سلبْتِ من الروح ماءَ الحياةْ = وأبْعَدْتِ عن مُقلتَيَّ الوَسَنْ
رمَيْتِ، وكنتِ أشَدَّ الرُّماةْ = فأصْمَيْتِ بالسهمِ كلَّ البَدَنْ
وكنْتِ بذلكِ أعْتى العُتاةْ = وكنتُ أنا مَرْتَعاً للحَزَنْ
غَداً.. عندما تنظرينَ إليّا = ولا تبصرينَ لشخصي أثَرْ
ستذرين دمْعاً سخيناً عليّا = و يَشمتُ فينا جميعُ البشرْ
فلا الدمعُ يرحمُ خدّاً نَدِيّا = ولا العينُ يَحنو عليها السهرْ
وإمّا جلسْتِ طويلاً أمامي = وألْفَيتِ قبري كباقي القبورْ
فمرّي بكفِّكِ فوقَ عظامي = ففيها مَماتي وفيها النشورْ
وما الموتُ يُطْفي لهيبَ غرامي = فإنْ مِتُّ ما ماتَ فيَّ الشعورْ
أما كنتِ عصفورةً تَمرحينْ = وكنتُ أنا الروضَ أخضَرَ أخضَرْ؟
أميلُ اعتِلالاً إذا تُنْشِدينْ = وتُصْبِحُ فينا السعادةُ أكبرْ
فكيفَ فؤادُكِ يَنْسى الحنينْ = ومِنْ كلِّ ما كانَ يَحويهِ أقْفَرْ
غداً ..حينَ يَثْبُتُ حُكْمُ الزمانْ = وتُقْفِرُ مِنْ مَبْسَمَيْنا الرُّبوعْ
ستبكينَ يا زهرةَ البيلَسانْ = علَيَّ وأذْرُو عليكِ الدموعْ
ونُدْرِكُ ـ بَعْدَ فَواتِ الأوانْ = بأنْ ليسَ بعدَ الرحيلِ رجوعْ
أحمد عبد الحميد ديب