النتائج 1 إلى 12 من 12

الموضوع: " بعوض في المدينة" قصة لفيصل الزوايدي

العرض المتطور

المشاركة السابقة المشاركة السابقة   المشاركة التالية المشاركة التالية
  1. #1 رد: " بعوض في المدينة" قصة لفيصل الزوا 
    كاتب مسجل الصورة الرمزية يوسف أبوسالم
    تاريخ التسجيل
    May 2008
    المشاركات
    1,531
    معدل تقييم المستوى
    20
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فيصل محمد الزوايدي مشاهدة المشاركة
    بـعوضٌ فــي الــمدينةِ

    مثقلا بالـوَهَنِ و الصمتِ وَقَـــف "العُبَــــيْدي" بإعيــاءٍ أمــامَ مرآته ، ككل يــومٍ يعــاينُ آثــارَ مرضٍ جَــديدٍ و ذُبولٍ يَشتَـدُّ ، يسـأل واقفًا أمـــامَه :" مــتى ينتهي كل هذا ؟" لـم يـُـجِــبْهُ بـل واصَـلَ معايـــنةَ شحوبٍ يـــزدادُ زحفًا عــلى وجـــهٍ هزيلٍ .. اقترب من النافذة الصغيرة الوحيدة فـي غرفته مطاردًا لشعاعِ شـمــــسٍ بسيط يدخل بـمشقـــــــة إليها فانــتبهَ إلـى عبوة مبيدِ الـحشراتِ فتـــذكَّر أنه استوفاها البارحةَ فـي مـعركةٍ فاشلةٍ مع البعوض .. انكسرت جَبــهاتُه أمامَ زحفٍ لا قِبَلَ له بـــه .. آثرَ بعدها طلبَ الصلح مقابل التنازل عن دَمِهِ ، و اعتبــرَ نفسَــه منتصِرًا .. ذراعـــــاه و رقبته شهوده ، بعــوضٌ حقيرٌ لكنه امتصَّ دِمــــاءَه .. كل ليلةً يــتنــــادى إلــى وليمةٍ عـلى جسده ، و كل ليلة تنكسرُ مقاومــــتُه أمام جحافله ، أحيانا تـحــدِّثُ "العُبَـــــــيْدي" نفسُه أنـه قد اســتأثَرَ بِبَـعوضِ البـلادِ و أن الباقين لابــد قد أرَّقهم غيابُه عنـــهم و خشِـــيَ أن يُشتَكَى فـــي الـمحاكم ، يصــبح امتصاصُ البعوضِ لدمِكَ كالإدمان لا تستطـيع عنه صبرًا .. تـماما مثلما يصـبح استنشاقُ الـــهواءِ النقيِّ هو الــذي يرهِــقُ رِئــــاتِنا .. تنـاهى إلــى مَسمَعِهِ طنـينٌ يعرِفه جيدًا .. عجـبًـا ألـم يكفِهِ ما نـال مِـنِّـي البارحةَ ؟.. هكذا سأل نفسه مــتوَجِّعًا .. كانت تُـحلِّق بـمــــفردِها لا تكاد تَــبــينُ ، تســــاءَلَ جادًّا : أي فــائدةٍ فــــي خلقِ البعوضِ؟ و مـا فـائـــدةُ جهـــازِها البَصري و الـهضمي و.. التــناسُلي ..؟ ثـــم سرعانَ مــا تراجع مستغفِرًا ..
    اقتربت البــعوضةُ كثيرًا و ارتفعَ طنـــــينُها حتى أصبــحَ أشبهَ بهديرِ طائرةٍ ، هشَّ بيدَيْهِ حـتى دونَ أن يُـحدِّدَ مكانَها لكنه أَحسَّ بوخزةٍ حادةٍ فـي قَفاه فأسرعَت يدُه إلى هنالكَ فـي حينِ ارتفعَ صوتُـهُ باللعنةِ .. وخزةٌ أخرى فـي ذراعِِـــه و هذه ثالثــةٌ فـي رجـــلِهِ .. تسارعَت كفَّــــاه تَتــبِعان البعوضةَ على كامِلِ جَسدِه .. استبدَّ بِــهِ الألـمُ و نظرَ إلــــى نفسِه في الـمرآة فرأى جثــةً ..
    لـمح وراءَه البعــوضةَ و قد انتفـــخت قليلا فتملكَهُ الـخوفُ ..ربـــــاه كيفَ صار حجمُها كبيرًا ؟ و لكـــنَّ مصيـــبةَ" العُبَـيْــدي" لـم تَـكُن إلا فــي بدايــــتِها فقــد كانـــت البعوضةُ كلــما امتصت قليلا من دمِه ازداد تضــخُّمُ حجـــــمِها .. حــتى أصبَحَت بِـحـجمِ قطٍ لـم يَعُد قادرًا على مدِّ يَدَيْهِ حـتى لـحمايةِ وجهِهِ .. تثـاقَلَت حركاتُه.. وقعــت البعــــــوضةُ الـمُثقَلَةُ على كَتِفَيه و واصلت إيذاءه، أخذَ يتـرنَّحُ فلم يعد يستــطيعُ تـحمُّلَ كل ذلــــك الألـمِ ، حــــاولَ الانتفــاضَ و الاهتزازَ حتَّى يتـخلَّصَ من الثِّقَلِ فإذا بـها تزدادُ تشبثًا به .. أراد أن يصيحَ مستنجِدًا و لكن لـم تصدر عنه سوى همهماتٍ خاويةٍ ، أراد َ التراجُعَ بـحــدَّةٍ على الـــجِدارِ ليهرُسَـها لكنَّ الـخبيثةَ تـحولت إلـى الأمام و جثمت على صدرِه فأصـبحَ يتـــنفَّسُ بعُــسرٍ شديدٍ ، وبدأت همهماتُه تـخــفُتُ تدريـــجيًّا و البعوضةُ اللعينةُ لا تـزالُ تتـــضخَّمُ و تزحفُ على جسدِهِ و أحسَّ بقوائِمِها تُطبِقُ ضاغطةً على رقبتِهِ بـحقدٍٍ غريبٍ ، ثمَّ أوقعت أجنحـتَها على فــمِهِ فلم يعُد قـادراً حتى على الصُّراخِ و على عينَــيهِ فمــنعَته مــن الرؤيةِ و على أذنَيْهِ فلم يَعُد يسمَع .. ثم وَقَــعَ عــلى الأرض و لـم يَصدُر عـنه صوتٌ ..
    فــي تلك الليلةِ غادَرَ البعوضُ مكامِنَه بـحثًــا عن ولائمَ كـــعادتِهِ .. طال بـــحثُه فــي الأزقةِ و الدورِ و حتى القصورِ و لكن دونَ جدوى .. كان البعوضُ الـمتضخِّمُ قد استنفذَ مــا فـي الأنـحاءِ من بشرٍ ..


    فيـصل الـــــزوايــدي

    الكاتب الكبير فيصل الزوايدي
    مساء الورد

    لقلمك أيها المبدع الكبير نكهة خاصة
    فهو قلم لا يكتب عبثا أبدا
    إما أن يبدع وإلا فلا
    هنا في هذه القصة .....
    على كل من يريد أن ينزل قصة في هذا القسم أن يكتب من حيث الشكل على الأقل
    كما كتب أخي فيصل
    فالتشكيل والفواصل والتنقيط وكل العناصر التفصيلية موجودة
    لم ينس الكاتب الكبير تلك العناصر فضلا عن عناصر القصة الأساس لما لها من أثر
    في توضيح معاني الجمل والتعبيرات والدلالات ..
    ولما لها من أثر في جعل قراءة القصة لدى المتلقي صحيحة لغويا ونحويا
    أما عن القصة
    فقد حفلت بالرموز التي كان أهمها رمز مصاصي الدماء من أي نوع
    المستغلين المحتكرين..الساسة العملاء ...بياعي الكلام ..ومحترفي الفساد
    كلهم بعوض يتضخم يوما بعد يوم
    حتى يصاب بالتخمة ولا يكف
    كانت اللغة قوية ..والتراكيب اللغوية متقنة
    وكان السرد ..وما أدراك مالسرد ...منهمرا
    وقلما نجد كتابا يكابدون السرد حتى يصبح مطواعا لأقلامهم
    مشكلة بعض الكتاب الجدد
    أنهم يستسهلون الكتابة
    ولو قرأوا مثل إبداع كاتبنا فيصل لوفروا على أنفسهم عناء كبيرا
    هذه قصة
    تقرأها في دقائق ..وتتأملها في أيام
    لأن تأثير كل كلمة ورمز فيها هو الأهم وهو الذي يمتد أثره طويلا وفي العمق
    أخي فيصل
    تغمس قلمك دائما في محبرة الإبداع وتكتب
    بورك بك وبقلمك



    يوسـف أبوسالم - الأردن
    الموسيقى هي الجمال المسموع


    مدونة الشاعر م.يوسف أبوسالم
    رد مع اقتباس  
     

  2. #2 رد: " بعوض في المدينة" قصة لفيصل الزوا 
    كاتب تونسي الصورة الرمزية فيصل محمد الزوايدي
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    الدولة
    تونس
    المشاركات
    213
    مقالات المدونة
    1
    معدل تقييم المستوى
    17
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة يوسف أبوسالم مشاهدة المشاركة
    الكاتب الكبير فيصل الزوايدي
    مساء الورد

    لقلمك أيها المبدع الكبير نكهة خاصة
    فهو قلم لا يكتب عبثا أبدا
    إما أن يبدع وإلا فلا
    هنا في هذه القصة .....
    على كل من يريد أن ينزل قصة في هذا القسم أن يكتب من حيث الشكل على الأقل
    كما كتب أخي فيصل
    فالتشكيل والفواصل والتنقيط وكل العناصر التفصيلية موجودة
    لم ينس الكاتب الكبير تلك العناصر فضلا عن عناصر القصة الأساس لما لها من أثر
    في توضيح معاني الجمل والتعبيرات والدلالات ..
    ولما لها من أثر في جعل قراءة القصة لدى المتلقي صحيحة لغويا ونحويا
    أما عن القصة
    فقد حفلت بالرموز التي كان أهمها رمز مصاصي الدماء من أي نوع
    المستغلين المحتكرين..الساسة العملاء ...بياعي الكلام ..ومحترفي الفساد
    كلهم بعوض يتضخم يوما بعد يوم
    حتى يصاب بالتخمة ولا يكف
    كانت اللغة قوية ..والتراكيب اللغوية متقنة
    وكان السرد ..وما أدراك مالسرد ...منهمرا
    وقلما نجد كتابا يكابدون السرد حتى يصبح مطواعا لأقلامهم
    مشكلة بعض الكتاب الجدد
    أنهم يستسهلون الكتابة
    ولو قرأوا مثل إبداع كاتبنا فيصل لوفروا على أنفسهم عناء كبيرا
    هذه قصة
    تقرأها في دقائق ..وتتأملها في أيام
    لأن تأثير كل كلمة ورمز فيها هو الأهم وهو الذي يمتد أثره طويلا وفي العمق
    أخي فيصل
    تغمس قلمك دائما في محبرة الإبداع وتكتب
    بورك بك وبقلمك
    أخي يوسف أعتز برأيك في الكتابة و قد اسعدني كثيرا اعجابك بالقصة و ثناؤك الباذخ عليها و ارجو ان اكون دوما عند حسن ظنك بي
    دمت في الخير
    مع الود الممتد
    رد مع اقتباس  
     

المواضيع المتشابهه

  1. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 31/05/2012, 01:09 PM
  2. غلاف " قلعة الارض " لفيصل الزوايدي
    بواسطة فيصل محمد الزوايدي في المنتدى مكتبة المربد
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 23/04/2009, 02:26 PM
  3. قراءة في " الجدار الأحمر"لفيصل الزوايدي
    بواسطة فيصل محمد الزوايدي في المنتدى قضايا أدبية
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 06/12/2008, 03:02 PM
  4. " يَـدان " قصة قصيرة جدا لفيصل الزوايدي ( تونس )
    بواسطة فيصل محمد الزوايدي في المنتدى القصة القصيرة
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 30/06/2008, 10:40 PM
  5. " الجدار الأحمر ؟ " قصة لفيصل الزوايدي (تونس)
    بواسطة فيصل محمد الزوايدي في المنتدى القصة القصيرة
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 22/06/2008, 02:44 PM
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •