[align=center:ed33654a63]


هذه دراسة صغير أراد مؤلفها لفت النظر للمترادفات في القرآن الكريم وأنها لم تأت أبدا بمعنى واحد .. ومعروف أن القرآن لم تأت فيه كلمة إلا وهي أبلغ في موضعها مما سواها .. ولا يقوم مقامها غيرها ....


وهي في ثلاثة فصول الأول : في التطور الدلالي .. وفيه كلام في الاشتقاق وتوليد الصيغ ..

والثاني عن ظاهرة الترادف اللفظي في اللغة العربية ..

والثالث هو اصل الدراسة ...

ويوم نقلتها اكتفيت بالثالث ( تكاسلا ..) وحتى ما نقلته اختصرته .. فلم أذكر كل المواضع التي وردت فيها الكلمات فلو جاءت الكلمة عشر مرات في عشر آيات اكتفيت بنقل ثلاثة أو اربعة ...

عموما .. أحببت أن أقلها هنا بما أننا نحضر لرمضان



أينما وردت الأخطاء في كتابة الآيات فالكل مخول بتصحيحها أو تنبيهي لأصححها ..



الحلف والقسم

في اللسان الحلف :القسم ، حلف أي أقسم وفيه القسم : اليمين ...وقد اقسم بالله واستقسمه به وقاسمه :حلف له ...
قال أبو هلال العسكري القسم ابلغ من الحلف .. وسوى الكثيرون بينهما في المعنى . لكننا لا نوفقهم في هذه التسوية ..واستعراض المادتين في القرآن يوحي بدلالات دقيقة تجعل من العسير وضع أحدهما موضع الأخرى ...

وردت مادة (حلف)في القرآن في ثلاثة عشر موضعا واستعراضها يوحي بأن الحلف دائما يكون في موضع اعتذار عن فعل أو اعتقاد وقع أو سيقع بعد زمن التكلم ، ولذا لم يرد الحلف مسندا إلى الله عز وجل في القرآن ...وورد القسم مسندا إليه سبحانه . وكفى به فرقا دلاليا على تغاير اللفظين.

1- "وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى " (التوبة 107)
2- "وسيحلفون بالله لو استطعنا لخرجنا معكم " (التوبة 42
"يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر.." التوبة
4- "ويوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم .."المجادلة

(12 موضع من ال 13 موضع الذي ذكر فيه الحلف ذكر منسوبا إلى أعداء الإسلام ...7 منها في سورة التوبة وحدها وهي الفاضحة )

أما القسم في القرآن فعلى ضربين : الأول قسم من الله تعالى بذاته أو بعض مخلوقاته ... وقسم من اليشر وفي الحالين لا يأتي القسم في موضع الضلال ...بل هو من الله تعظيم ...ومن البشر يأتي في مواضع الحماس والعزم وعقد النية على فعل مع إظهار القوة والتصميم

1- وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها
2- وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت
3-وأقسموا بالله جهد ايمانهم لئن أمرتهم ليخرجن
4- ...إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين .
5- وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين

وللقارئ أن يعود للنصوص السابقة في الحلف والقسم بشيء من التدبر ليرى الصورة الحسية التي تؤكد ما تقدم هي صورة الذين يحلفون وقد أصابهم الخزى والخجل .....وصورة الذي يقسم وقد أخذه الحماس ........


النكاح والزواج :

الزوج والزواج في القرآن لا يستعملان إلا بعد تمام العقد والدخول واستقرار الحياة الزوجية .....لما في هذا المهنى من الاقتران حيب الأصل اللغوي (الزوج :الفرد الذي له قرين )

(فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها
(كذلك وزوجناهم بحور عين)

أما النكاح فهو الرغبة في الزواج أو إرادة وقوعه أي قبل أن يتحقق ...لذا نجد أن الأفعال التي تؤدي هذا المعنى في القرآن جميعا دالة على المستقبل ما عدا فعلين وردا بصيغة الماضي ويمكن توجيههما دون اعتساف في التأويل أو خروج على قواعد اللغة والعرف الاجتماعي ...

ومن النصوص :


( وانكحو الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم )
(فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع )
(إني أريد ان أنكحك إحدى ابنتي هاتين )

أما الماضي (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف ..) فنكح هنا أتى بحسب الأصل اللغوي للمادة وهو (الوطء) – أي المعنى الحسي المباشر –لتذكير الأبناء بفعل الآباء وما يرتبط به من ظلال ودلالات وذلك لبث الكراهية في نفوس الأبناء لهذا الأمر خصوصا ....لذا نجد سياق الآية يعاضد بعضه بعضا لإظهار الصورة المنفرة (إنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا )...... ثم إنه مذلك بانفصام عرى الزواج بموت أو طلاق لا يعبر عنه بالزواج لأن حالة الزواج أي الاقتران لم تعد قائمة . . . .فتأمل هذه الدقائق القرآنية العجيبة
.

الغيث والمطر :

في اللسان الغيث : الماء المنسكب من السحاب . والجمع أمطار
وفي القاموس الغيث : المطر والكلأ ينبت بماء السماء

وإذ نستعرض المادتين في القرآن نجد أن الماء النازل من السماء يسمى باسمه ( ماء) أحيانا ويسمى باسم الغيث أحيانا أخرى . . . .( وغوث وغيث تأتيان في القرآن بمعان متقاربة والغوث المساعدة والغيث الماء الذي يغيث الناس ..

(إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ..
( وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا )

فلفظ الغيث هنا يحمل معاني الخير والعون ، لذا يأتي في مواضع إظهار النعمة والمن بها على العباد .

أما المطر فقد ورد – أسماء وأفعالا –في خمسة عشر موضعا ، أربعة عشر منها في مواطن العذاب والعقاب صراحة : (وأمطرنا عليهم مطرا فساء مطر المنذرين )
(ولقد أتوا على القرية التي أمطرت مطر السوء ) ..

أما الموضع الخامس عشر فهو ( ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم ) . . . ولا يخفى أن الموضع هنا موضع أذى لا موضع غوث . . واقتران المطر بالمرض يزيد الصورة وضوحا ...

قال ابن عيينة : ماسمى الله مطرا في القرآن إلا عذابا ..


الجوع والسغب والمخمصة :

ورد الجوع في خمس مواضع :
(إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى )
(وانبلونكم بشيء من الخوف والجوع ...)
(لا يسمن ولا يغني من جوع )
(فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع )
وأنت ترى في هذه المواضع جميعا أن الجوع وارد في سياق العذاب واقترانه بالخوف ونقص الأنفس والثمرا يؤكد كونه عذابا ..حتى في حال الامتنان على قريش بأن أطعمهم من جوع . فالمعنى نفسه قائم لأنه تعالى يمتن عليهم أن أمنهم العذاب (الجوع والخوف )

أما السغب فقد ورد في قوله تعالى ( أو إطعام في يوم ذي مسغبة ) وهو هنا لا من عذاب بل من فقر ...

والمخمصة وردت في موضعين
(فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم )
(ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله )

والمخمصة ليست من عذاب أو فقر ويتم بل هي حالة عارضة تكون اضطرا ..

الجسد والجسم :

الجسم ورد في موضعين
(إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم)
(وإذا رأيته تعجبك أجسامهم ...) واستعمال الجسم لما فيه روح ....

أما الجسد فيستعمل لما ليس له روح أو حياة
(واتخذ قوم موسى من بعده من حليخم عجلا جسدا )
(وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب )
( وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام وما كانوا خالدين )


الكتاب والسفر :

يطلق لفظ الكتاب في القرآن الكريم على معان متعددة حسب السياق فالكتاب :القرآن والتوراة والإنجيل والزبور ، والكتاب الرسالة (اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم ) والكتاب : كتاب الأعمال يوم القيامة .......

أما لفظ (السفر) بمعنى الكتاب فقد ورد مجموعا ( أسفار ) في موضع واحد (مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا )
ولا تجد لفظا آخر في اللغة يقوم مقام هذا اللفظ في موضعه ، إذ إن اللفظ مشتق من (السّـَفر ) بفتح السين وسكون الفاء . وهو الكشف والوضوح ، واللفظ وارد في سياق تشبيه اليهود في حملهم للتوراة الواضحة البينة ثم في عدم استفادتهم منها بالحمار الذي يحمل أسفارا واضحة لا غموض فيها



يتــــــــــــــــــــــبع ...
[/align:ed33654a63]