جاسم الرصيف
ـــــــــــــــــــــ
مفخّخات ثقافية
ــــــــــــــــــــــــــ
واهم ، ومضلّل ، كل ّ من يظن انها : ( زوبعة ) اعلامية هبّت وانتهت ، تلك التي حصلت في شهر آب 2006 ، عندما عيّر ( باقر جبر صولاغ ) ــ الأيراني النسب والعراقي الإقامة ، وزير الداخلية آنذاك ــ وعبر قناة الجزيرة القطرية ، العرب ( بالبعير ) رمزا ثقافيا لهم ، في معرض تطاوله على الأمير سعود الفيصل الذي تحدث عن المد ّ الأيراني في العراق ، وعلى دلالة ان هذا حارب التصريح بمفخخة ( ثقافية ) مازالت حيّة ، نجح الأيرانيون ( العراقيون بالإقامة فقط ) وتجار الحروب الأكراد باستدراج حليفهم الأمريكي وحلفائهم الأوربيين والاسرائيليين على ترديدها ببغاوية مضحكة :
والمفخخة ( الثقافية ) هذه التي تلمّظ بها ( صولاغ ) وغيره ، خطّط لها ان تكون ( خارقة حارقة ) للعراقيين في مختبر تجارب ، وشعوب دول الجوار العراق تمهيدا سرطانيا لرسم حدود ( خارطة الدم ) ، التي تسربت ( سهوا مريبا ) من البنتاغون الأمريكي ، لتطال بدمويتها الطائفية العنصرية دول الشرق الأوسط كلها لاحقا على شكل : ( الشرق الأوسط الكبير ) ، ثم ( الصغير ) ، ثم ( بالمشمش !! ) على جدار الرفض العربي الصلب لها ، وكشف حقيقة انها مفخخات طائفية عنصرية خلّب على الأرض ، حيّة ومتفجّرة في رؤوس من يسعون اليها .
وحدود المفخّخة ( الثقافية ) رسمها ( صولاغ ابو دريل ) على شكل تصريح ملحق باعلان ( البراءة ) الأيرانية من ( ثقافة ) البعير العربي ، جاءت على شكل توضيح لم يخل من تهديد بأن عديد الشيعة في العراق هو : ( 17 ) مليونا !! وعزف على ذات المفخخة ( جلال الطالباني ) ، في ذات الشهر ، وفي معرض تصريح لقناة العربية ، ان عديد الأكراد هو : ( 7 ) ملايين !! و( بيش مركته ) قادرة على اجتياح كل المناطق العربية المجاورة ( لكردستان ) خلال ( ساعات ) !! وثلّث رئيس حزب تركماني بان عديد التركمان هو : ( 6 ) ملايين !! وبذلك بلغ عديد الأكراد والشيعة والتركمان وحدهم : ( 30 ) مليونا !! بزيادة ثلاثة ملايين عن احصاء الحكومة العراقية الرسمي لعموم الشعب العراقي !! .
ليست صدمة تفجير : ان يكتشف المتابع أن بعض الأرقام تتوالد بطريقة اسرع من توالد الارانب !! وليست من غرائب الأمور وعجائب المضحكات ان يتجاهل مسؤولون ( رسميون ) ما لايقل عن ( 15 ) مليون عربي سنّي في العراق يسكنون اثقل المحافظات كثافة بالسكان : بغداد ، والأنبار ، وصلاح الدين ، ونينوى ، والتأميم ( كركوك ) ، وديالى ، وبابل ( الحلّة ) ، وبعض البصرة والعمارة ، لأن المفخّخة ( الثقافية ) التي اتفق ( رسميون ) عراقيون على تعاطيها والترويج لها والتهديد بها هي ان العرب السنة : ( اقلية ) ، لااثر ولاتأثير لها في غير تقارير تناولتها على تفخيخ ثقافي مؤدلج ايضا ، ومنها تقرير ( بيكرــ هاملتون ) الأمريكي ، الذي اقرّ ان حرب امريكا في العراق ( خاسرة ) على صخرة العرب السنة ايا كانت نسبتهم .
مفخّخة الثقافة ( الديمقراطية ) هذه ، على تضليل جلي ّ ، تشظّت ( حارقة خارقة ) فطالت شظاياها أوّلا قوات الاحتلال التي سلكت الطريق الذي رسمه لها ادلاّء غير عرب وغير عراقيين ، وطالت ثانيا راسمي خطة التضليل الثقافي ، على دلالة انهم تحوّلوا الى سجناء خارج اسوار معسكراتهم ، عاجزين عن التجوال بين من يفترض انهم من اولئك ال ( 30 ) مليون من طوائفهم وعرقياتهم . واثبتت الأيام ان ( المفخّخات الثقافية ) ، التي تعاطاها هؤلاء ، سلاح متفجّر قد يرتد ويقتل من يخطئ في استعماله ، كما يحصل الآن في قتال ( شيعي ــ شيعي ) طاحن في الجنوب ، ورعب كردي ( عراقي ) من ( ابناء عمومة ) اكراد من دول الجوار ، كانوا ضيوفا علقات على اموال العراقيين ، ثم تحولوا مع وصول اوّل دبابة تركية الى حدود العراق الى ( ارهابيين ) غير مرغوب بهم .
واذا كانت هذه المفخخة الثقافية : تزوير التعداد ، قد بدأت في الذوبان والاضمحلال اعلاميا فقط ولكنها بقيت فاعلة رسميا ، فما زالت تشتعل مفخخة ( ثقافية ) اخرى اكثر دموية وخطورة على جناح ( ديني ) في هذه المرة : اذ تبين ، وبعد الاحتلال فقط ، ان المرجعيات الدينية لشيعة العراق ليست عربية ، ولا عراقية !! وصارت محجّا لقوات الاحتلال ، من خلال مؤيديها ( العراقيين ) غير العرب ، ومعملا لفتاوى تكرّس ( الفوضى الخلاّقة ) باسم العراقيين زورا ، وبذرة مشوهة تستنبت نفسها على ميلاد ( الشرق الأوسخ الجديد ) ، كما رسمته ( خارطة الدم ) الأمريكية الاسرائيلية ، كخلاصة لحروبها التي قتلت مئات الالوف من العراقيين العرب الأبرياء ، شيعة وسنة ، على الهوية الطائفية ، وهجّرت اكثر من اربعة ملايين في اقل من خمس سنوات ( ديمقراطيات ) من العمّة الأيرانية في جنوب العراق الى العمّة الكردية في شماله .
والسؤال الذي يفرض نفسه الآن على شعوب ودول الشرق الأوسط ازاء سرطانات التثقيف على ( خرائط الدم ) الطائفية العنصرية التي وبئ بها العراق :
هل ثمة قانون لمكافحة ( الارهاب الثقافي ) ، وامثلة منه تلك المفخّخات التي ذكرناها ؟! .
jarraseef@yahoo.com
http://www.akhbar-alkhaleej.com/Arti...220773&Sn=CASE