ألآنسات..السيدات والسادة.. أعضاء منتدى – منتديات أسواق المربد " قبة المربد "
من شعر .. فيلسوف الشعر " أبو العلاء المعرى "
إذا فزعنا فإن الأمن غايتنا
وإن أمنا فما نخلوا من الفزع
وشيمة الإنسان ممزوج بها ملل
فما ندوم على صبر ولا جزع
موضوعي هذا" أتناول فيه ظاهرة اجتماعية أطلت في مجتمعنا منذ زمن وأظنها أصبحت مشكلة - وللأسف - تتجلى في مفهوم سائد خاطئ ونظرة غير سليمة وغير سوية تجاه " المريض النفسي " تعانى منها مجتمعاتنا العربية وتسود فيها نتيجة توارث مفهوم بالى ، وبفعل غياب التوعية الصحية النفسية ، وتدنى وانحسار في العقلية العلمية الواقعية في مواجهة الموقف ، والظاهرة السلبية إذا ما أهملت..استشرت وانتشرت .
علمت عن جريمة وقعت " أب قتل ابنه " وقبلها سمعنا جميعا عن جرائم تقشعر لها الأبدان " الزوج الذي قتل زوجته وأطفاله - الزوجة التي قتلت زوجها - وشقيق قتل شقيقه ...الخ " وجرائم أخرى مفزعة صادمة للضمير الإجتماعى الإنساني - عن حوادث الشذوذ الجنسي ، والاعتداء الجنسي على المحرمات أو الأطفال .وخلف المجرمين لهذه الجرائم - كما ثبت - والقاسم المشترك أنهم يعانون من - أمراض نفسية وعقلية - بلغت حد الانهيار النفسي ومراحله الحرجة مما قادهم لارتكاب جرائمهم .
وخلف هذه الجرائم جناية أكبرارتكبها أهل هؤلاء الجناة..والذين هم في الواقع - مجني عليهم... كيف ؟
مفهوم جاهل يعتبر أن المريض النفسي - مجنون - وأن المرض النفسي - جنون - وان الكشف عن مرض أحد الأقرباء في الأسرة نفسيا - عيب وفضيحة - وهذا العيب وتلك الفضيحة تمس الأسرة أو العائلة وتؤثر سلبا في قيمتها ومكانتها الاجتماعية ونظرة الآخرين إليها...ومن جراء هذا المفهوم الخاطئ ..تتضامن أسرة المريض النفسي لإخفاء حالته المرضية والتكتم عليها ومن بداية ظهور أعراض المرض أو الحالة.. لدرجة الوقاحة في إنكارها وعدم الاعتراف بها ، ومن ذلك عدم عرض المريض على الطبيب النفسي " عيادة الطب النفسي " وحبس المريض داخل غرفة في البيت ..حتى تتضاعف الحالة ويستشرى المرض....ومرد هذا التصرف هو ( الاعتقاد الغير سليم بأن المرض النفسي والعقلي تتمحور عواملهما في عامل سببي هو " الوراثة " وأن ذلك قد ينعكس على فتيات الأسرة فيحجب العرسان عنهن .. ويكون سببا في رفض تزويج شبابها ؟!!!فيما أن علم النفس والطب النفسي تجاوز هذا المفهوم الخاطئ وأثبت يقينا أن للأمراض النفسية والعقلية عوامل عدة أخرى غير الوراثة منها - العوامل الممهدة ، وعامل خبرات الطفولة ، وعوامل معززة مباشرة ، وعوامل ترتبط بأمراض عضوية فكثيرا ما يكون المرض النفسي نتيجة أساس عضوي - كتلف النسيج العصبي وتصلب الشرايين ، أو لتعاطي المخدرات ، وقد يكون أساس المرض النفسي عوامل لصدمات نفسية أو اجتماعية - يقول لنا علم الطب النفسي وعلم النفس :
(العقل هو الجهاز المسيطر على حركة الجسم وعضلاته ، والعقل أو الدماغ هو مخزن الخبرة والذكريات واستعادتها.. والدماغ جهاز معقد - يكفى أن نعرف أن لكل خلية عصبية فيه من الأوتار والشعيرات ما يمكنها من الاتصال بأكثر من خمسين ألف حلقة وصل يساعد على التفاعل مع غيرها من الخلايا )
يقول الدكتور - إبراهيم فريد الدر - في مؤلفه " الأسس البيولوجية لسلوك الإنسان " :
( بالرغم من متانة الكيان البشرى حسدا وذهنا ..وبالرغم من قدراته الفكرية الجليلة ..يبقى الإنسان محكوما بنشأته البيولوجية ومالها من حدود..فالإنسان معجزة إنما تتصدع بالتافه وبالجليل من الأمور التي تلاؤم فطرته )
الآنسات السيدات والسادة في هدا المنتدى العزيز
دعونا ننظر حولنا في إرجاء حياتنا الاجتماعية بمعطياتها الحضارية.. أليست حياة تلقى بالإنسان في دوامة لا تتوقف من الصراعات النفسية .
بين حروب هنا وهناك تلقى بإفرازاتها إلى مجتمعنا كمجتمع إنساني ضمن منظومة الإنسانية الكونية ..إفرازات - الفقر واليتم والترمل والإرهاب والظلم والتجبر والسيطرة ، والقهر من القوى للضعيف وسحقه ، وصراعات اقتصادية وثقافية وحضارية وسياسية وثقافية واجتماعية - كلها أفرزت بالتالي لإنسان اليوم قلقا من الحاضر وخوفا من المستقبل ومن المصير المظلم ، وتفاوتا طبقيا ، وتبدلا في المفاهيم والمشاعر الإنسانية وأقيم الاجتماعية .
فالإنسان بات يتهافت على الماديات..فلم يعد الإنسان منا - وللأسف - يكسب القرش ليعيش بت بسعادة وقناعة... إنما بات القرش يجذبه ليعدو خلفه طيلة حياته مضحيا بسعادته في سبيل حيازته واكتنازه...ويصرفه عن أمور وواجبات سعادته في حياته الأخرى ...كان المال وسيلة فأصبح غاية ...حتى العلم والتعليم للأسف أصبح غايته الشهادة والشهادة ليست للعلم بقدر ما هي وسيلة للوظيفة والوظيفة وسيلة للوصول إلى السلطة والكسب والإثراء - بصرف النظر عن مشروعية كل ذلك وأخلاقياته
أنا لا أعمم..لكن اليس الغالبية العظمى في هذا المسار ؟!!
أليست هذه الحياة وإفرازاتها باتت عوامل و مصدرا يتربص بالإنسان لتقوده إلى الأزمات النفسية ، وبعضها من الشدة لدرجة الاستعصاء عن الحل..مما يستدعى تدخل ومساعدة الطب النفسي ؟ولتأكيد ما ذهبت إليه أستشهد بمقالة للدكتور - أحمد عزت راجح - جاء فيها : " وأرجو الانتباه والدقة في مطالعتها "
( إن مصادر الأزمات أفعال ومواقف تثير وخز الضمير وكل ما يمس كرامة الإنسان الفرد واحترامه لنفسه ، وكل ما يحول بينه وبين توكيد ذاته ، وحين تثبت الظروف للفرد أنه ليس من الأهمية أو القوة بما كان يظن ، وحين يستبد بت الخوف من فقدان مركزه الإجتماعى أوحين يتوهم ذلك أو حين يفقده بالفعل ، وحين يشعر بالعجز وقلة الحيلة إزاء عادة سيئة يريد الإقلاع عنها ، وحين يعجز عن مواجهة مسئولياته المعنوية أو المادية أو الاجتماعية ، وحين يبتلى برئيس أو صاحب عمل مستبد ، وحين يعاقب عقابا لا يستحقه ، وحين يريد ويمنع من تحقيق ما يريده منعا تعسفيا ، وحين يشعر ببعد الشقة بين مستوى طموحه ومستوى اقتداره ، وحين يشعر ببعد الشقة بين ما يملك وبين ما يراه حقا له ، وحين يصدم بخيبة الأمل ، وحين يرى الغير يكافئون دون استحقاق..الخ وتختلف ردة الفعل السلوكي تجاه مصادر الأزمات النفسية من شخص لآخر...فمن الناس من يمضى في التفكير والتدبير وبذل الجهد للخروج من المأزق حتى إن كان في حالة من التوتر الشديد ، ومن الناس من يضعف ويسارع إلى الاستسلام والتخاذل على الفور ، ومنهم من يضطرب ويختل ميزانه ويجتر أفكار الظلم والقهر.. فينهار ويصاب بأمراض نفسية وعقلية... منها - سوء التوافق أو عصاب الوسواس...الفصام ...الخ )
هكذا... أهل هذا المنتدى العزيز
فعامل الوراثة أو اعتبار الوراثة مصدرا للأزمات النفسية وتعميم ذلك لدرجة الشعور بالحرج والعيب الإجتماعى ..خطأ تماما..بل إن عامل الوراثة في ذلك - كما يقول العلم - " العوامل الوراثية جبلية ( بكسر الجيم ) اى وراثية فقط في جزء منها وتشمل عوامل الولادة والعوامل المؤثرة على درجة الحساسية والتأثر _ ومنها عوامل خبرات الطفولة المبكرة من مرحلة الرضاعة الممهدة لاضطراب الشخصية في الكبر "
إن المرض النفسي ابتلاء وقدر من الله له أسبابه وله علاجه تماما مثله مثل الأمراض الجسدية العضوية " أمراض ..الأمعاء والمعدة والقلب والكلى والعيون والأنف والحنجرة والكبد ...الخ " وكما لا عيب ولا فضيحة في هذه الأمراض العضوية ولإعلان عنها ومراجعة العيادات الطبية المتخصصة في علاجها، وعيادة أو زيارة المريض بها مع بقات الورد وعلب الحلوى ...كذلك الحال تماما بالنسبة لأمراض النفس وعياداتها الطبية .
علينا أن نبث الوعي بأهمية العلاج النفسي ، والتحذير من أن إهمال المريض النفسي وعدم إحاطته بمشاعر الحب ومعالجته ...جريمة بمعنى الكلمة لأن الإهمال والتستر على المريض النفسي تضاعف المرض وتدفع المريض بالتالي للاستجابة لنوبات الهلاوس البصرية أو الإيحائية ..فتدفعه إلى العدوان حتى درجة أنواع الاعتداءات وحتى للقتل .
هذا هو موضوعى الجديد اطرحه للحوار ...فما رأيكم ؟
تحياتى ،،،
الغلبان