تلك هي معجزة الإسلام !!!...

أيّ ضمير لا يحركّه هذا الموقف الجلل المهيب العظيم يوم تشرق عرفات بنور ربها يا أمة الإسلام !!!؟؟..
أيّ ضمير لا يحركه هذا التجمع البشري وهو يزاحم جو السماء برايات الابتهال والتضرع إلى الله !!؟؟...
أيّ ضمير لا يهزّه وقفة عرفة والناس قد تجردت من كل ملابسها سوى ثوب غير مخيط يستر العورات !!؟؟...
أيّ ضمير لا يحركه هذا المشهد العظيم وهو يعلن للإنسانية جمعاء بأنه لا فرق بين عربي ولا أعجمي إلا بالتقوى !!؟؟..

موقف والله مهيب و عظيم يجمع شمل الأمة من مشارق الأرض ومغاربها , طولها وعرضها ليعلنوا معا كلمة التوحيد !!...
موقف مهيب يعلن للعالم بأسره أن الإسلام أمة واحدة تجردت من كل أواصر النسب والصهر , واللغة والجنس !!!....
موقف مهيب يعلن للعالم بأسره أنّ أساس الإسلام وقاعدته الأصيلة الثابتة الراسخة هو المساواة بين بني البشر !!!....

لنسأل أنفسنا بصدق :


من الذي وحدّ بين قلوب المسلمين الذين جاءوا من كل فجّ عميق ليشهدوا هذا المؤتمر الإلهي الذي جمعهم على كلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله !!؟؟..

ألم يكن هذا المؤتمر الإلهي هو المعجزة الحقيقية للإسلام ديننا !!؟؟...

مؤتمر إلهي يدعونا لنغسل الأدران والعار الذي أصاب كبد أمتنا ..
مؤتمر إلهي يدعونا لنعيد العزة والكرامة لأمة الحبيب رسولنا ...
مؤتمر إلهي يدعونا لنلتمس رضا الله خالقنا ومدبر أمورنا ..
مؤتمر إلهي يدعونا لنكون روحا وجسدا ويدا واحدة مع أمتنا ...
مؤتمر إلهي يدعونا لنرفع الظلم والطغيان , وتحقيق العدالة لديننا ...
مؤتمر إلهي يدعونا لنصدق النيات , وننبذ الخلافات والأحقاد فيما بيننا ...
مؤتمر إلهي يدعونا لنذكر ثالث الحرمين القدس الشريف مسرى نبينا ...
مؤتمر إلهي يدعونا لنسكب العبرات , ونتضرع إليه لينصر الإسلام ديننا ...


أجل والله إن هذا المؤتمر العظيم لهو المعجزة الحقيقية التي يذاع فيها بيان الحرية والمساواة بين البشر على مسامع الكون !!!...
المعجزة الحقيقية التي يذاع فيها بيان الحب والوفاء ونحن نقبل الحجر الأسود ,
و بيان رمز الشر والفساد , ونحن نرجم إبليس بالحجر ..

الحبيب المصطفى , قائد البشرية وسيد رجالها محمد صلى الله عليه وسلم يتوجه في خطى وئيدة ثابتة إلى الحجر الأسود ليقبلّه بشفتيه الطاهرتين ويلتفت إلى فاروق الأمة وأميرها عمر بن الخطاب
روى عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: استقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحجر، ثم وضع شفتيه عليه يبكي طويلا، فالتفت فإذا هو بعمر يبكي، فقال:
(يا عمر ههنا تسكب العبرات)
أخرجه ابن ماجه
الحبيب رسول الله أراد أن يعلّم البشرية جمعاء درسا عظيما بأننا خير أمة أخرجت للناس , حملت معها كل معاني الإحسان والحب والخير للبشرية جمعاء !!..
لم يأت الإسلام إلا ليخرج البشرية من الظلمات إلى النور , ومن الظلم والجور إلى العدل والإحسان !!!...

حجر يقبّل بحنو ورقة وشفقة ليعلن أنّ الإسلام لم يأتي إلا بالحب والخير لكل بني البشر !!!..
و حجر يرجُِم إبليس ليعلن أنّ الإسلام لم يرضَ للبشرية جمعاء الكفر والضلال والفسق والفجور لأنه رمز الشرّ والتكبر والحقد والبغضاء !!!....

أليس في هذا لنا عظة وعبرة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد !!؟؟...

هاهو إسلامنا يا من تريدون لنا الحرية والديمقراطية !!...
إسلامنا هو دين الحق جاء ليخرج الناس من ظلم العباد وجور الطغيان إلى عبادة الله الواحد الأحد ....
إسلامنا جاء ليعلن للبشرية جمعاء أنه سيطارد الشرّ ويدفع عن الأمة الظلم والجور في كل وأيّ مكان لتتحقق خلافة الله على الأرض وينشر دين الحب والسلام ...
إسلامنا جاء ليحرر البشرية جمعاء من وثنية الكفر والشرك ويعلن براءته منها ...

هل لنا أن نعود إلى المعجزة الحقيقية التي وحدّت بيننا , ونجعل من يوم عرفة شعار وهدف الوحدة بين أمتنا !!؟؟؟.....
لا سبيل لنا والله إلا حين نعلم بحق أنّه لا وكيلا ولا حسيبا ولا كافيا لنا إلا الله ربنا خالقنا ومدبر أمورنا ...

الرحمن الرحيم يا أمة الإسلام يتجلى على عباده الذين أتوه من كل صوب وحدب ليباهي بهم ملائكته ...

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(وَمَا مِنْ يَوْمٍ أَفْضَلُ عِنْدَ اللهِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ ، يَنْزِلُ اللهُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا ، فَيُبَاهِي بِأَهْلِ الأَرْضِ أَهْلَ السَّمَاءِ ، فَيَقُولُ : انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي شُعْثًا غُبْرًا ضَاحِينَ ، جَاؤُوا مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ، يَرْجُونَ رَحْمَتِي ، وَلَمْ يَرَوْا عَذَابِي ، فَلَمْ يُرَ يَوْمٌ أَكْثَرُ عِتْقًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ.)
أخرجه ابن خُزَيْمَة
هذا يوم العتق والغفران , يوم الذكر والدعاء , هذا يوم عرفة يا أمة التوحيد ينتظركم !!!...
لنرفع معا أكفنا إلى الله في هذا اليوم الجلل العظيم , وندعوه ونتضرع إليه ونسأله أن يعيد شمل أمتنا , ويلمّ شعثها ويجمعها على كلمة التوحيد كما جمعها في هذا اليوم العظيم!!!...


بقلم : ابنة الشهباء