*الشمس والبحيرة*
..............................

-1-
*ركدَتْ أمواهُ بحيراتِ الشوقِ، وأقبلَ حزنُ العمرِ على ظهرِ جوادِ الشَّهوةِ، بحثتْ أعينُنا عنْ أصحابِ الرحلةِ في طرقِ الليلِ، فقالوا: لن نرجعَ، فضحكنا .. هل يرحلُ عنا الليلُ، وهل تأتينا شمسُ صباحٍ ثانيةً، خرجت خطواتي من جدرانِ الليلِ، وكنتُ وحيداً كالشبحَ الهاربِ، كانت همساتي لا تذهبُ في الريحِ .. وقلبي مجروحٌ:
ما من لفظٍ إلا والكاتب حِبِّي يقرؤُهُ في قِرطاسٍ مفتوحٍ .. ضاعتْ أيّامي الماضيةُ ومات غدي في الفَزَعِ المُقلِقِ، ما منْ لفظٍ يصدرُ عنِّي إلا و"السيِّدُ" يوصي الحفَظَةَ بالتسجيلْ.
*كانَ صديقي في الأيامِ الخاليةَ الشوهاءِ، وكانَ يُداري ما يبدو منِّي منْ خطأٍ أو شيْنٍ .. مرّ العامُ وراءَ العامِ، وجاءَ صديقي مبتسماً، يشحذُ سكِّيناً يقتلُ فيَّ الهمسَ، ويبني مستقبلَهُ الأمجدَ فوقَ رُكامِ الجهلِ، وعارِ التخييلْ.

-2-
*الناسُ نيامٌ لا يجرؤُ أحَدٌ أنْ يرفَعَ عيناً يستطلِعُ وجهَ الشمسِ، وهذا الصقرُ الغائبُ عادَ يدُقُّ علينا بابَ البيتِ، ولكنْ .. من يفتحُ للطارقِ فيكمْ ؟ أنتم تستلقونَ على الظهرِ، وتلهونَ بقولِ الشعرِ، وهذا النبعُ الصَّافي في العينيْنِ يجِفْ
*والبسمةُ فوقَ الشفتيْنِ تفيضُ .. وهذا الرملُ الحارقُ يُشعِلُ في الأضلاعِ النارَ فأُبصِرُ خطواتي تتعثَّرُ في طُرقِ اللهفةِ، والموتُ يُبعثرُ خطواتي في الطُرُقِ الفظَّةِ، والقلبُ الواجفُ في جَدَلٍ مع خطواتِ الصحبَ المفزوعينَ، وأعبُرُ هذا الفاصلَ، أٌبصِرُ في وجهي حدَّ السيفْ!

-3-
*هأنذا في طرقِ الوحدةِ .. يذبحُني سكِّينُ الخوفِ، ويُطفئُ فيَّ البَسَماتْ
*هأنذا أبحثُ عنْ ظلِّي في أمسي الغابرِ، في اللحظاتِ المذعورةِ، في نبْضِ الآتْ!

-4-
*الظلُّ يُغنِّي رغماً عنِّي،
يرفعُ وجهاً للسيْفِ،
ويضربُ قَدَماً ثابتةً في الأرضِ،
ويصدحُ:
رأْسي مرفوعُ للريحْ !
*الظلُّ يُثرثِرُ للشمسِ، يُغازلُها، هل تسمعُ منْ خَرَ جَ يَصيحْ ؟

-5-
*وأنا مذبوحُ الصَّوتْ
*منْ يُنقِـذُني منْ هذي الطرقِ المفتوحـةِ
في أعلى قمةِ جبلِ الموتْ ؟!

ديرب نجم 15/5/1983