العودة
... إذن لم يبق لي الآن إلا أن أستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه، وإلى لقاء قريب إن شاء الله.
كانت هذه آخر الكلمات، التي تلقاها قبل أن يسافر من فم صاحبه، فاستقرت في قلبه قبل أن تستقر في أذنيه، وهو اليوم يشق طريق الإياب بشوق وحنين، فقد طالت غيبته بعيدا عن قرية صغيرة ألفها وألفته، وخبر أجواءها البسيطة المتواضعة بقدر ما خبر أهلها البسطاء، ومنذ أن أدرك نفسه بين أحضانها، وعقل وجوده في رحابها، وهو يحسن الإصغاء إلى ما تتحدث به تربتها الشقراء من حكم بليغة، وما ينشده هواؤها من مشاعر أصيلة ...
لم يجد أي مستقبل عند وصوله القرية، لأنه لم يخبر أحدا بقدومه وعودته في ذلك اليوم، وتعمد ذلك قصدا، إذ حرص أشد الحرص على أن يجد قريته الصغيرة وحدها في استقباله ...
د. أبو شامة المغربي
kalimates@maktoob.com