تغيرت الدنيا في خمس سنين
ذكَّرني بذاك صوت أغنية كنت أحبها
و أحب مطربها
قبل خمس سنين
بسببه تشاجرت كثيراً مع زميلاتي
فبات اليوم هو معشوق الفتيات
و رُكِنتُ أنا وحيداً
في زاوية الإبعاد
تغيرت الدنيا في خمس سنين
محبوبة قلبي التي لم تكن ترتضي الجلوس
إلا بجانبي على مقعد الجامعة
و تقاسمني قطعة الحلوى ، و الشطيرة
و تخاصم لأجلي صديقاتها
غادرتني دونما عودة
و حين رأيتها مصادفة قبل عام
أشاحت بوجهها بعيداً ، و توارت لتدفعني عنها
فلما لحقت بها و ألقيت السلام
ردَّت عليَّ كمن يقول :
لا تقترب مني مرة أخرى
تغيرت الدنيا في خمس سنين
صديقاتها اللواتي كنت أكرههنَّ
و أغار عليها منهنَّ
و أمقتهنَّ أكثر من أي شيء في الوجود
باتت وجوههنَّ حبيبة إلي
لأنهن يذكرنني بماضٍِ سعيد
قد تبدد
تغيرت الدنيا في خمس سنين
مجالسي و الأصدقاء في ردهات الجامعة و حدائقها
تندُّرنا على أخطاء الدكاتر اللغوية و العلمية
ومناقشتي إياهم في المحاضرات
طرفنا التي كنا نعيشها كل يوم
رحل كل ذاك مع الريح
و بتُّ إذا نزلت الجامعة
أتأمل في الوجوه كلها
فلا أبصر وجهاً أعرفه
أو وجهاً يعرفني
لا شيء غير الخواء
و أوراق شجيرات الخريف المتناثرة
تذكرني بأن أيامنا هناك تطايرت مثلها
منذ وقت بعيد
تغيرت الدنيا في خمس سنين
جارنا الذي وعيت الدنيا
فوجدته يتخذ مقعده على باب حانوته
و يرفع صوت مذياعه صادحاً بأم كلثوم
فتطرب له أرجاء حينا الواسعة
و تتراقص أغصان الأشجار نشوة و فرحاً
دخل يوماً لينام في حانوته
و قد أثقلته الهموم
فلم يصحُ
و باع أبناؤه مذياعه الأثري
لأول المشترين
تغيرت الدنيا في خمس سنين
بعد مغامراتي الجامعية
و مناظراتي الأدبية اليومية
بتُّ أستاذاً بسيطاً
يجلس إلى منضدة وضيعة
ليعلم طلاباً بلداء
لا يدري كيف وصلوا نهاية المرحلة الابتدائية
مبادئ الكتابة و الكلام
فلا يتعلمون
و تملي عليَّ مشرفة صفيقة
وجهها لا يشبه غير علبة الصفيح
و عقلها لا يزن أكثر من قطمير
كيف أكون ، و كيف أفعل ، و كيف أقول
فأحني لها رأسي مرغماً
و بطرف عيني أبصر
نظرة انتصار خسيسة
و بسمة صفراء في شفتيها
فيقتلني الألم
و ما لي من مجير
تغيرت الدنيا في خمس سنين
رأسي المملوء بالأفكار
و قلبي الموَّار بالأحلام
تخبطا .... تجمَّدا ..... و كُبِّلا
كبلتهما نظرات الحاسدين
أفعال الحاقدين
رزايا المفترين
و لبثت وحدي مسنداً ظهري للجدار العتيق
أتأمل في سكون
كم تغيرت الدنيا في خمس سنين
__________________