مقبرة الألف امرأة
كان الغريب يستعد لدفن امرأة جديدة حيث نصحهه الحكيم أن يعجل بالدفن فإكرام الميت دفنه.
هو كان كتلة من مشاعر متأججة كيف لك أن تحمل جسدا ً بين يديك ولا يحرك ذلك فيك شيئا .
كيف يكون فكرك قد تعلق بها ,ثم مشاعرك تأججت وتأخذك دوامة التفكير , أنزل الجثة في القبر كانت ليلة عاصفة برقت السماء وأرعدت كعادتها حين يريد الغريب حفر قبر جديد , لم تكن قو ة العاصفة لتؤثر على ما تحرك من مشاعره . كانت الغيوم تتجمع سوداء قاتمة لكن لم تكن أشد قتامة من حزنه.
مد يده إلى شعرها وقرأ عليها ما تيسر ثم وارها الثرى سريعا لم يكن يحب هذه اللحظات ,
حين انقشعت الغيوم لاحظ بجانية مقبرة كانت مقبرة الرجل الواحد حيث جلست ورقاء .
ورقاء هل ما زلت هنا ويحك نادى الغريب كان كل ما دفن امرأة شاهد ورقاء.
رغم حزنه ضحك
كانت ورقاء امرأة جميلة دفنت رجلا ذات يوم وبقيت بجانب قبره كانت ما تزال تحيك ثوبا تقول أنه سيمنع البرد عنها , لكنها كلما وصلت لنهايته وقبل الغرزة الأخيرة كانت تنقضه من بعد قوة أنكاثا تخاف أن لا ينجح الثوب وكل ما سئلت كانت تقول لا أعرف ماذا أريد لعلي أنسج أفضل منه, وبقيت ككل مثيلاتها من النساء ينسجن ثوبا الدفء ثم في اللحظة الأخيرة ينقضنه
أنكاثا أنكاثا ؟!ثم تعود تبكي , وتستذكر حب حبيبها ... آه كم أحبني.. أنه الحب الأوحد
ورقاء صاح بها الغريب أما مللت أنظري إلى النهر الذي انسكب بجانبك كفاك بكاءً ودعك من هذا القبر سيأتيك من يحبك ويتزوجك.
ترد ورقاء: ربما يأتيني من يتزوجني وربما أنجب أطفالاً أقوياء , لكن لن أحب مثل ما أحببت , قد مضى الحب وانقضى فأنا لا أحب إلا مرة واحدة .
ورقاء كانت تذكر بكل صراحة ما جال بذهنها والغريب ما زال في مرضه القديم أخذته شفقة بها , وقال ورقاء ما رأيك أن أتزوجك . دهشت ورقاء ثم تلعثمت وما درت بأي شيء تجيب وظنت أن مسا أصابه .
لكن لدي شرط قال الغريب سنجري تجربة وان نجحت ستكونين زوجة لي وسنجوب البلاد
قالت ورقاء : ما هي هذه التجربة
قال الغريب : سأزرعك في الأرض فان تحولت إلى شجرة مثمرة سأتزوجك.
قالت ورقاء : قبلت لكن أين ستزرعني .
قال هلم معي وأخذها إلى التراب العجيب وأشعل نارا قوية ثم حفر الأرض وقال لها ضعي قدميك هنا ثم ردم التراب فوق قدميها وسقاها من ماء عناقيد العنب و انسحب إلى الخلف ينتظر النتيجة , جلس ينتظر تفاعلا بين الماء والتراب و الحسناء ورقاء ,....... وبدأ التراب يشرب كل قطرات الماء المركز وبدأت ورقاء تتفاعل معها لكنها لم تتحول إلى شجرة يحبها الغريب بل تحولت إلى فراشات غبية طارت وحامت واقتربت من النار صاح الغريب ورقاء ورقاء واحترقت الفراشات بالنار وتلاشت , وعاد الغريب أشد حزنا من ذي قبل يفكر كيف وأين يدفن ورقاء.
فما كان منه إلا أن غرف من نهر دموعها ونثره فوق قبور الألف امرأة عرفانا منه لورقاء وغادر مقبرة الألف امرأة يأمل أن لا يعود إليها أبدا .
.
3/7/2005