مغترب لا يعود
هل هو حنين إلى التلاشي في العدم... ذلك الذي يبعثك نحو الابتعاد قدر المستطاع عن كل عوالمك التي تحيا فيها وتحيا فيك.
هل هو شوق للعودة من غربة أرغمت روحك على اعتناقها , فلم تزدد بها التصاقا بالجدور.؟...
تطير وتطير ..تحلق وتحلق عاليا .. تلامس السحاب ؟ تغرق في ظلمة الكون .. تطارد التناسي ؟ تعتنق الهرب لكنك تفتقد إلى النسيان ..
ومتى أحسست بأنك آمن في ركن نائي .. تنقشع من حول زواياك المعتمة أسربة من نسائم الماضي ..
تداعب وجنتيك.. تلفح جبينك بهمس من الشفاه الحنونة..تسطع في عينيك أحداقهم اللامعة ... تتكشف لك من وراء من وراء ستائر البعد أسنانهم وهم يضحكون أو يغنون..وتغرورق في مقلتيك دموع قلوبهم حين يبكون ..
تتذكر كل شيء ..في وقت تعشق فيه نسيان كل شيء..
يذوب فيك عنفوان الغضب ..وتحتقر أسبابا احترفت بشأنها مهنة الهرب ..
تستحي أمام الذكريات الجميلة قسوتك ..يلين قلبك ..يدق بسرعة ..يسابق الزمن .. يتوق الى التماس العودة ... ويشتهيها..
وحين تخطو صوب الأمام خطوتك الأولى ..يعتري ساقيك الفشل .. وتسكن فرائسك تلك القشعريرة..
تتنهد طويلا ..تتألم كثيرا ..ثم تقول في قرارة نفسك : إلى من سأعود ؟؟؟
فقد ماتوا كلهم ..أولئك الذين قتلتهم جميعا بيدي ..عفوا .. بقلبي
وما أنا الآن سوى طيفا يحوم عاليا في السماء يرقب أرضهم
وحين ينامون ..يدق بابهم كل ليلة ..ثم ينصرف ..وحين يفتحون لا يجدون إلا نسمة حانية تداعب وجههم الذبلان ..
يبتسمون في وجه السماء هنيهة .. وهم يقرأون في ذيل الشهاب العابر الراحل .. حروف كلمة تلاشت كالنجوم .. وبين النجوم .. مفادها : " أحبكم وبعد ".....
----------------------------------- سليم مكي سليم - الجزائر 2004- كل الحقوق محفوظة