هجرة الى اللاأدرية...

--------------------------------------------------------------------------------

الآن قرر الهجرة الى المدينة...فكرة كانت مطرودة من فكره سابقا ....امله ان يعانق حلم جده في نفس التربه التي شب عليها واكتهل..حقا لم تعد القرية فضاؤه الرحب يغمره فرحا و املا..فضاء تقزم صورة عصية على الاطار..صعبة الاحتواء..ما السبب الذي جعلها بمثل هذا النعث المشؤوم وصفا حقيرا بئيسا خسيئا ذليلا..و كل متممات السوء بالافادة تمييزا ...اختلفنا داخل هذا الغلاف البشري الذي يتمطط خارج نفسه المضغوطة...
اعجب لهذا الوصف الذي لم يسعفه التنوين المنصوب ابرازا للنتانة التي يشتمها في كل شيء في هذه البادية التي لعنت بقيم الحضارة..سفالة الجنس البشري...في حماة هذا الحديث النفسي صار يتصيد السبب الذي قد يعتبر علة جسم هذه البيئة السقيمة المتمردة عن ثوابتها.. ويستانف التساؤل في سراديب النفس و كواليس مخياله تائها يناشد الجواب المقنع ...
لا زال الهاتف يهتف في اعماقه يجسد له الصورة التي تكبر الاطار.. فكبر في عمقه الخوف الذي يلازمه ظلا ظليلا ..و فكرا ضليلا..او جسما عليلا تسكنه ارواح الكفر بالعرف الاصيل....في هذه الثناء اخذ يحملق في السماء..يتفرس الفضائيات المبثوثة فوق سطوح المنازل او مسندة في رؤس بعض قوائم الكهوف التي لا زالت شاهدة على استمرار عصور ما قبل التاريخ...و في اسوا الاحوال موثقة في احدى سطوح بعض المنازل الطينية التي على قلتها تنتشر في ابعاد مترامية اذ تشي برفعة اهلها بين الاوساط..
حضارة هذه بيدها الآ ف السياط تجلد نخوة القروي متى احتلت هذة الفضائيات سماء القرية الساذجة التي لم تخرج بعد من عادة النيء الى المطبوخ...اخلاق حديثة لم يعهدها هذا الجيل الذي لم يعرف من اعمدة الكهرباء الا ما جادت به صور الصدفة..فكيف لازم كهربة القرية تصحر اعلامي عبر هذه الصحون المقعرة..و يستمر الصراع النفسي..وتستمر حكاية الانسلاخ عن اصالة بربرية في حكم منطق المدنية ...ثم ماذا بعد...يجيبنا و نحن نصيخ سمعنا اليه على سبيل افتراضه تجسيدا للمثال النابض حقيقة لاستعراض مشاعر التناقض المدوي صدعا في اسس اللاعتراف بمثل هذا الغريب الذي خرب الديار بشدة الضوء الزائدة عن قدرة الادراك احتواء...و اخيرا حق المعلومة للجميع لها ثمنها..
ثمن..و اُثمان..ارجح الثابث متحولا ...و من ثمة ضياع الفطرة التي تجوهر الانسان...
وكم يستغرب نوع الثمن حينما ذهبت زوجته عند قريبة لها بنفس القرية تبارك لها الصحن المقعر ...اختلب عقلها لما اخذ بؤبؤها يتنقل رصدا للبرامج المتنوعة حيث باتت تدغدغ عواطف المشاهدين ..تنوع يخاطب اختلاف الاذواق ..و الزوجة على بلادتها راحت سذاجة تسرع في ترتيب شؤون بيتها تكنس حظيرة البهائم دون ان تولي جانبا من الرعاية لابنائها..او السهر على تعجيل باعداد غذائهم حتى ينطلق هؤلاء الابناء الى المسيد/الكتاب القرآني ...لقد سقطت سهوا او عمدا فكرة اعداد ابنائها حفظة القرآن كما كانت تحلم و تحفز متى استدارت الاسرة حول المائدة...كانت رائدة بالفطرة تشجيعا الكل على البذل و العطاء لمنافسة الجيران....
تغيرت...و تبدلت الاحوال...و انقطع الصغار عن ارتياد الكتاب...
السبب العيني كما لامسه الاب ضمنا و تصريحا في جنوح الام حينما عطلت وظيفتها الطبيعية اهتماما و تدبيرا...فما ان تنتهي بلغة السرعة نزقا من احتواء اشغال البيت حتى تزدلف نحو بيت قريبتها فياخذها سحر المشاهد الى ما وراء صلاة العشاء ساعات متاخرة في بطن الليل ..اما زوجها المسكين فليس باستطاعته ما به قد يقتني مثل هذا الصحن المقعر لانه بالكاد يغطي حاجات الاسرة الضرورية معيشيا..
ما ان يعود الى كهفه حتى يبادر الى تفقد اغنامه و حماره الذي لا ينقطع عن النهيق...ثم يتوظأ لاداء ما بقي عليه من الصلوات ...بعدئذ يهرع الى دكانة بجوار بيته يسامر جاره في انتظار قدوم الزوجة ....اين الزوجة و قد صلى فريضة العشاء وحيدا....يقوم في طلب الزوجة ...يتاخر الوقت...يلتحف غطاء صوفيا يكافح به قر البرد...يغالبه النوم....في وقت متاخر من الليل تعود الزوجة مثقلة كليلة النفس..بين الصغار الذين ينوءون بحمل الارهاق النفسي جراء النهر و الزجر ...
الصغير بين يديها و فمه يمتص حلمة ثديها ..و الاخر على ظهرها بينما مناث الثالتة متعلقة باطراف لحافها ..و رجليها تصطكان بفعل غلبة النوم و هي تسري الى الكهف ...تصفف الجميع كالخشيبات على لوحة حجرية ..تتمدد فوق الفراش و تشرع بلذة استرجاع ما راته من غريب صور قذفتها ثقافة الاعلام الجديدة في حسها ...تعايش جميع اللقطات التي التقطها الوعي المقموع المكبوث ...ذات ليلة بينما الزوج مستلق على ظهره..اخذت تتنحنح الى ان فارق النوم اهذاب جفنيه ..حيلة ساذجة لكي تروي له قصة فيلم اباحي حيث استهلت قولها اختصارا للثورة السوداء التي تفجرت غليانا في وجدانها.. قصة احترقت فاستثارت بغباء حيواني لمكامن التهييج التي جردتها من كل امومة...
قصة دارت احداثها بين مجموعة فتيان سود وبيض و شقراء جميلة و حدها تتوسطهم عارية ..كم هي رشيقة و ممشوقة القوام هيفاء و السلام استطاعت بمهارات /تفقد الراوية تقنياتها/ من هزمهم جميعا فما اقواها تحملا ...ثم سرحت تتفنن في وصف مزيد من مشاهد الاثارة و فنون البلاغة في توصيل المعلومة الخبيثة..ثم ختمت سردها بتنهيدة تنفست بها الصعداء...قائلة...=لم يا علال يا حبيبي ..يا فارسي...يا من تخون مرماي حينما تلاعبني بملعب انا دوما الغالبة ...و انت المنهزم...لم حرمتني طيلة ثلاتين سنة خلت من مثل تلك القبل التي رايتها تمهيدا لاجمل معاشرة...حينذاك صاح الزوج وا اسلاماه /ضاع الدين ..لما ضاعت الام...الان قررت الهجرة....
الى اين.....
لا ادري.....




محمد القصبي اية نصر الدين
/اشكورالقصر الكبير
المغرب