في شهر رمضان المبارك من السنة الثانية للهجرة خرج جيش المسلمين المؤلف من ثلاثمائة و ثلاثة عشر مقاتل لاعتراض قافلة تجارية لقريش قادمة من الشام .
كانت قافلة ضخمة تتألف من ألف بعير بقودها أبو سفيان عدوّ الإسلام اللدود .
عندما هاجر المسلون من مكة إلى المدينة أغار المشركون على بيوتهم و نهبوها و تركوها مثل الخرائب .
لهذا أراد سيدنا محمد ( صلى الله عليه وآله ) استعادة ما نهبوه من أموال ، و تأديب قريش بتهديد قوافلها التجارية إلى الشام .
عسكر المسلمون قرب آبار بدر ، في انتظار وصول القافلة . و بعد مدّة وصلتهم أخبار خطيرة . لقد غيّر أبوسفيان مسار القافلة ، كما أن قريش تعبّئ جيشاً كبيراً مجهّزاً بأفضل الأسلحة لحماية القافلة .
كان المسلمون قد خرجوا لمصادرة قافلة تجارية و لم يخطر على بالهم انهم سوف يواجهون جيشاً كبيراً .
استشار سيدنا محمد ( صلى الله عليه وآله ) أصحابه ليعرف موقفهم .
نهض عمر بن الخطاب و قال :
ـ انها قريش و غدرها و الله ما ذلّت منذ عزت و لا آمنت منذ كفرت .
سيطر القلق على نفوس المسلمين لما سمعوه من عمر و فكّر بعضهم بالعودة إلى المدينة .
و في تلك اللحظات الحساسة نهض الصحابي المهاجر المقداد بن عمرو الكندي فقال بحماس :
ـ يا رسول الله امض لأمر الله فنحن معك . . و الله لا نقول لك كما قال بنو اسرائيل لنبيّهم : اذهب أنت و ربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ، و لكن اذهب أنت و ربك فقاتلا انا معكما مقاتلون .
بدت ملامح الرضا على وجه سيدنا محمد ( صلى الله عليه وآله ) ثم التفت إلى الأنصار يريد أن يعرف موقفهم فقال :
ـ أشيروا عليّ أيها الناس .
أدرك سعد بن معاذ أن الرسول يعنيهم فنهض قائلاً :
ـ كأنّك تريدنا يا رسول الله ؟
قال النبي ( صلى الله عليه وآله ) :
ـ نعم .
قال سعد بحماس المؤمن :
لقد آمنا بك يا رسول الله و صدقناك و شهدنا أن ما جئت به هو الحق ، و أعطيناك مواثيقنا و عهودنا على السمع و الطاعة فامض يا نبي الله لما أردت فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر ( البحر الأحمر ) و خضته لخضناه معك ما بقي منّا رجل واحد .
و عندما حدثت المعركة و تمّ النصر للمسلمين عادوا و هم يتذكرون كلمات المقداد ذلك الصحابي المهاجر المؤمن الذي لا يخاف أحداً إلاّ الله .
فمن هو المقداد ؟
يتمنى المقداد إلى قبيلة كندة ، فرّ من قبيلته و قدم مدينة مكّة . لجأ إلى رجل من أهل مكة يدعى " الأسود بن عبد يغوث الزهري " و لهذا عرف بالمقداد بن الأسود ، و عندما نزلت الآية الكريمة " ادعوهم لأبائهم " دعي بالقداد بن عمرو .
بلغ المقداد الرابعة و العشرين من عمره ، و كان الإسلام قد أشرق من فوق جبل حراء ، و سمع بدعوة سيدنا محمد ( صلى الله عليه وآله ) فأسرع إلى اعتناق الدين الجديد . فكان من المسلمين الأوائل .
كتم المقداد اسلامه ، و كان يتصل بسيدنا محمد ( صلى الله عليه و آله ) سرّاً .
و تمرّ الأعوام بعد الأعوام ، و المقداد يتألّم لما يحلّ بالمسلمين من العذاب و القهر .
الهجرة
أمر سيدنا محمد ( صلى الله عليه وآله ) أصحابه بالهجرة إلى المدينة ، فهاجروا فرادى و جماعات . و يأتي أمر الله سبحانه إلى رسوله بالهجرة فيهاجر . و يفرح المقداد بسلامة رسول الله و ينظر بإعجاب إلى فتى الإسلام علي بن أبي طالب الذي انقذ بتضحيته سيدنا محمداً ( صلى الله عليه وآله ) من سيوف المشركين .
عندما هاجر سيدنا محمد ( صلى الله عليه وآله ) إلى المدينة أغار المشركون على بيوت المسلمين المهاجرين و نهبوها . لهذا فكّر سيدنا محمد ( صلى الله عليه وآله ) بتأديب قريش و تهديد قوافلها التجارية .
فخرجت أول سرية بقيادة حمزة بن عبد المطلب و اتجهت نحو منطقة " العيص " على البحر الأحمر ، و اصطدمت بقوات المشركين بقيادة أبي جهل ، ولم يحدث أي قتال لتدخّل بعض زعماء القبائل هناك .
و أعقب ذلك خروج سرية اُخرى و ذلك في شهر شوال من السنة الاُولى للهجرة و تتألف هذه السرية من ستين فارساً .
كان هدف السرية الوصول إلى وادى " رابغ " وتهديد طريق قريش التجاري بين مكة و الشام .
في مكة
سمع المشركون بأخبار هذه السرية ، فاستنفر أبو سفيان أهل مكة للتصدّي للمسلمين .
فكّر المقداد بالانضمام إلى قوات المشركين و الاستفادة من هذه الفرصة والهجرة إلى المدينة .
انطلق المقداد إلى عتبة بن غزوان و كان قد أسلم و كتم اسلامه .
و هكذا اتفقا على الانضمام إلى قوات المشركين .
قاد أبو سفيان مئتي فارس و اتجه بهم نحو وادي " رابغ " و هناك اصطدم المشركون بستين من فرسان المسلمين . وحدث ترشق بالسهام ، و في الأثناء فوجئ المشركون و هم يشاهدون اثنين من فرسانهم ينطلقان باتجاه المسلمين . و سمعوا أصوات المسلمين تملأ الصحراء :
ـ الله أكبر . . الله أكبر
عندها علم أبو سفيان بأنّ الفارين كانا المقداد و عتبة بن غزوان .
أكل الحقد قلبه ، و أصدر أمراً بالعودة إلى مكة خاف أبو سفيان أن يكون بين جنوده مسلمون آخرون يكتمون ايمانهم .
في المدينة المنورة
عاش المقداد في المدينة المنورة حياة طيبة . فالقلوب يعمرها الايمان . و سيدنا محمد ( صلى الله عليه وآله ) يغمر الجميع بعطفه و حبّه و خلقه الكريم .
كان سيدنا محمد ( صلى الله عليه وآله ) حريصاً على المسلمين يفكّر بأمنهم و حياتهم و مستقبلهم في الدنيا و الآخرة .
كان المقداد مؤمناً عميق الايمان يحب الله و رسوله . لهذا لم يتخلّف يوماً عن مرفقة سيدنا محمد ( صلى الله عليه وآله ) في جهاده .
فقد أغار المشركون على مراعي المدينة و نهبوا بعض المواشي ، فاستنفر سيدنا محمد ( صلى الله عليه وآله ) المسلمين لمطاردتهم .
كان المقداد من أوائل الذين استجابوا و الرسول . قاد سيدنا محمد مئتي فارس لمطاردة المغيرين . و لكنهم أفلتوا ، فعاد النبي ( صلى الله عليه وآله ) إلى المدينة بعد أن قذف المشركين الرعب ، و تسمّى هذه الغزوة بعزوة بدر الصغرى .
معركة بدر الكبرى
في 12 رمضان خرج المسلمون لاعتراض قافلة تجارية لقريش عائدة من الشام .
و قريباً من آبار بدر ، وصلت الأخبار عن جيش يعدّه المشركون بقيادة أبي جهل .
استشار سيدنا محمد ( صلى الله عليه وآله ) أصحابه ، فنصحه البعض بالعودة إلى المدينة و سيطر القلق على المسلمين .
في تلك اللحظات نهض المقداد و قال كلمته الحماسية فألهبت مشاعر الايمان في النفوس .
عندما اشتعلت المعركة خاضت المسلمون قتالاً مريراً و دعا سيدنا محمد ( صلى الله عليه وآله ) الله سبحانه و تعالى أن ينزل النصر على عباده المؤمنين و ماهي إلاّ ساعات حتى دبّت الهزيمة في جيش المشركين .
و انتقم الله من أبي جهل و اُمية بن خلف اللذين كانا يعذّبان المسلمين كما وقع في الأسر بعضهم ، من بينهم النضر بن الحارث و عقبة بن أبي معيط و غيرهما .
كان المقداد قد أسَّر النضر بن الحارث .
قاد المسلمون الأسرى نحو المدينة المنورة و عندما وصلوا منطقة " الاثيل " أصدر النبي ( صلى الله عليه وآله ) أمره باعدام النضر .
كان النضر بن الحارث يعذّب المسلمين في مكة و كان المسلمون يتألمون و يدعون الله أن يخلّصهم من شروره .
لهذا أمر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بقتله حتى لا يعود إلى مكة و يصبّ على المسلمين المستضعفين العذاب .
أمر سيدنا محمد ( صلى الله عليه وآله ) بطل الإسلام علي بن أبي طالب بتنفيذ الحكم .
صاح المقداد :
ـ انّه أسيري يا رسول الله .
أدرك النبي أن المقداد انّما يتوقع أن يحصل على فدية الأسرى التي سيبعثها ذووه في مكة .
رفع النبي يديه إلى السماء و قال :
ـ اللّهم اغن المقداد من فضلك .
رضي المقداد بدعاء النبي و سلَّم عدوّ الإسلام و الإنسانية ليلقى جزاء أعماله و جرائمه .
أوصى النبي ( صلى الله عليه وآله ) أصحابه بمعاملة الأسرى معاملة حسنة و أطلق بعضهم دون فدية لأنّهم كانوا فقراء لا يملكون شيئاً .
و طلب من الذين يعرفون القراءة و الكتابة أن يعلّموا أطفال المسلمين ذلك عوضاً عن الفدية .
معركة أحد
بعد أن هُزم المشركون في معركة " بدر " عقدوا العزم على الثأر فعبّأوا جيشاً كبيراً من ثلاثة آلاف مقاتل .
زحف المشركون باتجاه المدينة ، حتى اذا وصلوا مراعيها تركوا خيلهم و إبلهم ترعى تحدّياً للمسلمين .
استشار النبي ( صلى الله عليه وآله ) أصحابه في ذلك فأشار بعضهم بالبقاء في المدينة و اختار الآخر الخروج منها .
كان شبّان المسلمين متحمسين للخروج و القتال خارج المدينة . لهذا استجاب النبي ( صلى الله عليه وآله ) و عقد العزم على مغادرة المدينة .
وصل الجيش الاسلامي إلى جبل أُحد ، و عبأ النبي قوّاته استعداداً للقتال .
أمر النبي ( صلى الله عليه وآله ) خمسين من أمهر الرماة بالتمركز فوق جبل " عينين " و هو جبل صغير . و ذلك لحماية مؤخّرة الجيش الاسلامي .
و عندما اشتعلت المعركة ، قام فرسان المشركين بهجوم للالتفاف على قوات الإسلام ، فتصدى الرماة و أوقفوا الهجوم و أجبروهم على الانسحاب .
و قام المشركون بمحاولة ثانية و ثالثة و لكنهم أخفقوا بعد أن قام سلاح الفرسان بقيادة المقداد بالتصدّي للهجوم و قاتل بضراوة .
ارتدّ المشركون بقيادة خالد بن الوليد إلى موقعهم .
و في هذه اللحظات أمر النبي بشن هجوم معاكس استهدف لواء المشركين و ذلك لزعزعة معنوياتهم .
و حدثت معارك ضارية حول اللواء و كان يسقط في كلّ مرة فيحمله آخر .
و عندما سقط للمرّة الأخيرة دبّت الهزيمة في صفوف المشركين و ولوا الأدبار ، و وقع الصنم الكبير الذي حملوه من مكة من فوق الجمل !
عندما شاهد الرماة هزيمة المشركين ، و اخوانهم يطاردون فلولهم و يجمعون الغنائم ، هبطوا من فوق الجبل ، صاح قائدهم و ذكّرهم بوصيّة سيدنا محمد ( صلى الله عليه وآله ) فقالوا :
ـ لقد انهزم المشركون و لا داعي للبقاء .
و في هذه اللحظة شن خالد بن الوليد مع فرسانه هجوماً عنيفاً ، لم يصمد أمامه ما تبقى من الرماة .
فوجئ الجيش الاسلامي بهجوم الفرسان ، فدبّت الفوضى في صفوفهم . و أصبح الكثير من المسلمين بين قتلى و جرحى .
عندما رأى المشركون ما حدث عادوا و حملوا اللواء و سقط الجيش الاسلامي بين فكي كماشة ، الفرسان من الخلف و المشاة من الامام .
استهدف المشركون سيدنا محمد ( صلى الله عليه وآله ) لقتله و القضاء على الإسلام نهائياً و لكن الصحابة المخلصين من أمثال علي بن أبي طالب و المقداد و الزبير و مصعب بن عمير و أبي دجانة الأنصاري و سهل بن حنيف و غيرهم صمدوا في المعركة ، و راحوا يدافعون عن حياة النبي .
فكّر سيدنا محمد ( صلى الله عليه وآله ) بالانسحاب إلى مرتفعات أحد لتسهيل عملية الدفاع ، فكان يقاتل و يقاتل معه الصحابة الأبطال و هم ينسحبون إلى أعالي الجبل . و بعد مدّة توقفت هجمات المشركين .
الدرس الكبير
كانت المعركة أُحد درساً للمسلمين تعلّموا منه الكثير ، تعلّموا منه طاعة الرسول في كلّ الظروف ، فطاعته نصر ، و عصيانه هزيمة .
لقد أصيب سيدنا محمد ( صلى الله عليه وآله ) بجروح بليغة و تعرّضت حياته للخطر بسبب تناسي الرماة وصيته بعدم مغادرة مواقفعهم فوق جبل عينين في جميع الأحوال .
تزعزت هيبة المسلمين بين القبائل و شمت بهم المنافقون اليهود .
لهذا أراد سيدنا محمد ( صلى الله عليه وآله ) إعادة هيبة الإسلام فأصدر أمراً بالتجمّع من جديد و القيام بمطاردة قوّات المشركين .
حمراء الأسد
استجاب المسلمون بالرغم من جراحهم و التفوا حول قائدهم العظيم ، فاتجه نحو مكان يدعى حمراء الأسد .
تعجّب اليهود و هم يرون التفاف المسلمين و حماسهم للتصدي لجيش المشركين بعد يوم واحد من معركة أُحد .
كان أبو سفيان قد عسكر في " الروحا " بعد أن فكّر المشركون بالعودة لمهاجمة المدينة و القضاء على الإسلام .
سمع أبو سفيان بزحف الجيش الاسلامي فشعر بالقلق لأنّه يعرف ان هزيمة المسلمين كانت بسبب تهاون الرماة ، لهذا فضّل الانسحاب إلى مكة .
أراد أبو سفيان أن يقوم بمناورة لتخويف المسلمين فأرسل تهديداته اليهم في حمراء الأسد .
لم يبال المسلمون بتهديدات المشركين و ظلّوا معسكرين في حمراء الأسد ثلاثة أيام و كانوا بوقدون النيران ليلاً تحدّياً للمشركين .
خاف أبو سفيان فأصدر أمره الانسحاب إلى مكة .
و هكذا استطاع سيدنا محمد ( صلى الله عليه وآله ) إعادة هيبة الإسلام في جزيرة العرب .
يحبّه الله
بلغت منزلة المقداد وايمانه بالله و رسوله ان قال سيدنا محمد ( صلى الله عليه وآله ) فيه و في بعض أصحابه :
ـ ان الله أمرني أن أحبّ أربعة و أخبرني أنّه يحبّهم : علي و المقداد و أبي ذر و سلمان .
توفي سيدنا محمد ( صلى الله عليه وآله ) ، و كان بعض الصحابة مطمئنين إلى أن خليفته هو وصيّه علي بن أبي طالب .
و لكن حدث ان اجتمع بعض المهاجرين و الأنصار و دار صراع حول الخلافة في سقيفة بني ساعدة أسفر عن مبايعة أبي بكر بالخلافة .
فوجئ المقداد و سلمان و عمّار و أبوذر و أبو أيوب الأنصاري و العباس بن عبد المطلب و غيرهم من الصحابة بهذه البيعة . و وقفوا إلى جانب الامام علي بن أبي طالب .
ظلّ الإمام على موقفه و إلى جانبه زوجته فاطمة الزهراء ابنة سيدنا محمد ( صلى الله عليه وآله ) .
و بعد ستة أشهر توفيت الزهراء و هي حزينة بسبب ما حصل بعد وفاة والدها العظيم .
اضطر الإمام علي لمبايعة أبي بكر حفاظاً على مصلحة الإسلام و وحدة الاُمة . فبايع بقية الصحابة الذين امتنعوا بادئ الأمر .
بايع المقداد ( رضى الله عنه ) و انصرف إلى حياة الجهاد دفاعاً عن دين الله و رسالته . و كان يعلّم الناس القرآن ، حتى شاعت قراءته في بلاد الشام .
ظلّ المقداد و فيّاً لله و رسوله ، لم يغيّر و لم يبدّل ، ظلّ كما هو في حياة حبيبه رسول الله و في عهد أبي بكر و في عهد عمر .
و بعد اغتيال الخليفة الثاني عمر بن الخطاب ، جعل الخلافة في ستة من أصحاب النبي ، على أن ينتخبوا من بينهم الخليفة .
و هم علي بن أبي طالب و عثمان بن عفان ، و عبد الرحمن بن عوف و سعد بن أبي وقاص ، و الزبير بن العوام ، و طلحة بن عبيد الله .
و اجتمع أصحاب الشورى لانتخاب الخليفة .
كان بعض الصحابة يتمنون عودة الحقّ إلى أهله و يورن ان الإمام علياً هو أحق الناس بالخلافة .
لهذا صاح المقداد ليسمع أهل الشورى :
ـ إن بايعتم عليّاً سمعنا و أطعنا .
و وقف عمّار بن ياسر موقفاً مؤيداً .
و لكن الاطماع لعبت دورها و أدت إلى بيعة عثمان بالخلافة .
النهاية
رأى المقداد في عهد عثمان انحرافاً عن سيرة النبي ( صلى الله عليه وآله ) و سيرة أبي بكر و عمر فكان يتألم لذلك رأى المقداد كيف يتصرّف الخليفة الثالث فيهب أموال المسلمين لأقربائه ، و ينصّبهم حكّاماً على الناس بالرغم من فسقهم و انحرافهم .
و رأى المقداد بعينيه ما لحق بأبي ذر من أذى و عذاب حيث توفي الصحراء وحيداً .
و ما أصاب عمار بن ياسر الذي أغمي عليه من شدّة الضرب و هو شيخ بلغ التسعين .
و رأى ما حلّ بالصحابي ابن مسعود من شتم و ضرب و إهانة .
و كان المقداد يتألّم لما أصاب الإسلام على أيدي بني اُمية الذين عاثوا في الأرض الفساد و قهروا العباد .
و بالرغم من كلّ هذا فقد ظلّ المقداد صابراً محتسباً مؤمناً بالله و بما وعد الله عباده المؤمنين الصابرين إلى ان لبّى نداء ربّه و هو في السبعين من عمره .
فسلام عليه يوم ولد و يوم مات و يوم يبعث حيّاً .