*قاهر الخوف*
.....................

(إلى مثال الكمالات الإنسانية محمد بن عبد الله  )

-1-
المطرُ على نافذتي،
أنتظرُكْ،
تلك تقاسيمُ الزمنِ الأجوفِ
أُبصِرُ سيفَكَ مسلولاً،
لا تُلقيهِ
وتمضي ليلًكً في وصْلٍ مع ربِّكَ
تبحثُ عنْ لحظةِ نورٍ
عن جرعةِ عشقٍ
تُمسِكُ بأعنَّةِ خيلِ الفجرِ
وتحلمُ بالنورِ
وتنشُرُ ثوبكَ فوق البابِ
لعلَّ الشمسَ اليقظى
تطردُ ليلاً يمتدُّ
المطرُ يرُخُّ
ومازالتْ في الآذانِ بقايا صوتِكَ
ودماغي فيهِ الجهلُ يُعشِّشُ
هذي الرأسُ ستقتلُني
وأظلُّ أُخادِعُ نفسي
أصرخُ كيْ أسمعَ صوتي
أعرفُ أني نافورةُ عشقٍ تُعطي الأيَّامَ رحيقاً
لكني جئتُ الليلةَ من أسفارِ الحكمةِ
وصناديقِ الموتْ
*
مازلنا نحلمُ أن تأتيَنا ذات صباحٍ
تحملُ بينَ يديْكَ الشمسَ الخضراءَ،
وتزرعُ في صحراءِ النفسِ القلقةِ نوراً
لا تُطفئهُ الأيامُ السوداءُ
صدقتَ ..
فجئتْ

-2-
في منتصفِ الليلِ أتيتْ،
تعالتْ شمسُكَ تسطعُ
وتُنيرُ الكونْ
وتساءلُ كُلٌّ منا في وَجَلٍ:
ما هذا ؟
إنا لم نُبصرْ قبل الليلةِ شمساً
تُشرقُ في منصفِ الليْل،
تعالَ، فإنا نعرفُ أنك فردٌ منا
تعرفُ ما يشغلُنا
ترفضٌ أن يبقى الخوفُ يُعربدُ في الدَّارِ،
وتعرفُ أنَّ الوقتَ يحينُ،
وتُشرقُ شمسُكَ في الأرجاءِ
وتملؤُ صحنَ البيتْ
*
قل لي: كيفَ عبرتَ الخطَّ الفاصلَ بينَ ظلالِ الأشياءِ،
وكيفَ تحطَّمتِ الجدرانُ الصماءُ،
أعدتَ الأرضَ تدورُ
ولكنْ: كيف تغيبُ الشمسُ
فمازلنا ننتظرُكَ في هذا الزمنِ الوغدِ
تعالَ وطهِّرنا من أدرانِ النفسِ اللوّامةِ
فالزادُ قليلٌ
والسفرُ طويلٌ
والشكُّ يُمزِّقنا في طُرُقِ الليلِ،
الناسُ نيامٌ
وعلاماتُ طريقي أُنكِرُها
(هل هذي أعراضُ الموتْ؟)

-3-
أصواتُ النسوةِ والأطفالِ وأشياخٍ طعنوا في السنِّ تُناديكَ …
فهذا الجهلُ الوحشيُّ يُحاصِرُنا
سنُزيلُ رُكامَ الأشياءِ المتغضِّنةِ العفِنَهْ
صوتُكَ من أعلى عليينَ يُنادي
هأنذا مقطوعٌ من تربتكمْ
وغريبٌ في ساحتِكُمْ
لكنِّي رغمَ الزمنِ الآبقِ
سأظلُّ أُنادي
حتى تطلعَ شمسُ اللهِ على الأرضِ الطيبةِ
ولنْ أخلعَ جذريَ من تُربتِكمْ

ديرب نجم 9/5/1977م