أوراق ميت

[البشير الأزمي]

الخميس 23 ديسمبر....

فتحت عيني بصعوبة الألمُ يسري في جسدي بياضُ الغرفة أضحى مخيفاً كلُّ شيءٍ حولي أبيض الأسِرَّةُ لونُ الجدران لباسُ الممرضات أثرُ وخزات الحقن بادية على ساعدي لم أعد أتحمل وخزاتِها أحلمُ بمغادرة المستشفى و العودة إلى البيت تخيلتُ زملائي في الفصل الدراسي قد يرِنُّ الجرس بعد لحظات ليعلن بداية فترة الاستراحة الصباحية سيخرجون متسابقين فرحين سَيَعْدون و يصرخون سيعودون متعبين إلى حجرات الدراسة و أنا في هذا الجُحْر فوق هذا السرير مُسَيَّجٌ بقائمة من الممنوعات و المحرمات..

الخميس 31 ديسمبر....

الكل يستعد للاحتفال بانتهاء السنة الميلادية و استقبالِ أخرى جديدة لَسْعَةُ البردِ تقرص مواطن جسمي وتترك آثاراً في الأماكن التي تجاهلتها وخزاتُ الإبر غَيَّرَت الممرضةُ الأغطيةَ بأخرى جديدة ناصعة البياض وغَيَّرَتْ منامتي بأخرى بيضاء لونُ الجدران أبيض أواني الطعام بيضاء ستارُ النافذة أبيض لونُ جسمي اقترب من البياض أرى الكفنَ الأبيضَ يحومُ حولي.. أنا في حجرة .. أنا في قبر.. حجرتي كفنٌ أبيض..

الجمعة فاتح يناير....

الموت يخيم على المستشفى سُكُونٌ لا جلبةَ ولا ضجيجَ لم يأت الطبيب المشرف على معالجتي هذا الصباح الممرضاتُ أغلبهن نائماتٍ في القاعة المجاورة لقاعة الاستعجالات تأخر أبي و أمي عن موعد الزيارة المعهود أحاول النهوض من السرير الذي اعتدت أن أقول عنه سريري أصبح مِلْكي هذا السرير لأني لا أعرف متى أغادره أصبح سريري بيتي غرفتي قبري عليه أنام إن استطعت النوم فيه أقضي حاجياتي البيولوجية بمساعدة الممرضة موثق إليه بأنابيب تساعدني على التنفس أنابيب تساعدني على التغذية الاصطناعية اليوم لم تساعدني الممرضة على قضاء حاجتي في الإناء الأبيض فحولت السرير الأبيض إلى لون أقرب إلى الصفرة انتشرت رائحة كريهة في قبري أخفيت رأسي تحت الغطاء الأبيض و بكيت...

السبت 2 يناير.....

صراخٌ و بكاءٌ و عويلٌ في الغرفة المجاورة حركة غير عادية في مثل هذا الوقت من الصباح طفل في مثل عمري فارق الحياة أمس كانت حالته الصحية قد تحسنت هذا ما سجله تقرير الطبيب المعالج سرت إشاعة و إشاعات خطأ و أخطاء ممرضة و ممرضات و قيل لوالديه انتهى أجله قضاء و قدر و انتهى كل شيء أغلقت الممرضة نوافذ غرفتي أغلقت باب غرفتي زنزانتي قبري أنا محاصر في غرفتي في زنزانتي في سريري في قبري.....

الاثنين 15 مارس......

بدأت الشمس تطل علي من النافذة تغازلني و تغيب خلف السحب الرمادية طائر أسود يُحَوِّمُ على غير هدى حاولَتْ الممرضةُ أن تصده عن الدخول إلى الغرفة الزنزانة القبر أغلفت النافذة لا زال الطائر الأسود يحوم في الساحة الأطفال في ساحة المدرسة يحومون حول النافورة و الطائر الأسود يحوم حول الشجرة الباسقة أمامي تدهورت حالتي الصحية هذا الأسبوع أجد صعوبة في التنفس قدماي لا تسعفاني على الوقوف دقات قلبي ازدادت سرعة عما كانت عليه أمس لا قدرة لي على تناول الطعام لا قدرة لي على تناول الدواء مؤشر دقات القلب انخفض صفير آلة مراقبة دقات القلب ارتفع الممرضات تسرعن مذعورات الأطفال في الساحة يمرحون إخوتي ممنوعون من زيارتي أمي في الممر تحاول مسح خديها من أثر البكاء تجفيف عينيها أبي يتكلف ابتسامةً الطبيبُ يجس نبضي و يتكلم إلى الممرضات المذعورات بلغة فرنسية لا أفهمها يقترب من أبي يهمس إليه بكلام تنزل من عيني أبي دموع يحاول إخفاءها يغادر الطبيب الغرفة القبر تغير الممرضة القنينة المغذية لجسمي و تخز جسدي النحيل بإبرة و أستسلم للنوم .....

الثلاثاء 16 مارس......

أفتح عيني بتثاقل لم يكن الطائر الأسود يحوم قرب النافذة كثيرة هي الطيور الصغيرة التي جاءت اليوم حط بعضها على الشجرة الباسقة و أخرى وقفت عند شرفة النافذة دوشة في الممر مدير المستشفى ينعي خبر موت الطبيب الذي كان مشرفاً على علاجي... و الطائر الأسود لا زال يحوم على غير هدى.......

ملاحظة: عمداً أردت أن تكون النصوص دون علامات ترقيم ؛ نقط و فواصل و فواصل منقوطة و علامات استفهام و تعجب...، لأن ذلك سيجعل المتلقي يقرأ النصوص دون توقف و يحس بالتعب، و ينضاف التعب للإحساس بالمعاناة التي يحس بها الفاعل الأساسي في النص.

البشير الأزمي

تطوان 17 مارس 2007

[طارق شفيق حقي]

سلام الله عليك

قرأت ولي عودة

[أسامة جودة]

القصة جيدة وأتمنى لك دوام السداد والتوفيق

[البشير الأزمي]

القصة جيدة وأتمنى لك دوام السداد والتوفيق

الفاضل أسامة جودة

شكراً على مرورك وقراءتك للنص و حفظك الله من "البياض" .

لك مودتي

[طارق شفيق حقي]

سلام الله عليك

المريض لم يمت بل مات الطبيب

رغم أن التسلسل كله يفضي بموت المريض

ذكرتي ولو بشكل أخر
العملية نجحت لكن مات المريض

السؤال ما هي النتيجة التي سنصل إليها هنا

أرى أن الترهل الزمني لا يناسب جنس القصة القصيرة
وهذا الزمن الطويل يناسب الرواية

ثم مشت القصة من الواحد حتى العشرة
واحد اثنان ثلاثة أربعة خمسة.....

أجد قفلة القصة المدهشة ستذوب مع هذه الرتابة التي ذكرت
ثم الفقرة الأولى لم تشدني
الثانية كذلك
الثالثة

كقاص يمتلك قدرة على تفيل الأسطر بل الكلمات
أجد ان نفعل الكلمات سطراً فسطراً
كل سطر يجب أن يحمل الجديد للمتلقي

أشكرك كل الشكر
وكلامي بالطبع وجهة نظر

[البشير الأزمي]

سلام الله عليك

المريض لم يمت بل مات الطبيب

رغم أن التسلسل كله يفضي بموت المريض

ذكرتي ولو بشكل أخر
العملية نجحت لكن مات المريض

السؤال ما هي النتيجة التي سنصل إليها هنا

أرى أن الترهل الزمني لا يناسب جنس القصة القصيرة
وهذا الزمن الطويل يناسب الرواية

ثم مشت القصة من الواحد حتى العشرة
واحد اثنان ثلاثة أربعة خمسة.....

أجد قفلة القصة المدهشة ستذوب مع هذه الرتابة التي ذكرت
ثم الفقرة الأولى لم تشدني
الثانية كذلك
الثالثة

كقاص يمتلك قدرة على تفيل الأسطر بل الكلمات
أجد ان نفعل الكلمات سطراً فسطراً
كل سطر يجب أن يحمل الجديد للمتلقي

أشكرك كل الشكر

وكلامي بالطبع وجهة نظر

من قال أخي طارق أن العنوان لم يشر إلى موت الطبيب، فكلمة "ميت" في العنوان لم تشكل وكان ذلك مقصوداً فأنا أقرأها أوراق "مَيِّت" و ليس أوراق "مَيْت" فكل من المريض و الطبيب "مَيِّتٌ" و ال"ميْتُ" الوحيد في النص هو الطبيب ..فالميِّتُ في اللغة كل حي آيلٍ إلى الموت في حين إن "المَيْتَ" كل من فارق الحياة..

و قد نجد في ذاكرتنا النظمية قول الناظم:

أيا سائلي عن تفسير مَيْتٍ و مَيِّتٍ *****إني قد أجبتُ السائلَ إن كنت تعقِلُ

فمن كـــــــان ذا روحٍ فذلك ميِّتٌ***** و ما المَيْتُ إلا من إلى القبر يُحْمَلُ

و الرتابة في النص مقصودة، أخي طارق، و قد تمت الإشارة إليها في الهامش بعد نهاية النص.

و الهدف من هذا الشكل من الكتابة هو الوصول إلى جعل المتلقي يحس بالتعب وهو يقرأ النص دون توقف، لغياب علامات الترقيم.. وقد وجدنا لعبة الشكل في نصوص سردية.. كإغفال علامات الترقيم (فواصل ونقط… وتغيير جحم الخط تنازلياً و شكلاً كما فعل صنع الله إبراهيم في" تلك الرائحة" عندما أرادنا أن نحس بالملل الذي يعيشه" الفاعل" في النص…
بقيت كلمة أخيرة حول نظرية التجنيس، فأنت تعرف، أخي طارق، أنه ليس هناك تحديد موحد و وحيد لمفهوم القصة القصيرة . و كمثال على ذلك فإن "إدغار ألن بو" يقول : إن القصة القصيرة عمل روائي نثري يستدعي لقراءته المستأنية نصف ساعة أو ساعتين" في حين يرى "هدسون" أن القصة القصيرة الحقيقية ليست محض رواية مختصرة، أو ملخصاً لرواية في ثلاثين صفحة..فكما تختلف القصة القصيرة و الرواية في الطول، فإنه يتعين بالضرورة أن تخالفها في الدافع و الخطة و البناء.
و هـ.ج.ويلز يعرف القصة القصيرة بأنها: أي قطعة و صورة يمكن قراءتها في نصف ساعة.
و يكتفي "هادفيلد" بوصفها ب: القصة غير الطويلة.
و "تشيخوف" يذهب إلى أن :" القصة القصيرة يجب ألا تكون لها بداية أو نهاية..
و..و….

و "العملية نجحت و لكن مات المرض" التي تذكرتها .. التسلسل كله يفضي بموت المريض إلا أن
المريض لم يمت بل مات الطبيب .. النتيجة التي سنصل إليها هنا.. قدم حولها "فلاديمير بروب" دراسة مستفيضة، سأعود إليها، إن شاء الله، لاحقاً.. ومجملها اعتماد بناء سردي عمودي ينبني على منطق المقدمات و النتائج..غبر تسلسل مبني بناء خطياً منطقياً يفضي إلى نهاية غير منطقية و غير ناتجة عن المقدمات المعطاة سابقاً..."تكسير أفق المتلقي"

و كلي احترام لوجهة نظرك و هي وجهة نظر..
ولك مودتي

[طارق شفيق حقي]

بقيت كلمة أخيرة حول نظرية التجنيس، فأنت تعرف، أخي طارق، أنه ليس هناك تحديد موحد و وحيد لمفهوم القصة القصيرة . و كمثال على ذلك فإن "إدغار ألن بو" يقول : إن القصة القصيرة عمل روائي نثري يستدعي لقراءته المستأنية نصف ساعة أو ساعتين" في حين يرى "هدسون" أن القصة القصيرة الحقيقية ليست محض رواية مختصرة، أو ملخصاً لرواية في ثلاثين صفحة..فكما تختلف القصة القصيرة و الرواية في الطول، فإنه يتعين بالضرورة أن تخالفها في الدافع و الخطة و البناء.
و هـ.ج.ويلز يعرف القصة القصيرة بأنها: أي قطعة و صورة يمكن قراءتها في نصف ساعة.
و يكتفي "هادفيلد" بوصفها ب: القصة غير الطويلة.
و "تشيخوف" يذهب إلى أن :" القصة القصيرة يجب ألا تكون لها بداية أو نهاية..
و..و….

قال الله تعالى : إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ 30 الزمر


القصة القصيرة ليست قصيرة بأسطرها , بل بالزمن الذي تتناوله

القصة القصية تتناول حدثاً لا دخل له بما قبله لا دخل بما بعده, مقتطع عما يجاوره

أما الرواية فنحن نتناول فيها الزمان الطويل المتراخي
فقد نكتب عن ولادة البطل بل قبل ولادته وعن حياته ثم موته ثم ما بعد موته

أما القصة القصيرة فيما يعيبها الزمن إذا ترهل واستطال , فقالبها وجنسها لا يحتمل هذا التطاول , (كما لا يحتمل كثرة الأحداث والشخصيات بعيداً عن القصة)
أما الرتابة فليست متحصلة من إزالة علامات الترقيم , لأن إزالة علامات الترقيم تتعب لكن يمكننا ببساطة متابعة القصة, أرى فيما أرى حول فن القصة أن عليك أن تحرض المتلقي لمتابعتك , وهذا التحريض يجب ان يكون في الأسطر الأولى


أما عن صنع الله وما تكلمت حول روايته

فكأني هنا أشتم راحة قصدية ذهنية

وكنا قد قلنا أن العمل القصص عمل ذهني

فما الضير من القصدية الذهنية

سنعود للكلام حول ذلك بإذن المولى
وأشير إشارة للفصل بين عقلية القاص حين يكتب وعقلية الناقد الواعي الذي عرف مكامن الفنون لدى كتاب آخرين
هذا يحيلنا لمحكاة المحاكاة
والكلام يطول .......

[البشير الأزمي]

من قال أخي طارق أن العنوان لم يشر إلى موت الطبيب، فكلمة "ميت" في العنوان لم تشكل وكان ذلك مقصوداً فأنا أقرأها أوراق "مَيِّت" و ليس أوراق "مَيْت" فكل من المريض و الطبيب "مَيِّتٌ" و ال"ميْتُ" الوحيد في النص هو الطبيب ..فالميِّتُ في اللغة كل حي آيلٍ إلى الموت في حين إن "المَيْتَ" كل من فارق الحياة..

و قد نجد في ذاكرتنا النظمية قول الناظم:

أيا سائلي عن تفسير مَيْتٍ و مَيِّتٍ *****إني قد أجبتُ السائلَ إن كنت تعقِلُ

فمن كـــــــان ذا روحٍ فذلك ميِّتٌ***** و ما المَيْتُ إلا من إلى القبر يُحْمَلُ

و الرتابة في النص مقصودة، أخي طارق، و قد تمت الإشارة إليها في الهامش بعد نهاية النص.

و الهدف من هذا الشكل من الكتابة هو الوصول إلى جعل المتلقي يحس بالتعب وهو يقرأ النص دون توقف، لغياب علامات الترقيم.. وقد وجدنا لعبة الشكل في نصوص سردية.. كإغفال علامات الترقيم (فواصل ونقط… وتغيير جحم الخط تنازلياً و شكلاً كما فعل صنع الله إبراهيم في" تلك الرائحة" عندما أرادنا أن نحس بالملل الذي يعيشه" الفاعل" في النص…

بقيت كلمة أخيرة حول نظرية التجنيس، فأنت تعرف، أخي طارق، أنه ليس هناك تحديد موحد و وحيد لمفهوم القصة القصيرة . و كمثال على ذلك فإن "إدغار ألن بو" يقول : إن القصة القصيرة عمل روائي نثري يستدعي لقراءته المستأنية نصف ساعة أو ساعتين" في حين يرى "هدسون" أن القصة القصيرة الحقيقية ليست محض رواية مختصرة، أو ملخصاً لرواية في ثلاثين صفحة..فكما تختلف القصة القصيرة و الرواية في الطول، فإنه يتعين بالضرورة أن تخالفها في الدافع و الخطة و البناء.
و هـ.ج.ويلز يعرف القصة القصيرة بأنها: أي قطعة و صورة يمكن قراءتها في نصف ساعة.
و يكتفي "هادفيلد" بوصفها ب: القصة غير الطويلة.
و "تشيخوف" يذهب إلى أن :" القصة القصيرة يجب ألا تكون لها بداية أو نهاية..
و..و….

و "العملية نجحت و لكن مات المرض" التي ذكرتها .. التسلسل كله يفضي بموت المريض إلا أن
المريض لم يمت بل مات الطبيب .. النتيجة التي سنصل إليها هنا.. قدم حولها "فلاديمير بروب" دراسة مستفيضة، سأعود إليها، إن شاء الله، لاحقاً.. ومجملها اعتماد بناء سردي عمودي ينبني على منطق المقدمات و النتائج..عبر تسلسل مبني بناء خطياً منطقياً يفضي إلى نهاية غير منطقية و غير ناتجة عن المقدمات المعطاة سابقاً..."تكسير أفق المتلقي"

و كلي احترام لوجهة نظرك و هي وجهة نظر..
ولك مودتي

[إيمان زرقيق]

بسم الله الرحمان الرحيم

تحية طيبة لأخ مبدع متجدد
رد على نص أوراق ميت
في البدء، عذرا على تطفلي عليك في أن أرد على كتاباتك المتميزة ، لم أستطع أن أقرأ و أصمت ، جعلتني بإشراقات إبداعاتك إلا أن أنفض عني غبار قوقعتي و أن أنشر هذه الكلمات راجية أولا أن أكون قد اقتربت من النص و ثانيا تشجيعا مني من خلال إبداعاتك أن أسطر آرائي و مواقفي...
هاهي الدهشة التي تعتريني كلما أقرأ إبداعاتك :
* لقد أصبح البياض مدعاة للملل و التشاؤم بل هو باب للولوج إلى عالم نخاف من تبعاته، فرغم المرض و وخزات الإبر و الأدوية المتنوعة المقززة التي بها يمكن أن يستفيق " الطفل" و يعود إلى عالم الطفولة و اللعب و المرح فهو يكره الوقوع في براثن البياض ناسيا أن هذا الواقع – واقع ما قبل المرض – هو الذي ألم في هذا الجسد مثل هذا الألم و هذا المرض.. فلون البياض أصبح يدل على عالم الاشمئزاز و الملل ، والواقع المعاش أصبح يدل على عالم الأحلام الوردية.. فأية مفارقة هاته؟
* خارجا ، الناس يحتفلون بميلاد سنة جديدة، مودعين سنة ، آملين بأيام بيض تمسح أيام سود، لكن البياض عند طفل هو ثوب ينتظره ليسجى به جسده الذي أصبح كالغربال من كثرة وخز الإبر ، ها هو هذا البياض بدأ يهدد حياته بالموت و الظلام .فهل أنت في عالم و ناس في عالم آخر لا تتقابلان كخطوط مستقيمة؟
* رغم تقيدك بأنابيب اصطناعية ، و تأخر الممرضات في المساعدة في قضاء حاجاتك الطبيعية ، إلا أنك رغم بكائك حولت هذا البياض الكريم إلى لون آخر قريب من تلك الأبواب التي تريد أن تطل عليها، بل أن تغوص فيها بكل مكنوناتك ، إنه لون قريب من ألوان التراب و الأرض و الناس.
و في هذا نوع من الثورة و انتصارك على ذلك الواقع الذي كان سيفضي بك إلى عالم الخوف= الموت .فهل هذا ميلاد يوم جديد من سنة جديدة؟
*اليوم التالي خوف من موت محقق يشرئب بجناحيه ليبتلعك، ظروف كأنها ستائر عالم آخر تحيط بك ، لكن جوارحك تعانق أطفال في مرحهم و نشاطهم فرغم حصارك في مكان ضيق كالقبر إلا أن الأطفال يحومون حول النافورة و الطائر الأسود يحوم حول الشجرة الباسقة أمامك.
تدهور صحتك و الإبر التي وخزت جسمك ثم استسلمت للنوم ما هي إلا مؤشرات على استيقاظك ليصبح الحلم بالألوان الوردية حقيقيا ،و كثرة الأطفال و مرحهم نصر على ذلك الطائر الأسود الذي لم يستطع الاستقرار على الشجرة ، و النافورة إنها ماء الحياة ،إكسير الحياة.
* ها هو يوم جديد من أيام السنة الجديدة ،فرغم مرور شهور على الميلاد، إلا أن استعادة الحياة كانت في يوم جميل ، يوم تكتسي فيه الأرض ثوب الحياة،ثوب الألوان الزاهية ، و الطيور المغردة، إنه فصل الربيع، فصل الأمل بغد أجمل.
* فها هي الطيور الصغيرة الجميلة و المحبوبة عند الأطفال تستقر و تغني و تغرد بأعذب الأصوات تحاول طرد شبح الموت الذي لن ينمحي، يظل واقعا مفروضا، لكنه مفروضا على الجميع.في يوم ما سيكون هناك موت ، أما الآن فأنت مع الطيور، و أما الطير الأسود ، الموت فقد اختطف المعالج أو الطبيب.
هذا الخوف و هذه المعاناة و هذا القلق يظهر بوضوج في التعبير بجمل طويلة التي ترجمت الإحساس بأن الألم سيطول و أن امتداد جسده سيتجاوز امتداد الليل و النهار في زمن آخر، القبر.. و رغم التعبير بأفعال ماضية إلا أن أحداثها ما زالت تثير الألم الدفين، و تحرك أحاسيس اليأس القابض على صدر "الطفل" و هو يتمنى العودة إلى ساحة المدرسة و اللعب مع التلاميذ . و مما يزيد في ثبوت هذا الحدث و تأكيد على أن المرض قد هد جسد الطفل هي جمل إسمية في النص في بعض الأحيان يكون خبرها جمل فعلية فعلها مضارع ليجعل هذا الحدث حدث مستمر ما زالت آثاره موشومة في الذاكرة و على مستوى الجسد...

إيمان

[أبوشذى]

ما أعجبني في هذه الردود أو لنقل السجال النقدي إن صح التعبير أنه يكاد يرقى لأسلوب المناظرات .كل واحد يحاول أن يدافع عن ادعائه بالحجة والبرهان ليدحض الرأي الآخراستنادا على تحديد مفهوم القصة القصيرة أو تعريف لجنسها ."هل يتسع لفضائها القصير ان يستوعب زمنا طويلا؟". أعتقد أن عملية اختزال الأحداث والشخصيات والاحداث ليست كفيلة بإعطاء تسمية "القصة القصيرة" أو "الاقصوصة."ما وجدته في قصة ميت سلسلسة من القصص الصغيرة يربط بينها زمن سانكروني يحتمل بعدين: تراه طويلا إذا استجمعت القصص في قصة واحدة وقصيرا إذا نظرت اليه في حدود القصة المصدرة بالتاريخ الذي يحيلك على الواقع .والجميل في هذا الزمن الذي تنتظم فيه الاحداث هو تكسيره لافق انتظار القارئ حيث يربك جميع حساباته حين يشده السارد اليه وهو ينتظر موت المحكي عنه ليفاجأك السارد بأن الموت عجل بالطبيب رمز الصحة والعافية بدل السقيم العليل. وأسلوب التشويق هذا عهدناه في كتابات أخينا البشير في كل مرة يطالعنا بالجديد والجميل.ندعو له بمزيد من العطاء والتوفيق(توقيع :أبو شذى)

[البشير الأزمي]

ما أعجبني في هذه الردود أو لنقل السجال النقدي إن صح التعبير أنه يكاد يرقى لأسلوب المناظرات .كل واحد يحاول أن يدافع عن ادعائه بالحجة والبرهان ليدحض الرأي الآخراستنادا على تحديد مفهوم القصة القصيرة أو تعريف لجنسها ."هل يتسع لفضائها القصير ان يستوعب زمنا طويلا؟". أعتقد أن عملية اختزال الأحداث والشخصيات والاحداث ليست كفيلة بإعطاء تسمية "القصة القصيرة" أو "الاقصوصة."ما وجدته في قصة ميت سلسلسة من القصص الصغيرة يربط بينها زمن سانكروني يحتمل بعدين: تراه طويلا إذا استجمعت القصص في قصة واحدة وقصيرا إذا نظرت اليه في حدود القصة المصدرة بالتاريخ الذي يحيلك على الواقع .والجميل في هذا الزمن الذي تنتظم فيه الاحداث هو تكسيره لافق انتظار القارئ حيث يربك جميع حساباته حين يشده السارد اليه وهو ينتظر موت المحكي عنه ليفاجأك السارد بأن الموت عجل بالطبيب رمز الصحة والعافية بدل السقيم العليل. وأسلوب التشويق هذا عهدناه في كتابات أخينا البشير في كل مرة يطالعنا بالجديد والجميل.ندعو له بمزيد من العطاء والتوفيق(توقيع :أبو شذى)

أعتقد أخي "أبو شذى"؛ و حبذا لو شرفتنا باسمك الشخصي،...أنك كنت قاسياً عندما أشرت إلى ما دار بين أخي طارق و بيني ب"السجال" فكل منا وظف منهجاً جدلياً، حاول من خلاله تعضيد رأيه مقابل الرأي الآخر، و هو جدال لأنه كان ينبني على براهين و حجج و أدلة،على الأقل يعتقد فيها، و بالتالي لم يكن منهجاً سجالياً، لأن السجال لا يرقى إلى مستوى المنهج لأنه ، كما يرى "الدكتور برهان غليون" في كتابه:" اغتيال العقل"محنة الثقافة العربية بين السلفية و التبعية، الصادر عن دار التنوير للطباعة و النشر بيروت لبنان ،في طبعته الثانية سنة 1987 ص.ص44 ،".....لا يشكل في الحقيقة منهجاً لعلميته، و إنما ينطوي على منطق خاص به قائم على إعادة توظيف المفاهيم و القيم و الرموز و الدلالات العلمية و غير العلمية و تنظيمها بما يفيد في تحسين موقع المتكلم ..... فهو لا يصدر كما يقال عادة عن خطإ في التقدير، أو عدم دراية بالموضوع، أو خلط عشوائي، بل إن الخطأ في التقدير و الخلط و التشويش هي من العناصر المكونة لهذا المنهج بما هو طريقة لانتاج إشكاليات و مسائل تفيد في تدعيم الاجتماعي و الإبقاء عليه."
و أنت تعرف كذلك، الكريم "أبو شذى" أن من خصائص المنهج السجالي إخفاء و حجب الحقائق و القفز عن جوهرها و عدم التمييز الدقيق بين القضايا و الظواهر الملاحظة أو المطروحة و الخلط بينها.
و السجال ، و أنت أدرى بهذا، أخي الكريم يتأسس على الاختلاط المنهجي والعقلية السكولستيكية و اختصار الواقع بشكل فج و تجزئته و الهرب من المسؤولية الفكرية.
و لا أعتقد، أخي الكريم، أن أحدنا كان يسعى إلى هذا أو على الأقل يتصف بهذه الصفات عند تقديم تصوره و رأيه.بل ضالتنا كلانا كانت، أعتقد شخصياً، مناقشة التيمات و الإفادة و الاستفادة.

لم يكن أي أحد منا،أخي الكريم "أبو شذى"، يحاول الدفاع عن الادعاء، لأنه ببساطة لم تكن هنا ادعاءات بل تمثلات و آراء و وجهات نظر...
ودمت عزيزاً

و انتهز الفرصة لأقول للأخت الكريمة "إيمان زرقيق"، شكراً عنيفاً، على تفضلك وقراءتك النص، وقراءتك كانت قراءة مميزة استطعت من خلالها مقاربة النص بأدوات نقدية و جمالية تنم عن الذكاء الباهر و الالمام المعرفي و المنهجي المتميز، و هذا ليس غريباً علي، أنا شخصياً الذي اطلع على كتاباتك المتعددة و المتنوعة و التي نلتمس منك، الكريمة إيمان، ألا تبخلي علينا بها، في المربد..
ونحن في انتظار إطلالتك
ولك أزكى التحيات

تطوان /المغرب