الطلاق بين الدين والدولة
ساترك الجانب الاقتصادي الذي يلعب اكبر دور في الثورات الاجتماعية ولننظر الى الجانب الديني الروحاني فقط قبل الثورة الفرنسية
قال ديكارت * انا افكر انا موجود او انا اعيش * الجملة في حد ذاتها قالها اغسطين بقرطاج قبله بالف سنة تقريبا لكن كلاهما يعني شيئا , اغسطين قالها ليثبت وجود الله عند الفرد ومفهوم اغسطين للدولة كان مفهوم ارسطو وافلاطون وهو * الخير للجماعة * اي الفرد يعمل من اجل المجموعة , لكن مفهوم ديكارت كان يختلف حيث وضع الفرد في صورة كائن حي مستقل يمكن له ان يفكر بطريقته ليصل الى مبتغاه وهدفه سواء كان دنياوي او ديني او اي شيء كان, وما قام به ديكارت كانت اكبر ضربة للكنيسة ومفهومها المبني على ان خير المجموعة قبل خير الفرد
قبل الثورة الفرنسية كانت هناك الاف من الحركات الدينية بالغرب تتصارع بين بعضها وتسببت في معارك دموية وملاحقات كبيرة جدا من طرف الكنيسة والبابوات
الاكتشافات العلمية وضعت كذلك الكنيسة في مأزق
الكنيسة
بالقرون الوسطى بدات الكنيسة تفقد سيطرتها على الفرد والمجموعة , وبدا واحد واخر يتسائل على اي اسس بنت الكنيسة حكمها المطلق سياسيا وروحانيا
المناصب بالكنيسة في ذلك العهد كانت تباع وتشترى لقضاء اهداف سياسية ودنياوية بحتة
نجد مثلا Desiderius Erasmus av Rotterdam 1466 – 1536 الذي لعب كذلك دورا كبيرا بين العامة من الناس حيث كتب كتابا انتقد به انتقادات لاذعة للاناجيل ثم قام بترجمة الاناجيل من الاغريقية الى اللاتينية ونجد ان لوتر اعتمد على ترجمة ديسيديريوس لتاويله للانجيل , اسلوبه السخري اللاذع ضد الكتيسة ترك البابا يضع كل كتبه ب Index 1559 اي قائمة الكتب المحرم قرائتها
سنة 1517 ب wittenberg قامت حركة لعبت اكبر دور في ضرب قداسة البابا والسلطة المطلقة للكنيسة وهي حركة لوتر , (لسنا في حاجة ان نرجع لاسباب قيام لوتر ودوره في ضرب وقمع الثورة الاساسية التي كانت ثورة شعبية قادها الفلاحون ونجد ان لوتر سنة 1525 وقف بجانب السلطة واتهم الفلاحين بانهم مخربين وقطاع طرق الخ.... )
استغل لوتر النقمة الشعبية لصالحه وتعامل في البداية مع البابا ولو ننظر الى الاسباب التي تركت لوتر يقوم ضد الكنيسة نجد انها اسباب دنياوية بحتى في الحقيقة:
سنة 1514 تم تعيين رجل الدين Albert الذي كان عمره 24 سنة فقط كاعلى سلطة دينية ب Magdeburg و Mainz وحسب القوانين المعمول بها لا يمكن لفرد واحد ان يحمل نفس المنصب بمقاطعتين ,
البابا سمح لألبرت مقابل مبلغ مالي كبير رغم صغر سنه ان يكون السلطة الدينية العليا بكلا البلدين لان ألبرت هو الاخ الاصغر لحاكم Brandburg صديق البابا ,
العامة من الناس بدأت تتسائل حول مصداقية البابا الخ ....
لكن ثورة لوتر انقسمت كذلك الى عشرات الحركات ومنها خرجت 3 حركات رئيسية :
حركة لوتر الانجيلية
حركة كلفين
والحركة الانجليزية
الرشوة بالكنيسة كان معمول بها كثيرا ونرى مثلا ان ابن اخت البابا بيوس التاسع Carlos Borremeo تحصل على منصب ديني كبير جدا وعمره 12 سنة فقط
الكنيسة في القرن الخامس عشر فقدت سيطرتها وقامت حركة اليسوعيين العسكرية الخ... من الحركات ولن ننسى دور العلم ونشر المعرفة بين العامة في تدهور حالة الكنيسة
منذ تلك الفترة والى يومنا هذا ولدت الاف والاف من الحركات الدينية النصرانية منتشرة بالعالم
(فقدت الكنيسة سيطرتها على ارواح الناس باوروبا لكنها نجحت في تشر النصرانية بالاماكن الاخرى بالعالم)
وقامت الثورة الفرنسية ومات من مات وشنق من شنق
الثورة الفرنسية قامت على اساس مفهوم الدولة المبني على العقد الاجتماعي ( contrat social ) المسمى ب ( code napoleon 1804 ) وقالوا ان الدولة حررت الفرد من هيمنة الكنيسة وتعسفها
لكن مباشرة بعد الثورة الفرنسية قامت ثورة اخرى تنادي بالرجوع الى مثالية القرون الوسطى الدينية ونجد من بين هاته المجموعة chateaubriand , viktor hugo, novalis , sir walter scott الخ ...
استغلال الدين ضد الثورة
Chateaubriand كتب سنة 1802 كتابه le genie du christianisme الذي نال شهرة كبيرة في ذلك العهد , وشاتوبريان لعب دورا كبيرا بين رجال السياسة الغربيين للرجوع الى الافكار النصرانية
ونجد ان الثورة التي قامت ضد نابوليون قامت على اسس دينية ونجد ان القساوة في المعركة الحاسمة بين الكنيسة ونابوليون ب Borodino كانوا يوزعون صورة مريم العذراء على الجنود , ونجد ان البابا بيوس السابع الذي سجنه نابوليون تم تحريره سنة 1814 ورجع الى منصبه
وبعد مؤتمر فينا 1814 - 1815 رجع البابا الى مكانته السابقة وبدأ الكثير ينادي بحق البابا في قيادة الدولة الاوروبية سياسيا ودينيا
مؤتمر فينا الذي حضره الكسندر الاول الارتدكسي وفرنس الاول الكاتوليكي وفردريك الثالث البروتسنامي وضع النصرانية كاساس لتطوير المجتمع ومنذ ذلك اليوم وكل القوانين التي تصدر بالغرب نجد انها صادرة من مفهوم ديني بحت ولا علاقة لهذه القوانين بالثورة الفرنسية
فمن زاويتي اظن ان الطلاق بين الكنيسة والدولة بالغرب لم يدم طويلا