هندسة المساجد والمرأة .......!!
تبدأ الشراكة بين الرجل والمرأة في المسجد ، فإن شاركت المرأة الرجل في المسجد ، فإنها ستكون شريكا في كل
الأمور الأخرى ، ولكن جولة سريعة على معظم المساجد في الوطن العربي ، وبتأمل الأماكن المخصصة للنساء بالمسجد
( باستثناء المسجد الحرام والمسجد النبوي ) نجد أنها إما ملصقة إلصاقا بعمارة المسجد وكأنما هي ليست جزءا
عضويا من عمارة المكان أو تتجلى تابعة فقيرة ركيكة غير ذات قيمة ومهجورة ، وأحيانا نراها على شكل شرفة ( عليّية )
ضيقة المساحة ، وكأن مخطط المسجد قرر سلفا تقليل عدد النساء به .
وهذا الوضع من الأسباب التي جعلت النساء لا يقصدن المسجد للصلاة بالإضافة إلى أسباب اجتماعية أخرى ، ولا يعوّل
في هذا السياق ، على اتساع بعض المساجد ، وحضور النساء للإستماع إلى داعية ، حيث هذا الحضور بمثابة حضور
خاص يتعلق بالداعية أكثر مما هو حضور يومي عام .
وعليه تقترح الباحثة ..إعادة النظر في هندسة المكان ، والبدء بتصميم مساجد ثنائية مزدوجة العمارة ، تجسد بالتصميم
والبناء الفعلي لعمارة المسجد الحكم النبوي (النساء شقائق الرجال ) .
بحيث تكون المساحة المخصصة للمرأة تعادل المساحة المخصصة للرجل ، بباب منفرد وباحة واسعة فسيحة ، بحيث
تقول العمارة أو التصميم ذاته ، أن وجود المرأة بالمسجد حيوي وبنيوي ، ولا يحمل إيحاءات بالإلصاق أو الإتباع أو
الإرداف كما هي مساجد اليوم .
سعاد الحكيم ..أكاديمية لبنانية
عن بحث بعنوان ( المرأة المسلمة تأصيل لنموذج عالمي )
عدد خاص من مجلة التسامح الفصلية ....الفكرية.. الإسلامية
التي تصدر عن وزارة الأوقاف والشؤون الدينية ...مسقط
تعليق يوسف أبوسالم
أرى بصفتي مهندسا معماريا ، ومن خلال مشاهدات التصميم الفعلي للمساجد بمعظمها أن ما تقوله الباحثة صحيحا ، وأن المصمم العربي المسلم كأنما يعكس وجهة نظره التقليدية الراسخة بأهمية المرأة الأدنى على التصميم المعماري ، فتضيق وتلحق المساحات المخصصة للنساء بالفعل .
هذا من جهة ....ومن جهة أخرى ..
فإنني أؤيد دعوة الباحثة إلى الأخذ بالإعتبار للمساحة المخصصة للنساء عند تصميم المسجد بحيث تكون تلك المساحة كافية ومناسبة ولا تبدو ملحقة .
لكن سؤالا يبرز هنا ..لو أننا صممنا المساجد بمساحات للرجل والمرأة متساوية كما تدعو الباحثة ، فإن هذا التصميم يحقق عدالة ( نظرية بحتة ) ولكنها ليست عدالة واقعية ميدانية ولا مجتمعية ....لماذا ..!!
لأن التصميم في هذه الحالة لايكون نابعا من الحاجة الحقيقية للمساحة والمكان ، ولا يتناسب مع عادات متأصلة في مجتمعاتنا العربية والإسلامية ( بغض النظر عن تأييد أو رفض هذه العادات ) بعدم خروج المرأة بنفس الكيفية التي يمارسها الرجل ...
وما زالت التقاليد في كثير من الدول العربية والإسلامية تمنع المرأة من العمل أو الخروج إلا في حالات الضرورة القصوى ,,ولعل طبيعة عمل المرأة ووضعها كربة بيت يمنعها بطبيعة الحال من الخروج اليومي للصلاة بالمسجد كما يفعل كثير من الرجال ، وهذه ليست دعوة لتأصيل عادات بالية ولكنها رؤية لواقع الحال ...
فإذا لم بتنبه المصمم لهذا الواقع فإننا سنجد المساجد لو صممت بمساحتين متساويتين للرجل والمرأة على حد سواء ، ستكتظ تماما بالرجال في الجزء المخصص لهم ...وتبقى أماكن النساء شبه فارغة
إن الحل المعماري لابد أن يترافق مع التغيير التدريجي لكثير من العادات المتأصلة والتي تخص المرأة بشكل خاص ..
وإذا كان الشيءبالشيء يذكر
فإننا في مجتمعاتنا العربية لا تملك سياسات تخطيطية مكانية حقيقية ، ولا نؤسس لما يدعى في العلم المعماري التخطيطي ( المخطط الشامل ) ( master plan )
وهذا المخطط هو الذي يتم إعداده لتغطية وملاحقة المعمار المستقبلي وخطط التنمية العامة ..والتوسع السكاني والحفاظ على الأراضي الزراعية وتحديد أماكن الفعاليات المختلفة لفترة زمنية لا تقل عن عشرين عاما ( سكني ، تجاري ، صناعي ، حرفي . مؤسسات حكومية ...الخ ) وكذلك يحدد عدد كافة أنواع الخدمات اليومية والأسبوعية والسنوية من مدارس ومناطق تجارية وخدمات عامة ومساجد وجوامع ومناطق ترفيه وحدائق )..الخ
ولذلك فإن الدعوة هنا لا تقتصر على بناء المسجد فقط ... ولكن على إعادة تخطيط..شاملة لتطور المدن العربية بما يحقق استيعاب التطورات الحاصلة في الممارسات الإجتماعية بمختلف أشكالها .
( وسوف أعود لاحقا في دراسة تفصيلية للمدينة العربية وأحيائها ومتجاوراتها السكنية )