ذكريات مربدية
هي محطّة مناسبة في هذااليوم المهمّ في حياة المربد(الفكرة/الحلم) أن أخطف بالذاكرة إلى الخلف لأعقدَ مقارنة بين أمس الحلم،وحاضر التحقق،أقسّم مقالتي أو ذكرياتي على محطتين:
الأولى: هي يوم إطلاق موقع المربدالذي تمّ مع آخر أمسية أدبية جمعت المرابدة الستة: الشاعر حكمة حسن جمعة،والشاعر ماجد صادق إبراهيم،والشاعر الصحفي عبد الله عبد الوهاب،والشاعر صلاح إبراهيم الحسن،والقاصّ المؤسس طارق شفيق حقي،والعبد الفقير لله زاهر جميل قط،هذا اليوم الموافق لـ 13/12/2003 في مدرّج الطبّ الكبير في جامعة حلب.
كان ذلك اليومُ فرِحاً وحزيناً في آنٍ معاً؛فرحاً لأنّ فيه أُطلِق موقعُ المربد رسمياً أمام الجمهور الحاضر في الأمسية،مع أنّ الصّديق العزيزطارق كان قد أطلقه على الشبكة في مثل هذا اليوم أي السادس من الشهرالثاني عشر،وحزيناً لأنه كان يومَ وداع للأصدقاء،فقد تفرّقوا بعد صحبة دهر،صحبةٍ ملؤوا أيامَها بالنشاط الثقافي ،والأماسيّ الأدبية التي قاموا بها على مدى أعوام.
لا تزال تلك الأمسيّة ـ على برد قاعتها الكبيرة ـ دافئة ًفي الذاكرة،يزيد دفئَـَها دفئاً توقـُّفُ الصّديق طارق عند محطتين طريفتين فيها،الأولى معي ـ أنا العبدَ الفقير لله ـ فلمّا ارتقيتُ منبرَ الشّعر،نظرتُ في أرجاء القاعة الكبيرة التي تأخّر تشغيلُ آلات التدفئة فيها قبل الأمسية،وكنت أشعربالبرد،فلم أجدْ في تعبير
( أشعر بالبرد)ما يصلح لحالتي، فاخترتُ أن أقول بابتسامة وأنا أخاطب الجمهور:(أعتقد أنكم جميعاًمثلي..باردون)،ممّا أثار ضحكَ الصّديق ِالعزيزطارق،فمنذ ذلك الوقت ما انفكّ يذكرُ المشهدَ ضاحكاً وكأنّه يحدث الآن.
والطرفة الثانية هي عندما أعلن الصديقُ العزيز الصحفي عبد الله عبد الوهاب إطلاقَ موقع المربد أمام الجمهور، تلكأ قليلا في لفظ كلمة ( (www.merbad.org إذ لفظها بشكل مضحك وووصل مربد والأورغ معاً،فجعل صديقي طارق منها محطة أخرى للطرفة،مُرجعاً السببَ ـ حسب تحليلاته آنذاك ـ إلى البرد الذي (سكن فينا،وسكنّافيه).
والقسم الثاني من مقالتي أذهب فيه أبعدَ زمناً من القسم الأوّل،إلى عام ألفين وواحد،إذ حضرنا ملتقى أدبياً للشعراء الشباب في سوريا،وكان المكان هو دمشق،هذه الحبيبة التي تُخصبُ ـوهي أنثى ـ كلَّ الأفكار الخلاقة، لتلدَ مخيلاتُ المبدعين أحلاماً أخذت شكلها الأنيق على الأرض لاحقاً.كان ذلك الملتقى الدافعَ إلى التفكير في مشروع أدبيّ يضمّ مجموعة من الأدباء والكتّاب،وعدنا إلى حلب وأكثرُناحماساً لهذه الفكرة الصديق العزيزطارق.
عرفنا طارقاً مُجدّاً،يحثّ الخطا خلف أحلامه، يمضي بإيمان وعزم ٍوراء ما يؤمن به من جمال وفنّ.
هذه المؤهلات عنده جعلته يقدّم رؤية/حلماًـ آنذاك ـ تمثل لاحقاً بجماعة المربد الأدبية،التي توّجت أعمالها بإطلاق
موقعها على الشبكة الالكترونية،وكون طارق أكثرَنا اندفاعاً فقد عمل بكلّ جدّ وعزيمة على إيصال الموقع إلى ما وصل إليه اليوم،وهذا النجاح شاركت فيه بحقّ جهودُ الإخوة اليوم المنتشرين في شتى أصقاع الوطن العربيّ الحبيب.
لكنّ الأطرفَ من ذلك كله هو التأنيبُ المُتواصل الذي يغدقه العزيزطارق على المرابدة المذكورين آنفاً بسبب عدم تواصلهم مع الموقع،فكلما احتضننا ليلُ حلب ـ ذاتَ دفء ـ كان طارق يلومنا ويبدي استياءَه من بُعدنا عن التواصل مع الموقع حتى بات الأمرُ مضحكاً فقد اعتاد طارق علىذلك وملّ ،والحقّ يقال معه كلّ الحقّ،فالحلم تقاسمناه كما يتقاسمُ الإخوة رغيفَ خبزهم،نعم كان المربدُ حلماً يوماً ما،وها هو:
كائنٌ جميلٌ يطير بجناحيه فوق كلّ بقعة ثقافة،ينشر المحبّة بين أفراده الذين باتوا ـ ولله الحمدـ أسرة ً كبيرة .
أحببْتُ أن أمتطي ذاكرتي متوسِّلاً بها عناقَ ماضٍ جميل ٍ حملفي أحشائه مولوداً جميلاً، أضحى اليومَ شاباً أيَّ شاب .في هذا اليوم أتوجّه بالشّكر العميق إلى المربديّ الأوّل ـ كما أحبُّ أن أسمّيَه ـ إلى صديقي العزيزطارق حقي،ومنه إلى كلّ الأهل في المربد داعياً المولى أن يديمَ عليهم الأمنَ في الأوطان،والسلامة،وحسنَ العاقبة إنّه سميعٌ مجيب.وكلَّ عام وأنتم بألفخير.
والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المربديّ المقصّر زاهر جميل قط ـ سوريا /معرة مصرين
__________________