العمر...وما أدراك ما العمر...
في رحلة الحياة لا بد أن نتوقف يوما لنلتفت إلى الوراء ونحن ننظر نظرة وداع تحمل الألم والحسرة والندم والضيق...ونعود لننظر إلى الأمام نظرة إشفاق وخوف ووجل ورهبة و...
أمر طبعي يمر به جل البشر ...لكن هناك من يقف وقفة مطولة عند مرحلة عمرية يسبر أغوارها ...ويستكشف خفاياها...و...
والأدباء كانت لهم وقفات مع مراحل العمر...وقفات قد تكون سريعة ...ربما للإخبار عن حال ومآل...
إن الثمانين وقد بلغتها
قد أحوجت سمعي إلى ترجمان
وربما للتحسر...للإشفاق...للندم...للتوبة...للرهبة ...للخوف...
ولعل مرحلة الأربعين من أكثر المراحل استيقافا للأدباء؛كيف لا وهي بوابة مفصلية في البناء العمري لهم ؛ إذ هي تقف بين مرحلة الشباب والنزق والطيش والطوح والأماني...ومرحلة الشيخوخة والكهولة والحكمة والعقل...هي مرحلة النضج التي من عبرها لا يمكن أن يعود أدراجه...مرحلة لا تشكل بحد ذاتها رعبا لكن الخوف آت مما سيجيء بعدها من مراحل...
ربما كانت وقفتي مع المجموعة الشعرية الكاملة لغازي القصيبي - هذه الفترة - قد جعلتني ألتفت لهذا الأمر ، خاصة أن هذه المرحلة قد شكلت - فيما يبدو - له هاجسا ؛ فأعاد الحديث في أكثر من موضوع،بل إنه وسم إحدى قصائده باسم( أمام الاربعين).
يقول في قصيدة ( أغنية حب للبحرين):
الأربعون غضون خطها قلم
من الشجون..وتاريخ من النصب
والشيب في لمتي فجر بلا مرح
يطل فوق مساء خامد الشهب
وهما بيتان يفصحان عن نفسهما...ويقولان الكثير...
لنتشارك هنا في تلمس خطرات الأدباء ...ووقفاتهم أمام هذه المرحلة العمرية ...