صرخة الاول من حزيران


السكون سيد المدينة , العيون غافية والعقول غارقة بأحلام القزح, هدوء يرافقه زقزقة عصافير محلقة بالقرب من سطوح المنازل, سماء زرقتها ممزوجة ببياض رمادي .

انه صباح الواحد من حزيران (1986) , امي تئن وتتألم لكنها تكتم وجعها وتخرس اهاتها لكي لا توقظ الاخرين . اقتربت الساعة السادسة و السادسة والنصف الى السابعة الا دقائق وامي تسكن المها بعظ كفيها واصابعها وانا اضاعف المها، أتلاطم كموج هائج، بجدران الرحم، لا يمكنها ضبط حركتي الشقية , هي تشعر بسعادة موجعة وتحتاج والدي لجانبها تتمناه معها لحظة ولادتي. نائمون حتى الابنية والقصور والحدائق وملاهي الاطفال عدا شاحنات كبيرة ينثر ضجتها الاثير معلن عن صباح جديد وانا ارفسها محتجة رافضة الخروج من عالمي الصغير الدافئ ، امي لم تفهمني لحظتها ، اعتقدت اني أعجل عليها الخروج وانبهها الاستعجال بولادتي . ملامح امي اصفرت و بدا العرق ينسال من جبينها ، انينها ايقظ جدتي ، وبضجيج جدتي استيقظ النائمون، كان صوتها يزعجني، حينها شعرتُ بالخوف ، تكورتُ في نهاية الرحم ، اخاف الخروج لعالم الاصوات العالية ،اخاف جدتي والاصوات البشعة التي سمتها امي ب(اصوات الشاحنات ) ،فقط انين امي يطمئنني ويمنحني الأمان . هناك حركة سريعة تحدث في العالم المجهول (الخارجي) واصوات غريبة. انا مرتعبة ، تغلفني المخاوف من الاتي ، هناك، نعم هناك شيء يقترب مني ، يا الهي يريد الامساك بي ، ابتعد عني ، اه انه اعمى لايسمع ولا يرى ، انه بشع ، مربع الشكل تتدلاه خمس اشكال طويلة رفيع سريع الحركة تحاول التقاطي ، احاربها بيديّ وقدميّ لن اترك نفسي لها, لا لا ارجوك لا تفصليني عن وجودي، الا انها تغتصب ارادتي وتقبض علي من عنقي فراَسي وتسحبني دون رحمة ، تعلو صياحاتي ابكي تتبع بكائي زغاريد وضحكات، انظر لحولي, عالم مصنوع لا يقاس بعالمي الحقيقي واحجام كبيرة مخيفة ، ما بهم؟ صدقاً اخافهم ..أهم مجانين ؟ يقابلون بكائي بضحكات ساخرة وصريخ وزغاريد . والمراة السمينة الغليظة الشفتين تصلبني من كاحلي وتدلى جسدي، تؤلمني قبضتها القاسية كانها تتلاعب بي لاتنزلني ، الصورة ليست مألوفة , كل الاشياء مختلفة اجساد معكوسة. غريب هذا العالم ، لاافهمه ، ابكي، اريد العودة لدياري ، اثور فتترك قدمي وتنزلني ، الكل يقترب مني ،رؤوس غريبة ، عيون تحدق بي ، شعر اسود وبني ، صوفي واخر ناعم , ابتعدوا .. ابعدوني عنهم وبالاخص عن جدتي ذات الشعر الابيض الكثيف التي رفضت تقبيلي وشتمت امي لاني لم الد ذكراً . لا احد يسمعني الا امي سمعتها تطلبني واحداهن حملتني برفق ، هنا اشعر بالامان واثق انني ساكون بخير وكأن ذراعاكِ يا امي وصدرك دياري الاول . ماذا يا امي ؟ ماذا قلت؟ انها الساعة الثامنة صباحاً.

نارين شيخ شمو