مضى الشباب وجاء الشيب والكبر
مضى الشباب وجاء الشيب والكبر
لا يصلح الشيب إلاَّ الخوف والحذرُ


يامن أضاع الصبا في اللهو منشغلاً
قد هدَّك الغيّ ُ والتفريط والسهرُ


أفنيت عمرك يا هذا بلا خجل
فخانك السمع والتسويف والبطرُ


أتعبت نفسك في اللذات تطلبها
وغرك العيش والبنيان والحجرُ


مضت سنون عليك اليوم تندبها
من بعد أن حل فيك الضعف والخورُ


كم مرةٍ بَطشْتَ كفاك معصية
وأنت تعرُض لا عيب ولا حذرُ


كم قد عصيت مقيما ً دونما
وكم عصيت وقد ألقى بك السفرُ


كم قد بنيت بيوتا ً لست تسكنها
وكم زرعت وكم أزرى بك القدرُ


وكم جمعت طعاما ً لست تأكله
كم غرّك المال والبستان والشجرُ


يا جامع المال من حل ٍ ومن حرم
عما قريب يعادي جفنك السهرُ


والوارثون غدا ً بعد الممات لهم
من مالك العيش والإسراف والبطرُ


سينعون به يوما ً وأنت به
ملقى الى الله تؤوي روحك الحفرُ


كن كيّسا ً غير مغبون بنقلته
وانفق المال يا هذا إذا افتقروا


نغفوا ونلهو وعين الله ساهرة
والموت في خلجات القلب ينتظرُ


هل تأمن الدهر أن تبقى الى غده
أو تأمن الدهر أن يذري بنا قدرُ


أين اللذين قضوا أعمارهم عملاً
كم أنفقوا في سبيل الله كم سهروا


صاموا النهار وقاموا الليل ليس لهم
إلاّ رضا الله والغفران والنظرُ


ياعين جودي بدمع كله أسف
عمّا مضى فذنوب الليل تستترُ


يا تائبا يرتجي عفواً ومغفرة
خل الدموع على خديك تنهمرُ


وربَّ دمعة خوفٍ أورثت عملاً
فيه النجاة وفيه الفوز والظفرُ


وربَّ دمعة خوفٍ خالص ٍ فتحت
للعبد باباً الى الجنات فينتظرُ


واخش الاله وخف ناراً إذا سَعِرت
وقودها الناس شر الناس والحَجَرُ


من نال عفواً من الرحمن كان له
يوم القيامة حور العين والحُجُرُ


في جنة الخلد لا لغو ولا نصب
ولا عناء ولا همّ ٌ ولا ضجرُ


الله يقسم بين الخلق رحمته
وكلهم لمزيد العفو مفتقرُ


يارب فاغفر لعبد جاء تخجله
عظائم الذنب والتقصير والحذرُ



************