جاسم الرصيف
ـــــــــــــــــــــــــــ
تقليعة ( اوباما ) وعاصفة العراق
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فيما كانت عاصفة ثلجية تكسو جبال ( السييرا ) في ولاية ( كاليفورنيا ) ، وتعاني ( كينيا ) في عمق افريقيا من ازمة تزوير انتخابات رئاسية حصدت ارواح اكثر من ( 600 ) مواطن كيني وعشرات الألوف من المهجرين ، عصفت تقليعة ( اوباما ) الانتخابية ، وموجزها ( التغيير ) ، بولايتي ( ايوا ) و( نيوهامشير) الأمريكيتين ، وبات منافسوه يستعيرونها حصانا لحصد اصوات الناخبين .

( اوباما ) ، الذي ينحدر من عائلة كينية مسلمة مازالت تمارس تربية الدجاج في منزلها الريفي ، وجدته تبري الحبوب عن عرانيس الذرّة بيديها المجردتين ، وتحتفظ لحفيدها بصورة يظهر فيها حاملا كيسا كبيرا على ظهره ، واحد ممن رفضوا الحرب على العراق ، ومازالوا يرفضونها ، إختار بذكاء ، كاد يبكي منافسته الأساسية ( هيلاري كلنتون ) تقليعة ( التغيير ) .

المواطن الأمريكي مواطن مستهلك من طراز رفيع ، يمل سيارته القديمة بعد سنة او سنتين ، ويضجر من جهاز التلفاز الذي اشتراه قبل اشهر اذا ماعثر على جهاز افضل واجمل واقوى اداء ، ولابأس ولاضير عنده من تغيير ( الجرل فريند ) او ( البوي فريند ) وحتى الزوجة او الزوج بعد توفر بديل افضل . وطبعا بات يضجر من اكذوبة ( التقدم في العراق ) لأن وسائل الاعلام تصفعه يوميا بحقية الا ّ تقدم هناك .

ولاية ( ايوا ) ، ونسبة المواطنين البيض فيها ( 94% ) ، صحت على تقليعة الحفيد الكيني ، وبات الجميع يريد تغييرات ( كبيرة )، كما يريد ان يفعل ( اوباما ) ، واضح الخطاب واضح الهدف ) في ( تغيير ) البيت الأبيض الى ابيض ، عكس مافعله ( بوش ) ، الذي لطخة بجملة من الاحباطات للمواطن الأمريكي الذي يصحو فجرا ويعمل حتى المساء وتستقطع منه الضرائب لتمويل حرب فاشلة بكل المعاني فضلا عن ارتفاع اسعار لم يتوقف قط .

وبات الاعلام الأمريكي يتداول مصطلح ( عامل اوباما ) ، الذي اسمّيه تقليعة وفقا لحقيقة ان كل مايطرح من برامج اثناء الإنتخابات الرئاسية غالبا ما يشذّب ويهذّب من قبل المؤسسات الأمريكية لاحقا ، فيكون الرئيس الجديد محظوظا اذا وفى ولو بنصف وعوده للناخبين على امل خوض دورة انتخابية اخرى اذا لم تعصف به رياح خطأ او فضيحة تقعده عن جولة رئاسة ثانية لأكبر دولة في العالم .

ولأن المنافسة محصورة الآن بين مرشحين من ذات الحزب للوصول الى المرشح الأفضل والأخير للحزب الجمهوري ، وشعاره الفيل ، والمرشح الأفضل للحزب الديمقراطي ، وشعاره الجحش ، فأن التنافس بين المرشحين يلد احيانا ضربات من وزن ( خفيف الريشة ) بين المتنافسين من مثل تعيير ( اوباما ) بقلّة خبرته في الكونغرس ، ولكن المنافسة الأكثر ضجيجا وفضائحية ستكون بين المرشح النهائي للفيل والمرشح النهائي للجحش على كرسي الرئاسة ، حيث سيطرح الحزبان كل الغسيل ، وبعضه قذر بكل تأكيد ، امام الناخبين .

عامل العراق ، او العاصفة العراقية ، موجودة في صلب الانتخابات التمهيدة الحالية ، اذ مامن مرشح من الحزبين لم يدل بدلوه فيها ، وتراوحت كل الدلاء بين جمهوري رافض للإنسحاب كما يريد السيناتور ( مكين ) او مرشح يفضل انسحابا بالتقسيط ، المريح او غير المريح للجيش الأمريكي من العراق ، وبين رحيل آمن خلال عام او اكثر بقليل من قبل الديمقراطيين الذين احمعوا على ذلك ، ومنهم ( اوباما ) طبعا ، وهذا مابات يصفق له الناخب ايا كان تعصبه للطرفين .

اذن ( فالتغيير ) حاصل بكل تأكيد ، ايا كانت نتائج الانتخابات ، تمهيدية ام نهائية ، لأن الجميع بات امام واقع قاس حدوده :

+ + قربة مقطوعة ، حكومة ( المالكي ) ، ينفخ بها عميد الحمقى ومن خلفه الحزب الجمهوري كل ما تطاله يداه من اموال ضرائب مستقطعة من المواطنين الأمريكان لتمويل حرب بلا نهاية جاءت عارية من كل شرعية واخلاق ، ومازالت تصفع المواطنين الأمريكان بجثث ابنائهم ، فضلا عن صرف انظارهم وعنايتهم عن داخل يترنح اقتصاديا .

+ + داخل مل ّ من اكاذيب ومماطلات ادارة اوشكت على الرحيل بحكم الدستور ، محكوم بخوف ان تستمر الحال على ماهو عليه ، او يتغير نحو الأسوء ، اذا جاء رئيس جديد من النمط الذي حكم لثمان سنين واسس لحرب خطأ في المكان والزمان الخطأ : العراق !! الذي صار عاصفة آجلة ريثما يستقر الحزبان الرئيسيان على مرشح رئاسي اخير لكل منهما !! ويومذاك ستهب عاصفة العراق في الشوارع الأمريكية ، وقد تكسو كل البيوت بفضائح من اثقل الأوزان في تأريخ اميركا في مستهل هذا القرن .

ومن مؤشرات الأحداث ، والاستطلاعات الأولية ، فمن المرجح ان يفوز الحزب الديمقراطي برئاسة الولايات المتحدة ، وهو الأقل تحمسا لحكومة ( المالكي ) ولكل ما يجري في العراق ، من شمالة الى جنوبه ، وكل مرشحيه وعدوا الناخبين بغسل بياض البيت الأبيض من وحول اخطاء الداخل ، ووحول المستنقع العراقي ، التي لطخ ( بوش ) بها تأريخ اميركا كأي مخمور بحربه ( الدون كيشوتية ) ضد طواحين ( ارض السواد ) .

وتقليعة ( اوباما ) : ( التغيير ) !! ستكسو شوارع بغداد في نهاية هذا العام برداء ضيّق جدا على تجار الحروب العراقيين ، قد يضعهم وجها لوجه مع الشعب العراقي الذي يعجزون عن التجوال في شوارعه الا بحماية امريكية سترحل ، وفق معظم مؤشرات الحزبين الأمريكيين . ويومها ( لات حين مندم ) لمن باع اهله ووطنه ، وتكون حقيقة التغيير الذي يطالب به الناخبون الأمريكان اليوم هي :
حقيقة التغيير الذي خلقته المقاومة الوطنية العراقية التي لايتجرأ اكثر القادة الأمريكان صلافة وصراحة ان يعترف بها امام شعبه ، ولكنه يعترف بها لنفسه ، ولحكومة الاحتلال في بغداد بكل صراحة وصلافة .

jarraseef@yahoo.com

http://www.akhbar-alkhaleej.com/Arti...218842&Sn=CASE