يعتبر ابو العلاء المعري وحيد زمانه و لغزا معقد التفكيك نظرا لما تميز به من توجه فلسفي اذ انقسم حوله الناس بين مؤيد و معارض او مرتجئ بما قد يسقط عليه صفة الالحاد و الزندقة الا ان هناك روابط يشترك فيها مع رواد موجة الالحاد التي كان ابرز دعاتها عرضا ابو الطيب المتنبي /الرواندي/ابو حيان التوحيدي ... هذه الموجة قد ارتبطت اساسا ببعث قيم الثقافة البراهمية التي تحددت صورها الاعتقاديةفي فكر هؤلاءسلوكا و منهجا في التدبر و التمرد ضد السائد و العرف الغيبي هي قيم اعتقدوها .. و نختصرها على سبيل المثال فيما يلي/تظهر هذه المعتقدات في الكارماو تناسخ الارواح و الانطلاق ووحدة الوجود ..ولقد طلب ابو الاعلاء المعري ان تحرق جثته بعد موته مجسدا بالسلوك اللفظي ايمانه بمبادئ الديانة البراهمية اعتقادا راسخامنه كون الاجسام تحرق بعد الموت اذ تتجه بشكل تصاعدي الى الملكوت الاعلى ..كما يتجلى تأثره الشديد بأبي الطيب المتنبي جيث انه كلما سئل عن اشعر الشعراء يجيب على الفور بذكر ابي الطيب المتنبي الذي ادعى النبوة و عارض القرآن بتسجيع اية كان قد قرأ على البوادي كلاما ذكر أنه قرآن أنزل عليه، ومن ذلك: "والنجم السيار، والفلك الدوار، والليل والنهار، أن الكافر لفي أخطار، امض على سنتك، واقف أثر من كان قبلك من المرسلين، فإن اللّه قامع بك زيغ من ألحد في الدين وضل عن السبيل".
وعليه ان ابي العلاء نظرا لتأثره الاعمى به و ضع رسالة الفصول و الغايات يرمي وراءها محاكاة القرآن لفظا جريا على لغو المتنبي الا انه يعترف ان اعجاز الفرقان له وزنه وقوته دلالة حسية و عقلية قاطعة بالحجة و البرهان مما اعتقد ان هذا الاعجاز السياقي و الدلالي للقرآن الكريم انما هو حق قد قطع حبل الاحتمال مما جعل ابي العلاء يتردد بين الايمان و الكفر مدججابقوة المحاججة و القدرة على تصييغ خطاب الاقناع على حدين متناقضين عطل في وجدانه خاصية نقاء الدين و الفطرة السليمة و اية ذلك انه تميز بغزارة الانتاج العلمي/ الفلسفي مما حذا به فكره الاحتمالي الى منهج الافتراض مستثمرا ذكاؤه الفارط في ابداع شخصيته و عواملها التي ترتكز الى قيمها الخاصة موظفا رداءات الادب و الشعر في الاعلان عن توجهه في الحياة و اكثر كتبه تستفلك مدار الرؤية الفلسفية للحياة اذ لم يسبق له ان هجا احدا بقدر ما قد صب غضبه علىالفرائض و الانبياء و في هذا لمحة خفية الى اعتباره مثلهم ذكاء و بصيرة علما و معرفة بادق الامور في الخلق و الدين و الدنيا و من ثمة انكر الوحي وذلك راجع الى الاطلاع الواسع على معارف لاهوتية وضعية تستجيب و رؤيته العميقة في تناول الذات و المصير و الاخر.. كما ان مدعى الحاده الذي عليه تـأسس منهج الشك و الذي يستمد جذوره من قوة تاويله و ما استقر في عمقه الخالص من افكار لاهوتية متناقضة حيث تأثر ثقافيا بالمذهب المثنوي الفارسي القديم) ما جعله يرى ان جوهر الانسان صناعة اتقنت الطبيعة انجازها عبر قوة الوضع بالتناسخ والهيولى ..
لقد عوض المعري نقصه البيولوجي بسلوك التكبر و الكبرياء و حب الذات العالمة المتفردة بالتحدي المعرفي و الاستئثار بالحكمة انى تموقعت دروب المقال و من ثمة اراد ان يخالف عصره بعلمه الذي خلد ذكره في العالمين لغزا محيرا تارة مؤمن ورع في حكم الغزالي او كافر مارق من خلال نهجه في الحياة الا انه كان ديكارتيا في معالجة حساسيات القيم و المقولات الدينية بكل جرأة تعكس مقروئية ثقة الرجل بعلمه الواسع في مجتمع عج بالتناقضات و التطاحنات السياسية و الاجتماعية و السياسية و الفكرية ...موجة الثقافة الشعوبية التي استشرت في مفاصل المجتمع العربي و تلاقح الحضارات ببوثقة المعتقد كسلوك متنافر في مرجعياته
و اذا ما اردنا ان نضع صورة شمسية لابي العلاءالمعري لاكتشفنا انه براهميا بوذيا حتى النخاع في لبسه و طبيعة اكله و نوع تغذيته و لباسه الخشن ..
لقد تاثر على صغره على عميه بقراءات الراهب لنصوص العهد القديم خلال زيارته للاذقية تقديرا للحدث اذ شب في فضاء اسلامي عربي له ثوابته الشرعية عن ثقافة الدين الجديد فاصطدمت معه صور الحقائق عبر المزيد من مخالطات اهل كتب السماوية التى اطبق عليها جام غضبه شكا ينسف حقائقها و بهذا تمرد ابي العلاء على قيم الدين كما تمرد ضد الله و الانبياء و ما الاديان في نظره الا اكاذيب بمقتضاها يسرق الناس باسم سلطة الغيب و لو وقفنا قليلا عند هذه المفارقات نجد ان ابي العلاء المعري انما كان ينتقم في سلوكه الابداعي ضد الله الذي بخسه حقه في نعمة النظر كما انه على ذكائه النير المتبصر بخفايا الطروحات الاشكالية فلسفيا كان رهين ثلات محابس/ العمي /الدار/ و لعنة الخلق التي بأرت فيه ثورته النفسية في منازلة الاسوياء على غيهم و هم على ايمان باطل بعبادة ما لا يدركونه فهما و تدبرا ...و من ثمة كان يرى فساد الاديان حيث قد حقق مناقصها و قصورها و صور خداعها لمنفعة دنيوية صرفة بادب دعائي يروج له باستشراف واقعه عند افاق التوغل في الزمن...
كل ذلك الصراع كان سبب ابداع راق اتى به المعري تحديا للمعرفة الحسية و المجردة خارج بصريات الادراك و اجمل ما يمكن الختم به ما قاله/قاسم حسين /(هل هناك علاقة بين الإبداع والصراع النفسي؟
- على ما يرى فرويد أن الصراع هو منشأ عملية الإبداع أو أن القوى اللاشعورية التى تؤدى إلى الحل الإبداعى توازى القوى اللاشعورى التى تؤدى إلى الإصابة بالعصاب وبتعبير فرويد فإن القوى الدافعة للفنان هى نفس الصراعات التى تدفع أشخاصاً آخرين إلى العصاب وأن تفكير المبدع يستمد مادته من الأوهام المتقنة التى تنطلق بكل حرية والأفكار المرتبطة بأحلام اليقظة والطفولة وأن الإبداع هو الانتقال من مبدأ اللذة إلى مبدأ الواقع فالإبداع يبدأ بتخيلات تحمل على وفق مبدأ اللذة ثم تتحول إلى نتاجات إبداعية ومبتكرات على وفق مبدأ الواقع.)
انه ابو العلاء المعري في تقبله كظاهرة موجبة بتقدير عطائه تمجيدا و ضربا لحجة العقل اخذا ورفضا لاستدلالاته..
انه الفكر الشارد بين شك النص و يقين العقل و باختلافهما يكون ابى العلاء المعري في دورة تكرر نفس الاشكال الفلسفي..و تأسيسا على ما سبق هل نستطيع افتراض الحاد ابي اللعلاء المعري شكلا من أشكال العصيان الصارخ ضد الله لانه/استغفر الله/ لم يكن عادلا في تصوير خلقه حسب زعمه وماراء لفظه الفسيفسائي مرمزة ’’’???????;
محمد القصبي
اخريبكة/الكفاف
المغرب
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة احمد خميس
