولينتصر الاقوى حضاريا .