علامات الترقيم
الترقيمُ لغويًّا من المادّة ( ر. ق . م ) التي تدخلُ على وضعِ النقط والحركات وبيان الحروف في الكتابة ، وكي البعير ،

ونقش الخبز ، ووشي الثوب وتطريزه . وعليهِ فالرّقم يَعني العَلامة أو الختم ، أو نوع من الوشي مُخطّط ، وجمعه

أرقام ورقوم ، وبسبب أوجه الشبه الكثيرة اختار علماء اللغة لفظة الرّقم لكلّ رمز يمثّل عددًا محدّدًا .


الترقيم ( في الكتابة ) هو وضع علامات اصطلاحيّة في المواضع الصّحيحة بينَ الجمل أو الكلمات لتساعد على تحقيق

الإفهام والفهم ، حيث تقومُ هذه العلامات بتحديد مواضع الوقف ، والفصل ، والوصل ، والابتداء وتنويع النبرات الصّوتيّة

للقارئ وفقًا لأغراض الكاتب ، فتساعدهُ على إدراك المعنى وتمثّلهُ وعلى فهم العلاقات بينَ الجمل . وهي في الوقت نفسه

بعض البدائل التي يستخدمها الكاتب لكثير من الإمكانيات المتوفّرة لديه لو كانَ متحدّثًا : من حركة اليدَيْن ، الرأس وسحنات

الوجه ، ونبرات الصوت ، وغير ذلك .


وظيفة الترقيم هي تنظيم الكتابة والقراءة بشكل صحيح ومفيد ، حيث أنّه ينسّق المادّة وينظّمها ويجعلها مؤثّرة

وواضحة وهو بهذا يخدم عمليّة فهم المقروء ؛ فيساعد الكاتب على توضيح أفكاره وجعلها مؤثّرة ويساعد القارئ على فهم

ما يريده الكاتب .


وللتوضيح أكتفي بإيراد هذين المثلين :

أ - " العفو ، ممنوع الإعدام " – قرار الحكم هذا يعطي الحياة والنّجاة بسبب موضع علامة الترقيم (الفاصلة ). ولو كان موضع

علامة الترقيم ( الفاصلة ) بعد كلمة " ممنوع " لأصبح قرار الحكم كالتالي :

" العفو ممنوع ، الإعدام " وهذا القرار يعني الموت والهلاك والسبب في التفسيرين هو موضع علامة الترقيم ( الفاصلة ) فقط .


ب - " ما أجمل الرّبيع " ، لا نستطيع أن نحكم على نوع هذه الجملة أهي استفهاميّة أو تعجّبيّة ، ويتعذّر علينا قراءتها بالشّكل الصّحيح

الذي يؤدي المعنى الذي أراده الكاتب والسبب يعود إلى عدم وجود علامة الترقيم ، فلو وضع الكاتب علامة الترقيم لحدّد ( من تحديد )

المعنى وسهّل القراءة . فعلامة الاستفهام تؤدي إلى القراءة بالشّكل التّالي : " ما أجملُ الرّبيعِ ؟ " فكلمة أجمل مرفوعة لأنّها خبر

ما ، وكلمة الرّبيع مجرورة بالإضافة .

بينما علامة الانفعال تؤدّي إلى القراءة بالشّكل التالي : " ما أجملَ الرّبيعَ ! " ، فكلمة أجمل فعل ماضٍ للتعجّب وكلمة الربيعَ مفعول به منصوب .


ما تقدّم يؤكّدُ العلاقة القويّة بين علامات الترقيم ، وحركات الإعراب والفهم ، وعليه فمن الضّروري جدًّا الاهتمام بالموضوع ، لإزالة

الخطورة الحاصلة والملموسة بسبب إهماله لدى الكتّاب والقرّاء صغارًا وكبارًا .


اصطلاح الترقيم جديد فقد اختاره بنجاح الأستاذ أحمد زكي باشا ( من عائلة النجار في عكا – 1867-1934 ) ، الذي وضع كتاب

" الترقيم في اللغة العربية سنة 1913 وذلك بتكليف من نظارة المعارف في مصر.



مواضع استعمال علامات الترقيم :

أ) النقطة :

1- توضع في نهاية الجملة التّامّة المعنى والمستقلّة في إعرابها : التعاونُ أَساسُ النّجاحِ .

2- توضع للدلالة على انتهاء معنى كُلّي ، وقبل الاستئناف : الطّاووسُ أَجملُ الطُّيورِ . ريشُهُ ملوّن ، وذيلُهُ طويل .

3- توضع بعد كلّ حرفٍ يدلُّ على كلمةٍ مختزلَة : ص.ب. أي صندوق بريد .

4 - توضع في نهاية الفصل الكتابي كالفِقرة مثلاً .


ب) الفاصلة:

وظيفتها تقطيع الجملة المُركَّبة إلى أجزاء متّصلة المعنى ؛ وذلك لإحداث جوّ موسيقي ولتفصيل الكلام ، وتسهيل القراءة . ويشترط في

وضعها ألاّ تفصل بين فعل وفاعل ومفعول ، أو بين صِفة وموصوف ، أو مضاف ومضاف إليه . وفيما يلي أبرز مواضع الاستعمال :


1- توضع بين الجمل المتّصلة المعنى : يأتي الربيعُ فتنشرِحُ النّفوسُ ، وتتمتّعُ العيونُ بالجمالِ ، وتكثُرُ النّزهات .

2 - بينَ الجمل القصيرة التّامّة المعنى ، حتّى لو استقلّت كلّ جملة بمعنى واحد: الدّنيا خيرُ مدرسةٍ ، والزّمانُ خيرُ معلّمٍ ، والكِتابُ خيرُ صَديقٍ .



3 - بعدَ المُنادى المتّصل : يا طالِبَ العِلمِ ، اجتهد كي تَنالَ ما تتمنّى .



4 - بينَ جملتي الشّرط والجزاء إذا طالت جملة الشّرط ، سواء كان الشّرط متقدّمًا على الجزاء أم لا : إن قدرت أن تزيدَ ذا الحَقّ على

حقِّهِ وتطول على مَنْ لا حقّ لهُ ، فافعل .



5 - بينَ جُملتي القسم والجواب ، إذا طالَتْ جُملةُ القسم : لئن أحبّ الإنسان لأخيه الإنسان ما أحبّ لنفسه ، فهو إنسان .



6 - بينَ المفردات المعطوفة التي تفيد التّقسيم ، ويستحسن تقدير حرف العطف مع وجوب كتابته مع المعطوف الأخير في الجملة

كما في المثال ب الآتي:

أ - الجهاتُ أربع : الشمال ، والجنوب ، والشّرق ، والغرب .

ب - الجهات أربع : الشمال ، الجنوب ، الشّرق ، والغرب .



7 - بينَ المُبدل منهُ والبدل ، وبينَ البدل وخبر المُبدل مِنهُ : غاندي ، زعيمُ الهند ، كانَ محاميًا نزيهًا .



8 - بينَ المترادفات : يَعْدو : يَجري ، يركضُ ، يُهرولُ .



9 - بينَ الأَرقام ( بمعنى وأيضًا ) ، كما في الجملة التالية : انظر الصّفحات : ص . 4 ، 5 ، 6 .



10 - لحصر الجمل المعترضة القصيرة : ولو أنّ ما أسعى لأدنى مَعيشةٍ كَفاني ، ولم أطلب ، قليل من المال .



11 - بين الكلمات المفردة المرتبطة بكلمات أخرى ، تجعلها شبيهة بالجمل في طولها ( بدل التّفصيل ) :

كلّ فردٍ في المجتمع مجنّد لمعركة الحضارة : التّلميذُ في مدرستهِ ، والموظّف في مكتبهِ ، والفلاّحُ في أرضِهِ ، والعاملُ
في مصنعهِ ، والأمّ في بيتِها .



12 - بعد كلمات ، مثل : نعم ، لا ، أجل ، بلى ، طبعًا ، نحو ذلك ، وكذلك قبل كلمة مثلاً إذا لم تأتِ في بداية الجملة .





ج) الفاصلة المنقوطة :

1 - توضع بين جملتين إحداهما كانت سببًا لحدوث الأخرى : لأنّ مهنة التّدريس من أشرف المهن ؛ قبلتُ أن أكون معلّمًا .
( الأولى سبب الثانية ) . خسر الفريق المباراة ؛ لأنّه لم يستعدّ لها جيّدًا . ( الثانية سبب الأولى ) .



2 - بين أقسام الجملة الواحدة متى تنوّعت هذه الأقسام : فيما يلي أسماء بعض الحيوانات المعروفة في بلادنا : البقر ، الغنم ،

والماعز ؛ الخيل ، الحمير ، والبغال ؛ الضبع ، الذّئب ، والثعلب .



لاحظ أنّ الفاصلة جاءت بين الأسماء المعطوفة التي أفادت التقسيم ، بينما الفاصلة المنقوطة جاءت للفصل بين كلّ مجموعة وأخرى .


3 - توضع قبل التعليل وبيان السبب : كُن بَشوشًا أبدًا ما أمكن ؛ فإنّ الحزين لا يسرُّ أحدًا .

4_ بين جمل طويلة يتألّف في مجموعها كلام تام الفائدة ، فيكون الغرض من وضعها إمكان التنفّس بين الجمل، وتجنّب الخلط بينها بسبب تباعدها .

* كلّ شيء ترخص قيمته إذا كثُرَ ما عَدا الأَدب ؛ فإنّهُ إذا كثُرَ غلاءَ .

* إِنّ حرّيّة الفتاة لا تَكون ... ( ونعدّد بعض الأمور ) ؛ وإِنّما تكون حرّيّة الفتاة ( ونعدّد بعض الأمور ) .


لا حظ أنّ الفاصلة المنقوطة جاءت عندما عُدنا لنفس الموضوع بعد عدد من الجمل ، وذلك منعًا للخلط .

5 - بين الجمل المعطوف بعضها على بعض ، إذا كان بينها مشاركة في غرض واحد (إن كان الارتباط بالمعنى لا بالإعراب) :

* قُل الحقّ وإلاّ فاسكت ؛ كاتم الحقّ شيطان أخرس .

* إذا رأيتم الخيرَ ، فخذوهُ ؛ وإذا رأيتم الشرّ ، فدعوهُ .

6 - قبل الجملة المكمّلة للمعنى : القرابة تحتاج إلى مودّة ؛ والمودّة لا تحتاجُ إلى قرابةٍ .





د. النقطتان :
1- توضعان بين لفظ القول والكلام المقول ، أو ما يشبههما في المعنى ، مثل : قال ، أجاب ، حكى ، سأل ، أخبر ، ردّ ،
الخ ...

* قالَ الإمامُ علي : " تعلّموا العِلم ، فإنّه زين للغني وعَوْن للفقير " .

* سُئلَ أرسطو طاليس : كَم يُفضّل المتعلّمون غير المتعلّمين ؟ فردّ عليهِ سائله : مقدارُ ما يُفضّل الأحياء الأموات .

* صرخَ المتّهم : " إنّي بريء " .



2_ بين الشيء وأقسامه ، أي قبل المفصّل بعدَ إجمال :

*السّنة أربعة فصول : الرّبيع ، الصّيف ، الخريف ، والشّتاء .

*الكلام ثلاثة أقسام : اسم ، وفعل ، وحرف .



3_ بين الكلمة ومعناها : عادَ : رجع .



4_ قبل المنوَّع بعد إجمال :

* منهومان لا يشبعان : طالب عِلم ، وطالب مال .

* أربعة يبغضهم الله والناس : المستهزئ ، النمّام ، المرائي ، والكذّاب .



5_ قبل المثال الذي يوضّح القاعدة :

* تُحذف نون المثنّى عند إضافته : يَدا الزّرافة أطول من رِجليها .

* تاء جمع التكسير تأتي مربوطة : راعٍ وَجمعها رُعاة .



6_ قبل الكلام الذي يُعرض لتوضيح ما سبقه: للكهرباء فوائد عديدة : ترفع مستوى المعيشة ، وتسهل الحياة اليومية الخ ...



7_ بعد كل عنوان فرعي .



8_ بعد كلمات مثل : بقلم ، إعداد ، اقتباس ، دراسة ، الخ ...


هـ) علامات الحذف : (... أو _ _ _ أو .. ):
توضع مكان الكلام المحذوف لسبب ما ( يضع البعض أربع نقط ) :

1. عندما يريد الكاتب أن يقتبس جملة أو أكثر أو فقرة للاستشهاد بها من أي نص كتابي ، فإنّه ينقل ما يتّصل بموضوع استشهاده ويستغني عن بعضه ، ويضع علامة الحذف دلالة على وجود جزء ناقص أو أكثر ، وذلك للأمانة العِلميّة أيضًا .

2. توضع مكان الكلام المحذوف لاستقباحه أخلاقيًّا والترفّع عن ذكره كالسباب والجدف .

3. توضع مكان الكلام المحذوف لشهرته .

4. توضع علامة الحذف للدلالة على استمرار الكلام ضمن المعنى .

5. في آخر الجملة إذا قُصِدَ ترك النهاية مفتوحة .

6. قبل كلمة الاختزال إلى آخره ( ... الخ ) والبعض يضع النقط بعدها .

7. أحيانًا توضع قبل علامة الانفعال أو الاستفهام زيادة في التأكيد على الحالة .



و) الشَّرطة :

1_ توضع بين العدد رقمًا أو لفظًا وبين المعدود : العملُ يُبعدُ الإنسانَ عن ثلاثة :

* 1- الملل . * أوّلاً _ الملل .

* 2- الرّذيلة . * ثانيًا _ الرذيلة .

* 3- الفقر . * ثالثًا _ الفقر .



2_ في أسلوب الحوار اجتنابًا للتكرار ، أو إغفالاً لاسم المتحدّث لسب ما : جاء في جواهر الأدب : دخل معن ابن زائدة على أبي جعفر المنصور ، فقارب في خطاه : فقال أبو جعفر : كبُرتْ سِنّك يا معن !

- في طاعتك ، يا أمير المؤمنين .

- وأنّك لجَلْدٌ !

- على أعدائكَ .

- وإن فيكَ لبقيّة !

- هيَ لكَ .

في الكتابة الحديثة نلاحظ الدمج بين النقطتين والشرطة (- أو (