من كتاب نجعة الرائد لليازجي
فصلفي الاحتضار
يقال احتضر فلان،وحضرته الوفاة،ودخل في النزع،وبلغ الوصية،وقد شارفه[1]حمامه،وأظله حمامه،ورنقت[2]عليه المنية،وزهف[3]الى الموت،وأشفى على الموت،وأشرف على التلف،وبلغ منه نسيسه[4]،وبلغت روحه التراقي[5]،ولم يبق منه الا حشاشة،والا رمق،والا ذماء،أي بقية روح،وما بقي منه الا رمق ضعيف،وذماء قصير . وتقول تركت فلانا في معالجة الروح،ومعالجة النزع،وتركته على خروج الروح،وتركته في نزاع الروح،وقلع الحياة،وسياق الموت،وقد بات يسوق بنفسه،ويفوق بنفسه،ويجود بنفسه،ويكيد بنفسه،ويريق بنفسه،كل ذلك اذا شرع في نزع الروح . وبات يحشرج،ويغرغر،اذا تردد نفسه في حلقه عند خروج الروح،وقد حشرجت أنفاسه،وحشرج صدره،وحشرجت روحه،وتقعقعت نفسه،وأخذ بكظمه[6]،ونزلت به غشية الموت،وغشيته سكرة الموت،وغمرة الموت[7]،وهو في سكرات الموت وغمراته،وفي حشك النفس وهو اجتهادها في النزع الشديد،وفي علز الموت،وعلز الصدر،وهو ما يأخذ المحتضر[8]من القلق والكرب،يقال مات فلان علزا أي وجعا قلقا لا ينام . وتركته يكابد غصص الموت،ويقاسي لهاث الموت بالضم أي شدته . وقد سهف بالكسر سهفا اذا غلبه العطش عند النزع وهو ساهف . وشرق بريقه،وجرض بريقه،اذا وقف الريق في حلقه وعجز عن إساغته،وجئز بريقه اذا غص به في صدره . واخذته نشغات الموت وهي فواقات[9]خفية جدا عند الموت واحدتها نشغة،وقد نشغ المحتضر،وتنشغ . ورأيته وقد شق بصره اذا نظر الى شيء لا يرتد طرفه[10]اليه،وشخص ببصره اذا رفع أجفانه الى فوق ولبث لا يطرف[11]،وشطر بصره اذا كان كأنه ينظر اليك والى آخر،وقيل هو ان تنقلب عينه عند نزول الموت،وقد أقفت عينه إقفافا اذا ارتفع سوادها . ويقال ذمى العليل ذميا اذا أخذه النزع فطال عليه علز الموت[12]،يقال ما أطول ذماءه،وفلان أطول ذماء من الضب[13]،ومن الأفعى،ومن الخنفساء[14] . ويقال ما بقي من فلان الا شفى،والا شدا،وما بقي منه الا قدر ظمء[15]حمار أي لم يبق من عمره الا اليسير،يقال انه ليس في الدواب أقصر ظمأ من الحمار لأنه اقل الدواب صبرا على العطش .
فصل في الموت
يقال مات فلان،وتوفي،وقضى،وأدوى،وحان،وردي،وهلك،وثوى،وقضى نحبه،وقضى أجله،وقضي عليه،وقضي قضاؤه،وأدركته الوفاة،وأودت به المنية،وعلقته أسباب المنية،ونزلت به صرعة الموت،وحل به أصدق المواعيد . وقد زهقت نفسه،وفاضت نفسه،وفاظت نفسه،ولفظ نفسه،وطاحت روحه،وذاق حتفه،وذاق مصرعه،وورد حياض المنية،وورد حياض غتيم[16]،وأدركه حينه،ووافاه حمامه،ونزل به حمامه،وأعلقه[17]حمامه،واحتبله[18]حمامه،واحتبلته حبول الردى[19]،وعلقته أوهاق[20] المنية،وخلجته المنون[21]،وشعبته شعوب[22]،وخرمته الخوارم[23]،واختلج[24]من بين ذويه،واخترمته[25]المنية من بين أصحابه،وأنشبت فيه المنية أظفارها . وقد انقضى أجله،وتصرم[26]أجله،وتصرم حبل حياته،وانقضت أيامه،وانقضت مدته،وانقضت أنفاسه،واستوفى أنفاسه،واستوفى أكله بالضم أي رزقه وحظه من الدنيا،واستوفى ظمء حياته وهو الوقت من حين الولادة الى وقت الموت . وقد قطع به السبب[27]،وغلق رهنه[28]،وطويت صحيفته،وجر عليه ذيل الفوت،وخلا مكانه،وضحا ظله[29]،ومضى لسبيله،ولحق من غبر[30]،وذهب في سبيل القرون الخالية[31] .
وتقول توفي فلان الى رحمة الله،وقبض الى رحمة الله،ومضى مستقبلا وجه البقاء،وانقطع الى دار البقاء،وانتقل الى دار القرار،وخلا بعمله،ولقي ربه،وأفضى الى ربه،وانصرف الى جوار ربه،وانقطع الى جوار مولاه،ولحق باللطيف الخبير،وقد توفاه الله اليه،واختار له الله ما عنده،واصطفاه[32]الله لجواره،ونقله الله الى دار كرامته . ويقال استعز الله بفلان اذا مات،وقد استعز بالرجل على ما لم يسم فاعله . واستأثر الله بفلان اذا مات ورجي له الغفران .
وتقول مات فلان رحمه الله،وتغمده الله برحمته،وأفرغ الله عليه سحائب رحمته،وأفاض عليه سجال[33]رحمته،وسقى الله ضريحه،وجاد بالرحمة ثراه[34]،وبل بصيب[35]الرحمة ترابه،وأمطر على ضريحه سحائب الرضوان،وأسكنه الله جواره،واكرم الله مثواه[36]،وكتبه من اهل السعادة،وأحصاه بين أصحاب اليمين .
وتقول ما أدركت فلانا الا جنازة بالفتح وهي جسد الميت،وقد ألفيته جثة تارزة أي يابسة لا روح فيها،وقد ترز الميت تروزا اذا يبس،وألفيته جسدا هامدا أي لا حياة به،ووجدته هامدا خافتا أي لا حركة به ولا صوت،وقد خفت خفوتا اذا مات فانقطع كلامه،ورأيته وقد سكتت نأمته[37]،وصم صداه[38]،وسكن نسيسه[39]،ورأيته وما به نبض بفتحتين،وما به حبض ولا نبض،أي ما به حراك،ورأيته وقد جذا منخراه أي انتصب أنفه للموت،ورأيته وقد شخصت عيناه،وشصا بصره،وشصت عينه،وهو ان تشخص حتى كأنه ينظر اليك والى آخر،ويقال ايضا شصا الميت اذا انتفخ وارتفعت يداه ورجلاه . وقد بات مسجى على سريره اذا غطي بثوب،وبات مدرجا في أكفانه،وملفوفا في اكفانه،ورأيته مكفونا،ومكفنا . وقد حمل على النعش،وعلى السرير،وحمل على آلة حدباء[40]،وحمل على الحرج بفتحتين وهو خشب يشد بعضه الى بعض تحمل عليه الموتى وقد يحمل عليه المريض . وقد ساروا بجنازته بالكسر وهي السرير عليه الميت . وذهبنا في فيض فلان أي في جنازته،كذا في لسان العرب . وقد أدرج في قبره،وبوئ جدثه[41]،وأنزل حفرته،وأرهن رمسه[42]،وأجن في رمسه،وأودع لحده[43]،ووسد الضريح[44]،ووسد التراب،وهيل[45]عليه التراب،ودك[46]عليه التراب، وسوي عليه التراب،ونفضت من ترابه الأيدي،وقد ارتهنه مضجعه،وغيبته حفرته،وأصبح رهين قرارته،وضمنته الأرض،وأضمرته الارض[47]،وتلمأت عليه الارض[48]،وطوته الغبراء[49] . ويقال رمس قبره اذا سوي بالارض، وذلك القبر رمس تسمية بالمصدر،وسطح قبره تسطيحا مثله وهو خلاف التسنيم . وقد جعلت على قبره جثوة من تراب بتثليث أولها وهي الكومة المجموعة . ونضدت[50]عليه الصفائح،والصفاح بالضم والتشديد،والعداء بالكسر،وهي الحجارة العريضة الرقيقة،وقد نضد على قبره،ورضن،ورثد،اذا بني فوقه بالحجارة . ونصبت على قبره صوة بالضم وهي ما يرفع عليه كالعلم[51]،والجمع الصوى،والأصواء،والأصواء ايضا القبور أنفسها .
وتقول مات فلان حتف أنفه،وحتف فيه،اذا مات من غير قتل او ما هو في معنى القتل . وقاسى الموت الأحمر،والموت الصهابي بالضم،وهو الموت قتلا . والموت الأغبر وهو الموت جوعا،ذكره الشريشي في شرح المقامات قال لأنه يغبر في عينيه كل شيء . والموت الأسود وهو الموت خنقا او غرقا،ويقال لموت الغرق موت الغمر ايضا . ونعوذ بالله من الموت الابيض وهو موت الفجأة،والفجاءة،ويقال له ايضا موت العافية،وموت الخفات بالضم،وموت الفوات،وأخذة الأسف،وقد فوجئ الرجل،وخفت،وافتيت،ويقال افتئت ايضا بالهمز . ويقال مات فلان مقصدا اذا مرض فمات سريعا،وقد أقصدته المنية . ويقال رماه فأقصده،وأزعفه،وقعصه،وأقعصه،اذا قتله مكانه،وقد أقصده السهم اذا لم يخطئ مقتله،وأقصدته الحية اذا لدغته فقتل مكانه . ويقال ضربه ضربة أتت على نفسه،وضربة قضت عليه،أي مات لحينه . وسقاه السم فخمد من فوره أي مات لساعته،وهو سم ساعة،وسم زعاف،وذعاف،وذفاف،أي يقتل لساعته،وحية ذعف اللعاب[52]أي سريعة القتل . وهذا طعام مذعوف أي في سم،وقد قشب الطعام اذا خلطه بالسم،وطعام مقشوب،وقشيب . ويقال أصابهم موت مائت أي شديد،وفشا فيهم موت ذعاف،وذؤاف،وزعاف،وزؤاف،وزؤام،أي سريع عاجل،وهو موت وحي أي سريع،وموت ذريع،ورخيص،أي سريع فاش حتى لا يكاد الناس يتدافنون[53] . ويقال تعادى القوم،وتقادعوا،اذا مات بعضهم إثر بعض في شهر واحد أو عام واحد .
وتقول اختضر فلان،واغترض،واعتبط،اذا مات شابا،وقد مات فلان عبطة بالفتح،وأعبطه الموت إعباطا،واعتبطه،وقيل العبطة أن يموت شابا صحيحا . وقد عاجله حمامه،وعاجله داعي المنون،وعاجله سهم القضاء،ومضى سابقا أجله[54] . ويقال فرط لفلان ولد اذا مات صغيرا لم يبلغ الحلم[55]،وقد افترط الرجل ولده،وافترط الولد على ما لم يسم فاعله،وهو فرط بفتحتين للواحد وغيره،ويقال في الدعاء للطفل الميت اللهم اجعله لنا فرطا أي أجرا يتقدمنا حتى نرد عليه . فان مات ولده كبيرا قيل احتسبه أي اعتد بالصبر على المصيبة فيه أجرا عند الله .
ويقال للميت اللهم اسدد خلته[56]أي أخلف على المكانة التي ترك،واللهم اخلف على أهله بخير،واللهم اخلفه في عقبه[57]،أي كن خليفته عليهم من بعده . وتقول مات فلان وانت بوفاء أي بطول عمر . ويقال للرجلين يذكران بفعال وقد مات أحدهما فعل فلان كذا ولا يوصل حي بميت،وليس فلان له بوصيل،أي لا وصل هذا الحي بذاك الميت ولا تبعه . وتقول كان حي فلان يقول كذا أي كان في حياته،وكذا حي فلانة،وكان ذلك وحي فلان شاهد[58]،وحي فلانة شاهدة .
وتقول في الدعاء دفق الله روحه،وأسكت الله نأمته،وأصم صداه،وقصم عمره[59]،وصرم[60]حياته،وقطع به السبب،ولأمه الثكل[61]،ولأمه الهبل[62]،ولأمه العبر[63]،وثكلته الثواكل،وهبلته الهوابل[64] . وتقل لابعدت بكسر العين أي لا هلكت،ولا يبعدنك الله،ولا أضحى الله ظلك،ولا أذاقني الله فقدك،وقدمني الله قبلك،وجعلني من كل سوء فداك
[2] من ترنيق الطائر اذا رفرف بجناحيه في الهواء وهو ثابت مكانه [3] قرب . وكذلك اشفى واشرف [9] جمع فواق بالضم وهو ترديد الشهقة العالية عن تشنج باطن . والشهقة ادخال النفس [12] ما يأخذ فيه من القلق والكرب وذكر قريبا [17] من قولهم اعلق الصائد الصيد اذا نصب له فعلق في حبالته وهي الشرك [19] أي دواهيه . والردى الهلاك [20] جمع وهق بفتحتين وهو جبل في طرفه انشوطة تؤخذ به الدابة والانسان [21] خلجته جذبته وانتزعته . والمنون المنية [22] شعوب علم للمنية . ويقال شعبته شعوب أي اهلكته وذهبت به [23] أي قطعته القواطع يريدون المنايا [28] يقال غلق الرهن اذا استحقه المرتهن فامتنع فكاكه [29] يقال ضحا الظل اذا نسخته الشمس وهو كناية عن ذهاب الشخص لان من ذهب شخصه لم يبق له ظل [31] القرون جمع قرن وهو اهل الزمان الواحد . والخالية الماضية [33] جمع سجل وهو الدلو العظيمة [34] سقاه الجود بالفتح وهو المطر الغزير . والثرى التراب [38] أي خرس صداه وهو الصوت الذي يرده الجبل ونحوه على الصائح يكنون بذلك عن انقطاع صوته حتى لا يرجع عنه صدى [39] بقية الروح عند النزع وقد ذكر [40] قيل المراد بها النعش والظاهر ان المراد اسديداب اعلاه اذا اطبق عليه غطاؤه وهو من قول الشاعر : كل ابن انثى وان طالت سلامته يوما على آلة حدباء محمول
[41] بوئ انزل . والجدث القبر [42] ارهن أي ضمن . والرمس القبر وقيل اذا سوي بالارض وسيذكر [48] أي اشتملت عليه ووارته [50] نظمت وجعل بعضها فوق بعض [51] الحجارة تنصب في الطريق ليهتدي بها [56] الخلة الثلمة والفرجة . وسد الخلة أي ملأها