من غزليات
جلال الدين الرومي " مولوي" (1207_ 1273)


ترجمة: حميد كشكولي

إنّي نهايتك

أما قلتُ لا تذهبْ إلى هناك فإنّي الحبيبُ ،
و أنّني نبعُ الحياة في سراب العدم ؟
فلو هجرتَني لمئة ألف عام ،
لابدّ أن تكون عندي أخيرا لأنّي نهايتك .

أما قلتُ لا تبتهج بما تبديه لك الدنيا ،
لأنّي صورة بهائك؟
أما قلت إنّي البحر وأنت فيه سمكة وحيدة ،
ولا تذهبْ إلى اليابسة فإنّي يمُّ صفائك؟
أما قلتُ لا تقتربْ مثل الطيور من الفخّ ،
تعال فأنّي قوة طيرانك و بأس جناحك؟

أما قلت إنّهم سيقطعون طريقك و سيطفئون نار فؤادك ،
فأنّي نارك ولهيبك ودفء هوائك؟
أما قلت إنهم سيعكّرون ماء العيون ،
و إنّك ستفقد دربَ النبع فأنّي ينبوع صفائك؟
أما قلتُ لاتسألْ أنّى ستكون عاقبة العباد ،
فأنّني المبدع الخلّاقُ ؟
إن كان قلبك نيّرا سترِدُ حتما المنزل ،
أو إن كنت َ على خُلق الآلهة ،
فاعلم أنني سيّد محرابك.
****

لا تذهبي وحدك!

في خطى الغنج و الدلال تسيرين ، فلا تروحي وحدك !
يا حياة الأحبة في البستان لا تذهبي وحدك!
يا أسباب الأشياء لاتدخلي الروض وحدك!
أيّتها الأفلاك لاتدوري بدوني ،
ويا أيها القمر لا تشتعلِ وحدك!
فهذه الدنيا بك جميلة ، و تلك الدنيا أيضا ،
فلا تكوني في هذه بدوني ،
ولا في الأخرى وحدك!
أيها الظاهر لا تظهر بدوني !
أيها اللسان لا تشْدُ وحدك!
أيها البصر لا تنظر بدوني!
و يا أيتها الروح لا تروحي وحدك!
الليل يتمرأى في مرآة القمر نورا ،
أنا الليل و انتِ قمَري ،
فلا تتحركي في السماء وحدك!
الأشواك نجت من النار بفضل الورد ،
أنت ِالورد وأنالشوك ،
فلا تدخلي الروض وحدك!
أجسُّ خفقان رؤيتك لأحدّق في عيونك،
قفي ! انظري ! ، أنا أنتظر ُ ، لا تذهبي وحدك،
أنت غريم الشاه ، يا زهوا أنا نديمك ،
وحين ترتفعين إلى سماء الديار ،
فيا أيها الناطور لاتحرس الديار وحدك!
ويل ٌ لمن يهيم في الدروب في غفلة من نورك ،
أنتِ نور في الطريق ، فيا أيها الدليل لاتتركني لوحدي!
أنتِ عند الناس العشقُ،
ولكنّي أسميك الهة الهيام ِ ،
أنتِ تسْمين فوق أوهام الجميع ، فل تتركيني لوحدي!
*****


مالعمل؟
مالعمل، با مسلمين؟
فأنا لا أدرك ذاتي.
لستُ مسيحيا ، ولا يهوديا، ولا كافرا، زلا مسلما.
لم آتِ من الشرق ، ولا من الغرب ،
لا من البَرِّ ولا من البحر؛
لم تصنعني الطبيعة في مصانعها، ولا مدارات سماوية.
إنّي لست من التراب ، ولا من الماء، ولا من الهواء، ولا من النار،
لستُ من جنة الخلدِ ، ولا من الغبار، ولا من الوجود ، ولا من الكينونة.
لا أتحدر من الهند، ولا الصين ، ولا بلغاريا،ولاساقسين،
ولستُ من بلاد العراقين ِ، و لا من خراسان.
أنا أصلا لستُ من هذا الدنيا، ولا من الآخرة، ولا من الفردوس ولا الحجيم.
لستُ من آدم، ولا من حواء،
لا من عدْن ٍ ، ولا من رضوان.
فمكاني هو اللامكان، و آثاري لا تترك أيّ أثر،
إنّي لستُ من أي جسد ، ولا من أية روح ، لأنّي تابع لروح الحبيب.
طلّقت ُ الثنائية ، فأرى العالمَين ِ واحدا،
أبحث ، أعرف ثمة "ج" ، وأرى ، فأنادي.
إنّه الأول ، وإنّهُ الأخير ، إنّهُ الظاهر، وإنّه الباطن؛
إنّي لا أعرف أحدا سوى "ياهو" و " يامن هو" .
أنا ثمل بكأس العشق ِ ، والعالمان تجاوزا مدى ادراكي.
احتفالات الخمر والعربدة تشغلني عن كل شئ ،
ولو غفلت لحظة من عمري دون أن أعيشها ، لندمت عن حياتي منذ تلك اللحظة.
ولو غنمتُ منها لحظة في هذه الدنيا،
لسحقتُ كلا العالمين ، ولرقصتُ ابتهاجا بهذا النصر العظيم.
فيا شمس تبريز! أنا ثمل في هذا العالم،
وليس لي ما أقول سوى الثمالة والعربدة.

م
لاحظة: القصائد أصلا بدون عناوين ، وتلك العناوين من عندي .وأن الترجمة قمت بها بتصرف.