بوش و المغامرة المجنونة في العراق
صـــــــباح ســـــــــعيد الزبيــــــــدي
ما زال الرئيس جورج دبليو بوش يختزن في جعبته "المهترئة" المزيد من التلفيقات التييفاجىء بها العالم من وقت لأخر بمناسبة وبدونها، لتبرير استمرار احتلال العراقوالتعمية عن مآرب بلاده الخاصة بفرض السيطرة على نفط الخليج والتحكم المستقبليبأسعاره وضرب أي توجهٍ نحو الاستقلال الاقتصادي والتخلص من التبعيةوالاستعمار في الوقتالذي تصر فيه إدارته على التمسك بما تسميها "إستراتيجية النصر" في العراق بدلاً من اللجوء إلى "إستراتيجية الانسحاب" منه، ولكن انكشاف كذبتلك المسوغات والذرائع والمبررات ادى الى فقدان الإدارة الأميركية آخر ما تبقى من مصداقيةلديها.
فعندما شنَّ جورج دبليو بوش الحرب على العراق في آذار عام 2003، كان يهدفمن ذلك السيطرة على النفط وحماية اسرائيل، وكان يهدف ايضاً الى سيطرةوهيمنة اميركا على منطقة الشرق الاوسط وتوسيع مناطق النفوذ، والسيطرة بشكلخاص على إيران وسورية.
ان جورج دبليو بوش قد تجاوز كل الحدود ويعتبر عهده العهد الأعظمللفساد في تاريخ الولايات المتحدة،حيث لم تنفجر قضايا فساد بحجم ماانفجرت أثناء رئاسته .
فمن أول يوم فاز فيه جورج دبليو بوش بالرئاسة، وبطريقة عسيرة تشوبها الكثيرمن الشكوك في أحقيته بمنصب الزعيم الأول للولايات المتحدة، والفضائح تترى،إلى أحداث الحادي عشر من أيلول 2001، تاريخ مصادرة إدارة بوش حرية التعبيرلفئة من الأمريكيين، عبر سن قانون ( باتريوت آكت)، وشن الحرب علىأفغانستان والعراق بحجة مكافحة ما يسمى "الإرهاب العالمي"، متجاوزة بذلك "شرعية" الأمم المتحدة، ومنتهكة القانون الدولي وحقوق الإنسان، وارتكابالجرائم في سجن أبو غريب وغوانتنامو، واختطاف الأشخاص بحجة محاربة الإرهابوالاحتفاظ بهم في سجون سرية خارج الولايات المتحدة، وفضيحة ضحايا إعصاركاترينا، والتجسس داخل وخارج الولايات المتحدة الأمريكية على مواطنينأمريكيين وغيرها من الانتهاكات التي يتم الكشف عنها إعلاميا كل يوم.
أن كل المؤشرات والتحليلات والاستطلاعات تشير إلى أن هزيمة نكراء تطل على أبواب الحزب الجمهوري؟
أن جورج دبليو اجتاز مرحلة صعبة من حياته الشبابية، فإنه ارتدّ إلى طريقالصواب، بعد سنوات طويلة من الترف والصخب وإدمان الكحول، مما اضطر والدهإلى معالجته نفسياً وروحياً على يد قس بروتستانتي موهوب، هو والد وزيرةالخارجية كونداليزا رايس، الذي تمكّن بعد جولات وجلسات من إعادة تأهيله،من خلق إنسان جديد من جورج دبليو بوش الذي اختار ابنة هذا القس وزيرةللخارجية لسببين: رد الجميل لوالدها، والافادة من مؤهلاتها السياسيةوالديبلوماسية والاقتصادية، كونها كانت تدير إحدى كبريات شركات البترولالأميركية. إلاّ أن العقل الباطني لدى هذا الرئيس الشاب، يفعل فعله في بعضالأحيان ،خصوصاًعندما يتّخذ القرارات الكبرى، ويغامر في الحرب على الارهاب، ولا سيما فيأفغانستان، بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر) 2001، مع العلم أن حكماء الحزبالديمقراطي المنافس، وصف هذه الحرب بالمغامرة التي تفتقر إلى أية آفاق ، كما أن جورج الأب اعتبر مغامرة ولده ضرباًفي المجهول وقفزة في الفراغ. وقد استطاع جورج دبليو بوش من تحقيق انتصارلأميركا في أفغانستان قبل أن يغرق في مستنقعات العراق، حيث وصل عدد قتلىالجيش الأميركي إلى اكثر من 3000 قتيلا.
أنَّ الأمريكيين قد تورطوا في حرب العراق بناءً على نوايا شريرة بالفعللفقت لأجلها الإدارة الأمريكيَّة أدلةً زائفةً، في سلوكٍ فاسدٍ لا يمكنبحالٍ من الأحوال أنْ يكون سلوك دولة محترمة، بل هو سلوك مجموعة من عصاباتالفساد.
فـقـد بينت دراسة أجراها أخصائيون في علم النفس من جامعة كاليفورنيا أنجورج دبليو بوش ، هو "الأغـبى من بين رؤساء الولايات المتحدة منذ بداية القرنالماضي..!"
وقال الدكتور دين كيت سيمونطون، Dean Keith Simonton الأخصائي في علمالنفس ، الذي أجرى الدراسة، أن "ذكاء" بوش لا يعادل ذكاء رؤساء الولاياتالمتحدة الآخرين خلال 110 سنوات الأخيرة، ما عدا الرئيس وورن هردينغ، الذيأمضى وقتاً قصيراً في البيت الأبيض في العشرينيات من القرن الماضي، واعتبررئيساً فاشلاً.
وفي مقابلة مع صحيفة "التايمز" البريطانية، قال سيمونطون، أن متوسط ذكاءبوش يقل عن سابقه، بل كلينتون، بـ "20 نقطة". وأضاف أن هذا الفارق قادرعلى "إحداث تأثير تعاكسي"، من الممكن أن يجعل الفوارق في الذكاء بارزةبشكل كبير!
وكان سيمونطون قد درس القدرات الذهنية الرئاسية استناداً إلى المعلوماتالتي جمعها باحثون آخرون. وقد استند إلى تحليلات "هيستوريومترية" ، تحليلالشخصية ، استناداً إلى المصادر البيوغرافية، المعترف بها علمياً.
وفي مقالته التي نشرها في مجلـة "عـلـم النـفـس السـياسي" Political Psychology ، كتب أن متوسط ذكاء بوش “لا يزيد عن متوسط ذكاء طالب في مدرسةثانوية في الولايات المتحدة!”
لقد دخل جورج دبليو بوش صناعة البترول بما يتراوح بين 13 و20 ألف دولار من صندوقائتمان عائلي، وفشل فيها - ليقبله من عثرته المرة تلو الأخرى - مستثمرونأصدقاء كانوا على استعداد لأن يخسروا المال في سبيل الارتباط باسم بوش.
وقد دعا جورج دبليو بوش بوش إلى شراكة مستثمرين كانوا بحاجة إليه كواجهة لشرائهمفريق تكساس رنيجرز للبيسبول، واضطر بوش لاقتراض حصته في الاستثمار، وتحولتحصته البالغة 6000 ألف دولار إلى 15 مليون دولار عندما أقامت مدينةأرلنجتون بولاية تكساس استادًا جديدًا للفريق بالمال العام، وكان المقصودبشراء هذا الفريق زيادة رؤية الناس لبوش في تكساس؛ لكي يمكنه الدخول فيالسياسة مثل والده، ودخل بوش انتخابات الكونغرس من منطقة في غربي تكساسسنة 1978م وخسر، رغم أنه لم يكن ينقصه المال الذي وفرته له عائلتهوأصدقاؤه في صناعة البترول. وعندما خاض انتخابات حاكم الولاية سنة 1994مطلب شيكًا بمبلغ 100 ألف دولار، وعندما قرر سنة 1999م دخول انتخاباتالرئاسة جمع الكثير من المال بسرعة – أكثر من 50 مليون دولار – حتى إنهكان محصنًا ضد الاحتمال السياسي المعتاد وهو أن الهزائم المبكرة فينيوهامبشاير وساوث كارولينا قد تخرجه من السباق.
راجت شائعات حول تعاطي بوش الماريجوانا وشم الكوكايين، لكنها ظلت مجردشائعات لم تثبت صحتها، ولكن المؤكد أنه كان يكثر من شرب الخمر، وهوالإدمان الذي لازمه حتى سن الأربعين.
هذا وإن الانتهاكات العديدة والخطيرة التي ارتكبتها إدارة جورج دبليو بوش خلالفترة تزعمها مقاليد الحكم في أعرق ديمقراطيات العالم، تركت بصمات سلبيةللغاية على سمعة الولايات المتحدة الأمريكية، قد يتطلب عقودا طويلة منالزمان لإصلاح ما تم إفساده على جميع المستويات والأصعدة...
فالديمقراطية والإصلاحوالاعتدال والعولمة والعالم الحر والنظام العالمي الجديد إلى ما هنالك من مصطلحاتفارغة وجوفاء ماهي الا مصطلحاتتعبر في حقيقتها عن العدوان والاجتياح والاحتلال والتوسع التي تطبع تطلعاتادارة جورج دبليو بوش الهادفة إلى فرض هيمنتها العسكرية والسياسية والاقتصادية على بعضالبلدان وشعوبها.
وفي الوقت الذي تقيم فيه ادارة جورج دبليو بوش الجدران الطائفية وتعزز الانقسام الطائفي في العراق والاستمرار في احتلاله وتمزيقه ،يصبح من رابع المستحيلات المراهنة على أي أمل برؤيةعصر الحريَّة والديمقراطيَّة في العراق الجديد في ظل هذه الإدارة التي لم تنضج ولميصلها الوعي السياسي بعد.
صـــــــباح ســـــــــعيد الزبيــــــــدي
بلغراد – صربيا
**************************