إرادة الشعوب .. تحطم القيود
في تدهور سريع للأوضاع بصورة غير مسبوقة على الحالة الفلسطينية منذ اكثر من أربعين عاما حيث الإعلان عن دولة إسرائيل وإنتقال فصول الصراع من مرحلة الصراع العربي الإسرائيلي إلى الصراع الفلسطيني الإسرائيلي انتهاءًا بكارثة الصراع الفلسطيني الفلسطيني وغياب إسرائيل عن تصدر المشهد والخروج من قلب الحدث والمواجهة كما في الانتفاضة الأولى والثانية وتدنيس شارون المسجد الأقصى وإجتياح الضفة والهجوم المتكرر على غزة و إرتكاب المجازر والمذابح وما تمثله من وصمة في جبين الإنسانية وكان الصمود والاستبسال الفلسطيني وما تُسطرة المقاومة من بطولات أذهلت العالم على الرغم من الحصار الشديد وقلة الإمكانيات والأسلحة المتاحة فهذا منطقيًا من حيث الإيمان بقضية التحرير والدفاع عن مقدسات الوطن ولكن ما أستجد هذه المرة ويثير الألم هذا الصراع على سلطة وهمية وسيادة منزوعة تحت الإحتلال إن هذا الصراع المؤلم الدائر بين حركتي فتح وحماس هو صراع عبثي لأن ما يتنافسون عليه من حكومة ليست أكثر من شكل كاذب فحتى هذه اللحظة ترفض إسرائيل وأمريكا ودول الإتحاد الأوروبي الإعتراف بها أما فلسطين الدولة فهي مجرد وعد من الأفاق بوش الصغير لتنفيذ مشاريعه الإستعمارية وإن كان هذا الصراع السلطوي تاريخيا وجد منذ توقيع إتفاقية أُوسلو وما رشح عنها من خلق دولة فلسطينية مختزلة في الضفة وغزة وعاصمتها رام الله وما ربحه الفلسطينيين من هذه الإتفاقية إلا العيش في وهم السلطة ومتطلباتها وأطماعها ونجاح إسرائيل في مقابل منح هذا الفخ للاخوة الفلسطينيين الحصول على إعتراف أكثر من تسعين دولة وتوطين أكثر من مليون مهاجر يهودي في مستوطنات الضفة وغزة وبدأ الصراع على السلطة يتبلور من هذه اللحظة وإن لم يظهر على سطح الأحداث لوجود شخص أبوعمار ببعده التاريخي والنضالي وكزعيم لمنظمة التحرير الفلسطينية وإعتباره مرجعية لكل الفلسطينيين بمختلف التوجهات وبقتل أبوعمار وغيابه عن الساحة ظهر هذا الصراع على السلطة واضحًا ومتجليًا سواء كان داخل حركة فتح ذاتها أو بينها وبين وحركة حماس وخاصة بعد الصدمة الكبرى التي منيت بها حركة فتح بفوز حماس في الانتخابات التشريعية وتشكيلها الحكومة مع ممارسة الضغوط على الأنظمة العربية بعدم استقبال وزراء حماس بإعتبارهم أعضاء في الحكومة ووصل الأمر إلي ترحيلهم من المطارات وعدم منحهم تأشيرات الدخول وكذلك وقوفهم أمام المعابر بالأيام حتى يسمح لهم بالدخول فالأمر معد سلفاً ومُسبقاً وليس وليد الأحداث الجارية وما يوجد بين الفريقين من إختلاف ايديولوجي ومنهجي وما قامت به دول كبرى وإقليمية وكذلك أشخاص يعملون لحسابات شخصية ومساعدات خارجية وإملاءات صهيوأمريكية و من هم مشتاقين للسلطة من إذكاء نيران الفتنة بين الفريقين وتوسيع الهوة يوما بعد يوم إلى أن تعقدت الأمور ووصلت إلى طريق مسدود وإحتدام الصراع بين الأشقاء وتم تجاوز كل الخطوط الحمراء والثوابت لما يخدم المصالح الخاصة وإغتنام فرصة لا تُفوت وفرض أمر واقع دون التفكير في أمن الوطن ومصلحة الشعب وإن المشروع التأمرى علي حركة حماس نجح في إصطياد الحركة وإبتلاعها الطعم الذي قدم إليها من جهات وطينية وأخري إقليمية شاركت وساهمت عن طيب خاطر لتقديم خدمة للسيد الأمريكي لكي تُجر إلى صراع سلطة وتحولها من حركة تحرير وطني إلى حركة سياسية تتصارع علي السلطة المفقودة بهدف القضاء علي برنامجها العربي القومي من منظور إسلامي يتساوى معه رعونة وعجلة موقف محمود عباس ميرزا واستغلاله ما أسماها بالحركة الانقلابية ومتهمًا حركة حماس بالإنقلابين والتكفيرين معطيا الضوء الأخضر لتصفيتهم والقضاء عليهم مع إعلانه حالة الطوارئ وإقالة الحكومة وتشكيل حكومة طوارئ بصورة لا تتوافق مع القواعد الدستورية الفلسطينية والوقوع فى مأزق كيفية إضفاء الشرعية مستقبلاً على هذه الحكومة و موقفها من الأوضاع فى غزة ، إن كل ما يحدث اليوم لا يشرف ولا يخدم تاريخ فتح النضالي ولكن فتح اليوم ليست فتح المنظمة التي ولدت من رحمها جميع فصائل المقاومة فالرئاسة الفلسطينية تنفذ اليوم أجندة أمريكية وإن الغياب العربي وإختلاط الأوراق هو الذي أتاح الفرصة لهذه الاجندة وهي الخطوة الجديدة على طريق الفوضى الخلاقة التي بشرت بها فاتنة الزعماء العرب كونداليزا رايس وكان علي حماس وتاريخها الجهادي عدم إعطاء الفرصة للإدارة الأمريكية من نشر ونقل فوضتها الخلاقة بين الأخوة لما يخدم مصلحة الدولة العبرية و إستغلال هذه الحالة من التشرذم والتشتت وتكريس هذه الحالة من إنقسام السلطة في الضفة ورام الله مع ترحيب أمريكي إسرائيلي وعربي بحكومة فياض التي نالت الرضا السامي ورفع الحظر والحصار فورا في الضفة والتعامل معها والإغداق عليها بالدولارات ، وكان تصرف حماس بفرض السيطرة على القطاع بصورة عسكرية شابة التسرع والوقوع فى مأزق تصعيد وتيرة ونبرة أعدائها و ووضعها تحت الملاحظة الدقيقة مع مطاردة كوادر ونشطاء حركة حماس بإعتبارهم مارقين وخارجين على القانون ويشكلون تنظيماً إرهابياً مع إستمرار حالة التربص الفلسطيني الفلسطيني والإنشغال بهذه القضايا الفرعية وإهمال القضية الحقيقية حق تقرير المصير وتكوين دولة فلسطينية , ولذا لجأت إسرائيل إلى سياسة العقاب الجماعي ومحاصرة غزة إقتصاديا وعسكرياً وذلك بقطع الإمدادات من الغاز والكهرباء وكل مقومات الحياة للقضاء على حماس ودعم عباس في إدارة السلطة في رام الله والقيام بعمليات إبادة منظمة بالقتل والتجويع مع إستهداف كوادر المقاومة وحدث ما كان لابد أن يحدث من إقتحام الألاف من قطاع غزة الحواجز الحدودية في معبر رفح ولم يكن بوسع الإدارة المصرية مقاومة الوضع الإنساني الذي نجم عن إجراءات الحصار الوحشي الذي فرضته إسرائيل براً وبحراً وجواً فلم يكن قرار فتح الحدود قراراً رسميا وانما قراراً فرضته إرادة الشعوب عندما أسقطت سور برلين بين مصر وفلسطين فامتثلت وأنتصرت إرادة الشعوب العربية علي إرادة الأنظمة فالشعوب هي التي تفرض إرادتها علي إرادة الحكام عندما تملك التصميم والإرادة، وقد سبق أن حدث الشيء نفسه في أزمة الحجاج وأضطرت مصر الي فتح معبر رفح غصباً عن إرادة الدولتين ، أما ما يزيد الأمر آسي ومرارة فهو العجز العربي وصمت القبور في مقابل لعربدة الصهيونية والأمريكية في الوقت الذي صدعوا فبها حكامنا العرب رؤوسنا أثناء زيارة الأرعن بوش للمنطقة أشبعونا تطبيلاً ورقصا وتهليلا لهذا الأفاق كما لوكان شهريار العصر والأوان في الحرملك العربي والسؤال هو هل كان من الممكن أن تقدم إسرائيل من جانب واحد علي كل هذه الإجراءات النازية والعنصرية ما لم يكن هناك توافق عربي ودولي معلن أو ضمنيا علي ممارسة أكبر قدر من الضغط والعقاب الجماعي بل وتقديم المساعدة والدعم لتمرير أجندات عدائية علي حساب مصالحنا وأمننا القومي ربما خضوعا أو إمعانا في التملق للوصول إلى أهداف شخصية الي الحد الذي تتم فيه شخصنة الأمور القومية لخدمة مصالح إمبريالية وعلينا نحن العرب شعوباً أن نتعاطي مع ما يجري من أحداث علي الأراضي الفلسطينية علي أرضية من المصالح والأهداف الوطنية والقومية وليس من منطلق فتح وحماس الذي إن تم سوف يعزز من قدرة إسرائيل علي تنفيذ مخططاتها وأهدافها في فرض شروطها ، في الوقت الذي لم نسمع فيه للجامعة العربية صوت عن رفع الحصار وتوقف إستهداف الشعب والكوادر الفلسطينية من قبل الإحتلال الإسرائيلي إلا من خلال تصريحات باهته هزيلة جاءت علي لسان أمينها العام عمرو موسي وذلك بعد لقاء وزراء الخارجية العرب في القاهرة ولقد كشفت الأحداث الأخيرة في غزة النقاب عن سماعنا أصوات من السلطة الفلسطينية وبعض الأقلام العربية المأجورة والممولة من إعلام المارينز من أجل القضاء علي حركات المقاومة وذلك من خلال إعلانهم وصف صواريخ المقاومة الفلسطينية بالعبثية وبأنها عديمة الجدوى علي الرغم من أنه لا حل تكنولوجي لتلك الصواريخ وذلك بناء علي تقارير الجيش الإسرائيلي مع التقليل من حجم الخسائر التي تكبدها المقاومة للعدو الإسرائيلي فلقد تمكنت المقاومة من قتل 213 صهيونيا بينهم 50 عسكريا وتنفيذ أكثر من ثلاثة آلاف هجوم عام 2003 وزاد هذا العدد عام 2004 فقد شهد مقتل 418صهيونيا وتنفيذ اكثر من خمسة آلاف هجوم مما يشير إلى تصاعد المقاومة كما شهد 2006و 2007 إضطرادا نوعيا فقد أعلنت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد انها استطاعت مؤخرا تطوير صواريخ محلية الصنع تحاكي صواريخ كاتيوشا الروسية التي نجحت وبلغ مداها حوالي 22كم بعد أن كان أقصى مدي تصله الصواريخ هو 12كم فقط والتساؤل الذي نطرحه إذا كان بوسع إسرائيل إتخاذ إجراءات من جانب واحد بإغلاق المعابر والحصار مع تواطئ مريكي أوربي فلماذا يكون العرب هم الطرف الوحيد الذي يلتزم بالاتفاقيات
الوعي العربي
www.alarabi2000.blogspot.com