نقد المعتزلة للفلسفة اليونانية
- في تعريف الإنسان:
لقد أعرض المعتزلة جميعا عن تعريف أرسطو للإنسان أنه حيوان ناطق, وقبل الإشارة إلى مفهوم الإنسان لدى المعتزلة, لابد من ذكر أسباب إعراضهم _المعتزلة_ عن التعريف الأرسطي.
يرجع السبب الأول إلى ما أشار إليه ابن تيمية تلميحا في نقده للمنطق الأرسطوطاليسي في مبحث الحد و هو صلة منطق أرسطو بميتافيزيقاه, ذلك أن أرسطو يشترط أن يكون التعريف بالجنس و الفصل, وما الجنس إلا المادة, كما أن الفصل هو الصورة, فنظرية أرسطو في الحد قائمة على نظريته في الهيولى و الصورة, والهيولى عند أرسطو قديمة, وكان المعتزلة بل و المتكلمون عامتا يرفضون الإشارة إلى القديم سوى الله, إذ الأزلية أو القدم صفة ذات ينفرد بها الله, ومن ثم كان نفورهم من شرط الجنس و الفصل في التعريف و إعراضهم جميعا عن تعريف أرسطو للإنسان.
أما السبب الثاني: أن تعريف أرسطو للإنسان إنما هو محصلة لتصوره للموجودات على الأرض: "عالم الجماد – عالم النبات – عالم الحيوان و أخيراً الإنسان", حيث يتميز الأحياء عن الجماد بالتغذي و النمو و التكاثر, ويتميز الحيوان عن النبات بالحس و الحركة, ثم يتميز الإنسان عن الحيوان بالعقل. إلا أن المعتزلة قد وجدوا إشارة القرآن الكريم إلى الموجودات أخرى في الكون أو بالأحرى في عالم الغيب (كالملائكة و الجن و الشياطين), و لما كانت هذه الموجودات بدورها عاقلة, فقد جاءت الصفة المميزة للإنسان عنها, في كون أن الإنسان مرئي بينما هذه الكائنات خفية, في ضوء ذلك تفسير تعريفات كثير منهم و أولهم أبو الهذيل العلاف إذ يقول: الإنسان هو الشخص الظاهر المرئي الذي له يدان و رجلان(1). في حين ذهب أبو بكر الأصم إلى معنى قريب حين ذهب إلى أنه الذي يُرى, و نفى أن يعرف الإنسان بما ليس محسوسا أو مدركا حتى لا يختلط الأمر في التعريف بموجودات غير مرئية, أما أبو علي الجبائي فقد اشترط ألا يُحد الإنسان إلا بما هو عليه و ما به يتميز عن غيره, ومن ثم رفض التعريف بأنه حي مائت ناطق(2).
و أشار الجبائي إلى أن هذه الصفات لا يبين بها الإنسان عن غيره, مما يدل دلالة واضحة على أنه يعني مخلوقات غير مرئية كالملائكة و الجن, أما ما تقع به الإبانة فهو الصورة و البنية, ومن ثم فإن اسم الإنسان إنما يقع على هذه الجملة المكونة من الصورة و البنية.
هنا يمكن طرح إشكالية أساسية هل ميز المعتزلة في تعريفهم للإنسان بين عالم مرئي و عالم خفي و تجاهلوا ما يميز الإنسان عن كائنات العالم المرئي؟
لقد توالت التعريفات لتؤكد أهم صفة للإنسان من منظور القرآن "إنا عرضنا الأمانة على السماوات و الأرض و الجبال فأبين أن يحملنها و أشفقن منها و حملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا". وفقا للآية 72 من سورة الأحزاب, والتي تحدد أهم خاصية للإنسان عن سائر موجودات السموات و الأرض أنه حامل الأمانة أو التكاليف التي أبت الكائنات حملها, ومن ثم كانت أهم صفة للإنسان أنه إليه توجه الأمر و النهي ليجازى على ذلك ثواباً أو عقاباً.
في إطار التعريف القرآني للإنسان تترتب خصائصه كما حددها المعتزلة: إذ اقتصى قبوله للأمانة و ما يترتب عليها من ثواب أو عقاب أن يكون حراً في اختياره بين النجدين: طريق الخير و طريق الشر.
فإذا كان العقل هو أهم صفة جوهرية للإنسان لدى أرسطو, فغنها لدى المعتزلة "حمل الأمانة" و ما يترتب عليها من ثواب أو عقاب.
في ضوء ذلك تفهم عبارات تبدو متناثرة غير ذات معنى في التعريف المعتزلي, و يفهم ما أشار إليه الأشعري في تعريف العلاف أنه كان يخرج الشعر و الأظافر من جملة الأشياء التي تدخل تحت مسمى الإنسان بإعتبارها أشياء لا تلذ و لا تألم(3).
و وضح القاضي عبد الجبار الأمر حين جعل المناط هو الحياة, فما حلت به الحياة دخل في جملة الحي, الإدراك هو الدليل على الحياة, إدراك الحرارة و البرودة و الألم, فمادام الشعر و الأظافر لا تدرك, فإنها ليست من جملة ما يطلق عليه لفظ الإنسان(4).
و لكن ألا يدل النمو في الشعر و الأظافر على وجود الحياة؟ يرد أبو هاشم الجبائي أنه يدل على وجود الحياة , ولكنه لا يدل على وجود الإدراك فالزرع ينمو و لكنه لا يدرك, فوجود النماء لحكم يرجع إلى الحياة لا إلى الإدراك. كذلك لا يعد من جملة الإنسان ما يحصل في البدن من الأمور المنفصلة كالعرق و البصاق, و كذلك الرطوبة و الحرارة و إن كان البدن لا يقوم إلا بها(5).
اجتمع لنا في تعريفات المعتزلة للإنسان شقان:
الأول: به تميز عن الموجودات غير المرئية من الملائكة و الجن و الشياطين, بأنه الهيئة, هو هذه الجملة المشاهدة, هذه البنية المخصوصة, ما تقع به الإبانة من صورة و هيئة.
الثاني: ما فارق به سائر الحيوان حين توجه إليه التكليف, أو بالأحرى الأمر و النهي يلقى عليهما الجزاء من ثواب أو عقاب, بهما ينعم و يشقى أو يلذ و يألم(6).
و تتجلى المفارقة التامة بين وجهة المعتزلة ووجهة أرسطو في الأساس الميتافيزيقي لدى كل منهما, أنه لدى أرسطو نظرية الهيولى و الصورة حيث الإنسان جزء من الطبيعة تسري عليه ما يسري على سائر ظواهرها, ولكن المعتزلة بعد أن رفضوا نظرية الهيولى و الصورة و تبنى معظمهم في تفسير الطبيعة نظرية الجزء الذي لا يتجزأ, فالإنسان في الحقيقة شيء وراء هذه البنية الظاهرة و الهيكل المحسوس, فما ذاك إلا آلة له, إنه لدى معمر السلمي جزء لا يتجزأ مدبر للإنسان على الحقيقة, يحرك البدن بإرادته يجوز عليه العلم و القدرة و الاختيار, إنه في الجسد مدبر وفي الجنة منعم أو في النار معذب(7) ووافقه على ذلك كل من علي الأسواري و هشام الفوطي.
و أما الذين رفضوا نظرية الجزء من المعتزلة و على رأسهم النظام, فقد ذهب إلى أن الغنسان في الحقيقة هو الروح, وما البدن إلا آلتها و قالبها تسري فيه و تتداخل تداخل المائية في الورد أو الزيت في السمسم وفقاً لنظريته في الكمون(8).
و يتفق الفريقان _من قال بنظرية الجزء و من قال بنظرية الكمون_ في رفضهم لنظرية الهيولى و الصورة في تفسير الظواهر الطبيعية وما تستند إليه من ميتافيزيقا قائمة على فكرة قدم المادة و أزلية العالم.
و من هنا يمكن القول أن ما كان يهم أرسطو التفرقة بين الإنسان و الحيوان, فقد كان يهم المعتزلة تمييز الإنسان عن موجودات أخرى تعقل, وبينما اعتبر أرسطو العقل أهم مقوم للإنسان فقد اعتبر المعتزلة أن أهم مقوم له به تميز عن موجودات في السموات و الأرض هو حمل الأمانة و ما أعقب ذلك من توجه الأمر و النهي و الذم و المدح و ما اقتضاه ذلك من حرية ومن تمكين بالقدرة و الاستطاعة ومن تمييز بالعقل, ثم ما ترتب على ذلك في الآخرة من ثواب أو عقاب. وبينما الموجودات عند أرسطو التي فصل عنها الإنسان مقصورة على العالم المرئي الأرضي, فإن الكائنات التي تميز عنها الإنسان عند المعتزلة شاملة لعالمي الغيب و الشهادة.
نقد المعتزلة للفلسفة اليونانية
- نقد النظام لأرسطو:
جاء في كتاب القاضي عبد الجبار "طبقات المعتزلة" أن جعفر بن يحيى البرمكي ذكر أرسطو فقال له النظام: قد نقضت عليه كتابه, فقال جعفر: كيف و أنت لا تحسن أن تقرأن؟ فقال: أيما أحب إليك, أن أقرأه من أوله إلى آخره, أم من آخره إلى أوله؟ ثم اندفع يذكر شيئا فشيئا و ينقض عليه فتعجب منه جعفر البرمكي.
ولا تمدنا المصادر للأسف الشديد بشيء من نقد النظام لأرسطو, غير أن اللغويين و المناطقة العرب قد أشاروا عرضاً إلى رأي النظام بصدد موضوع معيار الصدق في القضية, ومعلوم أن تعريف أرسطو للقضية بأنها قول يحتمل الصدق أو الكذب لذاته بصرف النظر عن قائله, أي لابد من تطابق القول للواقع في حالة الصدق وأن توجد قرينة تدل على التطابق و إلا اعتبر القول كاذباً(9).
إلا أن بعض اللغويين و المناطقة أشار إلى رأي مخالف للنظام بصدد معيار الصدق, و أن صدق الخبر في مطابقته لاعتقاد المخبر سواء طابق الواقع أم لم يطابقه, وكذب الخبر في عدم مطابقته لاعتقاد المخبر سواء لم يطابق الواقع أم طابقه, وقد سفه الدسوقي نقلا عن المناطقة العرب هذا القول لما يلزم عنه من تصديق اليهودي إذ قال: الإسلام دين باطل و تكذيبه أن قال: الإسلام حق, و إجماع المسلمين ينادي على ذلك بالبطلان و الفساد(10).
لكن الجاحظ كان قد شرح رأي أستاذه, فأشار إلى نوعين من الصدق:
- صدق في مطابقة الخبر لاعتقاد المخبر.
- صدق في مطابقة الخبر للواقع.
كما أن هناك نوعين من الكذب:
- كذب إذا لم يطابق الخبر اعتقاد المخبر.
- و كذب إذا لم يطابق الخبر الواقع.
و من هذا المنطلق فالنظام محق فيما ذهب إليه, ولم يتنبه نقاده إلى أنه استند في هذا المعيار إلى القرآن الكريم و إلى الآية الأولى من سورة المنافقون "إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله و الله يعلم إنك لرسوله, والله يشهد إن المنافقين لكاذبون".
من هنا فالآية تشير إلى أنه (إذا قال المنافق محمد رسول الله فهو كاذب) وما ذلك إلا لأن قوله لا يطابق معتقده.
إن مطابقة القول لمعتقد القائل معيار قد أغفله أرسطو و غفل عنه من شايعه من المناطقة العرب, فإذا قلت: ذهب بطليموس الفلكي إلى أن الكواكب تدور حول الأرض فهي قضية صادقة و إن كانت لا تطابق الواقع, وإذا قلت كان الأقدمون من اليونان و العرب يرون أن كلا من الهواء و التراب و الماء و النار عناصر فهي بدورها صادقة, و الخلاصة أن إغفال معيار مطابقة القول لمعتقد القائل إنما يعني هدم تاريخ العلم حيث انهارت كثير من القضايا و النظريات بما في ذلك أقوال أرسطو نفسه في تفسير الظواهر الطبيعية و الآثار العلوية, ومع ذلك فإن ذكرها في إطار تاريخ العلم أو الفلسفة يجعلها صادقة مع أنها من حيث دلالة مضمونها كاذبة, وقد تنبه المناطقة المحدثون إلى المعنى الذي أشار إليه النظام فأضافوا إلى معيار التطابق بين الكلام و الواقع شرطاً عملياً في ضرورة التطابق بين قول القائل و معتقده إنقاذا لتاريخ العلم, فأصبح هناك نوعان من التطابق: تطابق يتعلق بصدق المضمون في ذاته, وآخر يتصل بصدق القائل مع ذاته فيما يقول, مثلما قال الجاحظ, يتعلق الأول بصدق القضية و يتصل الثاني بصدق القائل, وقد كان النظـام أول من استخلص المعنى الثاني من الآية (سورة المنافقون)(11).
نقد المعتزلة للفلسفة اليونانية
- في دقيق الكلام :
يمكن إعتبار المتكلمون عامة و المعتزلة خاصة في عدم خوضهم في المسائل الطبيعية كما الفلاسفة أو العلماء من تفسير الكون أو ظواهره, وإنما يهدفون إلى بيان القدرة الإلهية في أهم مقدور لها و هو العالم, فلم يكن نظر المعتزلة إلى العالم من أجل تفسيره في ذاته من أجل فهمه بوصفه مخلوقاً لله.
من خلال هذا المنطلق لقد أشار ابن خلدون في مقدمته حين ميز بين المتكلم و الفيلسوف, ينظر المتكلم إلى الجسم من حيث دلالته على الفاعل, بينما ينظر الفيلسوف إلى الوجود المطلق وما يقتضيه لذاته(12).
واجه المعتزلة بعد ترجمة الفلسفة اليونانية نظريات فلسفية تفسر الكون, ولكنها لا تتسق بل تتعارض مع التصور الإسلامي لله و صلته بالكون, و يمكن إجمالها على الشكل التالي:
- نظرية ما قبل سقراط و كلها تقول بقدم المادة ولا تجعل للألوهية مكاناً في الإيجاد.
- نظرية أفلاطون في المثُل وهو إن أثبت الصانع و أشار إلى عنايته, فإن المثُل لديه قديمة ولا تتصل بمثال الخير بصلة خلق أو نشأة.
- نظرية أرسطو حيث القول بقدم الهيولى و حيث المحرك الأول مجرد محرك للمادة القديمة, ولا مجال في علاقته بالعالم لتعقل أو معرفة.
- نظرية أفلوطين, التي تجعل الصدور عن الواحد بالطبع, وليس الإله إلا مجرد نقطة بدء في الوجود(13).
لقد أراد المعتزلة صياغة نظريات في الطبيعة وفق فكرة الخلق الإسلامية الدالة على قدرة و الحكمة فضلا عن الإيجاد من العدم و انفراد الله بالأزلية. وقد ترتب على اختلاف المقاصد تباين المفاهيم حتى و إن تشابهت الألفاظ, فالجوهر عند الفلاسفة هو ما يتقوم بذاته, لا يروق هذا المعنى للمتكلمين لأنه لا شيء لدى المتكلمين قائم بذاته سوى الله, إذ الموجودات جميعاً قائمة بالله, و إنما الجوهر هو جزء الجسم أو أقصى ما ينتهي إليه الجسم من التجزؤ, و بينما العرض عند الفلاسفة يقابل الجوهر و يحمل عليه, فإن العرض عند المتكلمين يستمد مفهومه من المعنى القرآني: "هذا عارض ممطرناً" (سورة الأحقاف, الآية:24) "تريدون عرض الدنيا" (سورة الأنفال, الآية:27) بما يفيد ما هو سريع الزوال, ومن ثم خاض المتكلمون فيما لم يخطر ببال الفلاسفة من عدم إمكان بقاء الأعراض و فناء الأعراض.
هكذا يمكن القول أن ما كان يهم المتكلمين تأكيد القدرة الإلهية في الكون, وارتأى أبو الهذيل و من شايعه أن ذلك يتبين بتأليف الجواهر و تفريقها و تأكيد حدوثها, أما علاقة الأعراض بالأجسام ظاهرية برانية, و إذا كانت الأعراض عارضة و الجوهر منفصلة و الآنات مستقلة فإن الأمر كله في الاجتماع و الافتراق و البقاء و الزوال عارض ليبقى شيء واحد هو إرادة الله.
لا مجال إذن لمجرد شبه ظاهري أن نلهث إلى ديموقريطس أو أبيقور أو غيرهما لالتماس مصدر يوناني, كيف و قد تلاشت تماماً تصورات الأزلية و الآلية و المصادفة لتحل أفكار الحدوث و القدرة الإلهية, ولا يهم العلاف و لا غيره من القائلين بالجزء الحديث عن الخلاء تسبح فيه الذرات, وإنما اضطر ديموقريطس و غيره إلى القول بالخلاء من أجل التقاء الذرات بعد أن غدا تكوين الأجسام اللازم عن الالتقاء يستند إلى المصادفة(14).
من هذا المنطلق جاءت نظرية الجزء تعبيراً عن صياغة إسلامية لفكر الخلق, إلا أن هناك ملاحظتان يجب الإشارة إليهما:
الأولى: إن المتكلمين في أوج ازدهار الحضارة الإسلامية ملتزمين بمقومات حضارتهم حتى و إن التمسوا عناصر من حضارة أخرى فإنهم يجرون عليها تعديلاً جذرياً حتى لا تكاد تماثل مصدرها الأول في شيء, على خلاف فلاسفة الإسلام ممن أخذ بنظرية الفيض في غير اعتبار لمدى ملاءمتها للروح الإسلامية فأضاعت على حد تعبير ابن رشد هيبة الفلاسفة.
الثانية: تمكن القائلون بنظرية الجزء من توظيف النظرية لحل إشكالية إعادة المعدوم لعين ما كان, إذ ما دام الموت ليس إعداماً و إنما هو انحلال الأجزاء, وما البعث إلا إعادة الذرات فما هو إلا إعادة لعين ما كان, وكان الغزالي قد أخفق في الرد على ابن سينا فجعله بعثاً لمثل ما كان بدعوى أن الإنسان في الحقيقة إنما هو بالنفس فلا يهم في أي جسم كان أو يكون, مع أن ذلك يتعارض مع تصور العدالة المطلقة في مفهوم الحساب من جهة كما لا يتسق مع قوله تعالى: " بلى قادرين على أن نسوي بنانه" (سورة القيامة, الآية:4) من جهة أخرى(15).
إلا أن ذلك لا يعني أن نظرية الجزء كانت الصورة الوحيدة المعبرة عن الخلق وفقاً للتصور الإسلامي, وإنما لم ترق في نظر تلميذ العلاف و أعني به النظام, إذ وجد فيها طابعاً آليا ميكانيكياً من الاجتماع و الافتراق, ولم يكن العالم أجزاء متفرقة جمعها الله, ولا ما أجزاء مجتمعة فرقها الله, ز يقول ابن حزم منتقداً و معبراً عن رأي الناقدين للنظرية: لقد أوهم العالم أم الله خلق الكون من أجزاء خلقها متفرقة. وقدم النظام في المقابل ذلك نظرياته في الكمون و الخلق المستمر لأن القدرة على قهر المتضادات على الاجتماع أدل من القدرة على جمع الأجزاء.
الإحالة المرجعية:
(1). ...وحَمَلَها الإنسان...مقالات فلسفية, تأليف دكتور أحمد محمود صبحي, صفحة 35.
(2). الأشعري, مقالات الإسلاميين, صفحة 3.
(3). ...وحَمَلَها الإنسان...مقالات فلسفية, تأليف دكتور أحمد محمود صبحي, صفحة 36.
(4). القاضي عبد الجبار: المفتي ج1 صفحة 335.
(5). نفس المرجع, صفحة 365.
(6). نفس المرجع, صفحة 331.
(7). الخياط: الانتصار, صفحة 54. وابن حزم: ج4 صفحة148.
(8). ...وحَمَلَها الإنسان...مقالات فلسفية, تأليف دكتور أحمد محمود صبحي, صفحة 38.
(9). ...وحَمَلَها الإنسان...مقالات فلسفية, تأليف دكتور أحمد محمود صبحي, صفحة 40.
(10). الدسوقي (محمد) حاشية الدسوقي على المختصر في شرح التلخيص للتفتازاتي بهامش شروح التلخيص ص176 نقلاً عن نظرية الأفعال الكلامية بين الفلاسفة اللغة المعاصرين و البلاغيين العرب لطالب سيد هاشم الطبطبائي ص52 من مطبوعات_ جامعة الكويت.
(11). ...وحَمَلَها الإنسان...مقالات فلسفية, تأليف دكتور أحمد محمود صبحي, صفحة 42.
(12). ابن خلدون, المقدمة, صفحة 327.
(13). ...وحَمَلَها الإنسان...مقالات فلسفية, تأليف دكتور أحمد محمود صبحي, صفحة43.
(14). نفس المرجع السابق, صفحة 44.
(15). نفس المرجع السابق, صفحة 44.
(16). ...وحَمَلَها الإنسان...مقالات فلسفية, تأليف دكتور أحمد محمود صبحي, صفحة 45.
تقديم
علم الكلام حركة فلسفية تمثل جانبا هاما من جوانب الفكر الديني في الإسلام, فهو قد نشأ في حضن الإسلام, وفي طبيعة الإسلام, ونما و تطور في البيئة الإسلامية.
و تعد المعتزلة فرقة من الفرق الكلامية التي هبت للدفاع عن العقيدة الإلامية و البرهنة على صحتها, باستخدام العقل و التأويل دون النقل أحياناً.
لقد تأثر المتكلمون عامتا و المعتزلة خاصة بالفلسفة اليونانية و خاصة منه فلسفة أرسطوطاليس, إلا أن أنهم _المتكلمون و خصوصا المعتزلة_ وجهوا معاول النقد لفلسفة أرسطو في تعريفه للإنسان, لأنه شدد على العالم الحسي و أغفل عالم الغيب كالملائكة و الجن و الشياطين مثلا...
طعن المعتزلة في التعريف الذي قدمه أرسطو للإنسان في كونه بأنه حيوان ناطق, فقدم بذلك أبي الهذيل العلاف تعريف مفاده الإنسان هو الشخص الظاهر المرئي الذي له يدان و رجلان, و تجنب القول بأن شعر الإنسان و ظفره داخلان تحت مسمى الإنسان. عموما الإنسان عند العلاف هو ما ظهر و أمكن رؤيته.
ثم سنتطرق في هذا العرض إلى القضايا التي نقد فيها النظام الفكر الأرسطي من خلال مطابقة القول لمعتقد القائل الذي أغفله أرسطو بالإضافة إلى الجوهر و العرض.