حضارتنا اصابها مرض عضال منذ قرون , اكثرنا واع بانها في حاجة الى حقنة دواء خارجية للصعود بها من جديد , البعض منا في زمننا هذا ادعى انه اكتشف خبايا الوجود وقال الجنس الجنس الجنس وتحولت اكثر الفضائيات العربية حسب ما يقال (1) الى معامل للجنس
والبعض قال ان قتل الحرية الجنسية هو سبب تخلفنا


متى ظهرت الحرية الجنسية بالغرب ؟؟؟ ومتى صعدت المراة على الساحة الغربية ؟؟
في اكبر بلد ( كان ) متحرر جنسيا بالعالم حتى الى سنة 1880 كانت المراة تلبس سروالا خاصا به قفل ( اعتذر باللهجة التونسية القفل اسمه شرلية وبالانجليزية lock فلا اعرف اسمه بالعربية ) وكان مفتاح هذا القفل في حوزة الرجل وحتى ان المراة تريد ان تقوم باعمالها الطبيعية فهي في حاجة لكي الرجل يفتح لها هذا القفل والسبب هو عدم السماح للمراة بالخيانة الزوجية او ممارسة الجنس , نعم هكذا كان حال المراة باول بلد بالعام شهر بحريته الجنسية الان ,

نظرة سريعة على الحركات النسائية بالغرب :
الغرب ينقسم الى قسمين , القسم الكاتوليكي والقسم البروتستاني , لا ادخل في عالم الاديان وساختصر هنا الكلام واترك الكنيسة الشرقية
الكاتوليك يروا ان المراة هي الشر بعينه ورجال الدين عندهم محكوم عليهم بالعيش حياة كاملة في العزوبية
البروتستان سمح لهم لوتر بالزواج , فلوتر هنا تسامح مع المراة
لكن كلاهما ضرب المراة الضربة القاضية في عصر ما يسمى بحرق الساحرات بالغرب
قامت الليبيرالية وحاربت بكل قواها حرية المراة بدعوى ان المراة عاطفية ومسالمة وتكره الحروب وعقل المراة غير متطور ولا يمكن لها ان تأخذ قرارات عقلانية ان شاركت في العمل السياسي وحتى اليسار الغربي رفضها
المراة التي اعتنقت الفكر اليساري كانت كذلك ضد حرية المراة ونرى مثلا بانجلترا زعيمة من زعماء الحركة الاشتراكية Beatrice Webb سنة 1889 كتبت في لائحتها حول المراة : المراة مكانها المنزل ورعاية الاطفال فقط
سمة 1906 Beatrice Webb وجدت نفسها مرغمة ان تغير رايها قليلا رايها لان جمعية نسائية *** ارهابية *** سنة 1903 صعدت بانجلترا وطالبت بحقوق المراة Women s social and political union وهذه الجمعية سنة 1912 استعملت الاسلحة والتفجيرات بالمدن واعضائها بالسجون اضربوا عن الطعام الخ....
بالولايات المتحدة حارب الليبيراليون المراة بكل الوسائل كذلك , نرى مثلا سنة 1916 Henry L. Stimson قام بكل ما في وسعه لكي لا يتم انتخاب اي امراة لتكون عضوة بالكتغرس لان المراة ستعارض الحروب التي امريكا في حاجة لها لكي تحافظ على مصالحها الاستراتيجية ونرى ان اول امراة امريكية تم انتخابها بالكنغرس سنة 1917 Jeannette Rankin نجدها سنة 1941 هي الوحيدة التي صوتت ضد الحرب التي اعلنتها امريكا ضد المانيا

لنرجع الى الغرب ككل

قامت الثورة الصناعية بالغرب وتطورت الصناعة والاسلحة الفتاكة , واصبحت الحروب تحصد عددا لابأس به من الاموات , وقامت ما تسمى بالحرب العالمية الاولى وحصدت الكثير من الرجال واكتشف اهل الغرب ان المراة يمكن لها ان تلعب دورا في ساحة القتال لتساعد المجاريح كممرضة الخ...

الطبقة البورجوازية حسب مفهوم ماركس للبورجوازية وجدت نفسها بين عشية وضحاها في حاجة لليد العاملة وتعويض الرجال الذين ماتوا بالحروب فأخذوا المراة لتعوضه وخرجت المراة من مطبخها لتصبح عنصرا منتجا في المجتمع

بدأت المراة تشتغل وتحررت اقتصاديا من الرجل وبدأت تطالب بحقوقها

قامت ما تسمى بالحرب العالمية الثانية وخلفت دمارا كبيرا بالغرب ومات الكثير من الرجال وتحول الغرب الى مجتمع اكثر من نصفه نساء

قلق الناس من الحروب وما تخلفه من دمار وبدا الناس يفتشون عن الحب الذي سيعوض الحقد والكراهية بين بني ادم

لو نأخذ مثلا سيمون دي بوفوار , بعد الحرب مباشرة نجدها انها تنقلت عارية وسط شوارع مدينة ليون ( ان لم تخني الذاكرة سنة 1947 او 1948 ) لتسفز الناس

في بداية الخمسينات بدا غربي واخر وبالخصوص من بين الذين اظن انهم ملقبون بالوجوديون عند الذين يفهمون الفلسفة يتكلمون عن حرية الفرد المطلقة بما فيها حرية الجنس
وقامت ثورة الطلاب بالعالم الكاتوليكي سنة 1968 ونادت بشعارات مثل مارسوا الحب ولا الحروب وقامت مجموعة * الهبي * التي تستعمل المخدرات والجنس الجماعي الخ ...
العالم الراسمالي في ذلك العهد كان في حاجة ماسة لمثل هذه الجمعيات لاثبات انه يؤمن بحرية الفرد ويحترمها وتم استغلال هذه الجمعيات التي كانت لا تمثل الا اقلية صغيرة جدا من المجتمع للدعاية الخارجية وضرب المعسكر الاشتراكي

وسقط المعسكر الاشتراكي وبقي المعسكر الغربي الذي لقب نفسه بليبيرالي على الساحة وبدأ يضرب الفكرة تلوى الاخوى كمثال بسيط لنأخذ ** مدينة ** كريستيانا بكوبنهاغن بالدانمارك , اظن ان هذه المدينة في السبعينات كانت مدينة حرة بمعنى الكلمة , الجنس الجماعي العلني , تناول المخدرات علنيا والامن او الشرطة لم يضعوا اقدامهم هناك لمدة سنوات طويلة ولا مرة واحدة , لهذه المدينة الفاضلة قوانيها وسلطتها التنفيذية والتشريعية والقضائية ولا علاقة لها بالدولة لا من قريب ولا من بعيد , هذه كانت تستغل مستشفيات الحكومة الخ ... لكن كانت معفية من الضرائب

واين مدينة كريسستيانا الان ؟؟ وسائل الامن مسيطرة عليها


باواخر الستينات واوائل السيعينات عندما كان سارتر ينادي بالسان ميشال بالحرية كان الشباب من مقهى au depart الى drugstore لا تعرف من يقبل من وبحديقة تروكاديرو او ببوا دي بولونيو ترى كل شيء على العلن

ومرت الايام والان نرى ان الذين يلقبوهم بالفلاسفة الجدد بفرنسا هم نفسهم الذين نادوا في ذلك العهد بالحرية الجنسية والان نجدهم محافظين اكثر من الكنيسة

بامريكا اكثر القنوات التلفزية العالمية لا تنشر دعاية لها علاقة بالجنس وعدد القنوات التي انظمت لهذه المجموعة في ازدياد كل يوم

بشمال اوروبا قامت ثورة معاكسة ضد الجنس منذ زمان , والعصابات التي تروج للجنس نجد ان الشرطة تطاردهم في كل مكان وحتى القوانين ضد اشتراء الجنس اصبح معمولا بها منذ سنوات , والمجلات الجنسية اكثرها افلست لان الناس لا تشتريها

الغرب لم يتطور بالحرية الجنسية , الغرب تطور بالعقل ,
الغرب تطور عندما حدد العلاقة بين الفرد والاخر والعلاقة بين الفرد والمجموعة والعلاقة بين الفرد والدولة
الغرب تطور عندما اقنع الفرد بان الدولة ليست عدوته بل الهدف منها هو حمايته

العرب تكلموا في الجنس سابقا والجنس لم يكن على الاطلاق * تابو * عند العرب سواء في العهد الاسلامي او في القدم

لو ننظر الى كتاب الشيخ النفزاوي المترجم الى كل اللغات العالمية يقال انه عاش في القرن 15 بجنوب تونس ( قرية نفزة , لقد كان قاض ) اظن ان كتابه كله جنس من اول كلمة الى اخر كلمة
لو ننظر الى كل اللوحات من السودان من القرن السابع عشر نجدها كلها مبنية على الجنس
لو ننظر الى كل المذاهب في الاسلام , اظن انها تكلمت كلها عن الجنس تكلموا عن النكاح ومقدمات النكاح والزنا وموجبات الخيار في النكاح والحقوق الزوجية والانكحة المنهي عنها في الشرع الخ ... ومن يريد ان يتسلى فلينظر الى ما قاله ابن رشد في بداية المجتهد ونهاية المقتصد ج 1 و ج 2 الخ .....


اسطورة الحرية الجنسية بالغرب ستبقى اسطورة فقط ولا علاقة لها بعامة الناس ولا تمثل الا اقلية منهم لكن معشر العرب اكثرهم كعادتهم يفهمون كل شيء بطريقتهم وهناك مثل تونسي يقول : قال له تعرفش العلم فرد عليه أزيد فيه ( تعرفش معناها هل تعرف )


ملاحظة فقط : منذ بضعة اسابيع اظن في اواخر شهر ديسمبر 2005 او بداية هذا الشهر جانفي 2006 حدث تغيير كبير بالدستور الفرنسي حيث رفعوا من سن الزواج للبنت من 15 الى 18 سنة



( 1 ) : من زاويتي لا اشاهد القنوات الفضائية العربية نهائيا لكن هذا ما سمعنه وقراته في عدة اماكن عن القنوات العربية