تمهيد ...
كنت قد طلبت من اخي الشاعر عماد اليونس ان يسلم لي على مدينته الفلوجة ونهر الفرات الذي يمر بها عذباً كعذوبة أهلها ... فأتاني منه الرد التالي ..
الاخ العزيز احمد العسكري
سلامك على الفلوجة وصل...
اما الفرات فانا واياه في خصام !!! والسبب انه في العام الماضي ابتلع ابني العزيز محمد والذي لم يزل في المرحله الثانيه من الجامعه حين ذهب للسباحة فيه ومن ذلك الحين لم اعد اطيق رؤية الفرات. قد تتعجب لكلامي لكنها الحقيقة المره وحتى يرزقني الله السلوان فقد تعود المياه الى مجاريها بيني وبين الفرات انها مسالة وقت لا أكثر حيث لاغنى لنا عنه نحن الفراتيون .
فكانت هذه القصيدة
مقاديرُنا اللاتي انتهينَ وما العمرُ
وأجرمت الدنيا ولم يُجرِم النهرُ
نعضُ على لحم الاصابع تارةً
وأخرى بها شدواً نُصفِقُ أو نذرو
بماذا تُمني النفسَ بعدَ فراقها
لمن كانَ لاينوي الفراقَ فيضطرُ
نريدُ بها حُلو اللُمى بعدَ مُرِها
وتأبى سوى حُلوٍ يُخالطُهُ مُرُّ
عمادُ وهل مثل الفرات ليُفتدى
وانت كريمٌ النفس ماشابكَ القِترُ
جراحُكَ فلوجيةُ الحُزنِ والهوى
وهل كجراحٍ حُزنها الماءُ والجمرُ
فقدتَ على شطِ الفرات محمداً
كما تكسفُ الاقمارُ أو يُخسف البدرُ
وها أنت تلوي الشعر ليَّ مُجاهرٍ
بما ليسَ ينوي من سرائرهِ الجهرُ
فقم واشحذ الاوجاع لا تُطعم الردى..
..جراحكَ ما أودى بأوجاعكَ الأمرُ
فأنت أخو ولاّدةٍ لا يُضيرُها
عوالِكُ دهرٍ لمحُ أنيابهِ شَزرُ
أصابعُهُ في كلِ كبدٍ تشبّثت
وراحاتُهُ من فرطِ ما سَفَكت حُمرُ
عمادُ وما أحكي المصائِبَ إنما
أُعاقِرها صبراً فيقهرها الصبرُ
وما ترجتي من فعل دنيا تلوّنت
مصائبُها جهرٌ وأفراحُها سِرُ
أقِل عثرات النهر فهو مُحمّلٌ
حضارةَ قومٍ زيدُهم أنتَ أو عمرو
ونحنُ طعامُ الدهر ما إن تخطّفت
مخالِبهُ ... فالظفرُ والنابُ والنسرُ
نُسرُّ بما ليست تطيقُ نفوسنا
ونأكلُ مما ليس يستطعِمُ القِدرُ
أُحييك منكوباً تُحليهِ نكبةٌ
وأُلفيكَ مقهوراً يُجمّلهُ القهرُ
فيابن نخيل العز لا تحنِ هامةً
سوى للذي ما كان من أمرهِ أمرُ
خصيمُكَ ليس النهر بل حومةُ الردى
وهل كان ينجو من يخاصِمهُ الدهرُ
عليك بذكر الله في غمرة الأسى
وليس كمثل الله للناس إن فروا
عسى يحتوي التيارُ روحَ مُحمدٍ
فإن لهُ نفساً يضيقُ بها القبرُ
أغنيكَ اهاتِ الغريب بنايهِ
تمايلَ من أنغامهِ القلبُ لا الخِصرُ
عمادُ وهل كانَ العمادُ سوى امرئٍ
تُحمّلُ في أردانِهِ الثُقَّلُّ الكُبرُ
لكَ العُذرُ إن جافيتَ للنهرِ شاطئاً
ولكن إذا جافيتَ مجراهُ لاعذرُ
فكم كان أعطى للحياةِ موائِلاً
فحقٌ لهُ أن يفتديهِ الفتى البِكرُ
ولله ما أهديت للنهر من فتى
سرائِرهُ بيضٌ وأعوامهُ خُضرُ
اذا سِرتَ فوقَ الجسر حيّ محمداً
شهيدَ فُراتٍ لايموتُ لهُ ذِكرُ
ستنمو أصيلاتُ النخيلِ بطيبهِ
ويُونِعُ من أحلامهِ المَرجُ والزَهرُ
كفى شرفاً للمرء إن ماتَ سابحاً
ومن لُجةِ الأمواج لا يُطلبُ الثأرُ
تغمد الله الفقيد برحمته الواسعة
وعلى روحه
الفاتحة