لا نهدف في النص إلى شيوع الإيروتيكية أو الشبقية بينما الأساس هوالكشف و تسليط بعض الأضواء على العلاقة العاطفية .الحب هو السعي لتلبية رغبة فيسيولوجية ونفسية يكون طرفاها أنثى وذكر داخل محيطهما، أما الحب الذي عرفه الكتاب وأسالوا فيه مدادا كثيرا وتغنى به الشعراء وبرعوا في ذلك،وتركوا محفوظاتهم تغنى بها تابعيهم وكانت لها دور في تأسيس لبعض معايير الجمال عند المرأة فهو ما خبروه من تجربة أثناء سعيهم لتحقيق الرغبات المذكورة سالفا وأحسنوا التعبير لأنهم الأكثر امتلاكا للملكة اللغوية بتعبير ابن خلدون وسعة الخيال.
قال جبران خليل جبران:*أنا مديون بكل ما هو*أنا*إلى المرأة منذ كنت طفلا حتى الساعة،والمرأة تفتح النوافذ
في بصري والأبواب في روحي،ولولا المرأة الأم،المرأة الشقيقة،والمرأة الصديقة لبقيت هاجعا مع هؤلاء النائمين الذين ينشدون سكينة العالم بغطيطهم*(1) تفسير هذا الكلام:لأنه رجل قبل أن يكون كاتبا وانطلاقا من اختلافه سيكتشف رجولته،لأنه لو لم تكن المرأة لما قلنا كلمة رجل فالأشياء بضدها تعرف.لأن أمه ساعدته وكانت السبب في هجرته إلى أمريكا واكتشاف عوالم أغنت تجربته الإبداعية،لأنه خلال سعيه نحو تحقيق رغباته الفطرية كتب أحسن النصوص التي خلدت إسمه كأحد أقطاب الرابطة القلمية وأحد مؤسسي خطاب التطوير والتجديد.
1-الحب المثالي:حينما نتتبع شريطا سينمائيا نجد أن البطل يسعى ما أمكن للقاء بالبطلة والفوزبها وسعيها الحثيث أيضا لتحقيق نفس الأمر، رغم العراقيل التي يؤسسها كاتب القصة أو صاحب السيناريو و كيف يظهر للمتفرجين أن الحب المثالي الافتراضي في الفيلم هو الذي يجب أن نحققه في الواقع،هذا إذا أراد المخرج التعبير عن هذه الفكرة.
طرف الحب المثالي الأول:لنأخذ المرأة :تتكون صورة الرجل المثالي عند نتيجة تفاعل معطيات شعورية ولا شعورية تتدخل فيها خبراتها أثناء الطفولة والمراهقة والذكور الذين تمنت والذين احتكت بهم خلال هذه الفترة بالإضافة إلى خبراتها مع قريناتها ومحيطها بشكل عام.
الطرف الثاني في الحب المثالي:الرجل:نفس الشيء يكون صورة أنثاه المثالية بفعل اكتساب الخبرات المذكورة آنفا.طفل يتفرج على التلفاز :راقصة ترقص يتتبعها بإعجاب. هنا تتكون لديه صورة المرأة المثالية التي يتمناها في اللاشعور.
متى يكون الحب مثاليا حينما يعثر طرفان على الصورة المثالية في بعضهما البعض وإذا كانت العراقيل كبيرة قد لا يتحقق ، خصوصا إذا تقدم الطرفان في علاقتهما العاطفية سواء في إطارها الشرعي أو غيره.لنفرض مات أحد الطرفين في حادثة سير سيفقد الطرف الآخر التوازن بشكل خطير يصعب عليه جمع شتاته العاطفي.نعطي أمثلة هنا:قيس وليلة ،عنترة وعبلة،روميو و جوليت وهلم جرا..هنا صورة إيجابية لدى الطرفين نحو الحب تجمع بين المتعة المطلقة والأسى الشديد نتيجة للفراق.
الحب غير المتوازن:حينما يعثر رجل ما على صورته المثالية في مرأة تحمل صورة رجل آخر هنا يسعى الرجل سعيا حثيثا ويستخدم جميع حواسه عقله لتحقيق مطلبه لكنه يصدم بعدم استجابة الطرف الآخر،هنا تحدث الصدمة العاطفية؛وتترتب عنها خيبة أمل يجد الفرد صعوبة في معاودة التجربة.وهذا هو نموذج الصورة السلبية للحب.وينطبق الأمر على الطرفين.
أمثلة:
1-تزوج رجل بامرأة رغم أنه لا يحبها لديه صورة مثالية لامرأة أخرى وكان زواجه إرضاء والديه،هنا قد يقع في الخيانة والنتيجة غنية عن التعريف.
2-تحب امرأة رجلا يعني أنها تحقق رغباتها بشكل إيجابي،فقدته.تقدم رجل لخطبتها تزوجته إرضاء للآخرين هنا يطبع العلاقة توتر تتفاوت درجة خطورته.
العراقيل:هي مجموع الحواجز الاجتماعية التي تحول دون الحب المثالي الذي ذكرناه سابقا.كأن تكون المرأة من أسرة ثرية والرجل من طبقة فقيرة خصوصا في المجتمعات التي تتميز بالطبقية أو الاختلاف في اللون مثلا.وقد تتحق بعض الحالات الاستثنائية في هذا المثال.
تخضع العلاقات العاطفية وتهتز نتيجة مجموعة من المتغيرات منها تبدل الأحوال على المستوى الاجتماعي والاقتصادي الجهاز النفسي للطرفين.ومستوى نجاح هذه العلاقات يختلف من منطقة لأخرى.حيث نجد في المجتمعات التقليدية بشكل عام العلاقات لا تكون في يد الطرفين بل محكومة سلفا وفق نظام نمطي ملزم.وندخل في هذا النطاق العلاقات العابرة التي هي عبارة عن محاولة للاتفلات من الضمير الاجتماعي.
الحب وهم أم حقيقة،الحب حقيقة لكن تتغير صورته من فرد لآخر بالسلب أو بالإيجاب.
السعي من طرف الرجل أم المرأة :كل طرف تناط له أدوار فسيولوجية. المرأة واختيار لباسها يفسر الذهنية لديها وخبراتها الشعورية واللاشعورية.هنا نطرح السؤال هل تتجمل المرأة لإرضاء نفسها أم لإرضاء الآخر المصور في ذهنها.والذي تتمنى أن يسعى إليها.
نفس الشيء بالنسبة للرجل تناط به المبادرة وإبراز صفاته الرجولية.وهذه الصفات تختلف من مجتمع إلى آخر.
أخيرا نتمنى أن تبنى العلاقات العاطفية على أسس سليمة يطبعها الحوار وتربية جنسية سليمة مستمدة من روح الشريعة الإسلامية ونتائج البحوث العلمية .




1-رسالة جبران إلى مي زيادة عن د.براكس غازي فؤاد،جبران خليل جبران،ص 138
الطبعة الأولى 1973/دار النسر المحلق للطباعة والنشر لبنان.