"مزايا إيجابية و نحو الإيجابية"
بالرغم من أنيِّ لست من أهل الاختصاص في التحليل الفكري الاجتماعي أو السياسي أو النفسي أو ما له علاقة بكل هذه الجوانب و غيرها المرتبطة ببعضها البعض
إلا أني من خلال الموضوع أحببتُ الإشارة بسرعة لمزايا إيجابية
ملموسة عموما عند إخواننا الشيعة : (و من ثم دعوة نحو التقارب)
1- العاطفة الجياشة ، هذه الميزة تكسبهم سلوكيات مميزة مثل الحيوية ، العفوية ، الحركة ، التفاعل مع القضايا المطروحة لديهم ،و نادرا ما نلمس المجاملة (قياسا مع الصراحة و الصدق) و من نتائج العاطفة الجياشة على مستوى أبعد أنها تقوِّي التواصل و تشجعه و من ثمّ تخلق العاطفة الأخوية بين الأفراد و تحافظ عليها مع مرور الزمن فلا تندثر بمجرد تغير الزمان و المكان، هذه الأخيرة التي تساهم كثيرا في التوحد و نبذ الفرقة ، و يمكن لمس هذه النتيجة على أرض الواقع بين إخواننا الشيعة إذ يمكن بكل وضوح رؤية التوحد و الترابط فيما بينهم،
2- وُلاَّة أمورهم هم أفراد على مستوى من الدين و الورع و التقوى و الرزانة ، يتحرون بقدر الإمكان التوحد بين مواقفهم و يحافظون على الاحترام و التقدير فيما بينهم قبل كل شيء و بعده، فلا تجد إماما أو قائدا أو أسطونا يطعن أو يتطاحن مع إمام أو قائد أو أسطون آخر ، يحافظون على ميزة الوقار و يراعون أخلاقيات و أدبيات القول و الفعل و المواقف قبل كل شيء و بحكم أنهم رموز للدين و يحملون رسالة و يسعون لهدف، بات التسرع و الخفة و الطيش و تفكك المواقف و قصر النظر خصال مذمومة يراعون قدر المستطاع القضاء عليها ،و من نتائج ذلك أنهم يلقون نفس المعاملة من قبل العامة أي التقدير و الإحترام و التوقير و الولاية و الإلتفاف حولهم،
من خلال النقطيتين السابقتين إنبثق ما يلي
4- توجهات ذات مواقف حُرَّة قوية متماسكة فرضت وجودها على أرض الواقع و لاقت نصرة المولى عز و جلّ
5- البناء و الاهتمام بالبناء في كل الميادين و تجاوز الأمور التافهة التي لا تزيد في البناء (هذا إن لم تخربه) ، بداية من الاهتمام بالتربية و التعليم ، و متابعة مختلف العلوم و تغذية الفكر بالعلوم و فلسفة العلوم ، نفس الاهتمام يمكن لمسه كذلك في الفنون و السياسة و الاقتصاد و الإجتماع ...إلخ و من أحد النتائج المباشرة التي كانت بمثابة ثمرة مشرفة تطلبت مجهودات بقدر هذه العلوم المحصلة هي إطلاق صاروخ إلى الفضاء الخارجي
يمكن لمس النتائج الإيجابية للنقطيتن الأخيرتين على أرض الواقع
و هي تبعث على نوع من التفاؤل ، نوع من الأمل في الحصول على نتائج إيجابية حين نتمسك بمبادئ أساسية في ديننا الحنيف ، لا سيما أن إخواننا الشيعة قد جسدوها فعلا على أرض الواقع
فماذا لو توحدنا كلنا سنة و شيعة و مشينا معا بنفس هذه المبادئ الكافية جدا، ألن تكون النتائج الإيجابية على مدى زماني و مكاني أوسع و أدوم ؟
ثم التقارب الحقيقي بين السنة و الشيعة ليس أمرا مستحيلا و من الممكن رسمه بمخطط بسيط بخطوط عريضة كما سيأتي ، لكن قبل ذلك أود أن أذكر في هذا المضمار مشوار السود الذي سعوا فيه ضد التمييز العنصري ، في ذلك الوقت كان تمتع السود بنفس حقوق البيض حلما شبه مستحيلا خاصة مع عدم التكافؤ بين البيض و السود في كل شيء و حتى في القناعات و طرق التفكير و كان السعي من طرف واحد من طرف السود فقط ، لكن أنظروا الآن بعد الكثير من التضحيات و النضال تمكن السود من الحصول على كثير من الحقوق ، و فرض وجودهم ، و الآن يمكن أن نرى أن مظاهر التمييز العنصري خفت كثيرا و هناك إندماج و قبول و إختلاط بين السود و البيض تقريبا في كل شيء .
نحن (سنة و شيعة) و الحمد لله لسنا كما كان الوضع (سود و بيض) في الماضي ،
أولا هناك تكافؤ بين السنة و الشيعة (ليس هناك سيد و ليس هناك مسود)
كلانا تحت ظل دين واحد (و الحمد لله ليس محرفا) هو الإسلام و مبادئ ديننا الحنيف سمحة و تشجع على التفتح و التواصل و التراحم و تنبذ التمييز أيا كان نوعه ، كما أنها تدعو إلى تنمية العاطفة الأخوية و المحبة بين إخوة الدين محبة حقيقية صادقة لا مجاملة فيها و لا نفاق، أي السني يحب حقا أخاه الشيعي و الشيعي يحب حقا أخاه السنيّ ، من هذه المحبة ما الذي يمكن أن ينبثق ؟
حينما تسكن هذه المحبة قلوب المشايخ و الأئمة و العقلاء من أهل السنة و الشيعة على حدّ سواء ما الذي يمكنهم فعله ؟
في خطبهم و مؤلفاتهم و في كل نشاطاتهم و مساعيهم سيدعون عامة الناس إلى أمر أساسي :
السني يحترم و يقدر قناعات و رموز و مشايخ الشيعي و كذلك الشيعي يحترم قناعات و رموز و مشايخ السني
و بالنسبة لتلك الحقبة التاريخية السوداء التي انتهت باستشهاد سيدنا الحسين سيعتبرها كل من السني و الشيعي على حدّ سواء حقبة سوداء قدمت لنا عبرة ألا و هي النتائج السوداء للتشتت . و يحاولون طيها دون تبادل التهم و التلاوم ، بمعنى يقفلون أي ثغرة إضافية لمزيد من التشتت بطيّ تلك الصفحة تماما، فسيدنا عمر و عثمان و علي و الحسين عند رب السموات و سيدنا معاوية عند رب السموات و كل الذين ماتوا هناك هم عند رب العالمين و رب العالمين العادل الرحيم سيعطي كل ذي حق حقه فلا ظلم عند رب العالمين . و هو نعم الوكيل، و يكفينا ذلك كلنا سنة و شيعة، خلاص ذلك صار الماضي ، خلونا نصلح الخطأ في الحاضر و نسد كل فتحات الفتن ، كفانا لقد رأينا ما فعلت الفتن إلى أن توصلت إلى إستشهاد سيدنا الحسين و لقد أرهقتنا و مزّقت القلوب الحية من ماض مؤلم و حاضر مؤلم
يبق شيء وحيد فقط يمكن لكلانا أن نبكيه معا دون تلاوم ألا و هو مآسي الفرقة و التشتت و نبقى نبكيه إلى حدّ الآن
لنبرهن لرب العالمين أننا قد فهمنا حقا خطر الفرقة و التشتت ، و هذه الدماء التي سالت و رويت الأرض منذ قديم السنين ، لنحقن دماءنا الغالية إخوتي لنحب بعضنا كي يحبنا الله و يحببنا لبعض أكثر و أكثر و تحقن دماء الإخوة أبناء أرض الإسلام
متى فهم الناس هذه المحبة الأخوية بين السنة و الشيعة و شربوها و سكنت قلوبهم سينقلونها إلى الأطفال ، إلى الجيل الصاعد ، فلن يكون هناك سنيّ و شيعي كلا سيكون هناك أطفال مسلمون إخوة أصدقاء يحبون بعضهم البعض اسمهم عمر و عثمان و عليّ و الحسين و فاطمة و عائشة سيدرسون في مدرسة واحدة و سيظلون أحبة طول العمر لأن الأب و الأم و المعلم و الشيخ و الأستاذ الجامعي (المثل العليا) قد رسخت ذلك في قلوبهم منذ الصغر و على طول فترة كافية لتبلور شخصية متزنة . سيتحقق الإندماج الحقيقي المنسجم بين السنة و الشيعة في المدارس و المؤسسات و الجامعات بل في كل شيء و ستختفي تدريجيا هذه التسميات و لن تبق سوى تسمية المسلم و عاطفة المحبة في الله
لنكن يا إخوتي ، لننوي نية صادقة أن نكون كما يحب المولى و يرضى حينها سيمن علينا بنعم التوحد و الترابط و المحبة
إخوتي السنة إخوتي الشيعة انتم من تعيشون على أرض واحدة هي فرصة لكم هذه الأرض الطيبة للم الشمل ، إقتربوا إخوتي من بعضكم ، إتخذوا من بعضكم البعض أصدقاء و أحبة تخالطوا ، تعارفوا ، تصالحوا ، تحملوا بعضكم بعضا مثلما يتحمل إخوة الرحم بعضهم البعض ، لا فرق بين أخوة الرحم و أخوة الدين ، فكلها أخوة في الله
كونوا إخوة في الله أحبة
و الله المعين و الله الهادي
و حسبنا الله و نعم الوكيل