شمس الديمقراطية تشرق .. على الأمة الموريتانية
ولد فــال ضرب المثل ... وحقق الأمــل
اليوم 26من مارس/ ازاريكون قد مر عام علي التجربة الموريتانية
في الوقت الذي يفشل فيه الإخوة العرب في إتخاذ أي موقف عربي واحد حيال ما يدور من أحداث دراماتيكية هزلية علي المسرح العربي من فراغ دستوري ورئاسي في لبنان إلي مجازر الهولوكست الصهيوني علي أبناء وشعب فلسطين إلي عدم توصلهم إلي صياغة مشتركة أو آلية واحدة لعقد المؤتمر القادم في حال الإتفاق علي عقده في دمشق أواخر هذا الشهر في الوقت الذي يذبح فيه شعب العراق والصومال والسودان أمام صمت نظام عربي يحتاج إلي غرفة العناية المركزة أو تشيعه إلي مثواه الأخير ففي هذا الوقت الذي يبدو فيه هذا النظام المتهرئ قد وصل إلي ذروته يكون قد مر عام علي التجربة الديمقراطية الموريتانية التي أحرجت النظام الرسمي العربي بهذه المنظومة التي قلبت كل الموازين السياسية في الشارع العربي ولذا كان لزاما علي الوعي العربي أن تقدم التحية إلي الشعب الموريتاني والتجربة الديمقراطية التي شيد أولي لبناتها الرئيس محمد ولد فال الذي اختار نظاما سياسيا جديدا لا يتفق مع الموروثات وخصوصيات بلادنا العربية هذا النظام الذي أثبت حقيقة مؤكدة هي أن الشعوب العربية ناضجة بما يكفي ومؤهلة لممارسة هذه النوعية من السياسات الديمقراطية بعكس ما يشيعه حكامنا وملوكنا عن جهل وعدم نضج الشعوب وأن هذه التجربة الوليدة والتي أثبتت أن الإنسان العربي يستحق عن جدارة كافة حقوق الشعوب المتحضرة التي قهرته تلك الأنظمة فالتجربة الموريتانية الديمقراطية قد وصل قطارها إلي أهم محطاته ووفي العسكر بتعهداتهم التي أعلنوها فور نجاح الإنقلاب الذي قاده" ولد فال" ورفاقه الأحرار ضد الرئيس السابق" معاوية ولد طايع" في آب/ أغسطس 2005 وأعلن ولد محمد فال بأنه سوف يقود البلاد فترة إنتقالية لا تزيد علي العامين يتم بعدها تسليم الدولة إلي المدنيين عبر قنوات الإنتخابات الشرعية والنزيهة بداً من الإنتخابات المحلية والنيابية بعيداً عن التراث العربي في فن تزوير الانتخابات و بحضور مراقبين دوليين وصولا ألي الانتخابات الرئاسية نعم لقد ضرب ولد فال مثالاً للنزاهة والمصداقية و يراها البعض بلاهة وحماقة في زمن غلبت عليه المصالح الشخصية والتشبث بتلابيب الحكم فيا ليت لو إنتقلت حماقة وبلاهة ولد فال لعقلاء وحكماء عصرنا في زمن إنقلبت فيه المعايير والموازيين فهذا الرجل البسيط الذي نشأ وترعرع في المؤسسة العسكرية التي لعبت دورا كبيراً في الحياة الموريتانية منذ الإستقلال من الإستعمار الفرنسي حيث قادت العديد من الإنقلابات الناجحة والفاشلة ووصول عدد من الجنرالات إلى سدة الحكم وكانت سرعان ماتتبخر وعودهم التي قطعوها على أنفسهم أدراج الرياح حتى أصبحت الإنقلابات العسكرية سمه وأمر يتكررفى موريتانيا لا تجنى البلاد منه شيئاً سوى مغامرة اومقامرة لأحد قيادات الجيش وعندما قاد ولد فال رأس المؤسسة العسكرية إنقلاباً عسكرياً نظيفاً ضد معاوية ولد سيدي الطابع وإعلانه منذ اللحظة الأولى وبعد تشكيله للمجلس العسكري الحاكم انه لن يستمر في السلطة وانه جاء لترتيب البيت الموريتاني من الداخل والأعداد لتعديلات دستوريه تشمل تحديد مدة الرئاسة بمده قابله للتجديد مرةً أخرى فقط والتعهد بالأصالة عن نفسه وعن أفراد المجلس العسكري الذي يرأسه بعدم الترشح لولاية اى منصب وعدم دعم أي مرشح للانتخابات وملتزما بالحياد الذي تعهد به وأكد انه سيترك السلطة لمن يفوز بها كما سبق ووعد الجماهير الموريتانية حتي ولو طلب منه قادة البرلمان البقاء في السلطة حقا لقد نظرنا بعين الشك والريبة من مثل هذه التصريحات وخاصة لما لنا في الوطن العربي من تجارب مع الأنظمة التي لاتجيد إلا فن الوعود والتصريحات البراقة والتي تعلم من إنتشار الزهايمر المبكر لدى الشعوب العربية وقلنا أفلح إن صدق وأن غدا لناظره لقريب هكذا دائماً تكون البدايات وردية والباقي نعرفه جيدا وتأتى ساعة الصفر ويقترب الحلم أن يتحول إلى حقيقة وواقع وتبدأ موريتانيا الإعداد للانتخابات وعلي الرغم من صدور التصريحات المعهود ة والسابقة عن الحياد والنزاهة إلا أن التجارب العربية السابقة في هذا الشأن قد سربت بعض الشكوك لدينا حيث إننا نسمع مثل هذه التصريحات المعهودة وسرعان ما ينقلبون عليها خلال مهازل الانتخابات ويصدق ولد فال في أول وعوده ويبر بتعهده بعدم ترشيح نفسه أو اى من أعضاء المجلس العسكري في الانتخابات الرئاسية ولكن مازال الشيطان يوسوس في داخلنا بسوء الظن مردداً أنه بالتأكيد سوف يكون للمجلس العسكري أجنده خاصة ومساندة أحد المرشحين ولكن يضرب هذا الرجل مثالاً ً آخراً في إحترام الذات والوطن وشرف الكلمة والتعهد وليطرح وساوسنا ارضاً ويفتح الباب أمام اللجان الدولية المختلفة لمتابعة عملية الاقتراع والأجواء المحيطة بها ولم يجنح للأفكار الباهتة الهالكة من نغمة كرامة الوطن وعدم التدخل في الشئون الداخلية ليضرب ولد فال في هذا الزمن الذي عز فيه الرجال أن الكرامة الحقيقية لأي أمه ليس في تعدادها أو قوتها العسكرية وهيمنتها أو ضربها في عمق الحضارة والتاريخ ولكن في تطبيقها الحقيقي للديمقراطية بمعناها البسيط الذي يتجلى في إمكانية تداول السلطة بشكل سلمى وبطريق شرعي ويستجيب الشعب الصحراوي من أبناء موريتانيا ويكمل المنظومة بإقباله على التصويت بنسبه تقدر بنحو 70%وليصبح ولد محمد فال رمزاً للديمقراطية والمصداقية والزهد في السلطة ويعلنها كلمة يسجلها التاريخ في حق هذا الرجل عندما قال " نحن جئنا إلى السلطة لأسباب محددة هي انجاز المهمة ونغادر السلطة ونحن مرتاحين لأننا قمنا بواجبنا " طوبى لك ولأعوانك وهنئيناً لكم تسطير خطواتكم هذه في تاريخ الإنسانية وتاريخ أمتنا العربية التي لم يسبقك إليها سوي الرئيس التقي الورع السوداني المشير عبد الرحمن سوار الذهب الذي تخلي عن السلطة بعد عام من إنقلابه علي الرئيس جعفر النميري في نيسان / ابريل 1985 وتسليمه السلطة إلي حكومة مدنية منتخبة واعتزاله العمل السياسي ليتفرغ للعمل الإسلامي وحسبكم ما إن ذُُكرت الديمقراطية وزهد السلطة إلا وكنتم مرادفيها فياليتكم ايها الحكام تفهمون الدرس جيدا .
الوعي العربي
