* بيع وشراء *

..................



لا أذكر كيف ، ولا لماذا ، أحببت عملية البيع والشراء . ربما لأنى كنت أتابع عم عبده فى دكانه الصغير ـ قبالة البيت ـ وهو يبيع الحلوى والسجاير . أحببت الفصال ، والأخذ ، والرد ، وصل على النبى ، وزيد النبى صلا ، وبين البايع والشارى يفتح الله ، واتوصى شوية ، والله يبارك . طقوس تبدأ ، ولا تنتهى . تشكل دنيا البيع والشراء التى أتابعها من موضعى خلف النافذة المطلة على دكان عم عبده ..
طلبت من أمى أن تثبت مؤشر الراديو على الأغنيات ، سواء ما تقدمه إذاعة القاهرة ، أو إذاعة الشرق الأدنى ، خلفية لنشاطى التجارى الذى شغل أسفل السرير النحاسى الكبير فى حجرة أبوى . مجلدات من مكتبة أبى ، وعلب أحذية فارغة من الورق المقوى ، أصفها فى هيئة طاولة الدكان . أضع فوقها البسكويت والبونبونى . أدخر ثمنها من مصروفى . حتى الإفطار ، أعتذر عن عدم تناوله فى البيت . تعطينى أمى المقابل قرشين أو ثلاثة ..
أثابر فى جلستى المنحنية . زبائنى هم خالتى وأخواى . يشترون بالأجل حتى يخلو الدكان تماماً . أريح علب الأحذية ، وأفرد جسدى الذى طال تقوسه . أرد على السؤال بموعد البيع ثانية :
ـ ربما غداً بعد أن آخذ مصروفى ..
أحببت البيع والشراء ، فنسيت ـ أو تناسيت ـ ما كنت أدينهم به من قيمة البضاعة القديمة !