حياك الله
ولما كان الإنسان مفطورًا على حب الحكاية , وجد الشعراء في الحروب المتصلة والأبطال الذين يخوضون معامعها مادة مثيرة تمتزج فيها الحقيقة بالخيال والوقائع بالأساطير , وتنسج منها قصة متصلة الحلقات ,, يقبل الناس على سماعها بدافع الشغف بالحكاية وحب تمجيد البطولة والتشوق إلى أحداث الماضي
فالفن الملحمي شعر قصصي لا يعبر عن ذات صاحبه بل يدور حول أحداث عظيمة , وبطولات وأبطال في فترة معينة من تاريخ الأمة – طالت أو قصرت- مع مزج الحقائق التاريخية بروح الأسطورة والخيال . ومن الطبيعي أن تطول قصائد هذا الشعر حتى تصل إلى آلاف الأبيات بحسب ما تصوره من أحداث وبطولات , وبحسب الفترة الزمنية التي تتحدث عنها
وقد عرف اليونان القدماء الشعر القصصي , وفي تراثهم منه ملحمتان هما " الإلياذة " وَ
" الأوديسة" لم يبتكرهما شاعر بعينه وإنما كتب شعراء متعددون أجزاء منها ثم جاء " هو ميروس " في القرن التاسع قبل الميلاد فألف بين هذه الأجزاء وأضاف إليها وظل يجوب بلاد اليونان منشدًا على قيثارته هذه الأشعار
وتقع الإلياذة في ستة عشر ألف بيت من الشعر على وزن واحد وموضوعها أحداث الحرب الضروس التي نشبت بين القرنين الثاني عشر والعاشر قبل الميلاد بين بلاد اليونان ومملكة طروادة في آسيا الصغرى , بسبب خطف " باريس" أحد أمراء طروادة " هيلانة " زوجة ممنيلاس " الملك اليوناني
وقد حاصر اليونانيون شعب طروادة حصارًا عنيفًا , ولكنهم لم يستطيعوا فتح المدينة , وظهر من أبطال اليونان ( أخيل) و( أجاممنون) و( أجاكس ), كما يظهر من أبطال طروادة ( هكتور) ابن ملك طروادة الذي قتل (أخيل)تحت بصر أبويه, ثم ربط جثته في مركبته ودار بها حول سور طروادة بين نواح النساء
أما ملحمة الأوديسة فتصور عودة اليونانيين إلى وطنهم بعد أحداث مثيرة وصراع عنيف وقصص تمثل ألونًا من الغدر والوفاء والخيانة والعفاف