لا لن أكون كما تريد
بقلم
د / آمال محمود كحيل


أيها الهمس الذي قد جاء ليلاُ
كي يثير الصمت حولي
كي يعبئ ثغرة
من مسامات الفراغ بداخلي
كي يبعثر بين نبض حروفه
أبعاد ظلي
مهلاً توقف يا صديقُ
ألا تكف عن النداء ؟
لا تدع قلبي للتمرد ، والهروب
ولا خيولي
للهاث وراء أحرفك المضيئة
لا تدعُني للجري خلف الوهم في عتم الدروب
كيما تحقق يا صديقي
شبه أمنية جريئة
كيف ترجو الآن أن أقتلع من أرضي جذور طفولتي ؟
بحثأ عن المجهول في قلب الشقاء ؟
كيف أنزع ذكرياتي الآن من أعماق تربتي الصماء ؟
أتراك تأمل يا صديقي الآن مني
أن أمنح الطوفان أملاً وابتسامة
وهو يجرفني بعيدًا عن مكاني
كيف لي ؟ هذا هراء
كيف تملك يا صديقي
ترف أن تروي الصحارى داخلي بسيول غيثك
باختلاجات السحاب الممطرة
من دون أن أحس بالمزيد من العطش ؟
كيف لي أن أحلق معك في فضاء الحلم فاعلم
أنني امرأة تخاف من الرياح
هل تراك الآن تفهم ؟
أن أرضي مجدبة
لن تنبت الأزهار يومًا والشجر
وأن صحرائي عقيمة
كيف تخصبها حبيبات المطر ؟
إن قلبي يا صديق كبقعة مظلمة
لن يضوئها قمر
وأعماقي الضيقة رغم اتساعها لما تزل
ملأى بآلاف الصور
بألف علامة استفهام ، أو استنكار أو حذر
وبالغموض فلا تسل ما قصتي
ولا تجفف دمعتي ولا تثر بي حيرتي
فخيوط ذاك العنكبوت لما تزل
تنموعلى صدري لتخنق فرحتي
والأساطير القديمة والحكايا كلها
لما تزل محبوسة في داخلي
كيف تلغي صوت عقلي ؟
كيف تزرع داخلي أملاً عقيمًا
كيف تنسج من حروف قصائدي حلمُا يتيمًا ؟
كيف تمنحني الأمان وكيف أمنحك السلام
وكيف تهديني النجوم بريقها
كيف أطرد ذلك الخوف المعشش
في سراديب العيون المتعبة
أوذكريات
ترفض الرحيل من عقلي الضجر؟
من غابتي المسيجة
بالشوك والصبار والأحزان والجراح
وبكل لاءات التمرد والتحدي
أرجوك بل أستمحيك عذرًا
إن صرخت كفى ابتعد
ولا تلمني يا صديقي
إن أنا أغلقت عنك نوافذي
أو إن حزمت حقيبتي
أو إن رميت قصائدي
لا تلمني إن اختبأت وراء ذاتي
أوفي زوايا غرفتي الموحشة بحثًا عن الهدوء والاتزان
لا تلم أني للحظة
قطعت سلك هاتفي اللعين
هربًا من الهمس الحنون ومن نداءات الحنين
دعني هنا
في معزل عن كل نوبات الجنون العابرة
في معزل
عن ومضة الحلم الذي
ينبثق من عينين لن تستسلما
إني عزمت على الفرار من نفسي ومنك
لن أصغ يومًا للنداء ولا لتمتمة النجوم
ولن أوشوش فوق شاطئك القواقع والمحار
إني عشقت الليل فاتركني هنا
ودع رداء صمته الكئيب يلفني بغموضه
إني امرأة
تخاف من ضوء الشموع ومن أحاديث القمر
هيا ابتعد حقًا ولا تحفل بحالي أو تفكر،
فأنا امرأة قد لا ترى بعيونها
لكن ترى بضميرها ما لست تبصر
إني عشقت البحر لكن يا صديقي
كيف أملك أن أرد فلول هذه الرياح الآتية نحوي
إلا بمعجزة ، أو قل بطوق للنجاة ؟
كيف أملك أن أقاوم موجة رعناء
كسرت شراع قاربي الصغير ؟
كيف لا أخشى حماقة الإمعان في
حلم عقيم
بالوصول إلى الشواطئ البعيدة النائية ؟
آه فهل ستهديني إذن
مصباحك السحري كي أحقق كل أحلامي البلهاء
أم سوف تمنحني عصا الجنية الشمطاء ؟؟
لا لا تحاول نقر شباكي فإني لن أجيب ،
ولا تحلق كالفراشات الرقيقة حول هالات الضياء فقد تذوب
كيف قد تدندن اللحون شفة منذ زمن يا صديق
كفت عن التغريد والغناء ؟
وكيف قد يلملم الأحلام قلب
لم يغادره العذاب ولا العناء ؟
لا لا تلمني إن أنا
أقفلت بابي عنك واخترت الفراق
أنا لن أكون كما تريد
لا لن أكون كما تريد