نقد مشاركات المسابقة

[طارق شفيق حقي]

نقد مشاركات المسابقة

استهلال لا بد منه

كلنا ميسر لما خلقنا له

وكلنا مستخلف فيما يسره الله لنا

الزمان هو زماننا , والمكان هو المجتمع الافتراضي , الذي يسره الله لنا فلماذا لا نستخلفه في عمارة الروح والفكر عبر الكلمة والحرف.

وأرى فيما أرى أن الدافع القوي للأديب في عمارة الروح والعقل هو الإيمان , لن يفلح أديب ما لم يؤمن أن حرفه سيفلقه فالق الحب والنوى, وسيتنفس ويؤثر بالنفوس ويكون دليلاً على الجمال والصنعة .

هذا الإيمان بقيمة الحرف وقدرته على التأثير في الأرواح هو دواء عصرنا وهو سلاح أديبنا.

والمحرض الثاني لحرف الأديب هو خذلانه لدعوات التخلف المادي في هذا العصر الذي يحيطنا , وفصل المهن الأخرى عن مهنته , فالكلمة تأتي قبل غيرها دائماً وليس العكس, أي تتقدم المجتمعات حضارياً ومدنياً بتقدم فكر أبنائها وليس العكس بصحيح.

وما أخصبه من زمان للعقول التي تريد أن تعمل , إنه لعمري زمان العمل وزمان الكتابة.


استهلال نقدي

"على الإنسان كي يعرف شيئاً جديداً أن يعرف شيئاً ما"

" لن يعرف الإنسان إلا ما هو مؤهل له أن يعرفه"


لكي نتعامل مع النصوص تعاملاً نقدياً , علينا أن نعرف شيئاً ما, فالناقد حين يريد تفكيك النص كيميائياً لا بد له من استخدام مسحوق ما, للوصول لأسرار النص بغية تفسير الجمال, ذلك "لأن الإبداع على اختلاف أنواعه وأشكاله، هو الرحم الذي يحتضن النّفس الإنسانية بحالاتها ومتناقضاتها. فغالباً ما تكون الظاهرة غُفلاً في الحياة أو الطبيعة إلى أن يُقيّض لها رجلٌ عبقريٌّ، يخرجها للناس في صورة مشروع أو قانونٍ أو نظريةٍ أو تجربةٍ.."

والمسابقات الأدبية هي بحث عن الجمال , والكشف عن أسرار هذا الجمال بغية حرق الوقت, ونشر أسرار الجمال التي لا تقدر بثمن, رغم أن المجتمعات تبخسها حقها, وتعنى بالحجر والمعدن وما شابه, وهنا يعرف الكاتب سر سعادته بنصه التي لا يوازيها سعادة , غير أنه يلتقي مع صنعة الكون بصنعة الحرف والإبداع, فينتظم روحياً ويتألق وجدانياً .


ويخطأ كل من يقارب بين الصنعة والتصنع, فالصنعة الإلهية كانت قبل صنعة البشر, والبحث عن أسرار النص ,هي محاولة للتأكيد على الأخذ بالصنعة في الأدب وتطوير الأدوات ليغدو النص نصاً بليغاً


ولنعرف البلاغة كما حددها الجاحظ في البيان والتبيين :

-البلاغة هي الانتهاء إلى الغاية في التبين والإفهام بأفضل أسلوب وهذه هي بلاغة المتكلم.
قال بعضهم لا يكون الكلام يستحق اسم البلاغة حتى يسابق معناه لفظه , فلا يكون لفظه إلى سمعك أسبق من معناه إلى قلبك .


النقاط كثيرة ومن النقاط التي يجب الإشارة إليها, كذب مقولة " تمام الموضوعية" في النقد , فكل ناقد له ذوقه الخاص بحكم طبيعته البشرية, ولن نتوقع نقداً متألقاً إلا مع تعاطف الناقد مع النص (لا مع الكاتب طبعاً) وندعو لنقد يوازي الأدب تألقاً وإبداعاً .

ونرجو من الجميع التماس العذر لنا لو أخطأنا فهي محاولة ذاتية رغم كل شيء , وما عزمنا ونيتنا إلا خدمة الحرف الأصيل.

والله من وراء القصد

طارق شفيق حقي



المراجع
ــــــــــــ
كتاب التعريفات للسيد الشريف علي بن محمد الجرجاني دار إحياء التراث العربي بيروت لبنان ط 1 2003 م

المدخل إلى النقد النفسي , زين الدين المختاوي

البيان والتبيين للجاحظ
فهم الفهم – مدخل إلى الهرمنيوطيقا -دعادل مصطفى