-من قال أنّ القدرَ قرّرَ أنّ يكسِرني؟
إنّني أنحني

قبل ولادةِ الرحيل بشهقة وألف دمعةٍ مما يعدون
نشيجٌ وطفل يدعك البكاء على فمه - لم أكن أنا
قوم تُبّع في صدري يمورون
نشيجٌ وطفل يدعك البكاء في فمه - كنتُ أنا
الغزاة يتشكلون على هيئة حبات برد وفي مساماتي يقرِصون.
إيّاكَ أن تصغي إلى البكاء في أصابعي وهي تفرك القلق و تلِتُ الحيرة كعادتها عندما يهاجمها الصقيع
ولا تهتم أبداً للإهتزازات التي قد تصيب فكيّ فهي سرعان ماتزول عندما تنشق القربة ويسيل الملح
ولا تحاول أن تسأل عن السحنة الفارّة من وجهي عندما يتلاقح النظر بيننا
كنت شجاعة بما يكفي حتى ألبّي_موعدك_نداء الحب الأخير

-خنوع ويظنه موعد-
النظارة الشمسية الملقاة بإهمال على الطاولة ابتلعت ملامحي لكثرة ماحدّقت بها
وزرقة السماء في عينيه تتماوج مع مستنقع القهوة الشاخصِ أمامه
يدهُ الحريق تلتهِمُ كفيَ الدُخان
لاشيء يتمزق سوى حبة الأكسجين بين أنفي وأنفه
نصفها اللاهثِ إليّ ارتمى في حضنِ الشهيق
ونصفها الفارّ إلى أنفه لفظها زفرة
أفرج عن دخانِ التبغ المحبوس بين فكيه فتبدّد شيءٌ من الوجومِ الممتد بيننا
أورقَ الصمت "أحبكِ" خضراء نبتت على حواف فمه
مضغها القلب قبل أن ترِفّ شفتاه باستدراك "ولكنه الرحيل"
ابتلعني الكرسي غصّة ، ولا شيء في الأسفل سوى راجفة أصابت الأقدام
لم تخرس شفتاه اللتانِ غارتا في جبيني ارتعاشة أوردتي
قبلةُ الرحيل الشتوية ترسل صقيعاً يجمد شغاف القلب
وأنا كتلة الجسد الواجمةِ على قارعة فراق
تمور الأرض من تحتي على وقع الرحيل في قدميه
يده الحريق تلوّح
تتلاصق جفناي على المقلِ المتصحرة في فتحات رأسي
ينزُّ الرصيف عن صوتِ بكاء طفلةٍ ترنو إلى الفقد بصريخ
من سرق الحلوى من فمي؟
من أخرس الغناء في حنجرتي؟
من أغلق نافذةَ الفجرِ على شدو الناي من أنفاس حبيبي؟
التلويحة في يديه توشك على الاختفاء
ويديَ الدخان تغضّ الطرف عن هجير التلويحة و تتلقف كتاب الرحيل المقدس الذي تركه ملقىً خلف ظهر الوجع
يبدؤه بِـ :
أوراقٌ من مدى اكتحلت بحبر الغياب المحتّم تكاتفت لتجمع حزنيّ إليكِ ،
إلى رقيع..سمائي الأولى
إلى سجَّانة النور في محيطي بعد قذفي من ظلمات رحم
إليكِ يامن حبستِ بياض الكون بين دفتي جسد
إليكِ ياروح تيتمت بين جماداتٍ بشرية
شاعركِ المتسخ بنبضه يرحل
وصدره مملوء بما تيسر من طهرِ أنفاسك
شاعركِ المتسخ بحزنه يرحل
وجسده مسكون بأُغنيات فرحك
شاعركِ المتسخ بحرفه يرحل
وشفتاه تتلو قصائد طهرك
ترياقكِ الشهد ينساب بين انحناءات حنجرتي فأشدو
أحبكِ بكلّ ما أوتيت شعور
أنا الميمّمِ شطر غربةٍ تغرس أنيابها في عنق الشاعر الوضيع
الذي خلق نكرة لـ يفنى نكرة
أحبكِ بكلّ ما أوتيت من إحساس وإن خلوتُ من إحساسي الفطري إلا بكِ
أنا الراكض خلف ترابِ معركة وجودي البائس المتصاعدة خارج مداراتك
يا زفرة الناي الحزين
يا سطرَ الماءِ على وجنةِ جدول
يا بقعة السجود في محراب ناسك
يا بتلة الياسمين البِكر
يا وقع الندى على أوراق العنب
يا خمرة الجنة
أنا الواقفُ بين الفردوسِ والحُطَمَة
على صراطٍ يشق نصله جسدي نصفين
نصفٌ تصَعَّد إلى سماء الله ونصفٌ يُداس في شقاء الأرض .
سيكون رحيلٌ بلا أوبة فلا تذكريني
واكتبي على الطرقات على جدران المقاهي والطاولات
شاعري البائس ترك النعيم بين أحضاني ومات
أخبري كلّ العشاق أنني أول من هجر الجنة للجحيم
أخبريهم أنني لست أهلاً للبياض لمراتع العشب بداخلك
أخبريهم أنني جرحٌ لا يتفتق إلا عن قيحٍ أسود كفيل بنشرِ نجس الحزن بكل من يمر به
لن يمنّ علي المنفى بإنسانٍ آخر يستحقكِ فلا تذكريني

انتهى ..