في كتاب ( الأمثال العامية ) لأحمد تيمور باشا مثل هو :
ارقُص للقِردِ في دولته
ارقص له لأن الرقص يُسرُّ القرود ، والمراد : افعل ما يوافق صاحب الدولة ما دمتَ مضطراً إليه . والمثل قديم ، ويروى أن قصته : أن شخصاً دخل على وزير يُهنئه بالوزارة فصفق ورقصَ ، لإظهار سروره ، فأمر الوزير بطرده وقال : إنما أراد الإشارة إلى هذا المثل . وقد نظمه علي بن كثير من شعراء ريحانة الخفاجي فقال :
صحـبتُ الأنـام فـألفيتهـم ........ وكـل يميل إلى شهـوتــه
وكـل يـريـد رضـا نـفـسه .........ويجـلبُ ناراً إلـى برمتـه
يجازي الصديق بإحسانه .........ويبقي العدوَ إلى قُـدرتـه
ويـلـبس لـلدهـر أثـوابــه .........ويرقص للقرد في دولته
قال الخفاجي : وفي معنى قوله : ويرقص للقرد في قول الأهوازي :
قُـلْ لـمـنْ لامَ لا تـلـُمـنـي ......... كـل امـرئ عـالم بشأنه
لا ذنــب فـيما فعـلتُ إني ......... رقصتُ للقردِ في زمانه
من كرم النفس أن تراها ......... تحـتمل الـذل فـي أوانه
ولأبي تمام بمثل هذا المعنى :
لا بُدّ يا نفس من سجود ......... في زمن القرودِ للقرود
وأنشدَ صاحب قطف الأزهار في المعنى لبعضهم :
إذا رأيتَ أمراً وضيعاً ......... قـد رفـع الـدهـر من مكـانه
فكن سميعاً له مُطيعاً ......... مـعـظِّـماً من عـظيم شانــه
فقد سمعنا بأن كسرى ........ قـد قـال يـوماً لـتـرجـمانه :
إذا زمان الأسود ولى ........ فارقص مع القرد في زمانه
ومما يدلُّ على قِدَمِ المثل ما أنشده صاحب لسان العرب في مادة (قرا) عن ثعلب في القيروان بمعنى الجيش :
فـــــــإن تـلـقـــاك بـقــيــروانـــــه
أو خفت بعض الجور من سلطانه
فــاسجـد لـقـرد السوء فـي زمانه
وفي كاتب الآداب لجعفر بن شمس الخلافة :
اسجد لقرد السوء في زمانه ......... وداره ما دمت في سلطانه .
وقد قيل : دارهم ما دمتَ في دارهم ، وهنا مداراة مناسبة ولطيفة ، أما أن تكون دعوة للسجود لغير الله .
نعوذُ بالله من الهوى ونعوذ بالله أن نسجد لغيره .
اللهم لا تمكر بنا .