عدد الأجزاء: 3
الناشر: الشركة العالمية للكتاب
تاريخ النشر: 01/01/1995
الطبعة: 2
عدد الصفحات: 696

عدد المجلدات: 2
الشركة العالمية للكتاب
تاريخ النشر: 01/01/1995
عدد الصفحات: 694
يحدثنا طه حسين عن نفسه بضمير الغائب قائلا:
"كان سابع ثلاثة عشر من أبناء أبيه، وخامس أحد عشر من أشقته، وكان يشعر بأن له بين هذا العدد الضخم من الشباب والأطفال مكاناً خاصاً يمتاز من مكان إخوته وأخواته.
أكان هذا المكان يرضيه؟ أكان يؤذيه؟ الحق أنه لا يتبين ذلك إلا في غموض وإبهام، والحق أنه لا يستطيع الآن أن يحكم في ذلك حكماً صادقاً.
كان يحس من أمه رحمة ورأفة، وكان يجد من أبيه ليناً ورفقاً، وكان يشعر من إخوته بشيء من الاحتياط في تحدثهم إليه ومعاملتهم له، ولكنه كان يجد إلى جانب هذه الرحمة والرأفة من جانب أمه شيئاً من الإهمال أحياناً، ومن الغلظة أحياناً أخرى، وكان يجد إلى جانب هذا اللين والرفق من أبيه شيئاً من الإهمال أيضاً والإزورار، من وقت إلى وقت.
وكان احتياط إخوته وأخواته يؤذيه، لأنه كان يجد فيه شيئاً من الإشفاق مشوباً بشيء من الازدراء، على أنه لم يلبث أن تبين سبب هذا كله، فقد أحس أن لغيره من الناس عليه فضلاً، وأن إخوته وأخواته يستطيعون ما لا يستطيع، وينهضون من الأمر لما لا ينهض له، وأحس أن أمه تأذن لإخوته وأخواته في أشياء تحظرها عليه، وكان ذلك يحفظه، ولكن لم تلبث هذه الحفيظة أن استحالت إلى حزن صامت عميق، وذلك أنه سمع إخوته يصفون ما لا علم له به، فعلم أنهم يرون ما لا يرى".
يروي طه حسين من خلال كتابه "الأيام" قصة ولد، شاءت الظروف أن يصير ضريراً، وتحتد به الأيام ليواجه تحديات هذه العاهة، فيتعلم ويتعلم ليصبح الدكتور طه حسين.
حياكم الله

د. أبو شامة المغربي

kalimates@maktoob.com