منذ أيام وأنا أتابع ما تكتبه بعض الأديبات من صديقاتي ردا علي الاديب أحمد خيري ، وبعد أن قرأت له قصصة الأخيرة التي يتم تداولها عبر النت ، وردوده في المداخلات التليفزيونية وتعليقاته أنني أحترمه علي المستوي الأدبي ولكن أختلف معه في فكرة الذي يعيد إلينا " عدو المرأة " .... وسوف أنقل لكم رد
نقل
" بعد أن قامت مجموعة من قادات التنوير والأديبات بتفنيد قصص ومقالات أحمد خيري .. شاط غيظا وعادته عمل مداخلة طويلة مع إحدي القنوات الثقافية ونشر رد علي بعض المواقع يتهمن بأننا جنس ثالث ..
منقول "
أيتهن الجنس الثالث .. إبتعدن عنأحمدخيري
لا أعلم لماذا هذه الهجمة من بعض النسوة علي قصصي تحت زعم أنهنأديبات .. وأنني أشوه ما أكتسبته المرأة في الماضي القريب من حريات .. وأنا أقوللهن بأن المجتمع حدث له أنفلات قيمي بسبب أهداف المرأة التي أنحصرت في شيئين .. شريحة منهن أصبح المثل الأعلي لهن لابسات النظارات السميكة والتي يقضينا أغلبيةوقتهن في ندواتهن والصراع من أجل الحصول علي رسالات الماجيستير والدكتوراه تاركينأطفالهن وأزواجهن يرتعن في الشوارع بحثا عن وجبة غذائية وأفكار مغلوطة .. أما الفئةالثانية فإن الراقصات وممثلات الإغراء أصبحن المثل الأعلي لهن وبالتالي أصبحنا نريالأجسام العارية والسخسخات المرتفعة وشرب الشيشة في الشوارع ، والمناداة بضرورة أنيحمل الرجل مثلهم ، وهؤلاء أزدحمت بهن النوادي والحانات وتركن أولادهم يشربون قيمهممن الخادمات .. ولكن للإنصاف هناك فئة منهن يعلمن بأن الرجل والمرأة كل خلقلمسئولية ومهام محددة ولا تضارب أو مشاكل بينهم ... ويسعين إلي الدراسة والثقافةبغرض نقله إلي بيوتهن وتخريج أجيال للمستقبل
واليوم أقول له سوف ننشر قصصك لنوضح للناس بأنك لست كما يسميك البعض يوسف ادريس ولكن مصاص دماء الستات ومن تريد لهم الردة والخنوع داخل المغارات وخلف الستائر وغلا تنولوا من لسانك وقلمك الكثير من لاإهانات .ز نحن نرحب بأي كاتبة تنضم إلينا لمواجهة هذه لاهجمة الشرسة التي يتبناها هذا المغرور بفكره ..
انتحار متحررة
في تلك الليلة بالذات شعرت فاتن بأنفاس باردة .. خانقة .. حارقة .. متجمدة تشيع في أركان غرفة نومها ، ينفسها شخص ضخم تتسلل إلي شقتها ويكاد يطبق عليها .
أخذت تتقلب بجسدها الممشوق المحتفظ بليونته في تحدي لأعوامها الستين داخل الفراش ، وعيناها تجوسان في أركان الحجرة ؛ لعلهما يتعلقان بشيء يؤنس وحدتها في تلك الليلة ، لم تجد غير صور صامتة ... متجمدة بلا حياة داخل ألبوم بجوارها .. وقميص نوم بارد فقد دفئه ملقي بإهمال علي إحدى الأرائك ..
جلست القرفصاء .. دفنت رأسها بين كفيها المتشابكين حول ساقيها المنحوتتين ، ضغطت عليها بشدة ..
جسدها كان يغلي من الوحدة .. يصرخ .. يزأر .. بكت بحرقة في تلك الليلة بالذات لأنها ليلة عيد ميلادها الستين .. تتناسي لأول مرة فيها السهر والرقص حتى الصباح مثل أعوامها الخوالي .
لأن أعياد ميلادها السابقة لم تكن تشغل بالها بالترتيبات ، فصويحباتها كن يتكفلن بذلك ، ولكن هذا العام تمكنت الشيخوخة من نفوسهم وأخذت الوحدة منهن ..
كانت الدموع تتساقط كالسيل من عينيها في مجري متعرج صنعه الزمن علي وجهها في شكل تجاعيد وترهلات ، ويتوقف مجري السيل عند صدر ذبل من فترة .. أخذ يدق كطبول الحرب .. تنهدت بصوت مرتفع يتحدي السنيين السابقة ، التي تسربت من بين خصلات شعرها المجدول ، مصطحبه معها اللون الأسود الكاحل .
انتفضت من فوق فراشها، حتى تتخلص من هذا الشعور المدمر .. مضت لحجرة الضيوف .. استلقت فوق السجادة كعادتها في ليالي أغسطس الخانقة ..
نظرت إلي ألبوم الصور الملقي في إهمال ، شعرت بحنين بأن تراه .. فتحته ومع أول صفحة أكلت الحسرة قلبها .. أول صورة تتذكرها جيدا .. كانت في التاسعة عشر من عمرها .. جسدها البض وقسماتها الساحرة .. ومرآتها التي كانت لا تفارقها أبدا .. ووالدها الذي كانت كل كلماته تعني لها نواهي وقيود تحد من حريتها في الحركة .. كانت من داخلها تريد أن تتحرر من ذلك .. ولكن كيف ؟ هذا ما قضت حياتها تبحث عليه .
ابتسمت فاتن عندما تذكرت صديقاتها في الفصل ، وهن يتحدثن عن علاقتهن الغرامية أمامها، أما هي فكانت تجلس منزوية لا تستطيع مشاركتهن ، لأن فارسها في خيالها ، أما واقعها فتراه خوف وتحذير ..
قلبت في الألبوم حتى وصلت للصورة التي تجمعها مع أخيها بنظراته العميقة ، وطوله الفارع ، ووجهه الشاحب باستمرار .. ضحكت في هستريا بصوت عالي ، حتى تحولت ضحكاتها لبكاء .. تخيلت ابن الجيران المدلل ، الذي كان يسكن أمامهم منذ فترة طويلة .
في الحقيقة لم يكن يثير فيها المشاعر أو الإعجاب .. علي العكس كانت تري به الشاب المتطفل .. ورغم ذلك قررت في إحدى الأيام أن تتخلص من الكبت الذي يمارسه عليها والدها .. وتعيش مع ذلك المتطفل حريتها مثلها مثل صديقاتها ، ولكن يا فرحة ما تمت فوسط نشوتها بتكسير سلاسلها ، وقع ما كانت تخشاه ولمحها أخوها عند المدرسة ، وهي تقفز مثل الفراشة داخل السيارة .. بعدها ظلت حبيسة البيت فترة من الزمن .
وقفت فاتن فوق السجادة وتحركت والألبوم في يديها ، تتخيل كل تلك الذكريات أمامها كأنه شريط سينما متصل .. تارة تضحك .. وأخري تصرخ وتبكي .
عند رؤيتها لصور والدها .. أقشعر جسدها وأنتفض .. تذكرت عندما تعرض لأزمة قلبية ومات ، لم تشعر عليه بالحزن أو الضيق .. كل همها الاستمتاع بتخلصها أخيرا من قيود والدها .. المنزل كله سواد ونحيب ووجوم .. وهي في حجرتها مرتبكة متضاربة المشاعر .. الآن فقط بكت فاتن وهي تتمنى عودة والدها....
فجأة داهمتها موجة من الضحك عندما وقعت عيناها علي صورها وهي في فستان الفرح ... لم تجد أمامها إلا التفكر في الزواج ؛ حتى يمكنها الهروب من المنزل ، ليس زواج وأسرة بالمعني المعروف .. ولكنه زواج هروب وطلب الطلاق بعد ذلك .. لذلك رفضت عرسان كثيرة حتى جاءها هذا العريس .. الذي يقف بجوارها في الصورة ، قصير القامة ممصوص مثل عود البوص .. عيناه جاحظتان .. ولكن ما باليد حيلة فبعد موت والدها لم تهنأ كثيرا و يتحقق لها المراد من الحرية ، لأن أخاها أصبح رجل المنزل ، وكانت تشعر بأن قسوته أعظم من والدها .. فكرت كثيرا في حل تهرب به .
نظرت فاتن للصورة المجاورة لصورة فرحها .. وتذكرت الحفلة التي أقامتها بمناسبة إعلان طلاقها .. حاول أخوها بعد ذلك إعادتها للمعيشة معه .. ولكن كان عشم إبليس في الجنة .. طردته .. فما كان منه إلا أن يتبرأ منها ويمنعها زيارة أمها.. حتى عندما توفيت لم تراها .. أو تحضر توديعها .
ألقت بالألبوم من يدها .. فذكريات صورة قاسية جعلت جسدها يرتعش .. عادت مرة أخري إلي حجرة نومها ، وسط توابيت الصور التي تزين بها حوائط شقتها ، صورة كبيرة وحولها عدد من الصور الصغيرة .. هي تتذكر مناسبة الكبيرة ولكن الأخريات لا تعلم في أي الحفلات تم التقاطهم .. الكبيرة كانت في تكريم أقامته لها صديقاتها بمناسبة مجهودها في العمل النسائي وضرورة حصول كل النساء علي حريتهن مثلها.. يومها كان شعورها بالانتصار لا حدود له .. كانت تتمنى بأن تري انتصارها في عيني أخوها ..
حتى هذه الليلة التي تمنت فيها شخص يطفئ نارها .. يدفئ قميص نومها .. ارتدت ملابسها .. خرجت إلي الشارع لا تعرف إلي أين تذهب .. قررت بأن تذهب إلي أخيها لتكمل بقية حياتها معه .. ولكن
في اليوم التالي كانت صورها تملأ الجرائد .. انتحرت