تتباين مشاعرنا علواً وهبوطاً بتباين الظروف المحيطة بنا وعلى الرغم من قدرة كل شخص على معرفة ذاته بصورة شبه مكتملة، ماذا ومن يحب وماذا ومن يكره وعلى من يتحفظ وغير ذلك إلا أنه قد يكتشف في لحظة عن نفسه مالم يكن يتوقعه أو على الاقل مالم يكن يعرفه..
والأمر ليس أحجية، إنها ببساطة الحالة التي تدفعك لأن تسامح من كنت تعتقد يوماً انك لن تسامحه.. أو تلك التي تدفعك لأن تقول كلمات لم تكن تتوقع انك تستطيع قولها..

إنها اللحظات التي يمكن ان تنفجر فيها باكياً بسبب موقف صغير لايستحق دمعة، أو يدفعك رغماً عنك لأن تضحك في عزاء..!

وبقدر ما اشتهرت عبارة "اعرف نفسك" وبقدر ما عمل عليها اصحاب البرمجة اللغوية وتفجير الطاقات الكامنة بقدر ما ستظل هذه النفس صندوقاً مغلقاً لا يعرف كل ما فيه إلا الخالق عز وجل..

ولطالما استوقفتني الحكمة المأثورة عن التعامل مع الحب والبغض بالوسطية فقد ينقلب الحبيب عدواً وينقلب العدو حبيباً، واعرف كم كان لهذه الحكمة من تأثير على حياتي وحياة كل من عرفت، فبقدر ما تجرفنا عواطفنا بقدر ما تكون صدمتنا اكبر واعمق وكلما استطعنا ان ننجو من الإغراق في المشاعر كلما كانت فرصة النجاة النفسية اكبر واكثر قرباً..

ولكن يبقى جزء بدائي في دواخلنا يتغذى بالرغبة في المزيد، يريد من الحب اعمقه واعنفه واقواه ومن البغض اوضحه واظهره.. يريد حين يشرب ان يرتوي وحين يمتلئ ان يفيض وحين يفتح ذراعيه للحياة ان يسعها كلها وان تسعه كله.. يرفض الاعتدال ويسخر من التأني ويضيق صبره عن ساعة انتظار..

ولا اعرف رأيكم لكني أفضل ان اتطرف في مشاعري واؤمن بأننا لايمكن ان نعبئ المشاعر في قوارير وان طوفان احساس يجرفنا خير من الوقوف في صحراء المشاعر نستجدي قطرة حس..

واعتقد ان معرفتنا لذواتنا بشكل اكثر واقعية واكبر الماماً لن يتأتى إلا لو اطلقنا العنان لكل ما نشعر به ليعبر عن ذاته بحرية دون ان يتعدى حدود حريات الآخرين، ودون ان ينكمش تردداً أو خوفاً أو جهلاً..
المصدر