ـ (باب الحاء والياء وما يثلثهما)
(حي) الحاء والياء والحرف المعتل أصلان: أحدهما خِلاف المَوْت، والآخر الاستحياء الذي [هو] ضِدُّ الوقاحة.
فأمّا الأوّل فالحياة والحَيَوان، وهو ضِدُّ الموت والمَوَتَان. ويسمَّى المطرُ حياً لأن به حياةَ الأرض. ويقال ناقةٌ مُحْي ومُحْيِيَةٌ: لا يكادُ يموت لها ولد. وتقول: أتيتُ الأرضَ فأحييْتُها، إذا وجَدْتَها حَيَّةَ النّباتِ غَضَّة.
والأصل الآخَر: قولهم استحييت منه استِحياءً. وقال أبو زيد: حَيِيتُ مِنه أَحيا، إذا استحيَيْتَ. فأمَّا حَياء النّاقة، وهو فَرْجُها، فيمكن أن يكون من هذا، كأنَّه محمولٌ على أنَّه لو كان ممن يستحيي([1]) لكان يستحيي من ظهوره وتكشُّفه.
(حيث) الحاء والياء والثاء ليست أصلاً؛ لأنَّها كلمةٌ موضوعة لكلِّ مكانٍ، وهي مبهمة، تقول اقعد حيثُ شئت، وتكون مضمومة. وحكى الكسائي فيها الفتحَ أيضاً.
(حيد) الحاء والياء والدال أصلٌ واحد، وهو المَيْل والعُدول عن طريق الاستواء. يقال حادَ عن الشيء يَحِيدُ حَيْدَةً وحُيوداً. والحَيُودُ: الذي يَحِيد كثيراً، ومثله الحَيَدى على فَعَلى. قال الهذلي([2]):
أو أصْحَمَ حامٍ جَرامِيزَهُ *** حَزَابِيةٍ حَيَدَى بالدِّحالِ الحَيْد: النادر من الجَبَل، والجمع حُيُودٌ وأحياد. والحُيُود: حيود قَرْن الظَّبي، وهي العُقَد فيه، وكلُّ ذلك راجعٌ إلى أصل واحد.
(حير) الحاء والياء والراء أصلٌ واحد، وهو التردُّد في الشيء. من ذلك الحَيْرة، وقد حار في الأمر يَحِير، وتحيَّر يتحير. والحَيْرُ والحائِر: الموضع يتحيّر فيه الماء. قال قيس([3]):
تَخْطُو على بَرْدِيّتين غذاهُما *** غَدِق بساحَةِ حَائر يَعْبوبِ ويقال لكلِّ ممتلئٍ مستَحِيرٌ، وهو قياسٌ صحيح، لأنه إذا امتلأ تردّد بعضُه على بعض، كالحائر الذي يتردّد فيه [الماء] إذا امتلأ. قال أبو ذؤيب:
* واستحارَ شَبابُها([4]) *
(حيز) الحاء والياء والزاء ليس أصلا؛ لأن ياءه في الحقيقة واوٌ. من ذلك الحيِّز الناحية. وانحاز القوم، وقد ذكر في بابه.
(حيس) الحاء والياء والسين أصلٌ واحد، وهو الخليط. قال أبو بكر: حِسْتُ الحبْلَ إذا فتَلْتَه، أحِيسُه حَيْسا. وهذا أصلٌ لما ذكرناه، لأنه إذا فتلَه تداخلَت قواه وتخالَطت. والحَيْس معروفٌ، وهو من الباب، لأنه أشياء تُخْلَط. قال أبو عُبيدٍ فيما رواه، للذي أحدَقَتْ به الإماء من كل وجهٍ، محيوس. قال: شُبِّه بالحَيْس.
(حيص) الحاء والياء والصاد أصلٌ واحد، وهو المَيْل في جَوْرٍ وتلدُّد. يقال حَاصَ عن الحقِّ يَحِيص حَيْصاً، إذا جارَ. قال:
* وإنْ حاصَتْ عن المَوْتِ عامرُ([5]) *
ويَرْوُون:
* بميزانِ صِدْقٍ ما يَحِيص شعيرةً([6]) *
ومن الباب قولهم: وقَعُوا في حَيْص بَيْص، أي شدّة. قال الهُذلي:
قد كُنْتُ خَرّاجاً ولوجاً صَيْرفاً *** لم تَلْتَحِصْنِي حَيْصَ بَيْصَ لَحَاصِ([7]) (حيض) الحاء والياء والضاد كلمة واحدة. يقال حاضَتْ السَّمُرَةُ إذا خرج منها ماءٌ أحمر. ولذلك سمِّيت النُّفَساء حائضاً، تشبيهاً لدمها بذلك الماء.
(حيط) الحاء والياء والطاء ليس أصلاً، وذلك أن أصله في الحِياطة والحِيطة والحائطِ كلَّه الواوُ. وقد ذُكر في بابه.
(حيف) الحاء والياء والفاء أصلٌ *واحد، وهو المَيْل. يقال [حاف] عليه يَحِيفُ، إذا مالَ. ومنه تحيفْتُ الشيءَ، إذا أَخذْتَه من جوانبه، وهو قياسُ الباب لأنه مال عَنْ عُرْضِه إلى جوانبه.
(حيق) الحاء والياء والقاف كلمةٌ واحدة، وهو نُزولُ الشيء بالشيء، يقال حاق به السُّوءُ يَحِيق. قال الله تعالى: {وَلاَ يَحِيقُ المَكْرُ السَّـيِّئُ إلاَّ بِأَهْلِهِ} [فاطر 43].
(حيك) الحاء والياء والكاف أصلٌ واحد، وهو جِنسٌ من المَشْي، يقال حاك هو يَحِيك في مَشْيه حَيَكاناً، إذا حرّك مَنْكِبَيه وجسدَه. ومنه الحَيْك،
وهو أخذُ القول في القَلْب. يقال ما يَحِيك كلامُك في فلانٍ. وإنما قلت إنه منه، لأنَّ المشْيَ أخْذٌ في الطريق الذي يُمشَى فيه.
ومن هذا الباب: ضرَبَه فما أحاك فيه السَّيف، إذا لم يأخُذْ فيه.
(حين) الحاء والياء والنون أصلٌ واحد، ثم يحمل عليه، والأصل الزمان. فالحِينُ الزَّمان قليلُه وكثيرُه. ويقال عامَلْتُ فلاناً [مُحَايَنَةً([8])]، من الحِين. وأحيَنْتُ بالمكان([9]): أقمتُ به حيناً. وحاز حِينُ كذا، أي قرُب. قال:
وإنَّ سُلُوِّي عن جميلٍ لَساعةٌ *** من الدّهر ما حانت ولا حان حِينُها([10]) ويقال حَيَّنْتُ الشاة، إذا حَلَبْتَها مرة بعد مرة. ويقال حَيَّنْتُها جعلت لها حيناً. والتأفين: أن لا تجعل لها وقتاً تحلبُها فيه. قال المُخَبّل:
إذا أُفِنَتْ أرْوَى عِيالَكَ أَفْنُها *** وإن حُيِّنَت أربَى على الوَطْبِ حِينُها([11]) وقال الفراء: الحِين حِينانِ، حينٌ لا يُوقَف على حَدِّه، وهو الأكثر، وحينٌ ذكره الله تعالى: {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ} [إبراهيم 25]. وهذا محدودٌ لأنه ستّة أشهر.
وأما المحمول على هذا فقولهم للهلاك حَيْنٍ، وهو من القياس، لأنه إذا أَتَى. فلا بد له من حين، فكأنه مسمَّى باسم المصدر.
ـــــــــــــــــ
([1]) في الأصل: "يستحق".
([2]) هو أمية بن أبي عائذ الهذلي، كما في اللسان ( صحم، جرمز، حزب، حيد). وقصيدته في شرح السكري للهذليين 180 ومخطوطة الشنقيطي 79.
([3]) يعني قيس بن الخطيم. والبيت في ديوانه 6. وعجزه في اللسان والتاج (عبب).
([4]) قطعة من بيت له في ديوانه 71 واللسان (حير). وتمامه:
ثلاثة أعوام فلما تجرمت *** تقضى شبابي واستحار شبابها ([5]) الشطر في المجمل (حيص).
([6]) صدر بيت لأبي طالب بن عبد المطلب. وقد أنشد هذا الصدر في اللسان (حصص): "ما يحص شعيرة". وفي السيرة 175: "لا يخيس". وفي الروض الأنف (1: 177): "لا يخس". وتمامه في الأخيرين: * له شاهد من نفسه غير عائل *
([7]) سبق إنشاد عجزه في (بيص). والبيت لأمية بن أبي عائد الهذلي. انظر ما مضى في حواشي (بيص). وسيأتي في (لحص).
([8]) التكملة من المجمل.
([9]) في الأصل: "وأحنت المكان"، صوابه من المجمل واللسان.
([10]) البيت لبثينة صاحبة جميل. اللسان (حين). قال ابن بري: "لم يحفظ لبثينة غير هذا البيت".
([11]) البيت في اللسان (16: 158، 292)، وقد سبق بدون نسبة في (أفن).
ـ (باب الحاء والألف وما يثلثهما في الثلاثي)
اعلم أنّ الألِف في هذا الباب لا يخلو أن يكون من واوٍ أو ياء. والكلمات التي تتفرع في هذا الباب فهي مكتوبةٌ في أبوابها، وأكثرها في الواو، فلذلك تركنا ذِكرَها في هذا الموضع. والله تعالى أعلم.‏
ـ (باب الحاء والباء وما يثلثهما)
(حبج) الحاء والباء والجيم ليس عندي أصلاً يعوّل عليه ولا يُفَرّع منه، وما أدري ما صحّة قولهم: حَبَجَ العَلَمُ بَدَا، وحَبَجَت النارُ: بدَتْ بَغْتَةً. وحَبِجَت الإبل، إذا أكلت العَرفَج فاشتكت بطونَها، كلُّ ذلك قريبٌ في الضَّعف بعضُه مِن بعض. وأما حَبَجَ بها، فالجيم مبدلةٌ من قاف.
(حبر) الحاء والباء والراء أصلٌ واحد منقاسٌ مطّرد، وهو الأَثرُ في حُسْنٍ وبَهاء. فالحَبَار: الأثَر. قال الشاعر([1]) يصف فرساً:
ولم يقلِّبْ أرضَها البَيْطارُ *** ولا لِحَبْليه بها حَبَارُ ثم يتشعَّب هذا فيُقال للذي يُكتَب به حِبرٌ، وللذي يَكتُب بالحبر حِبرٌ وحَبرٌ، وهو العالِم، وجمعه أحبار. والحَِبْر: الجمال والبهاء. ويقال ذو حَِبْرٍ وسَِبْرٍ. وفي الحديث: "يخرج من النار رجلٌ قد ذَهب حَِبْرُه وسَِبْرُه". وقال ابن أحمر:
لبِسْنا حِبْرَهْ حتى اقتُضِينا *** لأعمالٍ وآجالٍ قُضِينا([2]) والمُحَبَّر: الشيء المزَيَّن. وكان يقال لطُفيلٍ الغنويِّ محبِّر؛ لأنه كان يحبّر الشعر ويزيِّنه.
وقد يجيء في غير الحُسْنِ أيضاً قياساً. فيقولون حَبِر الرجلُ، إذا كان بجلده قروحٌ فبرِئتْ وبقيت لها آثار. والحَِبْر([3]): صُفرة تعلُو الأسنان. وثوبٌ حَبِيرٌ من الباب الأول: جديدٌ حَسَن. والحَبْرَةُ: الفرح. قال الله تعالى: {فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ} [الروم 15]، ويقال قِدْحٌ مُحبَّر، أجيد بَرْيُه. وأرضٌ مِحبارٌ: سريعة النبات. والحَبِير من السحاب: الكثير الماء.
ومما شذَّ عن الباب قولهم: ما فيه حَبَرْبَرٌ، أي شيءٌ. والحُبَارَى: طائر ويقولون: "مات فلانٌ كَمَدَ الحُبَارَى" وذلك أنها تُلقِي ريشَها مع إلقاء سائر* الطيرِ ريشَه، ويُبطئ نباتُ ريشها. فإذا طار الطير ولم تَقْدِر هي على الطَّيران ماتت كَمَداً. قال:
وزَيدٌ ميِّتٌ كَمَد الحُبارَى *** إذا ظعنت هُنَيْدةُ أو مُلِمُّ([4]) أي مقاربٌ. وقال الراعي في الحُبارى:
حلفتُ لهم لا يحسبون شَتِيمَتِي *** بعَيْنَيْ حُبارَى في حِبالةِ مُعْزِبِ([5]) رأتْ رجلاً يسعى إليها فحملقَتْ *** إليه بمَأْقي عينها المتقلِّبِ تنوشُ برجليها وقد بَلّ ريشَها *** رَشاشٌ كغِسْلِ الوفرة([6])… المُعْزِب([7]): الصائد؛ لأنه لا يأوي إلى أهله. وحَمْلقَتْ: قَلَبت حملاقَ عينِها. والمعنى أن شتمكم إيّاي لا يذهب باطلاً، فأكون بمنزلةِ الحبارى التي لا حيلة عندها إذا وقعت في الحِبالة إلا تقليبُ عينها. وهي من أذَلّ الطير. وتنوشُ برجليها: تضربُ بهما. والغِِسْل: الخِطمى. يريد سلحَتْ على ريشها. ومثلُه قول الكُميت:
وَعِيدَ الحُبارَى من بعيدٍ تنفَّشت *** لأزرقَ مَعْلولِ الأظافير بالخَضْبِ([8]) (حبس) الحاء والباء والسين. يقال حَبَسْتُه حَبْساً. والحَبْس: ما وُقِف. يقال أَحْبَسْتُ فرساً في سبيل الله ([9]). والحِبْسُ: مَصنعةٌ للماء، والجمع أحباس.
(حبش) الحاء والباء والشين كلمةٌ واحدة تدلُّ على التجمُّع. فالأحابيشُ: جماعات يتجمَّعون من قبائلَ شتَّى. قال ابن رَوَاحةَ:
وجئنا إلى موجٍ من البحر زاخرٍ *** أحابِيشَ منهم حاسرٌ ومُقَنَّعُ([10]) (حبص) الحاء والباء والصاد ليس أصلاً. ويزعمون أنّ فيه كلمةً واحدة.
ذكر ابن دريد([11]): حَبَصَ الفَرَسُ، إذا عدا عدْواً شديداً.
(حبض) الحاء والباء والضاد أصلان: أحدهما التحرّك، والآخَرَ النقص.
فالحَبَضُ: التحرُّك، ومنه الحابض، وهو السَّهم الذي يقع بين يدي رامِيهِ، وذلك نقصانه على الغرض([12]). ويقال حَبَضَ ماءُ الرّكِيَّة: نَقَص.
ويقال من الثاني: أحْبَض فلانٌ بِحقِّي إحباضاً، أي أبطله. وأمَّا المحابض، وهي المَشاوِر: عيدانٌ تُشْتار بها العَسَل([13])، فممكن أن يكون من الأول. قال ابن مُقبِل:
كأنَّ أصواتَها من حيثُ تسمعُها *** صَوْتُ المحابض ينْزعِن المَحارينا([14]) (حبط) الحاء والباء والطاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على بطلانٍ أو ألَمٍ. يقال: أحبط اللهُ عملَ الكافر، أي أبطله.
وأمّا الألَم فالحَبَط: أن تأكل الدَّابةُ حَتَّى تُنْفَخ لذلك بطنُها. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إنّ مما يُنبِت الرَّبيعُ ما يقتُل حَبَطاً أو يُلِمّ".
وسُمِّي الحارثُ الحَبَِطَ([15]) لأنّه كان في سفرٍ؛ فأصابه مثلُ هذا. وهم هؤلاء الذين يُسَمَّوْن الحَبِطَاتِ من تميم.
ومما يقرب من هذا الباب حَبِطَ الجِلدُ، إذا كانت به جراحٌ فَبَرَأت وبقيتْ بها آثارٌ.
(حبق) الحاء والباء والقاف ليس عندي بأصلٍ يُؤخَذُ به ولا معنى له. لكنهم يقولون حبَّق متاعَه، إذا جمعه. ولا أدري كيف صحَّتُه.
(حبك) الحاء والباء والكاف أصل منقاسٌ مطّرِد؛ وهو إحكام الشَّيء في امتدادٍ واطِّراد. يقال بعيرٌ مَحْبُوكُ القَرَى، أي قويُّه. ومن الاحتباك الاحتباء، وهو شد الإزار؛ وهو قياس الباب.
وحُبُك السماء في قوله تعالى: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ} [الذاريات 7]، فقال قومٌ: ذاتِ الخَلْق الحَسن المُحْكَم. وقال آخرون: الحُبُك الطرائق، الواحدة حَبِيكة. ويراد بالطّرائِق طرائِق النُّجوم.
ويقال كساءٌ مُحَبَّكٌ، أي مخطَّط.
(حبل) الحاء والباء واللام أصلٌ واحدٌ يدلُّ على امتداد الشيء. ثمّ يحمل عليه، ومَرْجِع الفروع مرجعٌ واحد. فالحبل الرَّسَن، معروف، والجمع حِبال. والحبل: حبل العاتق. والحَبل: القطعة من الرّمل يستطيل.
والمحمول عليه الحَبْل، وهو العهد. قال الأعشى:
وإذا تُجَوِّزها حبالُ قبيلةٍ *** *أخذت من الأخرى إليك حبالَها([16]) ويريد الأمانَ وعُهودَ الخََُِفارة. يريد أنّه يُخفَر من قبيلةٍ حتّى يصل إلى قبيلةٍ أخرى، فتخفر هذه حتّى تبلغ. والحِبالة: حِبالة الصائد. ويقال احتَبَلَ الصّيدَ، إذا صادَهُ بالحبالة. قال الكميت:
ولا تجعلوني في رجائِيَ وُدَّكُمْ *** كَراجٍ على بيض الأنوق احتبالَها([17]) لا تجعلوني كَمنْ رجا مَن لا يكون؛ لأنّ الرخَمَة لا يُوصَل إليها، فمَنْ رجا أن يَصِيدَها على بيضها فقد رجا ما لا يكون.
وأمّا قول لبيد:
ولقد أغْدُو وما يُعْدِمُني *** صاحبٌ غَيْرُ طويلِ المحْتَبَلْ([18]) فإنّه يريد بمحتَبَلِهِ أرساغَه، لأنّ الحبلَ يكون فيها إذا شُكِلَ.
ويقال للواقف مكانَه لا يفرّ. "حَبِيلُ بَرَاحٍ"، كأنّه محبولٌ، أي قد شُدّ بالحِبال. وزعم ناسٌ أنّ الأسدَ يقال له حَبِيلُ بَرَاحٍ.
ومن المشتق من هذا الأصلِ الحِبْل، بكسر الحاء، وهي الداهية. قال:
فلا تَعْجَلِي يا عَزَّ أنْ تتفهَّمِي *** بنُصْحٍ أتَى الواشونَ أم بِحُبولِ([19]) ووجْهُهُ عندي أنّ الإنسان إذا دُهِي فكأنّه قد حُبِل، أي وقع في الحِبالة، كالصَّيد الذي يُحبَل. وليس هذا ببعيدٍ.
ومن الباب الحَبَل، وهو الحَمْل، وذلك أن الأيّام تَمْتَدُّ به. وأمّا الكَرْم فيقال له حَبْلة وحَبَلَة، وهو من الباب، لأنه في نباتِهِ كالأرشية. وأما الحُبْلَة فثمر العِضاه. وقال سعد بن أبي وقّاص: "كنا نَغزُو مع النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم وما لنا طعامٌ إلاّ الحُبْلَة وورق السَّمُر". وفيما أحسب أنّ الحُبْلَة، وهي حَلْي يُجعَل في القلائد، من هذا، ولعلَّه مشبَّه بثمرِهِ. قال:
ويَزِينها في النَّحر حَلْيٌ واضِحٌ *** وقلائدٌ من حُبْلَةٍ وسُلوسِ([20]) (حبن) الحاء والباء والنون أصلٌ واحدٌ، فيه كلمتان محمولةٌ إحداهما على الأخرى. فالحِبْن كالدُّمَّل في الجَسد، ويقال بل الرّجُل الأحْبَن الذي به السِّقْي([21]). والكلمة الأُخْرى أمُّ حُبَيْن، وهي دابّة قدرُ كفِّ الإنسان.
(حبو) الحاء والباء والحرف المعتل أصلٌ واحد، وهو القُرْب والدنُوّ؛ وكل دانٍ حابٍ. وبه سُمِّي حَبِيُّ السَّحاب، لدنُوِّه من الأفق. ومن الباب حبَوْتُ الرّجلَ، إذا أعطيتَه حُبْوة وحِبْوة، والاسم الحِباء. وهذا لا يكون إلا للتألُّف والتقريب. ومنه احتَبَى الرّجُل، إذا جَمَع ظَهْرَه وساقَيه بثوبٍ، وهي الحِبوة والحُبْوة أيضاً، لغتانِ. والحابي: السهم الذي يزحَفُ إلى الهَدَف. والعرب تقول: حبَوْت للخَمْسِينَ، إذا دنوتَ لها. وذكر الأصمعيُّ كلمةً لعلها تبعُد في الظاهر من هذا الأصل قليلاً، وليست في التحقيق بعيدة قال: فلان يَحْبُو ما حَوْلَه، أي يحميه ويَمنعُه. قال ابنُ أحمر:
وراحَتِ الشَّوْلُ ولم يَحْبُها *** فَحْلٌ ولم يَعْتَسَّ فيها مُدِرّْ([22]) ويقال، وهو القياس المطَّرِد، إنّ الحِبَى مقصور مكسور الحاء: خاصّةُ المَلِك، وجمعه أحْبَاء. وقال بعضهم: بل الواحد حَبَأٌ مهموز مقصور. وسمي بذلك لقُربه ودُنُوِّه. فلم يُخْلِفْ من الباب شيءٌ. والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
([1]) الأولى أن يقول "الراجز"، وهو حميد الأرقط، كما في اللسان (حبر). وانظر ما سيأتي في "قلب".
([2]) البيت في المجمل واللسان (حبر).
([3]) يقال بالفتح والكسر وبكسرتين.
([4]) لأبي الأسود الديلي كما في الحيوان (5: 445). وانظر الأغاني (11: 117) واللسان
(5: 232).
([5]) في الأصل: "المغرب"، والسباق يقتضي ما أثبت.
([6]) كذا ورد البيت منقوصاً.
([7]) في الأصل: "المغرب"، تحريف.
([8]) البيت في الحيوان (5: 452).
([9]) يقال حبسه وأحبسه وحبسه بالتشديد، اللسان والقاموس.
([10]) البيت في المجمل (حبش).
([11]) الجمهرة (1: 223).
([12]) كذا. ولها وجه.
([13]) في اللسان: "والعرب تذكر العسل وتؤنثه. وتذكيره لغة معروفة والتأنيث أكثر".
([14]) البيت في اللسان (حبض، حرن)، وسبق عجزه في (حرن).
([15]) هو الحارث بن مازن بن مالك بن عمرو بن تميم. انظر اللسان (9: 141) حيث تجد مع هذا قولاً آخر في الحبطات.
([16]) ديوان الأعشى 24 والمجمل واللسان (جعل).
([17]) في الأصل: "ولا تحبكوني"، صوابه في الحيوان (7: 20) ونهاية الأرب (10: 208).
([18]) ديوان لبيد 14 طبع 1881 واللسان (حبل). وأعدمني الشيء: لم أجده.
([19]) البيت لكثير، كما في المجمل واللسان (حبل).
([20]) البيت لعبد الله بن سليم الغامدي، كما في اللسان (سلس، حبل)، وانظر المفضليات (1: 114). وفي الأصل: "ويزينه"، صوابه من المجمل واللسان. وعجزه في (سلس).
([21]) السقي، بالفتح والكسر: ماء أصفر يقع في البطن.
([22]) لم يعتس فيها مدر: أي لم يطف فيها حالب يحلبها. وفي الأصل: "ولم يغلس"، صوابه في المجمل واللسان (حبا).
ـ (باب الحاء والتاء وما يثلثهما([1]))
(حتر) الحاء والتاء والراء أصلانِ: أحدهما إطافةُ الشيء بالشيء واستدارةٌ مِنه حَوْلَه، والثاني تقليلُ شيءٍ وتزهيدُه.
فالأوّل الحَتَارُ: ما استدار بالعَين من باطن الجَفْن، وجمعه حُتُرٌ. وحَتَار الظُّفْر: ما أحاط به. ومن الباب الحَتَار، وهو هُدْب الشِّقّة وكِفَّتها، والجمع حُتُر. قال أبو زيدٍ الكلابيُّ: الحُتُر ما يُوصَل بأسفل الخِباء إذا ارتفع عن الأرض وقَلَصَ ليكونَ سِتْرا. ويقال حَتَرْتُ البيتَ. وقال بعض أهل اللغة: الحتر تحديق العين عند النظر إلى الشَّيء([2]). وقال حَتِرَ يحتِرِ حَتْراً؛ وهو قياس الباب. ومن الباب أحْتَرْتُ العُقْدةَ، إذا أحكمتَ عقْدَها *وهو من الأوّل؛ لأنّ العَقْد لا يكون إلاّ وقد دار شيءٌ على شيء.
والأصل الثاني: أحترتُ القَومَ ولِلقومِ، إذا فَوَّتَّ عليهم طعامَهم. قال الشنفرى:
وأُمَُِّ عِيالٍ قد شهدْتُ تقُوتُهم *** إذا أطعَمَتْهم أحْتَرَتْ وأقلّتِ([3]) ويقال الحُتْرَة الوَكِيرة([4]). يقال حَتِّرْ لنا. وليس ببعيد؛ لأنَّ الوَكيرة أقلُّ الولائم والدّعوات. ويقولون: إنّ الحَتْرَة رضْعَة([5]). ويقولون: ما حَتَرْتُ اليومَ شيئاً أي ما ذُقْت. قال الشاعر:
أنتمُ السّادة الغُيوث إذا البا *** زِلُ لم يُمْسِ سَقْبُها محتُورا([6]) يقول: لم يكن لها لبنٌ كثير، ولا لها لبنٌ قليل ترضعُه سَقْبَها.
(حتأ) الحاء والتاء والهمزة كلمةٌ واحدة ليست أصلاً، وأظنُّها من باب الإبدال وأنها مبدلة من كافٍ. يقولون أَحْتَأْتُ الثَّوبَ إحتاءً، إذا فَتَلْتَه([7]). ظناً أنه من الإبدال([8]) فمن أحكَأْت العُقدة. وقد مضى تفسير ذلك. ويقول…
(حتم) الحاء والتاء والميم، ليس عندي أصلاً، وأكثر ظنِّي أنه أيضاً من باب إبدال التاء من الكاف، إلاّ أنّ الذي فيه من إحكام الشيء. يقال: حتم عليه، وأصله على ما ذكرناه حَكَم، وقد مضى تفسيره.
والحاتم: الذي يقضي الشَّيء. فأمّا تسميتُهم الغُرَابَ حاتِماً فمن هذا، لأنهم يزعمون أنه يَحتِم بالفراق. وهو كالحُكْم منه. قال:
ولقد غَدَوْتُ وكنتُ لا *** أغْدُو على وَاقٍ وحاتِمْ([9]) وفي الباب كلمةٌ أخرى ويقرب أيضاً من باب الإبدال. ويقولون الحُتَامة: ما بقي من الطَّعام على المائدة - وهذا عندي من باب الطاء لأنّه شيءٌ لا يتحَتَّم([10]) أي يتفتَّت ويتكسَّر. وقد مرَّ تفسيرُه.
(حتد) الحاء والتاء والدال أصلٌ واحد، وهو استِقرار الشَّيءِ وثباتُهُ. فالحَتْد: المُقَام بالمَكَان. حَتَد يَحْتِد. ومنه المَحْتِدُ، وهو الأصل؛ يقال: هو في مَحتِدِ صِدق. والحُتُد: العين لا ينقطع ماؤُها، وهو قياس الباب.
(حتن) الحاء والتاء والنون أصل واحد يدلُّ على تساوي الأشياء. فالحَتِن: القِرْن؛ يقال هما حَِتْنان أي سِيَّان. وتَحَاتَنُوا، إذا تساوَوْا. ويقال وقعت النَّبْلُ في الهدَف حَتَْنَى. على فَعَْلََى، إذا تقاربَتْ مواقِعُها. وكل شيء لا يخالف بعضُه بعضاً فهو محتَتِنٌ.
(حتف) الحاء والتاء والفاء كلمةٌ واحدة لا يُقاس عليها؛ وذلك أنّه إلا يُبنى منها فِعل، وهو الحَتْف، وجمعه حُتوف، وهو الهلاك.
(حتل) الحاء والتاء واللام ليس هو عندي أصلاً، وما أحُقُّ أيضاً ما حكَوْه فيه، وهو يدلُّ على القِلَّة والصِّغر. يقولون: الحَوْتَل الغلام حين يُرَاهِق([11]). ويقولون: لِفراخ القطا حَوْتَل. وهذا عندي تصحيفٌ، إنما هو حَوْتك بالكاف، وقد ذُكِر. ويقال حَتَلَ له: أعطاه. وليس بشيء.
(حتك) الحاء والتاء والكاف يدلُّ على مقاربةٍ وصِغَر. فالحَتْك: أن يقارب الخَطْو ويُسرِع رَفْع الرِّجل ووضْعَها. وهو صحيح من الكلام معروفٌ. ويُبْنَى منه الحَتَكان، وهو غير الحَيَكان. والحواتِك: صغار النَّعام. والحوتك: القصير.
(حتو) الحاء والتاء والحرف المعتل بعده أصلٌ واحدٌ، يدلُّ على شدَّةٍ. فالحَتْو: العَدْوُ الشديد، يقال حتا يحتو حَتْواً. والحَتْو: كفُّكَ هُدْبَ الكِساء، تقول حَتَوْتُه. فأمّا الحَتِيُّ فيقال: إنّه سَويق المُقْلِ، وهو شاذ. وقد يجوز أن يُقْتَاسَ([12]) لـه بابٌ فيه بعض الخُشونة. قال الهذلي([13]):
لا دَرَّ درِّيَ إنْ أطعمْتُ نازلَكُم *** قِرْفَ الحَتِيِّ وعندي البرُّ مكنُوزُ ـــــــــــــــــــ
([1]) وردت مواد هذا الباب غير منسوقة على النسق الذي جرى عليه.
([2]) لم يرد هذا المعنى في المعاجم المتداولة، إلا في الجمهرة (2: 3). وذكر في فعله يحتِر ويحتُر بكسر التاء وضمها.
([3]) البيت في اللسان (حتر)، وذكره بدون نسبة في المجمل. وقصيدة الشنفرى في المفضليات
(1: 106-110).
([4]) هي طعام يصنع عند بناء البيت.
([5]) في اللسان: "الرضعة الواحدة". وفي المجمل: "ويقال إن الحترة رضعة كافية".
([6]) البيت في المجمل (حتر).
([7]) في المجمل: "إذا فتلته فتل الأكسية".
([8]) كذا وردت هذه العبارة.
([9]) البيت للمرقش. وانظر تحقيق نسبته في حواشي الحيوان (3: 436) واللسان (حتم).
([10]) في الأصل: "عظيم"، والوجه ما أثبت. انظر اللسان (حتم 4).
([11]) لم يذكر في اللسان. وذكر في القاموس.
([12]) في الأصل: "يقتلس".
([13]) البيت للمتنخل الهذلي، كما في القسم الثاني من أشعار الهذليين 87 ونسخة الشنقيطي من الهذليين 46. وانظر باقي الكلام على نسبته في حواشي الحيوان (5: 285).
ـ (باب الحاء والثاء وما يثلثهما)
(حثر) الحاء والثاء والراء أصلٌ واحد، يدلُّ على تَحَبُّبٍ في الشيءِ وغِلَظ. ويقال حَثِرَتْ عَيْنُ الرجل حَثَراً، إذا غَلُظَتْ أجفانُها مِن بكاءٍ([1]) أو رَمد. وحَثِرَ العَسَل، إذا تحبَّبَ. والحَوْثَرَة: بعضُ أعضاءِ *الرَّجُل([2]). وليس من قياس الباب. والحواثر: قومٌ من عبد القيس. وحُثارة التّبْنِ: حُطامه.
([حثو/ي]) الحاء والثاء والحرف المعتل يدل على ذَرْو الشَّيءِ الخَفيف السبيح([3]). من ذلك الحَثَا، وهو دُقاق التِّبْن. قال:
وأغبَرَ مَسْحولِ التُّرَابِ تَرَى له *** حَثاً طردَتْه الرِّيح من كل مَطْرَد وقال الراجز:
* كأنّه غِرارَةٌ مَلأَى حَثَا([4]) *
ويقال حَثَا التُّرابَ يَحْثُوه. قال:
الحُصْنُ أدْنَى لو تريدِينَه *** من حَثْوِكِ التُّربَ على الراكبِ([5]) ويقال حَثَى يَحْثِي حَثْياً. وهو أفصح. قال:
* أَحْثِي على دَيْسَمَ مِن جَعْدِ الثَّرى([6]) *
ويقال أرضٌ حَثْواء: حثيرة التّراب.
(حثل) الحاء والثاء واللام أصلٌ واحد يدلُّ على سُوء وحَقَارة. فحُثالة البُرِّ: ردِيُّه. وحُثالة الدُّهن وما أشبهه: ثُفْلُهُ. والمُحْثَل: السيِّئ الغِذاء. قال متمم:
وأرْمَلَةٍ تمشِي بأشْعَثَ مُحْثَلٍ *** كفَرخ الحُبارَى رأسُه قد تَصَوَّعا([7]) شبَّهه بفرخ الحُبارَى لأنه قبيحُ المنظر منَتَّفُ الرِّيش.
(حثم) الحاء والثاء والميم يدلُّ على شدّةٍ. فالحَثْمَة: الأكَمَة، وبها سمِّيت حجر
المرأة "حَثْمة". وقال بعضُ أهل اللُّغة: حثَمتُ الشَّيءَ حثْماً: دلكتُه([8]).
ـــــــــــــــ
([1]) في الأصل: "من كل بكاء".
([2]) هي الحشفة، رأس الذكر.
([3]) كذا ورد في الأصل.
([4]) البيت من أبيات أربعة في اللسان (حثا) بدون نسبة. ونسب في ديوان الشماخ 107 إلى الجليج ابن شميذ.
([5]) المعروف في روايته، كما في المجمل واللسان (حثا، حصن): "لو تآييته". تآييته: قصدته.
([6]) أنشده في المجمل. وكذا أنشده ابن دريد في الجمهرة (2: 265)، ونقله عنها في اللسان محرفاً. وديسم: اسم من الأسماء، ترك صرفه للشعر.
([7]) البيت في اللسان (حثل) والمفضليات (2: 66).
([8]) قاله ابن دريد في الجمهرة (2: 35)، وقال: "وليس بثبت".
ـ (باب الحاء والجيم وما يثلثهما)
(حجر) الحاء والجيم والراء أصل واحد مطَّرد، وهو المنْع والإحاطة على الشيء. فالحَجْر حَجْر الإنسان، وقد تكسر حاؤه. ويقال حَجَر الحاكمُ على السَّفيه حَجْراً؛ وذلك منْعُه إيَّاه من التصرُّف في ماله. والعَقْل يسمَّى حِجْراً لأنّه يمنع من إتيانِ ما لا ينبغي، كما سُمِّي عَقْلاً تشبيهاً بالعِقال. قال الله تعالى: {هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ} [الفجر 5]. وحَجْرٌ: قصبَة اليمامة.
والحَجَر معروف، وأحسَِب أنَّ البابَ كلَّه محمولٌ عليه ومأخوذ منه، لشدَّته وصلابته. وقياسُ الجمْع في أدنى العدد أحجار، والحجارة أيضاً له قياس، كما يقال: جمل وجِمالة، وهو قليل. والحِجْر: الفرس الأنثى؛ وهي تصانُ ويُضَنُّ بها. والحاجرُ: ما يُمْسك الماءَ من مكانٍ منْهَبِط، وجمعه حُجْرانٌ([1]). وحَجْرة القوم: ناحية دارهم وهي حِماهُم. والحُجْرة من الأبنية معروفة. وحجَّر القَمَرُ، إذا صارت حولَه دارةٌ.
ومما يشتقُّ من هذا قولهم: حَجَّرْتُ عينَ البعير، إذا وسمْتَ حولَها بميسمٍ مستدير. ومَحْجِر العَين: ما يدور بها، وهو الذي يظهر من النِّقاب. والحِجْر: حطِيم مَكَّة، هو المُدَار بالبيت. والحِجْر: القرابة. والقياس فيها قياس الباب؛ لأنها ذِمامٌ وذِمارٌ يُحمَى ويُحفَظ. قال:
يُرِيدُونَ أن يُقْصُوهُ عَنِّي وإنّه *** لَذُو حَسَبٍ دانٍ إليّ وذو حِجْرِ([2]) والحِجْر: الحرام. وكان الرجل يَلقَى الرجلَ يخافُه في الأشهُر الحُرُم، فيقول: حِجْراً؛ أي حراما؛ ومعناه حرامٌ عليك أن تنالَني بمكروه، فإذا كان يومُ القيامة رأى المشركون ملائكة العذاب فيقولون: {حِجْراً مَحْجُوراً} [الفرقان 22]، فظنُّوا أنّ ذلك ينفعهم في الآخرة كما كان ينفعهُم في الدُّنيا. ومن ذلك قول القائل:
حَتى دَعَوْنا بأَرحامٍ لهم سَلَفَتْ *** وقال قائلُهم إنِّي بحاجُورِ([3]) والمحاجر: الحدائق: واحدها مَحْجِر. قال لبيد:
* تُرْوِي المَحَاجِرَ بازلٌ عُلْكومُ([4]) *
(حجز) الحاء والجيم والزاء أصلٌ واحدٌ مطَّرد القياس، وهو الحَوْلُ بين الشيئين. وذلك قولهم: حَجَزْتُ بين الرجلين وذلك أن يُمنَع كلُّ واحدٍ منهما مِن صاحبه. والعرب تقول "حَجَازَيْك" على وزن حَنانَيْك، أي احْجُِزْ بينَ القوم وإنما سمِّيت الحجازُ حجازاً لأنها حَجَزَت بين نجدٍ والسَّراة. وحُجْزَة الإزار: مَعْقِده. وحُجْزة السراويل: موضع التِّكَّة. وهذا على التَّشبيه والتمثيل، كأنه حجز بين الأعلى والأسفل. ويقال: "كانت بينَ القوم رِمِّيَّا* ثم صارت إلى حِجِّيزَى"، أي ترامَوْا ثم تحاجَزُوا. فأما قول القائل:
رِقاقُ النِّعال طيِّبٌ حُجُزَاتُهُمْ *** يُحَيَّوْنَ بالرِّيحانِ يومَ السباسبِ([5]) وهي جمع حُجْزة، كنايةٌ عن الفُروج، أي إنهم أَعِفّاء.
(حجف) الحاء والجيم والفاء كلمةٌ واحدة لا قياس، وهي الحَجَفَة، وهي الترس الصَّغير يُطارَق بين جِلْدين وتُجعَل منهما حَجَفة. والجَمْع حَجَفٌ. قال:
أيمنَعُنا القومُ ماءَ الفرات *** وفينا السُّيوفُ وفينا الحَجَفْ([6]) (حجل) الحاء والجيم واللام ليس يتقارَبُ الكلامُ فيه إلا من جهةٍ واحدة فيها ضعف، يقال على طريقة الاحتمال والإمكان إنه شيءٌ يطيف بشيء. فالحِجْل الخَلْخال، وهو مُطِيفٌ بالسَّاق. والحَجَلة: حَجَلة العَرُوس. ومرّ فلانٌ يَحْجُِلُ في مِشْيته، أي يَتبختر. وهو قياسُ ما ذكرناه، كأنه يُدور على نفْسه. وتحجيل الفَرَس: بياضٌ يُطيف بأرساغه. والحَوْجلَة: القارورة. قال الراجِز([7]):
كأنَّ عينَيْهِ من الغُؤُورِ *** قَلْتَانِ في صَفْحِ صَفاً منْقُورِ أذاكَ أم حَوْجَلَتَا قَارُورِ وقال علقمة:
* كأَنَّ أعيُنَها فيها الحواجيلُ([8]) *
ومما شذّ عن الباب الحَجَلُ، هذا الطائر. ومن الباب قول الأصمعيّ: حجَّلت العينُ: غارت.
(حجم) الحاء والجيم والميم أصلٌ واحد، وهو ضربٌ من المنْع والصَّدْف([9]). يقال أحجَمْتُ عن الشيء، إذا نكَصْتَ عنه. وحُجِمَ البعيرُ، إذا شُدَّ فمُه بأدَمٍ ولِيف.
ومما شذَّ عن الباب الحَوْجَمَة: الوردة الحمراء، والجمع حَوْجَم. والحَجْم: فِعل الحاجم.
(حجن) الحاء والجيم والنون أصلٌ واحدٌ يدلُّ على مَيَل. فالحَجَن اعوجاجُ الخشبة وغيرها. والمِحْجَن: خشبةٌ أو عصا معَقّفة الرأس. واحتجَنْتُ بها الشيءَ: أخَذْتُه. ويقال للمخاليب المعقّفة حَجِنات. قال العجّاج:
* بحَجِناتٍ يتثَقَّبْن البُهَرْ([10]) *
وهي الأوساط. وأَحْجَنَ الثُّمام: خرجت خُوصَتُه؛ ولعلَّها تكونُ حَجْناء. واحتجَنْتُ الشيءَ لنفسي، وذلك إمالتُك إيّاه إلى نَفْسك. ويقولون: احتجن عليه حَجْنة، كما يقال حَجَرَ عليه.
ومن الباب قولهم غَزْوةٌ حَجُونٌ، وذلك إذا أظهرْتَ غَيْرَها ثم مِلْتَ إليها([11]). ويقال غزاهم غَزْواً حَجُوناً.
(حجا) الحاء والجيم والحرف المعتل أصلان متقاربان، أحدهما إطافةُ الشيءِ بالشيء وملازمتُه، والآخر القصد والتعمُّد.
فأما الأول فالحَجْوَةُ وهي الحَدَقة، لأنها مِن أَحْدَقَ بالشيء. ويقال لنواحي البلاد وأطرافِها المحيطةِ بها أَحْجاءٌ قال ابنُ مُقْبِل:
لا يحْرِز المرءَ أَحْجاءُ البلادِ ولا *** يُبنَى له في السَّمواتِ السّلاليمُ([12]) ومحتملٌ أن يكون من هذا الباب الحَجَاة، وهي النُّفَّاخة تكون على الماء من قَطْر المطر، لأنها مستديرة.
والأصل الثاني قولهم: تحجَّيت الشيءَ، إذا تحرَّيْتَه وتعمّدتَه. قال ذو الرمة:
* فجاءَتْ بأغْباشٍ تَحَجَّى شَرِيعةً([13]) *
ويقولون حَجِيتُ بالمكان وتحجَّيت به. قال:
* حيث تَحَجّى مُطرِقٌ بالفالِقِ([14]) *
والحَجْوُ بالشيء: الضَّنُّ به؛ يقال حَجِئتُ به أي ضَنِنْت. وبه سمِّي الرجل حَجْوة. وحَجَأت به: فرحت. وقد قلنا إنّ البابين متقاربان، والقياس فيهما لمن نَظَرَ قياسٌ واحد.
فأمّا الأُحجِيَّة والحُجَيَّا، وهي الأُغلُوطة يتعاطاها الناس بينهم، يقول أحدهم: أُحاجيك ما كذا؛ فقد يجوز أن يكون شاذّاً عن هذين الأصلين، ويمكن أن يُحمَل عليهما، فيقال أحاجيك، أي اقصُدْ وانظُرْ وتعمَّد لِعِلم ما أسألك عنه.ومنه أنتَ حَجٍ أن تفعل كذا، كما تقول حرِيٌّ.
(حجب) الحاء والجيم والباء أصل واحد، وهو المنع. يقال حجبته عن كذا، أي منَعتُه. وحِجابُ الجَوْف: ما يَحْجُبُ بين الفُؤاد وسائر الجَوْف. والحاجبان العظمان فوق العينين بالشّعَْر واللّحم. *وهذا على التشبيه، كأنهما تحجبان شيئاً يصل إلى العينين. وكذلك حاجبُ الشّمس، إنما هو مشبَّهٌ بحاجب الإنسان. وكذلك الحَجَبة: رأس الوَرِك، تشبيهٌ أيضاً لإشرافِهِ.
ــــــــــــــــــ
([1]) في الأصل: "حجرات".
([2]) البيت لذي الرمة في ديوانه 260 واللسان والمجمل (حجر). لكن رواية الديوان: "فأخفيت شوقي من رفيقي". وفي الديوان واللسان: "لذو نسب".
([3]).البيت في المجمل واللسان (حجر).
([4]) سيعيده في ص362. وصدره كما في ديوانه 94 واللسان (حجر).
* بكرت به جرشية مقطورة *
وفي الأصل: "بلوى المحاجر"، صوابه في المجمل واللسان والديوان.
([5]) للنابغة في ديوانه 9 واللسان (حجز، سبسب). والسباسب: يوم عيد عند النصارى. وفي الأصل: "السبائب"، تحريف.
([6]) البيت من أبيات رواها نصر بن مزاحم في وقعة صفين 184.
([7]) هو العجاج. ديوانه 27 واللسان (حجل).
([8]) لم يرد في ديوان علقمة. وأنشده في اللسان (حجل) بدون نسبة.
([9]) يقال صدف عن الشيء يصدف صدفاً وصدوفاً.
([10]) ديوان العجاج 17.
([11]) في اللسان: "الغزوة الحجون: التي تظهر غيرها ثم تخالف إلى غير ذلك الموضع وتقصد إليها".
([12]) البيت في المجمل واللسان (حجا).
([13]) في الديوان: 536: "تحرى شريعة". وعجزه كما في الديوان واللسان (حجا):
* تلادا عليها رميها واحتبالها *
([14]) الفالق: اسم موضع. والبيت لعمارة بن أيمن الربائي، كما في اللسان (حجا 181). وقد أنشده في نهاية مادة (فلق) بدون نسبة.
ـ (باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف)
وقد مضى فيما تقدم من هذا الكتاب أنّ الرباعيَّ وما زاد يكون منحوتاً، [و] موضوعاً كذا وضعاً من غير نحت.
فمن المنحوت من هذا الباب (الحُرْقُوف): الدابة المهزول، فهذا من حرف وحقف. أمّا الحَرْف فالضَّامر مِن كلِّ شيء، وقد مرَّ تفسيره. وأما حقف فمنه المُحْقَوْقِف، وهو المنحنِي، وذلك أنَّه إذا هُزِلَ احدَوْدَب، كما يقال في الناقة إذا كانت تلك حالها حَدْباءُ حِدْبار.
ومنه (الحُلْقُوم) وليس ذلك منحوتاً ولكنّه مما زيدت فيه الميم، والأصْل الحلْق، وقد مرَّ. والحَلْقَمة: قطع الحُلْقُوم.
ومنه (المُحَلْقِنُ) من البُسْر، وذلك أنْ يبلُغ الإرطاب ثلُثَيْه. وهذا ممّا زِيدت فيه النون، وإنما هو من الحَلْق، كأنّ الإرْطاب إذا بلغ ذلك الموضعَ منه فقد بَلَغَ إلى حَلْقِه. ويقال له الحُلْقَان، الواحدة حُلْقَانة.
ومنه (حَرْزَقْتُ)([1]) الرّجلَ: حبستُه، وهذا منحوتٌ من حَزَقَ وحَرَزَ، من قولهم أحرزت الشيء فهو حريز. والحَزْقُ فيه ضربٌ من التشديد، كما يقال حَزَقْتُ الوَتَرَ وغيرَه. قال الأعشى:
* بِسَاباطَ حتَّى ماتَ وهو مُحَرْزَقُ([2]) *
ومنه (الحبجر([3]))، وهو الوتر الغليظ، ويقال في غير الوتر أيضاً، والحاء فيه زائدة، وإنما الأصل الباء والجيم والراء. وكلُّ شديد عظيمٍ بَجْرٌ وبُجْر. وقد مَرَّ.
ومنه (الحِسْكل): الصِّغار مِن كلِّ شيء. وهذا ممّا زِيدت فيه الكاف، وإنما الأصل الحِسْل. يقال لولد الضبِّ حسْل.
ومنه (الحَقَلَّد([4]))، وهو البخيل الشديد، واللام فيه زائدة. وهو من أحقد القومُ، إذا لم يصِيبوا من المَعْدِن شيئاً. ويقال الحَقَلّدُ الآثِم([5]). فإن كان كذا فاللام أيضاً زائدة، وفيه قياسٌ من الحِقْد، والله أعلم.
ومنه (الحَذْلَقة)، وأظنُّها ليست عربيةً أصلية، وإنما هي مولَّدة واللام فيها زائدة. وإنما أصله الحِذْق. والحَذْلقة: ادّعاء الإنسان أكثَرَ مما عنده، يريد إظهار حِذْق بالشيء.
ومن ذلك (احرَنْجَمَت) الإبل، إذا ارتدَّ بعضُها على بعض. واحرنجم القومُ، إذا اجتمعوا. وهذه فيها نون وميم، وإنما الأصل الحَرَجُ، وهو الشجر المجتمع الملتف، وقد مرّ اشتقاقُهُ وقياسُه.
ومن ذلك رجل (مُحَصْرَمٌ): قليلُ الخَيْر. والأصل أنّ الميم زائدة، وإنما هو من الحَصُور والحَصِر.
ومن هذا الباب (الحِصْرِم). ومنه (الحِثْرِمَة) وهي الدائرة التي تحت الأنف وَسَطَ الشفةِ العُلْيا. وهذه منحوتةٌ من حَثَم وثرم. فحثم من الجمع؛ وثَرَم من أن ينثرم الشيء.
ومن ذلك (الحِنْزَقْرَة)، وهو القَصير. وهذا من الحزق والحَقْر، مع زيادة النون. فالحَقْر من الحَقارة والصِّغر، والحزق كأن خَلْقَه حُزِق بعضُه إلى بعض.
ومن ذلك (الحَلْبَس)، وهو الشُّجاع. وهذا منحوتٌ من حَلَسَ وحَبَسَ. فالحِلْس: اللازم للشيء لا يفارقه، والحَبْس معروف، فكأنه حَبَس نَفْسه على قِرْنه وحَلِسَ به لا يفارقُه. ومثله: (الحُلابِس). قال الكميت:
فلما دنَتْ للكاذَتَيْنِ وأحْرَجَت *** به حَلْبَساً عند اللِّقاء حُلابِسا([6]) ومن ذلك (تَحَتْرَشَ) القومُ: حَشَدُوا، والتاء فيه زائدة، وإنما الأصل الحرش والتحريش، وقد مرَّ. وفيه أيضاً أن يكون من حَتَر، وأصله حَتَار الخَيمة وما أطاف بها من أذيالها، فكذلك *هؤلاء تجمَّعُوا وأطافَ بعضُهم ببعض، فقد صارت الكلمة إذاً من باب النحت.
ومن ذلك (الحَوْأَبُ): الوادي الواسع العَُرض، والحاء فيه زائدة، وإنّما
الأصل الوأْب، والوأْبُ الواسع المقعَّر من كلِّ شيء.
ومن ذلك (الحُمَارِس)، وهو الرّجُل الشّديد. وهذه منحوتةٌ من كلمتين، من حَمَس ومَرَس. فالمَرِسُ المتمرِّس بالشيء، والحمَِسُ الشديد. وقد مضى شرْحُه.
ومن ذلك (المُحدْرَج)، وهو المفتول حتَّى يتداخَلَ بعضُه في بعض فَيَمْلاَسَّ وهي منحوتةٌ من كلمتين، من حدر ودرج. فحدر فَتَل، ودَرَج من أدرجت.
ومن ذلك (حَضْرَمَ) في كلامه حَضْرَمَةً، فقد قيل كذا بالضّاد. فإنْ كانت صحيحةً فالميم زائدة، كأنه تَشَبَّهَ بالحاضرة الذين لا يُقيمونَ إعرابَ الكلام. والحَضْرَمة: مخالفة الإعراب واللَّحنُ.
ومن ذلك (المُحَمْلَج)، وهو الحَبْلُ الشَّديد الفَتْل. وهذا عندِي من حمج، فاللام زائدة. فحمج جنسٌ من التّشديد، نحو حَمّج الرّجلُ عينَيه إذا حَدَّق وأحَدَّ([7]) النّظَر. وقد مضى ذكره. وعلى هذا يحمل (الحِمْلاج)، وهو مِنْفاخُ الصَّائغ. والحملاج: قَرْنُ الثَّور. قال رؤبة في المحَمْلَج:
* مُحَمْلَجٌ أُدْرِجَ إدراجَ الطَّلَقْ([8]) *
وهذا ما أمكَنَ استخراجُ قياسِه من هذا الباب. أمّا الذي هو عندنا موضوعٌ وضعاً فقد يجوز أن يكون لـه قياسٌ خَفِيَ علينا موضعُه. والله أعلم بذلك.
فمن ذلك (الحَِنْدِيرَة، والحُنْدُورة): الحَدَقة، والحَِنْدِيرة أجود؛ كذا قال أبو عبيد.
والحَرْقَفَةُ: عَظْم الْحَجَبَة، وهو رأس الورِك.
ومنه (الحِمْلاق) وهو ما غطّتْه الجفونُ من بياض المُقْلة. ويقال حَمْلَق، إذَا فَتَح عينَه ونَظَر نَظَراً شديداً.
و(الحُرْقُوص) دويْبَّة. و(الحَبَلَّقُ): جماعة الغنَم. و(الحَبَرْكَى): الطويل الظَّهر القصير الرِّجْلين. و(الحُرْجُل): الطويل. و(الحَرْجَفُ): الرِّيح الباردة. و(الحَشْرَجَة): تردُّد صوت النَّفَس. و(الحَشْرَجَة): حُفَيْرة تُحفَر كالحِسْيِ. و(الحَشْرَجُ): كوزٌ صغير. و(حَرْشَفُ) السِّلاحِ: ما زُيِّن به.
و ( الحَفَلَّج): الرَّجُل الأفْحَج. و(الحيفس([9])): القصير. وكذلك (الحَفَيْسَأ).
و(الحَزَوَّر): الغلام اليافع. و(الحَزْوَرَةُ): تلٌّ صغير.
(والحَنَاتِم): سحائب سُودٌ. وكلُّ أسودَ حَنْتمٌ. وكذلك الخُضْرُ عِند العرب سُودٌ، ومنها سمّيت الجِرَار حَناتِمَ، وكانت الجِرارُ في الجاهليَّة خُضْراً، فسمَّتْها العربُ حَنَاتم.
(وحَبَوْكَر([10])): الدَّاهية.
ويقال (احْبَنْطَى)، إذا انتفَخَ كالمُتَغضِّب. وهذه الكلمة قد مرَّ قياسُها في الحَبَط.
ويقال مالِي من هذا الأمر (حُنْتَالٌ([11]))، أي بُدٌّ.
و(الحُنْظَب): الذَّكر من الجَرَاد. و(الحُرْبُث([12])): نبتٌ. و(حَضاجِرُ): الضَّبع. (والْحَزَنْبَلُ) و(الحَبْرَكَل): القصير.
والأصل في هذه الأبواب أنَّ كلَّ ما لم يصحَّ وجهُه من الاشتقاق الذي نذكره فمنظورٌ فيه، إلاّ [ما] رواه الأكابر الثقات. والله أعلم.
(تم كتاب الحاء)
ـــــــــــــ
([1]) يقال حرزق، بتقديم الراء، وحزرق بتقديم الزاي، وهما بمعنى.
([2]) ديوان الأعشى 147 واللسان (حزرق)، وقد نص فيه على رواية "محرزق". وصدره:
* فذاك وما أنجى من الموت ربه *
([3]) يقال على وزان قمطر ودرهم.
([4]) الحقلد، كعملس. وفي الأصل: "الحلقد" وليس مراداً، إذ الحلقد كزبرج: السيئ الخلق الثقيل الروح، ومثله الحقلد بوزن زبرج.
([5]) في الأصل: "الحلقد"، وانظر التنبيه السابق. وفي قول زهير:
تقيّ نقيّ لم يكثر غنيمة *** بنكهة ذي قربى ولا بحقلد ([6]) البيت في اللسان (كوز، حلبس). والكاذتان: ما نتأ من اللحم أعالي الفخذ. وأحرجت بالحاء المهملة، وفي الأصل: "أخرجت"، تحريف.
([7]) في الأصل: "وأشد".
([8]) ديوان رؤبة 104 واللسان (حملج).
([9]) في الأصل: "الحفيس". وصوابه الحيفس، بفتح الحاء والفاء، وكهزبر.
([10]) يقال للداهية حبوكر، وأم حبوكر، وحبوكرى، وأم حبوكرى، وأم حبوكران، والحبوكرى.
([11]) يقال حنتأل وحنتال، بالهمز وبدونه.
([12]) في الأصل: "الحرتب"، وفي المجمل: "الحربت"، والوجه ما أثبت.

كتاب الخاء:
ـ (باب ما جاء من كلام العرب أوله خاء في المضاعف والمطابق والأصم([1]))
(خد) الخاء والدال أصلٌ واحدٌ، وهو تأسُّلُ الشَّيءِ وامتدادُه إلى السُّفل. فمن ذلك الْخَدّ خدّ الإنسان، وبه سُمِّيت المِخَدّة. والخَدُّ: الشَّقّ. والأخاديد: الشُّقوق في الأرض. والتخدُّد: تخدُّد اللَّحم من الهُزال. وامرأة متخدِّدة: مهزولة. والخِدَادُ: مِيسمٌ من المياسِم، ولعلَّه يكون في الخدّ؛ يقال منه بعيرٌ مخدود.
(خر) الخاء والراء أصلٌ واحدٌ، وهو اضطرابٌ وسُقوطٌ مع صوتٍ. فالخَريرُ: صوتُ الماء. وعينٌ خَرّارة. وقد خَرَّتْ تخُِرّ. ويقال للرّجُل إذا اضطرَبَ بطنُه قد تخَرْخَر. وخَرَّ، إذا سقَطَ. قال أبو خراش، يصفُ سيفا:
بِهِ أدَعُ الكَمِيَّ على يدَيْهِ *** يخُِرُّ تخالُه نَسْراً قَشِيبا([2]) قشيبٌ: قد خلِطَ له السّمُّ بِطُعْم؛ يقال قَشَب له، إذا خَلَطَ له السّمّ. وإنَّما يُفْعَل ذلك ليُصادَ به، ومثله لطفيل:
كساهَا رَطيبَ الرِّيشِ مِن كلِّ ناهضٍ *** إلى وَكْرِه وكلِّ جَوْنٍ مُقَشَّبِ([3]) المقَشَّب: نَسْرٌ قد جُعِل له القَِشْبُ في الجِيَف ليُصادَ. ناهِضٌ: حديثُ السّنّ. والنَّسر إذا كَبِرَ اسوَدّ. وتقول: خرّ الماءُ الأرضَ: شَقّها. والأخِرَّةُ، واحدها، خَرير، وهي أماكنُ مطمئنَّةٌ بين الرَّبْوَين تنقاد. وقال الأحمر:
سمِعت [بعض] العرب ينشد بيتَ لبيدٍ:
* بأخِرَّة الثَّلَبُوتِ([4]) *
والخُرُّ من الرَّحى: الموضع الذي تُلقَى فيه الحنطة. وهو قياس الباب؛ لأنَّ الحبَّ يَخُِرّ فيه. وخُرُّ الأذُن: ثَقْبُها: مشبَّهٌ بذلك.
(خز) الخاء والزاء أصلان: أحدهما أنْ يُرَزَّ شيءٌ في آخر، والآخر جنسٌ من الحيوان.
فالأوّل الخزُّ خَزُّ الحائط، وهو أن يشوَّك. ويقال خَزَّهُ بسهمٍ، إذا رماه به وأثبَتَه فيه. وطعَنَهُ بالرُّمح فاختَزَّهُ([5]). قال ابن أحمر:
* حتَّى اختْزَزْتُ فؤادَه بالمِطْرَدِ([6]) *
فأمّا قولُهم بعيرٌ خُزَخِزٌ، أي شديد، فهو من الباب؛ لأنَّ أعضاءهَ كأنّها خُزَّت خَزَّاً، أي أُثبِتَتْ إثباتاً.
والأصل الثاني: الخُزَز: الذّكَر من الأرانب، والجمع خِزّانٌ. قال:
وبنو نُويجِيَةَ اللَّذُونَ كأنهم *** مُعْطٌ مُخَدَّمَةٌ من الخِزَّانِ([7]) (خس) الخاء والسين أصلان: أحدهما حقارة الشيء، والآخر تداوُلُ الشيء.
فالأوّل: الخسيس: الحقير؛ يقال خَسَّ الرجُل نفسُه وأخَسَّ، إذا أتَى بفعلٍ خسيس. ومن هذا الباب جاوَزَتِ النّاقةُ خَسِيسَتَها، إذا جاوَزَتْ سِنّ الحِقّة والجَذَعةِ والثَّنِيَّةِ ولحِقَت بالبُزُول. وهو القياس؛ لأنّ كلَّ هذه الأسنانِ دونَ البُزُول.
والأصل الثاني قول العرب: تَخَاسَّ القَوْمُ الأمرَ، إذا تداوَلُوه وتسابَقُوه، أيُّهم يأخذُه([8]). ويقال: هذه الأمورُ خِساس بينهم، أي دُوَل. قال ابن الزّبعرى:
والعطيّات خِساسٌ بينهم *** وبناتُ الدّهرِ يلعَبْنَ بكُلّ([9]) (خش) الخاء والشين أصلٌ واحد، وهو الوُلوج والدُّخول. يقال: خَشَّ الرّجُلُ في الشّرّ: دخل. ورجل [مِخَشٌّ: ماضٍ([10])] جَريءٌ على اللَّيل. والخَشَّاء: موضِعُ الدَّبْرِ؛ لأنّه ينخشُّ فيه. قال ذو الإصبع:
إمَّا تَرَى نَبْلَهُ فخَشْرَمُ خَشَّـ *** ـاءَ إذا مُسّ دَبْرُه لَكعَا([11]) ومن الباب الخَشْخاش: الجماعة؛ لأنَّهم قومٌ يجتمعون ويتداخَلون. قال الكميت:
* وهَيْضَلُها الخشخاشُ إذْ نزلوا([12]) *
والخشُّ: أن تجعل الخِشاش في أنْف البعير. يقال خَشَشْتُه فهو مخشوشٌ، ويكون مِن خَشَب. وخَشاش الأرض([13]): دوابُّها. فأمّا الرجُل الخَِشاشُ الصغيرُ الرأسِ فيقال بالفتح والكسر. وهو القياس، لأنّه ينْخَشُّ في الأمر بحقه. قال طرفة:
أنا الرَّجُلُ الضّربُ الذي تعرفونني *** خَِشاش كرأسِ الحَيّة المُتَوَقّدِ([14]) ومن الباب، وهو في الظاهر يبعُد من القياس، الخُشَشَاوانِ: عظمان ناتيان خلْفَ الأذُنين. ويقال للواحد خُشَّاء([15]) أيضاً. ولم يجيء في كلام العرب فُعْلاء مضمومة الفاء ساكنة العين إلاّ هذه وقُوباء، والأصل فيها التحريك.
(خص) الخاء والصاد أصلٌ مطّرد منقاس، وهو يدلُّ على الفُرْجة والثُّلمة. فالخَصَاص الفُرَج بين الأثافيّ. ويقال للقمر: بدا من خَصَاصة السّحاب. قال ذو الرُّمّة:
أصَابَ خَصَاصَهُ فبَدَا كليلاً *** كَلاَ وانغلَّ سائِرُه انغِلالا([16]) والخَصَاصة: الإملاق. والثُّلْمة في الحال.
ومن الباب خَصَصْت فلاناً بشيءٍ خَصُوصِيَّةً، بفتح الخاء([17])، وهو القياس لأنّه *إذا أُفرِد واحدٌ فقد أوقَع فُرْجَةً بينه وبين غيره، والعموم بخلاف ذلك. والخِصِّيصى: الخَصوصية.
(خض) الخاء والضاد أصلان: أحدهما قِلَّة الشيء وسَخافته، والآخر الاضطراب في الشَّيءِ مع رطوبةٍ.
فالأول الخَضَض: [الخرز([18])] الأبيض يَلْبَسُه الإماء. والرّجُل الأحمق خَضَاض. ويقال للسَّقَط من الكلام خَضَضٌ. ويقال: ما على الجارية خَضَاضٌ، أي ليس عليها شيءٌ من حَلْيٍ. والمعنى أنّه ليس عليها شيءٌ حَتَّى الخَضَض الذي بدأْنا بذكره. قال الشاعر:
ولو بَرَزَتْ من كُفَّةِ السّتْرِ عاطلاً *** لُقلتَ غَزَالٌ ما عليه خَضَاضُ([19]) وأمّا الأصل الآخَر فتَخَضْخض الماء. والخَضْخاض: ضربٌ من القَطِران. ويقال نبت خُضَخِضٌ، أي كثير الماء. تقول: كأنّه يتخضخضُ من رِيِّه.
وقد شّذ عن الباب حرفٌ واحدٌ إن كان صحيحاً، قالوا: خاضَضْتُ فلاناً إذا بايعتَه مُعارَضة([20]). وهو بعيدٌ من القياس الذي ذكرناه.
(خط) الخاء والطاء أصلٌ واحد؛ وهو أثَرٌ يمتدُّ امتداداً. فمن ذلك الخطُّ الذي يخطُّه الكاتب. ومنه الخطّ الذي يخطُّه الزَّاجر. قال الله تعالى: {أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ} [الأحقاف 4]، قالوا: هو الخَطُّ. ويُروَى: "إنّ نبيّاً من الأنبياء كان يَخُطّ فمن خَطَّ مِثلَ خَطِّه عَلِمَ مثلَ عِلْمه". ومن الباب الخِطَّة الأرض يختطُّها المرءُ لنفسه؛ لأنّه يكون هناك أثرٌ ممدود. ومنه خَطُّ اليمامة، وإليه تُنسَب الرِّماحُ الخَطِّيّة. ومن الباب الخُطَّة، وهي الحال؛ ويقال هو بخُطَّةٍ سَوْء، وذلك أنه أمرٌ قد خُطَّ له وعليه. فأمّا الأرضُ الخطيطة، وهي التي لم تُمْطَر بينَ أرضينِ ممطورَتَين، فليس من الباب، والطاء الثانية زائدة، لأنَّها من أخطأ، كأنَّ المطر أخْطَأَها. والدليل على ذلك قولُ ابن عبّاس: "خَطَّأَ اللهُ نَوْءَها"، أي إذا مُطِر غيرُها أخْطَأَ هذه المطرُ فلا يُصيبُها.
وأمّا قولهم: "في رأس فلانٍ خُطْيةٌ([21])" فقال قوم: إنَّما هو خُطَّة. فإن كان كذا فكأنّه أمرٌ يُخَطّ ويؤَثَّر، على ما ذكرناه.
(خف) الخاء والفاء أصلٌ واحد، وهو شيءٌ يخالف الثِّقَل والرَّزانة. يقال خَفَّ الشّيءُ يَخِفُّ خِفَّةً، وهو خفيف وخُفَافٌ. ويقال أَخَفَّ الرّجُل، إذا خَفّت حالُه. وأخَفَّ، إذا كانت دابّتُه خفيفةً. وخَفَّ القومُ: ارتحلوا. فأمّا الخُفُّ فمن الباب لأنّ الماشيَ يَخِفُّ وهو لابِسُه. وخُفُّ البَعير منه أيضاً. وأمّا الخُفُّ في الأرض وهو أطول من النَّعل([22]) فإنّه تشبيهٌ. [وَ] الخِفُّ: الخَفِيف. قال:
يزِلُّ الغُلامُ الخِفُّ عَنْ صَهَواتِهِ *** ويُلْوِي بأثواب العَنيفِ المُثقَّلِ([23]) فأمّا أصوات الكلاب([24]) فيقال لها الخَفْخفة، فهو قريبٌ من الباب.
(خق) الخاء والقاف أصلٌ واحد، وهو الهَزْم في الشَّيء والخَرْق. فمن ذلك الأُخْقُوق، ويقال الإخْقِيق، وهو هَزْم في الأرض، والجمع الأخاقيق. وجاء في الحديث: "في أخاقِيقِ جُِرْذانٍ". والإخْقاق: اتَّساع خَرْق البَكَرة. ومن هذا قولُهم: أتانٌ خَقُوقٌ، إذا صوَّت حياؤُها. ويقال للغَديرِ إذا نَضَبَ وجَفَّ ماؤُه وتَقَلفَعَ([25]): خَُقٌّ([26]). قال:
* كأَنَّما يَمْشِين في خَُقّ يَبَسْ([27]) *
(خل) الخاء واللام أصلٌ واحد يتقارب فروعُه، ومرجعُ ذلك إمَّا إلى دِقَّةٍ أو فُرْجة. والبابُ في جميعِها متقاربٌ. فالخِلال واحد الأخِلَّة. ويقال فلانٌ يأكل خِلَلَه وخُلالته، أي ما يُخْرِجُه الخِلالُ من أسنانه. والخَلُّ خَلُّكَ الكِساءَ على نفسك بالخِلال. فأمّا الخليلُ الذي يُخَالُّك، فمِن هذا أيضاً، كأنَّكما قد تخالَلتُما، كالكِساء الذي يُخَلُّ.
ومن الباب الرجل الخَلُّ، وهو النَّحيف* الجِسم. قال:
* إمّا تَرَيْ جِسْمِيَ خَلاًّ قد رَهَنْ([28]) *
وقال الآخر:
فاسقِنيها يا سوادَ بن عمروٍ *** إنَّ جِسمي بَعْدَ خالي لَخَلُّ([29]) ويقال لابن المَخَاض خَلٌّ، لأنه دقيق الجسم. والخَلُّ: الطَّريق في الرَّمل لأنّه يكون مُستَدِقّاً. ومنه الخَلاَل، وهو البَلَح.
فأمَّا الفُرجة فالخَلَل بينَ الشَّيئين. ويقال خَلَّل الشيءَ، إذا لم يَعُمّ. ومنه الخَلَّة الفَقْر؛ لأنه فُرْجة في حالِه. والخليل: الفقير، في قوله:
وإنْ أتاهُ خليلٌ يومَ مَسْغَبَةٍ *** يقولُ لا غائبٌ مالي ولا حَرَِمُ([30]) والخِلَّة: جَفْن السَّيف، والجمعُ خِلَلٌ. فأما الخِلَل وهي السُّيور التي تُلْبَسُ ظُهورَ السِّيَتَيْنِ([31]) فذلك لدِقَّتها، كأنَّ كلّ واحدةٍ منها خِلّة([32]). والخَلّ: عِرْقٌ في العُنُق مُتَّصلٌ بالرأس. والخَلْخَال من الباب أيضاً، لدقّتِه.
(خم) الخاء والميم أصلان: أحدهما تغيُّر رائحةٍ، والآخر تنقية شيء. فالأول: قولُهم خَمَّ اللّحمُ، إذا تغيَّرَتْ رائحتُه. والثاني: قولُهم خُمّ البيتُ إذا كُنِسَ. وخُمَامة البئرِ: ما يُخَمُّ من تُرابها إذا نُقِّيت. وبيتٌ مخمومٌ: مكنوس. ويقال هو مخموم القلبِ، إذا كان نقيَّ القَلْب من كل غِشٍّ ودَخَْل.
(خن) الخاء والنون أصلٌ واحد، وهو حكايةُ شيءٍ من الأصوات بضعف. وأصله خَنَّ، إذا بكى، خنيناً. والخَنْخَنَةُ: أن لا يُبِين الكلامَ. ويقال الخُنان في الإبل كالزُّكام في الناس. والْخُنّة كالغُنّة. ويقال الخنين: الضَّحِك الخفيّ. ويقولون إنّ المَخَنّة الأنف. فإنْ كان كذا فلأنه موضع الخُنّة، وهي الغُنّة. ويقال وطئ مَِخَنَّتَه، أي أذلَّه([33])، كأنه وضع رجلَيه على أنفه.
(خأ) الخاء والهمزة الممدودة ليست أصلاً ينقاس، بل ذُكِر فيه حرفٌ واحد لا يُعرَف صحته. قالوا: خاءِبك علينا، أي اعجَل. وأنشدُوا للكميت:
* بِخاءِبك الحَقْ يَهْتِفُون وحَيَّ هَلْ([34]) *
(خب) الخاء والباء أصلان: الأول [أن] يمتدّ [الشيء] طولاً، والثاني جنسٌ من الخِداع.
فالأول الخَبيبة والْخُبَّةُ: الطريقة تمتدُّ في الرَّمل. ثم يشبّه بها الخِرْقَة التي تُخْرَقُ طُولاً. ويُحمَل على ذلك الخَبِيبة من اللَّحم، وهي الشَّرِيحة منه.
وأما الآخَر فالخِبُّ الخِداع، والخَِبُّ الخَدَّاع. وهذا مشتقٌّ من خَبَّ البَحْرُ اضطَرَبَ. وقد أصابهم الخِبُّ.
ومن هذا الخَبَبُ: ضربٌ من العَدْو. ويقال جاء مُخِبَّاً. ومنه خَبَّ النّبتُ، إذا يَبِس وتقلَّع([35])، كأنه يَخُبّ، توهَّم أنه يمشي. قال رؤبة:
* وخَبَّ أطرافُ السَّفَا على القِيَقْ([36]) *
والخَبخَبة: رخاوةُ الشيءِ واضطرابُه. وكل ذلك راجعٌ إلى ما ذكرناه؛ لأنَّ الخَدَّاع مضطربٌ غيرُ ثابت العَقْدِ على شيء صحيح. فأما ما حكاه الفرّاء: [لي([37])] من فلانٍ خَوَابُّ، وهي القَرابات، واحدها خابٌّ، فهو عندي من الباب الأول؛ لأنّه سَبَبٌ يمتدُّ ويتّصل. فأما قولهم "خبْخِبوا عنكم من الظهيرة"، أي أَبرِدُوا فليس من هذا، وهو من المقلوب، وقد مرَّ.
(خت) الخاء والتاء ليس أصلاً؛ لأنّ تاءه مبدلةٌ من سين. يقال خَتِيتٌ: أي خسيس. وأَخَتَّ الله حَظَّه، أي أخَسَّه. وهذا في لغة مَنْ يقول:
مررت بالنَّات، يريد بالناس. وذكروا أنَّهم يقولون: أخَتَّ فلانٌ: استَحْيا. فإن كان صحيحاً فمعناه أنه أتَى بشيء ختيتٍ يَستحيي منه. وأنشدوا:
فمَنْ يكُ مِنْ أوائِلِه مُخِتّاً *** فإنَّكَ يا وليدُ بهم فخورُ([38]) أي لا تأتي أنت من أوائلِك بخَتيت.
(خث) الخاء والثاء ليس أصلاً ولا فرعاً صحيحاً يُعَرَّج عليه، ولكنّا نذكُر ما يذكرونه. يقولون: الخُثّ ما أُوخِفَ من أخْثاء البقر وطلِي به شيء، وليس هذا بشيء، ويقال الخُثُّ: غُثَاء السَّيل إذا تركَه السيلُ فيبِس واسوَدَّ.
(خج) الخاء والجيم أصلٌ يدلُّ على اضطرابٍ وخفّةٍ في غير استواء. فيقال ريحٌ *خَجُوجٌ، وهي التي تلتَوِي في هُبوبها. وكان الأصمعيُّ يقول: الخَجُوج الشديدة المَرِّ. ويقال إنّ الخجخجة الانقِباض والاستحياء. وقالوا: خَجْخَجَ الرّجُل، إذا لم يُبدِ ما في نفسه. ويقال اختَجَّ الجملُ في سَيره، إذا لم يستقِمْ. ورجل خَجَّاجَة ([39]): أحمق. والبابُ كلُّه واحد.
ــــــــــــــــــ
([1]) في الأصل: "والمطابق أولاً". وانظر ما سبق في كتاب الثاء.
([2]) من قصيدة في القسم الثاني من مجموعة أشعار الهذليين 57، ونسخة الشنقيطي 70. والبيت في اللسان (قشب). ويروى: "به ندع".
([3]) ديوان طفيل 13 برواية: "كُسِيْنَ ظهار الريش".
([4]) من بيت في معلقة لبيد ويروى: "بأحزة". والبيت بتمامه:
بأخرة الثلبوت يربأ فوقها *** قفر المراقب خوفها آرامها ([5]) في الأصل: "فاختز"، تحريف، صوابه في المجمل واللسان.
([6]) في المجمل واللسان: "لما اختززت". وصدره في الاشتقاق 318:
* نبذ الجوار وضل هدية روقه *
([7]) المخدمة: التي في ساقها عند موضع الرسغ بياض. والبيت في المجمل.
([8]) في الأصل: "إياهم يأخذوه". والكلمة ذكرت في القاموس ولم ترد في اللسان.
([9]) الحق أن البيت ملفق من بيتين، وهما كما في السيرة 616 جوتنجن:
والعطيات خساس بينهم *** وسواء قبر مثر ومقل كل عيش ونعيم زائل *** وبنات الدهر يلعبن بكل ([10]) التكملة من اللسان.
([11]) البيت في المجمل واللسان (خشش، لكع)، وسيعيده في (لكع).
([12]) قطعة من بيت في اللسان (خشش، فلق). وهو بتمامه:
في حومة الفيلق الجأواء إذ ركبت *** قيس وهيضلها الخشخاش إذ نزلوا وقد استشهد بهذه القطعة بدون نسبة في اللسان (هضل).
([13]) ظاهر قوله أنه يعني ضبط الخشاش، بالفتح. وفي المجمل: "وخشاش الأرض بالفتح: دوابها".
([14]) البيت في معلقة طرفة.
([15]) يقال خشاء. وخششاء.
([16]) ديوان ذي الرمة 434. كلا، أي كسرعة قولك: "لا".
([17]) ويقال بضمها أيضاً، كما في اللسان والقاموس.
([18]) التكملة من المجمل واللسان.
([19]) أنشده أيضاً في المجمل. وجاء في اللسان برواية: "ولو أشرفت".
([20]) وكذا في تصحيحات القاموس. وفي بعض نسخه: "معاوضة". واللفظ وتفسيره لم يرد في اللسان.
([21]) روي في اللسان (خطط): "خطية" بالياء، ثم قال: "والعامة تقول: في رأسه خطية. وكلام العرب هو الأول".
([22]) في اللسان: "والخف في الأرض أغلظ من النعل".
([23]) لامرئ القيس في معلقته المشهورة.
([24]) في المجمل: "وخفخفة الكلاب أصواتها عند الأكل".
([25]) ذكروا أن "القلفع"، كزبرج ودرهم: ما يتفلق من الطين ويتشقق. ولم يذكر هذا الفعل في اللسان والقاموس في مادة (قلفع) وذكر في اللسان في مادة (خقق) عند تفسيره "الخق".
([26]) ضبط في اللسان والقاموس بالفتح. وضبط في الأصل والمجمل بالضم. وزاد في المجمل: "ويقال خق أيضاً"، يعني بفتح الخاء.
([27]) البيت في المجمل واللسان (خقق).
([28]) البيت في اللسان (رهن). والراهن، بالراء: المهزول.
([29]) البيت ينسب إلى تأبط شراً، أو ابن أخته الشنفرى، أو خلف الأحمر. انظر حماسة أبي تمام (1: 342) واللسان (خلل).
([30]) البيت لزهير في ديوانه (153) واللسان (خلل، حرم).
([31]) السيتان: مثنى سية، وهي ما عطف من طرف القوس. وفي الأصل: "الستين".
([32]) في الأصل: "خلالة".
([33]) في اللسان: "ووطئ مِخَنتهم ومَخَنتهم، أي حريمهم".
([34]) صدره كما في اللسان (20: 334): * إذا ما شحطن الحاديين سمعتهم *
وانظر أمالي ثعلب 554.
([35]) في المجمل واللسان والقاموس: خب النبت، ، إذا طال وارتفع.
([36]) ديوان رؤبة 105 والمجمل. وفي الديوان: "واستن أعراف السفا".
([37]) التكملة من المجمل واللسان.
([38]) البيت للأخطل في ديوانه 206 واللسان (ختت).
([39]) يقال للأحمق خجاجة وخجخاجة أيضاً.