Reply to Thread
Results 1 to 4 of 4

Thread: المتنبي

  1. #1 المتنبي 
    كاتب مسجل
    Join Date
    Jun 2005
    Posts
    132
    Rep Power
    20


    استمرارا للحديث عن حلب .. كتب نشيد فقال :




    المتنبي ..


    رجل بدء حياته متطلعا لأفق واسع لم يعرف بعد تفاصيله لكنه موقن بعظم قدره وعلة شأنه ، حتى ظن في نفسه انه نبي .. و المتنبي ليس النابغة الوحيد الذي رأى في نفسه هذه الرؤية ، ففي زمانه وأزمنة لحقت به إلى هذا الزمان عاش أقوام بهذا الثوب .. وهو على ما فيه من مس واضح لباب من ابواب العقيدة لا يفتحه إلا مجنون أو محتال .. إلا أنه نبهنا لجانب مفي شخصية المتنبي ..

    وايا كان القول في هذا الأمر ، صدقا أو كذبا وهو إلى الصدق أقرب فينبغي لنا أن نمر على الظروف التي بدأ المتنبي بها حياته ..

    في القرن الرابع الهجري ، كان المجتمع الإسلامي يعيش فترة عجيبة .. قد استقرت الدولة الإسلامية في امتداد الأفق .. وبدأت الحياة الحضارية تأخذ اشكالا جديدة ساهم فيها خلط أجناس الأمة من المشرق للمغرب .. فتعددت المدارس الفكرية حتى في الفقه والعقيدة .. بين مطلق للعقل إطلاقا لا حد له ، ومقيد لنفسه بحدود ..

    ورغم كونها فترة اتساع حضاري ، كانت فترة اضطراب سياسي .. فالخلافة العباسية قد بدت في انحسار سلطانها الفعلي .. والولاة أصبح كل منهم مملكة في شخصه له الجيوش والإعلامين من الشعراء والكتاب .. فكثرت الدول في المحيط الواحد ..

    في هذا الجو نشأ المتنبي .. كان مولده بالكوفه وقضى في البادية سنتين عاد بعدهما بدويا قحا ، ادعى النبوة في بادية السماوة ، سجنه لؤلؤ أمير حمص على ذلك فكتب إليه يستعطفه قصيدته التي بدأها ب:

    أيا خدَّد الله وردَ الخدود***وقدَّ قدود الحسان القدود


    سافر بعد ذلك إلى أنطاكية وقدمه واليها لسيف الدولة أمير حلب ..

    لم يقض المتنبي في حلب غلا ست سنوات هي أنعم سني عمره .... ماذا كان قبل ذلك .. وغلى أين صار بعد ذلك ؟ والسؤال الآخر .. لو لم يلتق المتنبي بسيف الدولة هل كان ذكره سيملء الدنيا كماملأها الآن .. ولو كان اشعر مما كان عليه ..

    القول الثابت أن كليهما صنيعة الآخر .. سيف الدولة صنيعة المتنبي والمتنبي صنيعة سيف الدولة .. واحد صنعه المال والآخر صنعته قريحة صاحبه ..

    سيف الدولة هو الأمير العربي في أرض حكمها كثير من غير العرب ( للتثبت يراجع ولاة الأقاليم في تلك الفترة .. من إيران لمصر !!)

    رأى المتنبي في سيف الدولة الفارس الذي سيساعده في تحقيق مجده ، والحق أنني أحتاج لقراء واسعة لأستطيع أن أوصف العلاقة بينهما .. في أول لقاء بينهما اشترط المتنبي أن يقول الشعر جالسا ، ولم يكن الشعراء يمدحون الولاة إلا وقوفا ، بل إنك لا تعلم شاعرا كان حريصا أن يجعل نفسه في مقام الممدوح في قصائده كما فعل المتنبي .. فهو لا يمدح من ضعف أو حاجة .. إنما هو حديث الأكفاء .. وهو عالم أنه وهو يصنع مجد سيف الدولة بملاحمه التي صور فيها معاركه ، إنما يصنع مجده هو ..

    لكن الحياة دوما لا تسير وادعة لمن اختار أن يكون فيها عظيما ممتد الذكر بين الأيام ، فين وشايات من منافسيه وقيل منهم أبو فراس ابن عم الأمير وبين موقف أهين فيه المتنبي بين يدي سيف الدولة ولم ينتصر له سيف الدولة .. قرر المتنبي الرحيل من حلب .. وكتب قصيدته البالغة الصيت :



    واحَرَّ قَلباهُ مِمَّن قَلبُهُ شَبِمُ
    وَمَن بِجِسمي وَحالي عِندَهُ سَقَمُ

    مالي أُكَتِّمُ حُبّاً قَد بَرى جَسَدي
    وَتَدَّعي حُبَّ سَيفِ الدَولَةِ الأُمَمُ

    إِن كانَ يَجمَعُنا حُبٌّ لِغُرَّتِهِ
    فَلَيتَ أَنّا بِقَدرِ الحُبِّ نَقتَسِمُ

    أحيانا أبارك تلك الوخزة التي أصابة نفس المتنبي واحزنته فأخرج هذه القصيدة ..

    بدأها هذه البداية الشاكية ، وهو الذي يكتم حبه وسواه يدعيه ، وصادق الحب عند المحب الصادق لا يحتاج أن يخب به لأن الاحوال تدل عليه ، ولثقته في حبه هذا قال : فليت أنا بقدر الحب نقتسم ..

    لم يطل المدح فسريعا وصل إلي بيته :


    يا أَعدَلَ الناسِ إِلّا في مُعامَلَتي
    فيكَ الخِصامُ وَأَنتَ الخَصمُ وَالحَكَمُ

    والذي بدأ بعده في الفخر بنفسه وبمقامه في الادب .. فهو الذي ينام ملء جفونه عن شواردها وسواه يسهر يحبر القصائد ويكتب ويعيد ..


    أَنامُ مِلءَ جُفوني عَن شَوارِدِها
    وَيَسهَرُ الخَلقُ جَرّاها وَيَختَصِمُ

    حتى يقول ..



    وَجاهِلٍ مَدَّهُ في جَهلِهِ ضَحِكي
    حَتّى أَتَتهُ يَدٌ فَرّاسَةٌ وَفَمُ

    إِذا نَظَرتَ نُيوبَ اللَيثِ بارِزَةً
    فَلا تَظُنَّنَّ أَنَّ اللَيثَ مُبتَسِمُ

    والقصيدة رائعة تستحق الوقوف لكن ليس هذا مكانها ..

    خرج المتنبي من حلب إلى مصر ، ولقي فيها ظروفا لم يعتدها ووال لم يحبه ، مما جعله يتنازل عن أمور لم يكن ليتنازل عنها ..

    سمعت مرة أحد المؤرخين وهو يقول إني أعجب لحرص المتنبي على أن يكون وال لإمارة ، يريق في ذلك شعره مادحا كافور ليحل على ما يريد .. وقد سمى هذا المؤرخ الولاية ( وظيفة ) انتقاصا لها .. وانتقاصا للمتنبي لحرصه عليها .. ودافعه في هذا القول غضبه من هجاء المتنبي لكافور حين منع الولاية ..

    لكني وجدت رأيا آخر عن حرص المتنبي على الولاية بعد تركه لحلب ، هو أنه كان حريصا على أن يكون على قدر سيف الدولة في الولاية .. (يعني راس براس )

    المهم ... كان كافور عالم بمراد المتنبي لكنه مالئه حتى يحصل منه على هذا الدعم الإعلامي ، لكنه كان حريصا على ألا ينيله مراده .. حتى أنه قال له مرة :

    أنت في حال الفقر وسوء الحال وعدم المعين سمت نفسك إلى النبوة فإن أصبت ولايةً وصار لك أتباعٌ فمن يطيقك

    قرر المتنبي فراق مصر لكن كافور كان قد بث العيون وأغلق دونه البلاد لمنعه من ذلك .. لكنه استطاع في ليلة عيد ( لعله الأضحى ) الهرب .. وفي هذه الأثناء قال قصيدته الشهيرة :


    عيد بأية حال عدت يا عيد ... بما مضى أم لأنر فيك تجديد ..
    أما الأحبة فالبيداء دونهم فليت دونك بيد دونها بيد

    وعلى قول دريد لحام في مسلسل ربما الأصدقاء ( أما الأحبة فالآووش بينهم )

    وبيداء المتنبي الممتلئة قلقا واضطرابا قد شابهت آوش غوار ..

    ومن قصائده التي كتبها في هجاء كافور قصيدة أحفظ منها بيتا كان أحد اساتذتنا يقوله دوما :

    ومن البلية عذل من لا يرعوي عن غيه وخطاب من لا يفهم

    ومطلعها :



    لِهَوى النُفوسِ سَريرَةٌ لا تُعلَمُ
    عَرَضاً نَظَرتُ وَخِلتُ أَنّي أَسلَمُ




    يتبع إن شاء الله
    إنما الأمم الأخلاق ما بقيت
    Reply With Quote  
     

  2. #2 رد : المتنبي 
    كاتب مسجل
    Join Date
    Jun 2005
    Posts
    132
    Rep Power
    20
    رأى المتنبي في سيف الدولة الفارس الذي سيساعده في تحقيق مجده ، والحق أنني أحتاج لقراء واسعة لأستطيع أن أوصف العلاقة بينهما .. في أول لقاء بينهما اشترط المتنبي أن يقول الشعر جالسا ، ولم يكن الشعراء يمدحون الولاة إلا وقوفا ، بل إنك لا تعلم شاعرا كان حريصا أن يجعل نفسه في مقام الممدوح في قصائده كما فعل المتنبي .. فهو لا يمدح من ضعف أو حاجة .. إنما هو حديث الأكفاء .. وهو عالم أنه وهو يصنع مجد سيف الدولة بملاحمه التي صور فيها معاركه ، إنما يصنع مجده هو ..

    لكن الحياة دوما لا تسير وادعة لمن اختار أن يكون فيها عظيما ممتد الذكر بين الأيام ، فين وشايات من منافسيه وقيل منهم أبو فراس ابن عم الأمير وبين موقف أهين فيه المتنبي بين يدي سيف الدولة ولم ينتصر له سيف الدولة .. قرر المتنبي الرحيل من حلب .. وكتب قصيدته الذائعة الصيت :




    واحَرَّ قَلباهُ مِمَّن قَلبُهُ شَبِمُ
    وَمَن بِجِسمي وَحالي عِندَهُ سَقَمُ

    مالي أُكَتِّمُ حُبّاً قَد بَرى جَسَدي
    وَتَدَّعي حُبَّ سَيفِ الدَولَةِ الأُمَمُ

    إِن كانَ يَجمَعُنا حُبٌّ لِغُرَّتِهِ
    فَلَيتَ أَنّا بِقَدرِ الحُبِّ نَقتَسِمُ

    أحيانا أبارك تلك الوخزة التي أصابت نفس المتنبي واحزنته فأخرج هذه القصيدة ..

    بدأها هذه البداية الشاكية ، وهو الذي يكتم حبه وسواه يدعيه ، وصادق الحب عند المحب الصادق لا يحتاج أن يخب به لأن الاحوال تدل عليه ، ولثقته في حبه هذا قال : فليت أنا بقدر الحب نقتسم ..

    لم يطل المدح فسريعا وصل إلي بيته :



    يا أَعدَلَ الناسِ إِلّا في مُعامَلَتي
    فيكَ الخِصامُ وَأَنتَ الخَصمُ وَالحَكَمُ

    والذي بدأ بعده في الفخر بنفسه وبمقامه في الادب .. فهو الذي ينام ملء جفونه عن شواردها وسواه يسهر يحبر القصائد ويكتب ويعيد ..



    أَنامُ مِلءَ جُفوني عَن شَوارِدِها
    وَيَسهَرُ الخَلقُ جَرّاها وَيَختَصِمُ


    حتى يقول ..




    وَجاهِلٍ مَدَّهُ في جَهلِهِ ضَحِكي
    حَتّى أَتَتهُ يَدٌ فَرّاسَةٌ وَفَمُ

    إِذا نَظَرتَ نُيوبَ اللَيثِ بارِزَةً
    فَلا تَظُنَّنَّ أَنَّ اللَيثَ مُبتَسِمُ


    والقصيدة رائعة تستحق الوقوف لكن ليس هذا مكانها ..

    خرج المتنبي من حلب إلى مصر ، ولقي فيها ظروفا لم يعتدها ووال لم يحبه ، مما جعله يتنازل عن أمور لم يكن ليتنازل عنها ..

    سمعت مرة أحد المؤرخين وهو يقول إني أعجب لحرص المتنبي على أن يكون وال لإمارة ، يريق في ذلك شعره مادحا كافور ليحل على ما يريد .. وقد سمى هذا المؤرخ الولاية ( وظيفة ) انتقاصا لها .. وانتقاصا للمتنبي لحرصه عليها .. ودافعه في هذا القول غضبه من هجاء المتنبي لكافور حين منع الولاية ..

    لكني وجدت رأيا آخر عن حرص المتنبي على الولاية بعد تركه لحلب ، هو أنه كان حريصا على أن يكون على قدر سيف الدولة في الولاية .. (يعني راس براس )

    المهم ... كان كافور عالم بمراد المتنبي لكنه مالئه حتى يحصل منه على هذا الدعم الإعلامي ، لكنه كان حريصا على ألا ينيله مراده .. حتى أنه قال له مرة :

    أنت في حال الفقر وسوء الحال وعدم المعين سمت نفسك إلى النبوة فإن أصبت ولايةً وصار لك أتباعٌ فمن يطيقك

    قرر المتنبي فراق مصر لكن كافور كان قد بث العيون وأغلق دونه البلاد لمنعه من ذلك .. لكنه استطاع في ليلة عيد ( لعله الأضحى ) الهرب .. وفي هذه الأثناء قال قصيدته الشهيرة :



    عيد بأية حال عدت يا عيد ... بما مضى أم لأنر فيك تجديد ..
    أما الأحبة فالبيداء دونهم فليت دونك بيد دونها بيد

    وعلى قول دريد لحام في مسلسل ربما الأصدقاء ( أما الأحبة فالآووش بينهم )

    وبيداء المتنبي الممتلئة قلقا واضطرابا قد شابهت آوش غوار ..

    ومن قصائده التي كتبها في هجاء كافور قصيدة أحفظ منها بيتا كان أحد اساتذتنا يقوله دوما :

    ومن البلية عذل من لا يرعوي عن غيه وخطاب من لا يفهم

    ومطلعها :




    لِهَوى النُفوسِ سَريرَةٌ لا تُعلَمُ
    عَرَضاً نَظَرتُ وَخِلتُ أَنّي أَسلَمُ
    إنما الأمم الأخلاق ما بقيت
    Reply With Quote  
     

  3. #3 رد : المتنبي 
    كاتب مسجل
    Join Date
    Jun 2005
    Posts
    132
    Rep Power
    20
    أبيات كثيرة في ديوانه جرت حكما وأمثالا .. بعضها جمع وبعضوها لازال منثورا ..


    وَهَبني قُلتُ هَذا الصُبحُ لَيلٌ
    أَيَعمى العالَمونَ عَنِ الضِياءِ



    ***

    وَمَن جَهِلَت نَفسُهُ قَدرَهُ
    رَأى غَيرُهُ مِنهُ مالا يَرى


    ***


    كُلَّما أَنبَتَ الزَمانُ قَناةً
    رَكَّبَ المَرءُ في القَناةِ سِنانا


    وهذه القصيدة كلها حكم .. من أولها : صحب الناس قبلنا ذا الزمان . وعناهم من أمره ما عنانا

    إلى :
    كُلُّ ما لَم يَكُن مِنَ الصَعبِ في الأَنـ*ـفُسِ سَهلٌ فيها إِذا هُوَ كانا

    إِذا امَرْتَ في شَرَفٍ مَرُومِ
    فَلا تَقْنَــعْ بِما دُونَ النُّجومِ


    فطَعْمُ المَوتِ في أَمرٍ حَقِيرٍ
    كطَعْمِ المَوتِ في أَمرٍ عَظِيمِ


    * *
    شَـرُّ البِـلادِ مَكانٌ لا صَديقَ بـهِ
    وشَرُّ ما يَكْسِـبُ الإِنسانُ ما يَصِمُ



    وإِطراقُ طَـرفِ العَيـنِ لَيسَ بِنافِعٍ
    إِذا كـانَ طَـرفُ القَلْب لَيسَ بِمُطرِقِ


    ***

    وَما الحُسـنُ فـي وَجهِ الفَتَى شَرَفاً لَهُ
    إِذا لم يَكُـنْ فـي فِعلِـهِ والخَلائِقِ


    ***

    وليسَ يَصِحُّ في الأَفهـام شَيءٌ
    إذا احتـاج النَهــارُ إلى دَلِيلِ


    ***
    وكم عائب قولا سديدا
    وعلته في الفهم السقيم
    إنما الأمم الأخلاق ما بقيت
    Reply With Quote  
     

  4. #4 رد : المتنبي 
    كاتب مسجل
    Join Date
    Jun 2005
    Posts
    132
    Rep Power
    20
    في شعر المتنبي حكم كثيرة عني ناس بجمعها منفردة .. وقام آخرون بالموافقة بين بعضها وبين أقوال فلاسفة كبار .. فكان أن جمع أحدهم بعض شعر المتنبي ووافق بينه وبين أقوال لأرسطو وهو ما سأعرضه هنا ..

    يبقى القول أنه سواء كان المتنبي على اطلاع بفلسفة أرسطو او وقع هذا الاتفاق عفوا .. فهي لا تهز مقامه ابدا ..
    نبدأ ..
    قال أرسطو: إذا كانت الشهوة فوق القدرة، كان هلاك النفس دون بلوغها.قال المتنبي:

    وإذا كانت النفوس كبارا *** تعبت في مرادها الأجسامُ
    قال أرسطو: النفوس أغراض لحوادث الزمان.
    قال المتنبي:
    إذا اعتاد الفتى خوض المنايا ***فأهون ما يمرُّ به الوحولُ
    قال أرسطو: الألفاظ المنطقية مضرَّة بذوي الجهل لنبوّ إحساسهم عن إدراكها.
    قال المتنبي:
    بذي الغباوة من إنشادها ضررٌ ***كما تضرُّ رياح الوردِ بالجُعَلِ
    قال أرسطو: الزمان ينشئ ويلاشي، فغنى كل قوم سبب لكون قوم آخرين.
    قال المتنبي:
    بذا قضتِ الأيامُ ما بينَ أهلها ***مصائبُ قومٍ عند قومٍ فوائدُ
    قال أرسطو: باعتدال الأمزجة وتساوي الإحساس يفرق بين الأشياء وأضدادها.
    قال المتنبي:
    وما انتفاعُ أخي الدنيا بناظره ***إذا استوت عنده الأنوار والظَلمُ
    قال أرسطو: من لم يردك لنفسه فهو النائي عنك وإن تباعدتَ أنت عنه.
    قال المتنبي:
    إذا ترحلت عن قومٍ وقد قدروا ***إن لا تفارقهم فالراحلون همُ
    قال أرسطو: من علم أن الفناء مستولٍ على كونه هانت عليه المصائب.
    قال المتنبي:
    والهجرُ أقتلُ لي مما راقبهُ ***أنا الغريقُ فما خوفي من البللِ
    قال أرسطو: العيان شاهد لنفسه، والاختبار يدخل عليها الزيادة والنقصان.
    قال المتنبي:
    وخذ ما تراه ودعْ شيئًا سمعت بهِ ***في طلعةِ البدر ما يغنيكَ عن زحلِ
    قال أرسطو: قد يفسد العضو لمصلحة الأعضاء.
    قال المتنبي:
    لعلَّ عتبَك محمودٌ عواقبهُ ***وربما صحَّت الأجسام بالعللِ
    قال أرسطو: مباينة المتكلف المطبوع كمباينة الحق الباطل.
    قال المتنبي:
    لأن حلمك حلمٌ لا تكلَّفهُ ***ليس التكحل بالعينين كالكحلِ
    قال أرسطو: علل الأفهام أشدُّ من علل الأجسام.
    قال المتنبي:
    يهون علينا أن تُصاب جسومنا ***وتسلم أعراضٌ لنا وعقولُ
    قال أرسطو: مَن تخلَّى عن الظلم بظاهر أمره وعنت جوارحه وكان مساكنًا بحواسه فهو ظالم. قال المتنبي:
    وإطراقُ طرف العين ليس بنافعٍ ***إذا كان طرف القلب ليس بمطرقِ
    قال أرسطو: من يجعل الفكر في موضع البديهة فقد أضرَّ بخاطره وكذلك مَن جعل البديهة موضع الفكر.
    قال المتنبي:
    ووضع الندى في موضع السيف بالعلى ***مضرّ كوضع السيف في موضع الندى
    قال أرسطو: إذا لم تنصرف عن النفس شهواتها ومرادها، فحياتها موت ووجودها عدم .
    قال المتنبي:
    ذلَّ مَن يغبطُ الذليل بعيشٍ ***ربَّ عيشٍ أخفّ منه الحمامُ
    قال أرسطو: الفرق بين الحلم والعجز أن الحلم لا يكون إلا عن قدرةٍ والعجز لا يكون إلا عن ضعفٍ فلا يسمى العاجز حليمًا وهو عاجز.
    قال المتنبي:
    كل حلمٍ أتى بغير اقتدارٍ ***حجة تلتجئ إليها اللئامُ
    قال أرسطو: النفس الذليلة لا تجد ألم الهوان، والنفس الكريمة ترى الأشياء بطبعها.
    قال المتنبي:
    مَن يهنَ يسهل الهوان عليه ***ما لجرحٍ بميتٍ إيلامُ
    قال أرسطو: الجاهل لا يحلو عنده طعم العلم بل يجد له ثقلاً كما تنقل على المريض الأدوية النافعة ويخلو له في فمه غير طعمها.
    قال المتنبي:
    ومن يكُ ذا فمٍ مرٍّ مريض ***يجد مرًّا به الماء الزُلالا
    قال أرسطو: ليس جمال ظاهر الإنسان مما يستدلُ به على حسن فعله وفضله.
    قال المتنبي:
    لا يعجبنَّ مصونًا حسن بزَّته ***وهل يروق دفينًا جودة الكفنِ
    قال أرسطو: مَن نظر بعين العقل ورأى عواقب الأمور قبل مواردها لم يجزع لحلولها.
    قال المتنبي:
    عرفت الليالي قبل ما صنعت بنا ***فلما دهتني لم تزدني بها علمًا
    قال أرسطو، لا برح الفضل بترك الذمّ ثم التناهي في المدح.
    قال المتنبي:
    ومني استعاد الناس كل غريبةٍ ***فجازوا بترك الذم إن لم يكن حمدُ
    قال أرسطو، مَن لم يرفع قدره عن قدر الجاهل، رفع الجاهل قدره عليه.
    قال المتنبي:
    إذا الفضل لم يرفعك عن شكر ناقصٍ ***على هبةٍ في مَن له الشكرُ
    قال أرسطو، مَن أفنى مدته في جمع المال خوف العدم فقد أسلم نفسه إلى العدم.
    قال المتنبي:
    ومن ينفق الساعات في جمع مالهِ ***مخافة فقرٍ فالذي فعل الفقرُ
    قال أرسطو، الذي لا يعلم بعلّتهِ لا يصل إلى برئهِ.
    قال المتنبي:
    ومن جاهل بي وهو يجهل جهلهُ ***ويجهل علمي أنه بيَ جاهلُ
    قال أرسطو، حلول الفناء في عظيم الأمور كحلوله في صغيرها.
    قال المتنبي:
    فطعم الموت في أمرٍ حقيرٍ***كطعم الموت في أمرٍ عظيمِ
    قال أرسطو، العاقل لا يساكن شهوة الطبع لعلمهِ بزوالها، والجاهل يظنّ أنها باقية وهو باقٍ، فذاك يشقى بعقله وهذا ينعم بجهله.
    قال المتنبي:
    ذو العقل يشقى في النعيم بعقله ***وأخو الجهالة بالشقاوة ينعمُ
    قال أرسطو، وقد رأى غلامًا حسن الوجه فاستنطقه فلم يجد عنده علمًا فقال، نعم البيت لو كان فيه ساكن
    قال المتنبي:
    وما الحسن في وجه الفتى شرفًا له ***إذا لم يكن في فعله والخلائقِ
    قال أرسطو، الكلال والملال يتعاقبان الأجسام لضعف الجسم لا لضعف الحسّ.
    قال المتنبي:
    وإذا الشيخ قال أفٍ فما ملَّ ***حياةً وإنما الضعف ملاَّ
    قال أرسطو، الجبن ذلة كامنة في نفس الجبان فإذا خلا بنفسه أَظهر شجاعة.
    قال المتنبي:
    وإذا ما خلا الجبان بأرضٍ ***طلب الطعن وحدهُ والنزالا
    قال أرسطو، الغلبة بطبع الحياة، والمسالمة بطبع الموت، والنفس لا تحبّ أن تموت فلذلك تحبّ أخذ الأشياء بالغلبة.
    قال المتنبي:
    من أطاق التماس شيء غلابا***واغتصابًا لم يلتمسه سؤالا
    قال أرسطو، الإنسان شبح روحاني ذو عقل غريزي لا ما تراه العيون من ظاهر الصورة.
    قال المتنبي:
    لولا العقول لكان أدنى ضيغمٍ ***أدنى إلى شرفٍ من الإنسانِ
    قال أرسطو، الظلم من طبع النفس إنما يصدُّها عن ذلك خلتان، خلة دينية وخلة دنيوية سياسية، خوف الانتقام.
    قال المتنبي:
    الظلم من شيم النفوس فإن تجد ***ذا عفةٍ فلعلةٍ لا يظلمُ
    قال أرسطو، ثلثة إن لم تظلمهم ظلموك، ولدكَ وعبدكَ وزوجتك، فسبب صلاحهم التعدَّي عليهم
    قال المتنبي:
    من الحلم أن تستعمل الجهل دونهُ ***إذا اتسعت في الحلم طرق المظالمِ
    قال أرسطو، النفوس المجوهرة تشرك الشهوات البهيمية طبعًا لا خوفًا.
    قال المتنبي:
    وترى المروَّة والفتوة والأبو ***ة فيَّ كلُّ مليحةٍ ضراتها
    قال أرسطو، من أثرى من العدم افتقر من الكرم.
    قال المتنبي:
    وربَّ مثرٍ فقيرًا من مروَّته ***لم يثرِ منها كما أثرى من العدمِ
    قال أرسطو، أتعب الناس من قصرت مقدرته واتسعت مروءَته.
    قال المتنبي:
    وأتعب خلق الله من زاد همه ***وقصر عمَّا تشتهي النفس وجده
    قال أرسطو، أَعظم الناس محنةً من قلَّ ماله وعظم مجده، ولا مال لمن كثر ماله وقلَّ مجده.
    قال المتنبي:
    فلا مجد في الدنيا لمن قلَّ مالهُ ***ولا مال في الدنيا لمنْ قلَّ مجدُ
    قال أرسطو، أعجز العجز من قدر على أن يزيل العجز عن نفسهِ فلم يفعل.
    قال المتنبي:
    ولم أر في عيوب الناس شيئًا ***كنقص القادرين على التمام
    قال أرسطو، إذا كان سقم النفس بالجهل كان الموت شفاءَها.
    قال المتنبي:
    إذا استشفيت من داءٍ بداء ***فأَقتل ما أعلَّك ما شفاكا
    قال أرسطو، اللطايف سماوية والكتايف أرضية، وكل عنصر هو عائد إلى عنصره الأول.
    قال المتنبي:
    فهذه الأرواح من جوّه ***وهذه الأجساد من تربهِ
    قال أرسطو، أعظم ما على النفوس إعظام ذوي الدناءَة.
    قال المتنبي:
    فإني رأيت الضر أحسن منظرًا ***وأهون من مرءٍ صغير به كبرُ
    قال أرسطو، آخر إفراط المتوقي أول موارد الحزن.
    قال المتنبي:
    وغاية المفرط في سلمهِ***كغاية المفرط في حربهِ
    إنما الأمم الأخلاق ما بقيت
    Reply With Quote  
     

Similar Threads

  1. السرقات الادبية عند المتنبي
    By رحلة الماجستير in forum دراسات عليا
    Replies: 2
    Last Post: 16/10/2011, 08:03 PM
  2. وقفة في دار المتنبي
    By ماجد الراوي in forum الشعر
    Replies: 16
    Last Post: 15/01/2011, 08:26 PM
  3. شرح المشكل في شعر المتنبي
    By بشير صابري in forum الشعر
    Replies: 2
    Last Post: 21/12/2009, 02:17 PM
  4. المتنبي في العصر العباسي
    By أحمد الجاموس in forum الشعر
    Replies: 2
    Last Post: 19/02/2009, 09:52 PM
  5. برقية إلى المتنبي
    By يوسف الباز بلغيث in forum الشعر
    Replies: 15
    Last Post: 09/10/2007, 09:35 PM
Posting Permissions
  • You may post new threads
  • You may post replies
  • You may not post attachments
  • You may not edit your posts
  •