فجرنا الذي انبثق


أمس انبثقْ
من عالمٍ ملّون بالأغنيات والشفقْ
وكان حلماً باسماً يكحّل الجفونْ
ويفعم العيون نوراً.. وحنينْ
وكان ما كان.. وما سوف يكونْ
أغنية للشعب تملأ القلوبْ
وتنشر الطيوبْ
في خافق النساء والأطفال والرجال
تهزّ أوتار القلوبْ
بالبشر.. بالغناء.. بالآمال
تفجّر الشباب أغنيات
وثورة بنّاءة تضجّ بالحياة
وتنثر النجوم واللآلي
عل الدروب الضاحكات للجمال
كيما تمرّ فوقها العروس
عروسنا الجميلة الحسناء
***
أمس انبثقْ
من العيون والجباه والشفاه
قد انطلقْ
مثل الشهاب.. في السماء
يشقّ صدر الدجية السوداء
من أفُق النصر الموشّى بالدماء
من أرض بور سعيدْ
من معقل الإباء.. من مرابع الخلودْ
ومن دمشقَ.. من حلبْ
من غابة تموج بالسواعد القويهْ
وبالزنودْ
تلك التي تغرس في صدر البطولات الأبيه
وفوق مرتع السها بنودْ
فضجّت الأكوان بالطربْ
وراحت الدنيا توزع الكؤوسْ
وتهرق الطيوبْ
على الدروبْ
كيما تمرّ فوقها العروسْ
عروسنا الجميلة الكعوبْ
***
أمس انبثقْ
من فوهة البركان.. واللهيبْ
فعانق البعيدَ.. والقريبْ
كما يعانق الحبيبة الحبيبْ
فزغرد الرصاص في الجزائرْ
من ألفِ.. ألفِ ثائرْ
وهلَّل الأردنُّ للبشائرْ
وصفق العراقْ
وحطّم الأغلالَ والوثاقْ
وداس كلّ مجرمٍ بنعله الخفاقْ
وسار لبنان الحبيب للعناقْ
في لهفة المشتاقْ
يمزّق الظلامَ.. ينفض الوسنْ
يمدّ كفه الخضيب بالدماء
يصافح العروسْ
يبارك الأفراحَ حيثما تجوسْ
***
أمس انبثقْ
ونوّر الدنيا.. وخضّب الأفقْ
يا موطن المجد التليد يا فلسطين الحبيبه
بشراكِ.. حان الموعدُ
موعدنا مع الروابي الخضر
والأرض الخصيبه
موعدنا في المقدس المحزون
في كنيسة القيامه
هناك.. حيث يستحلّ المسجدُ
هناك.. سوف تهدل الحمامه
وتشرق ابتسامه
بشراك.. جئنا زيّني الدروبْ
بالزهر والورود.. وارشقي العطور والطيوبْ
كيما تمرّ فوقها العروسْ
عروسنا التي تزفّ للحبيبِ
من دفقة الفجر الذي انبثقْ
بالأمس.. من غلائل الغسقْ
من دفقة الفجر الطروبْ
كيما تزفّ "الوحدة" العروسْ
عروسنا الجميلة الكعوبْ



* كتبت بمناسبة الوحدة بين سوريا ومصر. منشورة في مجلة الرقيب السورية العدد 441 –25 تشرين الأول 1958 وفي نشرة البراعم الصادرة في آذار 1960 في القامشلي.








ستظل جزائرنا خضراء


خضراء.. جزائرنا الخصبه
خضراء.. يوشّيها العندمْ
بالدمْ
وترفرف فوق وروابيها
رايات المعركة الغرّاء
ويغنّيها...
ويزغردها.. في الجوّ رصاص
من فوهة بركان ثائرْ
من دم مليون شهيدٍ.. مبتسم الثغرِ
مخضوبٍ من دمه الطاهرْ
قد كحّل عينيه.. بسنا الفجْرِ
والتفَّ.. برايته البيضاء
ووميض.. يلمع في الظلمات
من خلف الأسوار
من أعين آلاف الثوارِ
من أعين آلاف النجمات
حلفتْ.. أن لن ترقدْ
ما دام استعمار أسودْ
ما دام عساكر "هولاكو"
والطاعون الفتّاكُ!..
وعهود.. يقطعها الأحرارْ..
أن لن يحيا الأشرارْ
ما دام هنالك ألف "جميلة بوحيردْ"
ما دام هناك ألوفٌ من "عقبه"
يفدي شعبه
بالروحِ.. وينتظر الموعدْ
***
ستظلّ جزائرنا.. خضراء
خضراء كغصن الزيتون
كمروج بلادي.. في نيسان
خضراء.. ستنبت حريه
رغم القضبان الدمويه
وتفتّق أزهاراً حمراء
كجراح ضحايانا الغرّاء
كشقائق نعمان..
فتّحها نوّار
لتوشّي أرض جزائرنا الخضراء
بالغار... وبالأزهار


*كتبت في انتصار الثورة الجزائرية .
منشورة في مجلة الآداب اللبنانية العدد الرابع نيسان 1960 –السنة الثامنة.