النساء والأحلام

د. حنان حسن عطاالله



نشرت جريدة الرياض في عدد الجمعة الماضي 17 ربيع الثاني، تحقيقا عن إقبال النساء على مفسري الأحلام وتعلقهن بها.
وبالطبع يتسابق الجميع ويعزو هذا الإقبال المنقطع النظير- ولا حول ولا قوة إلا بالله- إلى كون المرأة عاطفية وغير عقلانية، ومن السهل خداعها وتعلقها بالوعود والأوهام وابتعادها عن الواقع!!. ولكن هذه ليست كل الصورة أعزائي القراء!..بل إن للأمر تفسيرا آخر، أشار إليه الدكتور الفاضل يوسف المنصور- وشكرا له على تلك الإشارة - حيث عزا السبب إلى واقع النساء الصعب والقاسي!!
فواقع المرأة وما تطلعنا عليه الإحصائيات من كونها ترزح تحت وطأة الثالوث المرعب "الفقر والمرض والجهل" أكثر من الرجل. فنسب النساء تفوق الرجال في معاناتهن من الأمية والأمراض وقلة الدخل اليومي.
ناهيك عن غياب الحريات من عالم النساء، ليكون واقعهن مظلماً وبالتالي وكدينامية نفسية تلجأ المرأة وتتشبث بالأحلام. لعل وعسى تلمح منها فرجا لكربها وأملا يغير من واقعها الكئيب!!
نعم، كثير من النساء تراها تحتفظ بقائمة طويلة من المفسرين في هاتفها!!. بل وتزكي فلاناً من المفسرين وتنهى عن آخر!!.
لكن إن كانت المرأة هي الكائن الأضعف والعاطفي وو........ ولذلك ُتقبل على تفسير الأحلام. ماذا عن مفسري الأحلام والمستفيدين من ذلك حتى مادياً، أليست غالبيتهم من الرجال؟!
أليس فتح المجال واستقبالهم للنساء المقهورات المغلوبات على أمرهن، تشجيعا لهن وزيادة في تعلقهن بتفسير الرؤى والأحلام؟!.
فالرجل سبب في معاناة النساء وقهرهن وهو في النهاية سبب في تعلقهن بالرؤى والأحلام!..لست ضد تفسير الأحلام بالمطلق!.فقليل من الأحلام ما هو رؤيا من الله تحتاج إلى تفسير، وكثيرها ما سماه القرآن الكريم أضغاث أحلام لا معنى لها، سوى أنها تعكس مخاوفنا وضغوطنا وقلقنا ورغباتنا!!
إنما أنا ضد فتح الباب على مصراعيه ورواج تفسير الأحلام كمهنة يقتات منها البعض ويتغذى بها على مخاوف وبؤس نساء لا حول لهن ولا قوة!!. وبدلا من أن نحاكم النساء ونتهمهن لا بد أن نحاكم من صنع واقعهن المرير ابتداءً. ونسعى لتغييره وتحسينه بقدر الاستطاعة هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى "تقنين" مسألة تفسير الأحلام وجعلها في عدة أشخاص من العلماء الثقاة المعروفين الذين يخافون الله قبل كل شيء، لا أن تكون قائمة طويلة من أسماء لا تملك من أمر نفسها شيئاً، سوى أنها تبيع الوهم والفأل والمسكنات لنسائنا المقهورات.
وكما يقول د.مصطفى حجازي: لا يمكن للمرأة وللإنسان عموما التخلص من التعلق بالأحلام والخرافة إلا بالوصول إلى مرحلة من التوازن النفسي، والمرتبطة قبل كل شيء بتحرره من وضعية القهر التي فرضت عليه.



جريدة الرياض
الجمعة
24 ربيع الآخر 1431 هـ