دِســتـوُرنـا
هُـوَ الـحَـــل !!
شهدت الدول الغربيه والبلدان الشرقيه من عالمنا ... صراعات وتناحرات مشهوده عبر التاريخ ، ولكنها إنتقلت الى مناطقنا العربيه .. بـعــد مباشرتهم وقيامهم بالانقلابات العسكريه واستخدامها كوسيله سهله وسريعه لتغيير انظمة الحكم ، عوضا عن المسيرات الجماهيريه والثورات الشعبيه الصعبة كثيرا على منفذي الانقلابات .... الحقيقه المرّه هي أن الدول التي أسست هذه الطرق السياسيه ... فعلا انها لاتجني من الشوك العنب مثلما يقول المثل ....
يـعتبر العراق احدى هذه الدول العربيه التي وقعت في هذا الوحل ودفعت مهر الدم وخسائر المال والبشر والحروب والانقلابات المعروفه لمعظم ابناء شعبنا العراقي من كردستانه الى بصرته ... إنتقل العراق من العهد الملكي وعهد نوري السعيد ... الـــى عهد النظام المقبور .. وبين الاستقرار وفقدان الامن خط احمر دموي طويــل من تأريخ مأساوي نعلمه جميعا .
لقد سقط الحكم الملكي العراقي .. لانه موالي للغرب وغير مرغوب فيه ، وبأعتبار الشرق والقوى الشرقيه هي القوى الصديقه والمحبه لنا... ولأنّ الشرق هو الصديق القديم الذي فـكّ حلقات الهيمنه الغربيه بالتسليح تاره وبالمقارعه المستمره في مجلس الامن تارة اخرى .. ولاسيما مسألة تمويل و بناء السد العالي الذي جعلته أمريكا جزءا من ضغوطاتها على الملك .. جعل تغيير النظام الملكي حتميا لامحاله .. وهنا انتهت مرحلة الملوكيه والولي عهدويه في العراق والى الابـــد ...وتحولت الى عهد جديد آخر مهيّج وطفولي في أفكاره المطروحه اذا درسناها وتمعـنـّا جليا فيها ... فكان العراق النموذج الاسوأ على الاطلاق بين البلدان التي تحولت أنظمتها من الملكيه الى الجمهوريه لان العراق إنتقل من حكم ملكي مؤيد لحلف بغداد الى ظاهرة الزعيم الأوحد الدكتاتور الذي رفع شعار الوحدويه ... كالقوميه والبعثيه وماشاكلها ... وبمرور التجربه لاحظنا كيف صار تبديل الحكم بحكم آخر .. وذلك لمجرد الوصول الى مركز الاذاعه والتلفزيون .. وأعلان البيان الاول للأنقلاب .. وبعدها تأتي وجبات تصفية الاعداء ، أعداء الانقلاب ،،،،، المتآمرين على الوطن والتابعين من الطابور الخامس الى الاستعمار والامبرياليه العالميه ... فيحترق فيها الاخضر قبل اليابس .. وعادة كانت هذه التصفيات تقطف رؤوس خيرة ابناء الشعب العراقي في تلك المراحل والازمنه ... الحقيقه ... أصبحت هناك ظاهرة إنجرار واسعه لهذا التيار الانقلابي ، وعناصر قويه مناصره على طول وعرض الوطن العربي ... وكادت أن تعصف وتزيل حكومات كانت مستقره وشعوبها هادئه ... ولولا تماسك ووحدة المجتمع الداخلي لتلك البلدان لكان حالها حال .
أما العراق الذي يُـعـد الاكبر من حيث الموارد الطبيعيه، والامثل بتركيبته الاجتماعيه ، بتنوع قومياته وأديانه وألونه وبمختلف ثقافاته ..... ولتعددية وإختلاف هذه القوميات والثقافات ... أوصلت مجموعه مثقـّفه او بعبارة أخرى تيار واعي منفتح راقي الى سدّة الحكم ... ولكن مع بالغ الأسف وبالغ الأسى وبعفل مندسّ خسيس خائن للعباد والبلاد ... ذهب العراق ضحية الوجود الغير طبيعي الاّمسؤول ، وضحية العنصر الغير قادر على إدارة الحكم وتحمّـل مسؤوليات أجهزة الدوله وتحول الى نظام التصفيات والقتل ... وما أسهله من نظام حكم في أجهزة حكم ايّ بلد او حكومه .
الان وبعد إنسداد المخارج لازمة العراق والعراقيين ... صار جزء من واقع ورثناه من حكم الطاغيه المقبور ... فظاهرة الاعتراف وتفشي إختلاف الهويات ، وظاهرة الاعتراف بالتعدديه القوميه وبيان الاختلاف الديني والمذهبي والعرقي اصبح أمرا واقعا يعلمه القاصي قبل الداني ،وحتى مجتمعنا الاسترالي العزيز اصبح يسأل عن العربي العراقي أو الكردي العراقي أو يسأل عن الشيعي أو السني ... الآشوري او الكلداني الخ... ولتعارض الافكار هذه لاختلاف كل هذه المكونات ... قد يذهب البلد الى دائره صعبه بل صعبة جدا اكثر مما هو عليه الان ........ ولأنّ السوأل المُلِح والدارج بيننا .... هو ماالمخرج من هذه المحنه وفي ظل كل هذه التداعيات والصراعات .... فجوابنا يأتي بألإقرار الصريح والواضح والمسؤول بالتعدديه وبمختلف أوجهها .... وبدستور يصاغ وفق هذه الحقيقه ، وحسب الاكثريه والاقليه وتوزيع الواجبات والحقوق بشكل عادل يشمل جميع العراقيين ... هو الطريق الوحيد المؤدي الى القراءه الصحيحه والمنصفه لعراق موحد دستوري متفق عليه من جميع مكونات الشعب العراقي .
ومن يعترض ويقول بأن عملية صياغة الدستور العراقي الجديد تــمّ تحت قبضة الاحتلال الامريكي ... نقول ... إن هذا الأمر لم يمنع نجاح دستور ألمانيا أو اليابان في فتره من فتراته المظلمه وتحت ظروف كانت مشابه نوعا ما لظروف العراق الحاليه.... لم يمنعها في مرضاة شعبها ورقي أبنائها ........ ومع الافتراض لو تركنا أمر الدستور الى العراقيين وحدهم وفي هذه الظروف السيئه ووسط وضعهم القائم ...... فــهــل يمكن تمرير دستور نموذجي شامل كهذا أمــام كل هذه الفوضى الهائله ... ؟؟ !! بالطبع لا .... وعليه يجب أن نختار بين الاسوء والسيء... فإن تــمّ قبول السيء فهو نجاة لـلعـراق ... وبداية الخلاص لعراق نموذجي موحد ...... قد تتبعثر الحكومه و تـتـلكـّأ سنواته الاولى لانها تجربه حديثه في تاريخ العراق ... لكنه في طريق التعافي والاستقرار الكامل بإذن الله تعالى من سرطان الانقلابات والدكتاتوريات .
للكاتب/ محمّد حسين .
