من تأليف: مصطفى صفوان، صدر كتاب : الكلام أو الموت، بترجمة: د. مصطفى حجازي، ونشر المنظّمة العربيّة للترجمة.

يفتح كتاب "الكلام أو الموت" لمصطفى صفوان الباب واسعاً على عمق الإنسان، حيث يتعاون الوعي واللاوعي الفرديان والجماعيّان في صناعة المرء. ترك صفوان بلاده مصر ليقيم في فرنسا سحابة خمسين عاماً ينهل الفكر الإنساني العالميّ بجذوره الغربيّة والشرقيّة وهو المتمكّن إسلاميّاً، العارف ما يحيي ويميت، فالكلام ترجمة للذات وتحقيق لها، لتصبح مشاركة في عالم الفعل الحياتي بينما الموت يعادل اللاكلام ويتجسّد بعدم القدرة على الإعلان، ما يعني حضور الإنسان ميتاً على رصيف الدنيا. صحيح أنّ أبحاث الكتاب ذات منطلقات نفسيّة وفلسفيّة غير أنّها ليست بعيدة عن الهمّ السياسي الذي هو بُعد من أبعاد الإنسان الأساسيّة، وحقيقة الشرق المتعسّف هي قائمة وحاضرة وناشطة في أعماق صفوان الذي لم تستطع فرنسا أن تنتزع من وجدانه انتماءه الفعليّ والصادق لمصر على رغم أنّها مدّته بكلّ ما يجعله منفتحاً على حركة الحياة الإنسانيّة الشاملة من مشارق الأرض إلى مغاربها.

يستمرّ الكلام في "الكلام أو الموت" صعباً، إلاّ عند أهل التخصّص، ويتحوّل إلى الوضوح المعبّر والمؤلم في باب الكتاب الأخير "في ما يتجاوز المجتمع" حيث يتساءل صفوان "ألا يشيع أيضاً أن يتكلّم الناس بغية استغلال بعضهم أكثر ممّا يتكلّمون للتعبير عن الاعتراف ببعضهم بعضاً؟" هذا السؤال مدخل إلى جدليّة لا تنتهي ترتكز على ثنائيّة القوّة والضعف، الصدق والكذب، الكلام أو الموت.

المصدر